يصدر قريبا عن الهيئة العامة لقصور الثقافة كتاب "زمن السرد العربى" للكاتب والناقد . ربيع مفتاح . وهذه هى مقدمة الكتاب : مقدمة الكتاب هناك بعض العناوين التى تفرض نفسها على الكاتب ولايملك سوى أن يرضخ لها وليس ذلك من باب الكسل وعدم قدرته على البحث عن بدائل أخرى ولكن ربما يشعر أن ثمة معان لايستطيع إدراكها فى اللحظة الراهنة وإنما يمكن أن تتكشف وتتوالد على مدار الأيام القادمة . أقول ذلك بخصوص عنوان هذا الكتاب زمن السرد العربى . فقدحاولت مرارا أن أتحرر من هذا العنوان أو أن أعدل عنه إلى عنوان أخر ولكنى لم أستطع . السرد العربى ملأ الدنيا وشغل الناس ولاسيما بعد حصول الروائى المصرى العربى نجيب محفوظ على جائزة نوبل فى الأداب عام 1988 كما أنه من الصعب احصاء طرائق السرد وتنوعه فى العقد الأول من القرن الواحد والعشرين واللافت للنظر أن ازدهار السرد العربى فى العشر سنوات الأخيرة ارتبط بالغضب العربى حتى يمكن أن يكون العنوان المرادف هو زمن الغضب العربى. نحن كعرب وصلنا إلى حالة من التردى على كافة المستويات فى هذه الحقبة ومن ثم انطلقت أقلام كتاب القصة والرواية والسيرة الذاتية " امتزجت السيرة بفن الرواية فى كثير من أعمال الكتاب " ويبدو أن هذه الحالة التى نكابدها كانت وراء هذا الانتشار والنضج والتنوع فى السرد العربى. كان كتاب مخالب حريرية وهو قراءات فى القصة والرواية النسائية العربية هو الكتاب النقدى الذى سبق هذا الكتاب والحمدالله قد فاز بجائزة اتحاد كتاب مصر فى النقد الأدبى لعام 2010 وقد تمحور حول كتابات المرأة العربية فى القصة والرواية لكن كتاب زمن السرد العربى هو كتاب متعدد الأجزاء ان شاء الله وهو قراءات فى القصة والرواية دون تجنيس أى كتابات الرجل والمرأة معا وخاصة فى العشر سنوات الأخيرة وأود أن أوضح للقارىء المنهج النقدى الذى أحاول بقدر الإمكان أن أتبناه فى قراءاتى للنصوص وأجعله سبيلا لى فى التعرف على إبداعات الأخرين من كتاب القصة والرواية وإن جاز لى أن أطلق عليه اسما فهو " المنهج التكاملى " وهو المنهج الذى يستفيد من مجموعة من المناهج فى اتساق ودون تعارض ويعتمد على مجموعة من التقاطعات بينها وبين النص ويتوقف ذلك على وعى الناقد وحساسيته وثقافته ويمكن تقسيم المناهج النقدية بالنسبة للنص إلى : مناهج نقدية قبل النص أى تعمل عملها قبل ابداع النص مثل المنهج الاجتماعى والمنهج النفسى والمنهج التاريخى والتى ظهرت فى النصف الأول من القرن العشرين ومناهج مرتبطة بالنص فقط مثل البنيوية والتفكيكية والبنيوية التوليدية . وقد ظهرت هذه المناهج فى النصف الثانى من القرن العشرين ومناهج مابعد النص وهو منهج جماليات التلقى مع نهاية القرن العشرين وبدايات القرن الحالى ومن ثم انتقلنا من سلطة الكاتب إلى سلطة النص إلى سلطة القارىء ولكى أصل إلى مفهوم التكامل أو المنهج التكاملى أبدأ من البيئة التى ولد وعاش فيها الكاتب وقد تتعدد البيئات فى حياته وبعد ذلك تأتى مرحلة الكاتب مبدع النص ثم تأتى مرحلة النص أما المرحلة الأخيرة فهى القارىء ثم فاعلية هذه القراءة فى البيئة مرة أخرى البيئة الكاتب النص القارىء وإن كان لى الحق فى سك بعض المصطلحات النقدية فأرجو أن يتقبل القارىء هذا التجاوز فى إلقاء الضوء عليها وهى : الحبل السرى التقاطع التبنى التكامل الفاعلية المفعولية فالحبل السرى موجود بين البيئة والكاتب وبين الكاتب والنص بكل معانيه البيولوجية والمجازية فلا يمكن الفصل التام بين البيئة والكاتب ولكن ليس من قبيل الربط التام بينهما وإنما قد يوجد حدث محورى يربط بين الكاتب وبيئته وعلى نفس المستوى الفكرى النقدى يستمر هذا الحبل السرى بين الكاتب والنص ومن ثم تصبح مقولة موت المؤلف بمعنى الفصل التام بين المبدع وإبداعه غير صالحة للتطبيق هنا . هذه العلاقات المشار إليها تحدث من خلال مجموعة من التقاطعات بين البيئة والكاتب وبين الكاتب والنص. هذه التقاطعات المحورية يأخذها الناقد فى حساباته من أجل تكاملية الرؤية المعرفية والجمالية وحين نصل إلى القارىء والنص فإن القراءة الواعية تتطلب حالة من التبنى لدى القارىء فهو يتبنى النص حتى يصل إلى تكامل الرؤية حيث هو المؤهل بالتفسير والتأويل وقراءة مابين السطور فإذا كان التقاطع مرادفا للحبل السرى فإن التكامل مرادفا للتبنى . كما أن البيئة بكل عناصرها المعنوية والمادية تقوم بدور الفاعل فى الكاتب وبنفس الكيفية يقوم الكاتب بدور الفاعل فى النص وأيضا نفس الدور الفاعل يقوم به القارىء ومن ثم فى المرحلة الأولى يصبح النص مفعولا بين فاعلين هما الكاتب والقارىء لكن بعد مجموعة من القراءات للنص يتحول إلى فاعل فى القارىء والكاتب والبيئة وبمعنى أخر فإن هذه الأطراف تتحول من المفعولية إلى الفاعلية ومن الفاعلية إلى المفعولية هى محاولة منى من أجل الوصول إلى تكاملية الرؤية بشقيها الجمالى والمعرفى لقراءة السرد العربى بمافيه من قصة ورواية وسيرة ذاتية بل كل محتوى سردى وأتمنى أن أكون قد وفقت فى ذلك وإن وجدت بعض الإخفاقات فلامانع من تعدد المحاولات . أود أن أختم تصديرى التنظيرى لهذا الكتاب بالترحم على روح الكاتب المبدع الراحل القاص والروائى عبدالمنعم شلبى الذى شارك فى هذا الكتاب من خلال شهادة نقدية له ضمنتها إياه . رحم الله المبدع الراحل عبدالمنعم شلبى رحمة واسعة هذا الأديب الذى لم يأخذ حقه من التقدير والتكريم . وأتمنى أن أكون قد قدمت شيئا للقارى العربى ربيع مفتاح