لم يبق لي بعد اليوم إلا همسات صوتك الدافئة تملأ وحدتي, أتعذب بنبرها, أتلذذ بنغمها, في ليلة شتاء حالكة, تحت دموع سماء باكية, استشعرها تحمل لي أشياء كثيرة, لم أكن أسمعها منك وقت حديثنا, ******* لم يعد لي سوى طيفك, يطوقني في خلوتي, يؤرقني في منامي, يطاردني في يقضتي, يراودني بين يقيني وريبتي, ******* أحقيقة كنت أم خيالا؟ فما إن أسال نفسي حتى تجيبني حالا, ذاكرتي تعيد رسمك, لساني يذكر اسمك, إن كان ذلك كله خيالا؛ فهل أكذب أذني التي تطرب بسماع صوتك الآن؟ ******* هل تصدقينني إن قلت لكِ: التقينا قبل لقائنا, تحدثنا قبل حديثنا, تواعدنا قبل موعدنا, بل ولدنا قبل مولدنا, ما كان لقاؤنا وحديثنا وموعدنا, إلا دليلا على مولدنا, فهل لنا مولد غير مولدنا؟ ******* ما جمعنا القدر إلا ليجمعنا بعد أن يفرقنا, وما أبعدنا بعد القرب إلا ليقربنا, فكيف لمن لا يقدر على جمعنا, أن يفرقنا أو يبعدنا بعد قربنا؟ فبيننا وبينه الأيام من أبعدنا, ******* بيني وبينك مسافات, بحار وأنهار ومحيطات, أيام وليال وسنوات, تجمعنا فيها كلمات, عشق مجنون وآهات, ******* مهما حجروا علينا وقيدونا, وعن وصال بعضنا منعونا, فلن يستطيعوا مصادرة أحاسيسنا, لن يتمكنوا من إيقاف أقلامنا, لن يقدروا على إتلاف أحلامنا, صحيح أننا لم نكُ في زمننا ساعة التقينا, لكن أرواحنا التقت دون أجسادنا, فالتقينا في زمن غير زمننا, وافترقنا قبل موعدنا, فما كانت غير نهاية أجمل بداية, لكنها ليست النهاية, ******* لن أبرئ نفسي منكِ, لن أستطيع أن أنكر حبّك, فأنا مدانٌ وإن ثبتت براءتي, قبل أية محاكمة أقر وأعترف, أنني جنيت على نفسي وعليكِ, بكل أنواع الحب أحببتكِ, ورضيت بحب واحد منكِ, فلك أن تصنفي نفسكِ, ******* ربما كتبت كثيرا قبلكِ, فاسألي عني قلبكِ, ألك أكتب الآن أم لغيركِ؟ لم أكتب إلا من أجلكِ, لم أردد إلا اسمك, فان لم يَكُ ذلك, فلغيرك أكتب حتى أذكرك, ******* أعرف أنك تقرئينني, تهمسين بكلامي, ترددين حروفي وأنغامي, لذلك أهديك ما خطت أقلامي, فاعلمي أنك أجمل ذكرى في حياتي...