تكريم الطلاب الفائزين في مسابقة القرآن الكريم بجامعة قناة السويس    المهندسين تبحث في الإسكندرية عن توافق جماعي على لائحة جديدة لمزاولة المهنة    وزير التعليم يوجه بزيادة إنتاج مشغولات ومستلزمات المدارس الفنية والاهتمام بتسويقها    سوريا.. قرار عاجل من مجلس الوزراء يخص مؤسسات الدولة    رئيس جامعة بنها يفتتح معرض الزهور الأول احتفالا بأعياد الربيع    رئيس جامعة بني سويف يرأس اجتماع مديري الكليات    تراجع أسعار الحديد الاستثماري 1000 جنيه للطن بداية من الغد    الطاقة السعودية: النقاش بشأن التغير المناخي أصبح أكثر واقعية في قمة "كوب27"    سعر اليورو مقابل الجنيه في البنوك اليوم الثلاثاء 30-4-2024    «الشيوخ» يبدأ الجلسة العامة لمناقشة ملف التصنيع الزراعي    بعد تراجع الأوفر برايس .. سعر شيري تيجو 8 العائلية 2024 الجديدة    تحرك برلماني لتطبيق الحد الأدنى للأجور بأجهزة الدولة وهيئاتها الاقتصادية    علاء عابد: زيارة أمير الكويت لمصر تستهدف تعزيز التعاون وتبادل الخبرات    «إكسترا نيوز» تبرز ملف «الوطن» عن جهود مصر لوقف العدوان على غزة: وفد حماس في القاهرة    خبير دولي يؤكد أهمية زيارة رئيس مجلس الرئاسة في البوسنة والهرسك إلى مصر    مشاهد صادمة لثوران بركان روانج.. حمم وغيوم ساخنة ورعب بين السكان (فيديو)    بالأرقام.. حجم التبادل التجاري والاستثماري بين مصر والكويت تزامنا مع زيارة الأمير للقاهرة    طارق مصطفى يغيب يومين عن البنك الأهلي قبل مواجهة الزمالك    صراع الكبار.. التشكيل المتوقع لريال مدريد وبايرن ميونيخ في دوري الأبطال الليلة    قرار جديد في ليفربول بشأن محمد صلاح.. هل يستمر بالفريق؟    رئيس شركة الأهلي: عبارة "مصلحة المنتخب أهم" حق يراد به باطل    لقب الكونفدرالية ينادي الأبيض.. شوبير يعلق على فوز الزمالك أمام دريمز الغاني    «الأرصاد»: طقس ربيعي مشمس في القاهرة الكبرى اليوم    والدة تسنيم بسطاوي: مش عايزة غير حق بنتي والمتهم قتل فرحتي.. فيديو    السجن 10 أعوام وغرامة 500 ألف جنيه لمتهم بحيازة 861 جرام هيروين في الإسكندرية    حملات أمنية ضد محاولات التلاعب في أسعار الخبز.. وضبط 31 طن دقيق    مصدر أمني ينفي ما تداوله الإخوان حول انتهاكات بسجن القناطر    «التعليم»: 38 مدرسة فنية تشارك في معرض «ابدع واصنع»    18 مليون جنيه خلال يوم واحد.. ضربة جديدة لمافيا الدولار    خبير يكشف عدم ذكر ووجود أنبياء الله في الآثار المصرية حتى الآن    الموضوع وصل القضاء.. محمد أبو بكر يرد على ميار الببلاوي: "أنا مش تيس"    باعتبارها معلمًا تنويريًا وحضاريًا.. سفير فنلندا في زيارة لمكتبة الإسكندرية    إيرادات الأفلام.. عمرو يوسف يتفوق على الجميع وتراجع على ربيع وبيومى فؤاد    حكم الوصية الواجبة ومعناها وشروطها؟.. الإفتاء توضح    ما هو الدعاء الذي نهى عنه النبي؟.. «وكيل الأوقاف» يوضح    المصل واللقاح عن "استرازينيكا": لا يوجد سبب يدعو للتخوف أو التوتر    أسهل طريقة لتحضير كيكة البسكويت الباردة.. «جهزيها من غير دقيق وبيض»    الصحة: تطوير مناهج مدارس التمريض والشعب والتخصصات بالمعاهد بالتعاون مع إيطاليا    فصل قضائي جديد في دعوى إثبات نسب طفل لاعب الزمالك السابق    وزير الري يؤكد أهمية دور البحث العلمي في التعامل مع تحديات المياه    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    اليوم.. آخر موعد لتلقي طلبات الاشتراك في مشروع العلاج بنقابة المحامين    بروتوكول تعاون بين كلية الصيدلة وهيئة الدواء المصرية في مجالات خدمة المجتمع    البنتاجون يكشف عن تكلفة بناء الرصيف المؤقت قبالة ساحل غزة    حسام موافي في ضيافة "مساء dmc" الليلة على قناة dmc    ألقوه من فوق مبنى.. استشهاد فلسطيني على يد قوات الاحتلال في الضفة الغربية    مساعد وزير الصحة: قطعنا شوطًا كبيرًا في تنفيذ آليات مواجهة تحديات الشراكة مع القطاع الخاص    «مصر للصرافة» تجمع حصيلة من العملات تعادل 8 مليارات جنيه    ظهور خاص لزوجة خالد عليش والأخير يعلق: اللهم ارزقني الذرية الصالحة    موعد عيد شم النسيم 2024.. حكايات وأسرار من آلاف السنين    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لي