قَبِلْني الآن

يا بحرَ الحَنينْ كالعّاشقينْ
قبلةً
تَلتقي بِها شّفتاْن
غَريبَةَ الوَجْهْ واليَدانْ
والِلسانْ
فيها المّدْ والجَزْرْ
والغليانْ
في لهاْث الأنْفاسْ
مثل التبغْ
والدُخانْ
بَعدَ هذا الغَضَبْ منْ النَّثْرْ والِشعْرْ
منذُ مَلايينْ الِسنينْ
ومِنَ الَّلغْو ْالذي مَرَّ مُرورْ
الهازئينْ
وبَعدَ أنْ كانَ وكانَ
قَبِلْني الآنْ
وَدَعْ الآخرينْ
المُتَطفلينْ الدََّاخلينْ
والأصدقاءْ الطََّيبينْ
والسجينْ والسَّجانْ
خَلفَ الجُدرانْ
قبلةً
كَنِسمَةَ الفَجْرْ
تَبْحّثُ في النََّهْرْ عَنْ العُطْرْ
الَّذي لا يَتوقََّفْ عْنْ الجَريانْ
وعن فؤادٍ مَملوءٍ بالخَمرْ
والأحْزانْ
بعد هذا الصََّومْ والصََّبْرْ
في غُربَةْ الفُطْرْ
مَرسومْ في وجوهْ المُحبينْ الُمشرَّدينْ
بين أغصانْ الياسمينْ
وخَصْرُها البَردانْ
الذَّي هانْ
في وحلْ الأرقامْ والقوانينْ
وصَرخَةْ المَسحوقينْ
والخِذلانْ
ومن الذي يَشتَري الألحانْ
بالألحانْ
قَبِلني الآنْ
وفي كل حينٍ وحينْ
برفقٍ ولينْ
وبهدوءٍ وطمائنيهْ
ويقينْ
لو شاخَ الزََّماْن وزادَ عِصيانْ
وأجْبرَكَ على النِسيانْ في أودِيةْ النََّدمْ
و الوِجدانْ
قبلةً
من وقْدَةَ الَجََّمْرْ
في كُلْ صَدْر ْ
وشريانْ
يَسري معْ الأزمانْ
لو نامَ ظمآنْ في الحُصنْ الحَصينْ
أو حيرانْ
بَعدَ هذا العُمْرْ
الَمذبوحْ بسيْف القَّهْرْ
السََّمينْ
الرخيصْ والثَمينْ
بين يدانْ قويتانْ
قَبِلني الآن
ألَف قُبلةٍ وخَمسَهْ
وعشرينْ
من دونِ مُوافقةَ المُغفَّلينْ والآتينْ
قبلةً
من مَذاقْ الأرضْ والماءْ والطيْن
والنيرانْ
في بستانٍ أمين
فيهِ يسكُنْ الإنسانْ والخَيلُ
والفُرسانْ
والفَتِيْ كَشَمسٍ نيساْن
وحزيرانْ
قبلني الآن ألآن
قبلةً
غارقة في سفينةَ الحنانْ
فهكذا من دوْن كُفرانْ
يبدأ حبْ الاوطانْ
للأوطانْ