اطلبوا العلم ولو في الصين أما الآن فيجب أن تختلف المقولة!!! اطلبوا العلم إلى باب المنزل (خصوصي) وهذا ليس استهزاء بهذه الحكمة ولا استخفافا ...حاشا لله من ذلك – بل حزنا على ما وصانا به النبي صلى الله عليه وسلم وعلى ما وصلنا إليه، وصار إليه حال التعليم فهناك ظاهرة نتجت عن كارثة - إنها ظاهرة الدروس الخصوصية والتي نتجت عن كارثة إهمال التعليم بداخل المدارس، لقد أهمل المعلمون في نقل العلم والسبب أو الشماعة التي يعلق عليها أسباب ذلك الإهمال هو أن الفصل يحتوى على ما يقارب من الخمسين تلميذا والسبب الآخر والجوهري هو إنه يَدعى أن ما يتقاضاه لا يتناسب مع أهمية دوره في المجتمع لذلك أهمل في حق نفسه أولا وفي حق العلم وفي حق المتعلمين وفي حق المجتمع، والناتج هو اللجوء إلى حصة ....(درس خصوصي) يعوض بها لنفسه التقدير المادي ويعوض بها للتلميذ حقه في التعليم ولم لا فالمدرس يذهب إلى منزل أحد التلاميذ الذي يتحول إلى فصل مصغر لا يقل عدد التلاميذ فيه عن خمسة ولا يزيد عن عشرة ليجلس ويعطى للتلاميذ تلك الدروس التي يلقيها عليهم بالمدرسة ولكن بالطبع مع الفرق! ففي المدرسة يتبع أسلوب المختصر المفيد والجميع ينقل من على السبورة (ولما تخلصوا نادولى) أما في المنزل يتبع أسلوب الشرح المفصل والمبسط .....(وفاهمين ولو مش فاهمين أقول تانى لحد ما التلاميذ تحفظ صم المنهج في حصة الدرس الخصوصي في المنزل) ..... والشئ الأهم في الفرق بين الدرس في المدرسة والدرس الخصوصي في المنزل هو التقدير المادي ففي المدرسة يحصل المدرس في الشهر كله بقدر ما يحصل عليه في حصة خصوصي مكونه مجموعتها من عشرة (تلاميذ) هذا بخلاف الشاي والقهوة والحاجة الساقعة والتكييف والراحة التي ما بعدها راحة على عكس المدرسة ضجيج التلاميذ والازدحام والضيق والوقوف على القدمين طوال النهار (وحاجة مش جابيه همها من وجهة نظرة) لكن إذا نظرنا إلى تلك القضية فسوف نجد لها طرفا آخر متضرر من الدروس الخصوصية غير التعليم والعلم، فالأسرة أيضا يصيبها الضرر.. فان رفض الأب أو الأم أن يأخذ ابنه أو ابنته دروسًا ذاق الأمرين إما بالاضطهاد من المدرس أو المدرسة وإن وافقوا على إعطاء الدروس الخصوصية للابن أو للبنت فستكون المعاناة هي ثمن الحصة فكيف سيتم توفيرها وعلى حساب من؟ من تلك المتطلبات اليومية أو الأسبوعية أو الشهرية للمنزل بأي شكل من الأشكال الموضوع مرهق ويحتاج إلى قرار حاسم والذي ينتهي في نهاية الأمر على توفير ثمن الحصة من النفقات الخاصة بالأب وعلى الأم أن تدخر جزءاً من مصروف البيت حتى يكون بمثابة الرصيد الاحتياطي للأسرة لاستخدامه في الظروف الطارئة والعاجلة.. حقا إنه أمر مرهق أن تعيش الأسرة على نظام مادي معين ويختلف ذلك النظام ويتحول إلى التعسر من اجل عيون الدروس الخصوصية ولكن هناك سؤال يطرح نفسه!؟ هل يشعر المدرس بحجم المعاناة الاقتصادية والمادية التي تعيشها الأسرة البسيطة من أجل عيون حصة الدرس؟؟؟؟؟ أغلب الظن لا لأنه لو كان لديه واحد في المائة من الإدراك والشعور ما كان أهمل هؤلاء التلاميذ بداخل الفصل حتى يستخدمهم إلى حصة الدرس الخصوصي تلك الظاهرة التي إن دلت على شئ فإنما تدل على انحدار الأخلاقيات والقيم في رموز الجيل القادم وقدوتهم ومعلميهم الذين يظنون أن حصة الدرس الخصوصي هي أساس عملية التدريس وصلبها وباب الربح الوحيد من جهة التدريس، لكن يجب أن يعلموا شيئا إذا كانت رواتبكم لا تكفي لسد حاجاتكم فعليكم بالمسئولين عن ذلك وهم رؤساؤكم في الوزارة فالأمر بينكم ولا لدخل لهذه الأسرة التي تقوى على قوت يومها بالإكراه ودائما يحمدون الله على ما رزقهم وأخيرا أود أن أقول شيئا مهم للغاية أن الرسالة التي يؤديها المعلم إلى تلاميذه فقيمتها أكبر بكثير من تلك القيمة المادية التي تبحثون عنها ويكفي أن يقف التلميذ أمامه بكل احترام تقديرا لما علمه له، وليس كما تشاهد الآن "كاسر عينه" بالمبلغ المادي الذي يتقاضاه مقابل حصة الدرس الخصوصي بالإضافة إلى الشاي والكيك .... عودوا إلى صوابكم أيها المعلمون وراعوا الله في عملكم ورسالتكم.