بعد قراءتي رواية "بطن الحوت" لمؤلفتها "صونيا عامر".. يمكن أن نشير إلى كاتبة فذّة، عرفت كيف تحبك الأحداث بحيث تتداخل التجارب الإنسانية المختلفة، بالمسائل الوجودية العميقة. أجمل ما في القصّة أنها تزرع علامات استفهام كثيرة، أهمها: "وماذا بعد؟".. "هل سيغادرون هذا المكان ليكتشفوا على الأرض ومكانا آخر كما حدث مع أهل الكهف؟" الهروب، البحث عن الخلود، محاولة تتميم النقص، معاناة الصراعات والمرض والشقاء والظلم والخوف من الآخرة، كل هذا جعل البشر يخترعون تصورا عن المكان الأمثل: "الجنّة" .. وفي الرواية تضحي الشخصيات بما لها من أجل الأمثل والأكمل، فيتبيّن أنهم باعوا أنفسهم للوهم وكانوا فريسة للاحتيال. رواية رائعة بالأبعاد السايكو- اجتماعية للشخصيّات، والفكرة مبتكرة مبنية على مفارقة ذكية جدا متمثلة بجهاز "كشف الصّدق" حيث الإغراق في الكذب والوهم هو شرط الاستمراريّة. الملفت أن أديبتنا ضمنت الرواية أحداثا عايشناها -كانت بالأمس القريب-.. كال "تسونامي" وأحداثا نعايشها كثورة الاتصالات التي تقرب البعيد وذلك نقمة للأشرار والأغبياء ونعمة للأخيار. تمتعت جدا بقراءة الرواية في زمن صارت فيه القصص والأحداث متكررة وممجوجة، فلم يبق للكاتب إلا أن يبدع في أسلوب لا يشبه أحدا، وأعتقد أن "صونيا عامر" نجحت في ذلك إلى حدّ بعيد.