في لحظة ظهر بشكله المهندم ونظارته الانيقة على الشاشة وظهر كأنه يشير الى ان هناك شيء ما وتظهر تلك الطفلة بملابسها الحمراء اللون وتظهر المفاجاة التي كتمت انفاس المشاهدين جميعا واغضبتهم واثارت حنقهم وسارعت الحناجر بالدعاء عليه والاحساس بالفزع والقرف من فعلته الشائنة التي هزت الضمير الإنساني نعم هي واقعة التحرش بطفلة المعادي وخاصة ان الواضح من ثبات الجاني انه فعلها مرارا وتكرارا . هي صوت انذار دوى عاليا بأن حان الوقت بمواجهة المجتمع باخطائه الشائنة وبأن يتحرك لصد تلك الافعال الشيطانية بل ومحاكمة من يفعلها ، وان تمتد الدعاوى الى اهمية التوعية للامهات بفتح قنوات الصراحة والتفاهم بينهن وبين ابنائهن سواء كانو بنات او اولاد بهذه الفعلة ، التي تحدث كل يوم حول العالم ويتم التكتم عليها خوفا من الوصم الاسرة بالعار، ولكن هل فكر احدهم باثار تلك الافعال على نفس ووجدان الطفل المجني عليه ، سواء اكان ذكرا او انثى فالتحرش أذى تستمر آلامه وتأثيره النفسي لمدى طويل، وربما لا يُمحى من ذاكرة المجني عليه طيلة حياته ، في الواقع أن الحديث لا ينقطع مطلقًا حول هذه الظاهرة في الإعلام والندوات على المستوى العام والخاص، إذ تُعرَض التحليلات والمقترحات والحلول، ولكن ما إن ينزل الباحثون الى أرض الواقع حتى يجدوا أن المتحرشين مستمرون في الإيقاع بمزيد من الضحايا. أن ممارسة هذا الفعل تُشعر المعتدي بلذة وقتية ، ليس فقط من لمس جسد الضحية و مغازلتها بكلمات ذات إيحاءات جنسية ، بل من فكرة التعدي والقمع والشعور بالتفوق على مَن لا حيلة له ، فكلما انزعجت الضحية وأظهرت امتعاضها وتأذيها من هذا الفعل شعر هو بمتعة أكبر. أما على الصعيد الآخر فالضحية تتلخص مشاعرها في الإحساس بالإهانة البالغة والدونية ان هذا الفعل المشين يكرره المعتدي لاحساسه بالامان من قبل مجتمعه الذي قد يلتمس له الاعذار تارة بان الضحية هي السبب فقد تكون مستفزة بملابسها العارية او الوانها الجاذبة لشهوته وهي دعوات شاذة يجتنبها الصواب وبعضهم يدعم المتحرش بالاطفال بدعوى تفريغ الكبت الجنسي وهو غير مقبول في كل الاديان ، والمجتمعات هي دعوات شيطانية مخربة للمجتمع وتكدير السلم العام وهي تدعم الجاني السيكوباتي المريض لابد من توعية الاهل بضرورة فتح قنوات التواصل مع اطفالهم بلا خجل وتعريف الطفل بحقوقه وتعليمه في صغر سنه أن جسمه ملكه هو وحده، وليس لأحد حق لمسه أو الاقتراب منه خارج نطاق الأبوين، فهناك ما يسمى حدود آمنة ، وهي الدائرة فيما حوله، فليس لأي شخص كبير أو صغير أن يتخطاها إلا إذا سمح هو بذلك. كذلك عدم السماح لأحد ان يظهر تعاطفه معه معه بالاقتراب من جسده ابدا وعدم الانسياق وراء المساومة او المكافئة على فعل ذلك ، ولو في اطار فكرة المرح او اللعب معه . وايضا تعزيز فكرة ان يعتمد الطفل على نفسه وتعليمه كيفية النظافة الشخصية لنفسه بنفسه بعد سن السادسة وان ينمى بداخله الشعور بالاستقلالية والدفاع عن نفسه وعدم السماح لاحد ان ينظر الى جسده اثناء تغيير ملابسه، ولا يسمح لنفسه ان ينظر هو لاحد في نفس الموقف كبيرا او صغيرا . ان مراقبة الوالدين للطفل امر هام جدا ورصد اي تغيراو سلوك غير معتاد له كالخوف المفاجئ من احد الاشخاص او عدم تحكمه في الاخراج او انزعاجه لوجود احد الاقرباء ، وعدم ترك الاطفال امام الشاشات الاليكترونية بلا رقابة ، والوعي باهمية توجيه الطفل للبرامج والالعاب الاليكترونية المخصصة لسنه . وعلى الرغم من وجود نصوص قانونية تجرم المتحرش مثل المادة 306 مكرر ( أ ) من قانون العقوبات "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعرض للغير فى مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأية وسيلة بما فى ذلك وسائل الاتصالات السلكية أو اللاسلكية" وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا تكرر الفعل من الجانى من خلال الملاحقة والتتبع للمجنى عليه ولذا اناشد النائب العام بالتحرك لمثل هذه الامور لان النيابة العامة هي من ينوب عن المجتمع في تطبيق قانون العقوبات، فإنه من حقها أن تستخدم سلطتها التقديرية في الموازنة بين مصلحة المجتمع وبين تحريك الدعوى الجنائية على مرتكب الجريمة: فإذا رأت النيابة أنه من مصلحة المجتمع أن يُعاقَب مرتكب الجريمة جنائياً، فإنها تقوم بتحريك الدعوى الجنائية ضده. وعلى العكس، إذا رأت النيابة العامة أن هناك ضرر قد يعود على المجتمع من المعاقبة تجاه حالة معينة، فإنه للنيابة العامة ألا تقوم بتحريك الدعوى الجنائية في تلك الحالة. الا ان ماتزال الاسر تتكتم من خوف الفضيحة وبهذا ينجو الجاني من ملاحقة القانون لجريمته فالاصل في الموضوع هو نبذ الخوف واعلان الموقف بجرأة ، ووقوف الاهل بجوار ابنهم وتعزيز ثقته بنفسه ، واحقاق الحق حتى يتعود المجتمع مقاومة التحرش وملاحقة المتحرش الذي ثبت عليه الفعل الفاضح ، حتى وان لم تتقدم اسرة المجني عليه ببلاغات ضدوه ، لان ذلك حق المجتمع ول ينفض عن كاهله الجهل والتخلف والغباء