نصيباً في سعة الأرزاق وتيسير الأحوال وقضاء الحاجات    عفت نصار: أتمنى عودة هاني أبو ريدة لرئاسة اتحاد الكرة    ميدو: عامر حسين ب «يطلع لسانه» للجميع.. وعلى المسؤولين مطالبته بالصمت    تصريح زاهي حواس عن سيدنا موسى وبني إسرائيل.. سعد الدين الهلالي: الرجل صادق في قوله    المتحدث باسم الحوثيون: استهدفنا السفينة "سيكلاديز" ومدمرتين أمريكيتين بالبحر الأحمر    إيهاب جلال يعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة الأهلي    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    أخلاقنا الجميلة.. "أدب الناس بالحب ومن لم يؤدبه الحب يؤدبه المزيد من الحب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وكأنها بداية النهاية... قراءة في رواية « حرير» للروائي اليساندرو باريكو
نشر في شموس يوم 23 - 11 - 2013

تحيط بالمفردات الروائية في رواية « حرير» للكاتب « اليساندرو باريكو » ، والتي ترجمها الى العربية دكتور « علي أسعد » المؤثرات الفنية الغنية بالمشاهد المشحونة بالصور التخيلية ، مما يترك اثرا عميقا في نفس القارىء، إلا ان الرواية لم تخل من الاستشراق من حيث بناء الصورة الذهنية القادرة على التقاط التفاصيل المزينة بجماليات مشرقية تصويرية ترك للذكورية فيها مقومات سلطوية « المؤشر المرئي الوحيد على سلطته امرأة مستلقية وقد اتكأت على ركبتيه» في هذه الرواية وضعنا « اليساندرو باريكو» داخل شرنقته الروائية لنسلك معه طريق الحرير الممتد من شمال الصين وصولا الى البندقية عبر شبكة من الطرق الفرعية حيث شهد طريق الحرير ازدهار الثقافات والتجارات وفي الجانب الاخر منه شهد ايضا الحروب الدامية، وهذا ما اشار اليه « اليساندرو» في مقدمة الرواية حدث ذلك عام 1861بينما فلوبير يكتب « سالامبو» في حين كان الضوء الكهربائي وقتذاك فرضية لا أكثر، وفي الجهة الاخرى للمحيط كان ابراهام لنكولن يشن حربا لم يشهد نهايتها.
ان امتلاك الثروة الكبرى هو في القدرة على السعي والتوجه نحو المستقبل بقدرات تجعلنا نتطور ونكتشف كل ما هو جديد دائما، فالطموح بحاجة الى عمل متوازن وتؤدة «فهو من هولاء الذين يحبون ان يشهدوا حياتهم الشخصية فيعدّون اي طموح في عيش هذه الحياة انما هو مسألة غير لائقة.» وهنا استطاع إيجاد تكوين حواري تجاوز من خلاله التساؤلات التي يطرحها القارىء على نفسه، ومن ثم يستنتج اجوبتها تباعا في تسلسل النص الروائي باعتباره كينونة ذاتية ترافقها بموضوعية الصور الذهنية، وبمختلف مستوياتها الفنية والتي يغلب عليها الطابع التصويري الرومانسي، والشاعرية الرقيقة القادرة على التسرب داخل وجدان القارىء « كاللهب الرقيق المرتجف داخل القنديل» فالاحاسيس الرومانسية في الرواية كقطعة الحرير « لو ضغطت عليه بقبضة يدك لانتابك شعور بانك لا تمسك شيئا بأصابعك» فالجمل الاختزالية المليئة بالمعاني التي تعصف بالذهن هي بمثابة بناء روائي يكشف عن حبكة متينة لا يمكن ان يشوبها تخلخل في بعض مواضعها، حتى انه اختار المعاني بدقة تتوافق مع التفاصيل المتناقضة احيانا بين الحب والحرب ، ولما حمله طريق الحرير من جمال ذي وجهين « لأن الحرب لعبة باهظة» وفي الحرب تعدد اسباب الموت . كما ان الحب كان السبب الرئيسي في وفاة الطفل الذي أرشده على الطريق « لقد كان هو رسالة الحب»
لكن تأويلات متعددة طرحها من خلالها دودة الحرير، وغموض تلك المرأة التي تركت فيه بصمة جمالية تشبه الخيط الحريري او العملة الخيطية، وفي المكان الاكثر خطورة حيث يشنق فيه الغريب، فالباحث عن المرأة المميزة ، كالذي يبحث عن دود الحرير والمحافظة عليها في سراديب الروح كالممسك بالبيوض، فالمقارنات الحسية تغلغلت داخل الوجدان ، وصارت جزءا من سيميائية النص الروائي، حيث المحاكاة العقلانية والانفعالات العاطفية تفجرت عندما فك لغز تلك الصفحات حيث « بدت الكتابة له وكأنها مصدر لاثار اقدام عصافير صغيرة، نظم بدقة متناهية .والذي يثير الدهشة انها في الحقيقة اشارات لغوية رماد صوت يحترق.» فهل يحاول اليساندرو رسم اللغات بحروف تصويرية ينقل من خلالها المشاهد التعبيرية لمخيلة القارىء؟. أم أنه يبحث عن الأشكال التي « تشبه طمأنينة من يشعرون أنهم في مكانهم المناسب» فيطمئن انه سيلقاها من جديد.
