يحل المساء غريبا على مدينتي الغارقة في ضجتها يلج العيون التائهة عنه .. يسبرها يقف على بدايات الازقة الفائحة بنكهات عديدة ... يسأل بعضه عن زفرات تنحيه جانبا لتعبر السبل إلى اللا غاية ... المساء المتعب يبحث عن رفيق يسامره ليروي حكايا الرحلة العنيدة .. حكايا العبور الأبدي على أشواك الرتابة القاتلة .. وتنهيدة شوق الثواء تخامره المرارة تلوكها في صمت عيناه وهو يستعرض لا مبالاة المكان .. وعدم اكثرات الزرع والثرى يغفو على الوجنتان وشجيرات مختالة ترغب حلول فجر جديد .. كان البحر يغفو وقد مدته الشمس بخصلاتها وقبل المغيب مدته بشوق مديد بحلم بالعودة القريبة... يغفو المساء منكمشا على ناصية الوجود يتساءل عن جدوى رحلة عناء لا تنتهي... عن حضن سخاء قد لا ينجلي.. عن صخرة صماء علقت على كاهله القوي سحرا أضناه كانت نسمة عاشقة .. ينزوي المساء إلى زاوية شرودي المعتمة يضع رأسه المحموم بين كفي يمد يده إلي يتحسس بقايا الحلم قبل الرحيل ليجده تناثر وراء فجر لا ينجلي .. وضاع جزؤه الكبير.. وما بقي من ذراته تشظت على نهايات دامعة كان المساء يعانق وميضا خبا في العيون وهو يتأهب مثلي للرحيل كل منا سيسلك سبيلا غير السبيل كل منا سيحمل ذكراه لقلب الماضي الجريح كل قد لا يفتحها إلا لتأمل خطوط نحثها النزيف.. وقد بدت لوحة تشكيل وارفة ..