مقدمتي لمجموعتي القصصية التي ستصدر قريبا تحت عنوان: مناديل آدمية \" القصة القصيرة جدا نبذة عن حياتنا . فيها من واقعنا قدر ما فيها من أحلامنا. و حجم الاستفزاز فيها هو من يصنع أشواق التغيير في كتابتها . أجمل ما في القصة رمزيتها التي تغري المتلقي بفك شفراتها ثم إعادة كتابتها على نحو مغاير عبر القراءة الواعية.فالكاتب يصيغ قصته بطريقة ما ليتلقاها القارئ بطريقة أخرى . القصة تلخيص لرؤيتنا للحياة . و الحياة قصة تنتظر منا أن نكتبها. هنا تكمن المعادلة الصعبة: كيف نكتب القصة لنروي الواقع ..؟؟ و كيف نمسك الواقع لنكتب القصة..؟؟ كتابة القصة القصيرة جدا ليست في متناول أي قلم .إنها عسيرة إلى حد كبير. تقتضي قدرة على التغلغل في الأعماق. و مهارة في التعبير عن الدواخل. و لغة مكثفة يانعة . من هنا صعوبة وضع تعريف جامع شامل لهذا الجنس الأدبي المراوغ . ذلك أن أي تعريف نضعه له يضيق عنه. لأن العناصر التي تتكوّن منها القصة القصيرة جدا لا تعرف الجمود بقدر ما يكون التحول سمة بارزة فيها. ثم إن الكتابة الإبداعية فوق كل تعريف يحد من شسعها . و يعيق امتدادها .و يكبِّل انطلاقها. و كل كتابة تخضع لشروط مسبقة و خارجة عن أفق تشكلاتها ، تفقد رونقها و ألقها و نبضها . هناك أوجه تشابه كثيرة بين القصة القصيرة جدا و الومضة الشعرية. كلاهما يغوص في عمق الأشياء. و يعتمد على الكثافة المعبِّرة . و يلج آفاقا رحيبة . لكن شكل كتابة القصة مغاير لشكل كتابة الومضة. الأولى سرد و حكي وواقع. و الثانية شعور ووجدان و خيال . و ما بينهما يكمن ذلك الانتساب الجميل . و الانبهار الأخاذ. ............................................................... ............................................................... في هذه المجموعة \" مناديل آدمية \" : سعي إلى كتابة تروم التميز. و أمل في تعبير يتوخى الخصوصية. و اشتباك مع الخطوط الحمراء التي نسيج بها واقعنا المسكوت عنه . و أفق الكتابة محكوم برهان الواقع و التغيير المحلوم به في آن واحد . بهيجة البقالي القاسمي