د/نورا عبد العظيم – باحث بمركز تحقيق التراث دار الكتب والوثائق القومية – شموس نيوز عندما نفكر في عصور القرون الوسطي لا نتذكر إلا أنها عصور الظلام ولكننا ننسي أنه في حين كانت أوروبا تعيش في عصور الظلام وتعاني من العديد من المشاكل والصراعات الفكرية والاجتماعية لم يكن العالم الإسلامي كذلك بل كان يمثل العصر الذهبي للعلوم المختلفة مثل الطب و الفلسفة والفن والرياضيات وغيرهم من العلوم ويرجع ذلك لنجاح وتفوق عدة علماء مسلمين اشتهروا بإسهاماتهم المتعددة في مجال الطب والفلسفة وعلم الفلك والحيوان والنبات وغيرها ويأتي على رأس هؤلاء العالم “ابن سينا “هذا الفيلسوف المسلم الذي ارتقي ليصبح من بين المفكرين الذين يحظون باحترام العالم وتقديره إلي يومنا هذا. وهو “أبو علي الحسين بن عبد الله بن سينا “ولد في قرية أفشنة بالقرب من بلدة بخاري عام371 ه/980م لقب بالعديد من الألقاب منها” الشيخ الرئيس” و”الفيلسوف الثالث “بعد أرسطو والفارابي ،كما عرف “بأمير الأطباء” و “أرسطو الإسلام”. وعند الحديث عن مراحل تكوينه العلمي فنجده كان طفلًا بارعًا لديه ذاكرة قوية وقدرة علي التعلم أدهشت العلماء الوافدين إلي منزل والده حيث ظهرت عليه الفطنة والذكاء في وقت مبكر وحفظ القرآن كله وعمره عشر سنوات كما حفظ معظم الشعر العربي الذي قرأه وعندما بلغ سن الثالثة عشر بدأ بدراسة الطب ،وقد أتقن هذا المجال قبل سن السادسة عشر عندما بدأ في علاج المرضى درس على يد الكثير من العلماء المسلمين العظماء فبينت كتاباته تأثره بمن سبقوه من العلماء والفلاسفة أمثال” الفارابي “و”أرسطو” وغيرهم. كانت مهاراته في الطب تثبت أنه سيكون له شأن كبير في المستقبل وعندما تمكن من معالجة السلطان البخاري من مرض غامض سٌمح له السلطان باستخدام المكتبة الملكية وقد استغل هذا الأمر علي أكمل وجه. ولما أتم ” ابن سينا” الحادية والعشرين أضحي عالمًا كبيًرا وبدأ في تأليف الكتب بعدما استقر في مدينة أصفهان حيث سُمِحَ له بافتتاح مدرسته الخاصة للباحثين وبلغت كتبه التي وصلت إلينا نحو مائتان وأربعين كتابًا حول الفلسفة والطب وعلم الفلك وعلم النبات وعلم الحيوان والأرصاد الجوية وعلم النفس ومن بين تلك الأعمال المتبقية مائة وخمسون في مجال الفلسفة وأربعين فقط في الطب وهما أكثر مجالين ساهم فيهما” ابن سينا” أكثر من غيرهما . ومن أهم إنجازات” ابن سينا “كتاب “القانون في الطب” وهو أحد أكثر الكتب شهرة في تاريخ الطب ويقع في خمسة أجزاء يسمي كلًا منها كتابًا تتناول علوم التشريح ووظائف الأعضاء وطبائع الأمراض والصحة والعلاج . كتاب” الشفاء “حيث يُعتبر موسوعة علمية تغطي العديد من المجالات مثل المنطق ،والعلوم الطبيعية ،وعلم النفس ،والهندسة ،وعلم الفلك ،والحساب ،والموسيقي .