يفتح « اليساندرو باريكو « أبواب النفس الوجدانية، لتتشبع بأنماط تخيلية تمدنا بقدرات جمالية فتحت له الذاكرة حين « قرأ في أحد الكتب أن الشرقيين لا يقدمون حلا لعشيقاتهم تكريما لوفائهن، بل عصافير فاخرة وبهية « فهو يستكشف ذاته من خلال الأنثى، وقدراتها على التأثير بما يجعله يتوغل فيها أكثر، فيبحث ويبحث دون أن ينتبه أن زوجته هيلين تمتلك الحاسة السادسة « عندما حل الليل توجه إلى فراش هيلين وأحبها بلهفة مخيفة، فأخذت تبكي وهنا اشارات ايحائية بأن هيلين استطاعت ان تدرك من تغيراته ولهفته شغفه بتلك المرأة الشبيهة بشرنقة تركت له كلمات غامضة « ارجع والا سأموت».
خيوط درامية اتقن نسجها روائيا، وصراعات نفسية عشناها معه بقلق وغموض تفنن في بثه بصمت حواري قصير، وسرد تعلو وتيرته وتنخفض تبعا لسلسة احداث تقاطعت فيها الصور الذهنية الرومنطقية السلسة، والبسيطة من حيث ايقاع المفردات الغنية بالموسيقى الشاعرية الناعمة الملمس « كحرير حديث الولادة». فهو يجيد استخدام العبارات النابضة بالحياة « وهو جالس تحت الشرفة كان يقلبها بين أصابعه. وذات مساء، شرع ينظر إليها تحت القنديل في مكتبه، فشعر وكأن آثار العصافير الصغيرة تتحدث بشفافية» ان كل عنصر من عناصر الرواية متشابك مع الاخر ، مما يجعلها وحدة موسيقية متكاملة لا يمكن تجزئتها، وكأنها شرنقة نغوص في مجاهلها الحيوية معه لنلتقط مواصفات الطيف بنرجسية جعلته في نهاية الرواية يرى مشهد حياته الرقيق والغامض مرتسما على صفحة الماء. فما بين هيلين وصاحبة العيون خيط موصول أشبه بطريق الحرير الذي يسلكه ليحصل على البيوض التي لا تقدر بثمن.
نواحي جمالية متعددة تضافرت لتشكل العين لغة سرية لا نفهم ما هيتها. الا اننا نشعر بما في داخلها تبعا لعواطفنا ، لكنه استطاع تمييز « أن شكل عينيها ليس شرقيا» فالتشويق رافق الرواية من البداية الى النهاية لأنه استطاع اثارة اهتمام القارىء بكل تفاصيل تحركاته، وحتى بخواتم الزهر الزرقاء ليخلق نوعا من الدهشة. لأن الزوجة استطاعت ان تدفعه نحو الوهم بقوة الايحاء في كلماتها ، لكنها ايضا وضعت حاجزا بينه وبين اللقاء كي يستريح من عناء التفكير بذات العيون الغامضة لأنه» نوع غريب من الألم أن تموت حنيناً إلى شيء لن تختبره قط».
كشف «اليساندرو باريكو» في هذا الرواية عن حس مرهف، ومواءمة حياتية تميزت بصياغة شاعرية، ومضمون عميق يتناسب مع اسلوبه المتشابك، وافكاره الروائية الدقيقة المضامين والبسيطة. لأنها تتناسب مع القارىء الوسط والقارىء الجيد، ومع الاحتفاظ بقدرة على توسيع الخيال، وقوة الملاحظة ليجذب انتباه القارىء من البداية إلى النهاية، وليملؤه بتألق حيوي يبعده عن الجمود الذهني، فيستسيغ المادة التاريخية المتسلسلة مع السرد الجذاب اذا بقول « كانت اليابان بالفعل في الطرف الآخر من العالم، وهي جزيرة مؤلفة من مجموعة جزر عاشت خلال مائتي عام منفصلة انفصالا كاملا عن بقية الانسانية ترفض اي اتصال مع القارة وتمنع دخول الغرباء اليها .» فهو لم يتحاش التاريخ لكنه كتب رواية تؤرخ لبداية اكتشاف الحرير والقدرة على امتلاك هذه الثروة الكبيرة والتي اطلق عليها العملة الحريرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.