ظلام حالك .. برد وصوت ريح تزمجر خارجا .. تناهى إليها نباح كلاب خائفة .. يبدو أنها اشتمت رائحة السلاح .. لم تستطع أن تغمض عينيها . كانت تلك الكلاب صديقتها ومنبهها لوجودهم في الجوار . نظرت إليه بقربها .. وجدته يغط بنوم عميق كأنه لم ينم منذ أيام .. عز عليها إيقاظه ، لكن خوفها عليه غلبها سمت عليه ونبهته ليخرج قبل وصولهم .. إرتدى بسرعة سترته وحذائه واستودعته الله وجلست قلقة .. صوت طائرة " زنانة" يقترب أكثر وعواء الكلاب يعلو ويعلو .. أصوات بلغة عبرية وكشافات مصدرها بيت الجيران ومن خلف النافذة أطلت برأسها على شرفتهم ، رأت العم أبو عماد بفانيلته وسرواله الداخلي يمسكون به وهو يشير الى المنزل مرعوبا. أحاطوا بالمنزل من جميع الجهات ومن فوقه بدأوا يتقافزون شاهرين بنادقهم مستنفرين .. إستيقظ الصغار فزعين لملمتهم بحضنها وجلست تنتظر بأطراف مرتعدة وملامح جامدة دقوا باب البيت بأكعاب بنادقهم بعنف وببساطيرهم العسكرية يدفعون البوابة ردت من خلف الباب : - من هناك أجابها بصراخ - إفتخي الباااب - من أنتم ؟؟ - إفتخي إحنا الجيش كانت تعلم أنهم كذلك لكنها تحاول المماطلة لتعطي له فرصة للهرب من باب سري - جيش مين ؟؟ وبعصبية وجنون وتخبط اكثر - جيش الدفاع الاسرائيلي افتخييييي يا ... أكمل عبارته بسيل من الشتائم . لم تكد تشق الباب حتى انتشروا كالجراد في أنحاء المنزل يتقافزون من غرفة إلى أخرى يعبثون في الخزائن يخرجون محتوياتها يقلبوها رأساً على عقب يدخلون المطبخ يكسرون الأواني والصحون يسكبون الزيت والموؤنة كلها في الأرض وهي في مكانها تحتضن صغارها وتتمتم .. غافلها أحد الصغار ولحق بهم الى المطبخ ومسك صحنا لم ينكسر ناوله لاحدهم وقال: - خذ إكسر هذا أيضا أتريد المزيد ؟ قفز فوق حوض الغسيل وأخذ يخرج بعض الأكواب السليمة ويرميها في الأرض التفت إليه الضابط ومسكه من عنقه واتجه الى أمه صارخاً بوجهها - أين هو؟ أجابت - لا أدري .. إن عرفت أنت دلني وبلهجة مكسرة - المغة الجاي رايخ أهد البيت فوك روسكم إذا ما سلم خالو وبابتسامة المنتصر أجابت - " ايدك وما تطول" خرج متقهقرا يتطابر الشرر من عينيه يجر اذيال الخيبة وفي مخيلته وجهها الساخر من "أسطورته" التي لا تُقهر ..