تكلم النوبيون .. موسوعه نوبيه قام بتألفها الاستاذ ماهر احمد زكي (سيد دوكى ) النوبه الحاليه كانت مملكه مستقله تمتد من اسنا حتي بلدة سرس (مروي) بالسودان حاليا وقد احتلت مملكة النوبه دولة مصر الفرعونية زهاء خمسة عصور كان أشهر ملوك الاحتلال بعنخي وشباكه وشبتاكه وطهراقه ثم جاء الاستعمار الانجليزي ليقسم النوبه 1899 الي قسمين. القسم الشمالي من الشلال وحتي بلدة ادندان تابع لدوله مصر والقسم الجنوبي من بلدة فرس وحتي بلدة سرس تابع لحكومه السودان. وهكذا قدر علي النوبه بقسميها ان تكون تابعه بعد ان كانت متبوعه.. فقد كان ملوك مصر يفرون اليها طلبآ للحمايه من غضبة الجماهير وكان ملك النوبه يعيدهم الي ممالكهم وقد كان القرن العشرين هو الزمن الردى والقاسي بالنسبه للنوبه والنوبيين. فمنذ مطلعه ولم تر النوبه يوما في حلاوة تمرها . كانت هي الضحيه دائما وبلا مقابل .. ففي سنه 1902 بني خزان أسوان رقعه واسعه من اراضي مصر الزراعيه وفي سنه 1912 تمت التعليه الاولي للخزان لتغمر المياه بعض بلاد الكنوز وتجبرهم علي الرحيل الي غرب اسوان .. اما التعليه الثانيه 1933 فقد كانت وبالآ وبؤسا علي النوبيين . اغرقت النوبه لخدمه الاقطاع المصري فلجأ النوبييون الي الجبال يعتصمون من الطوفان وليحولوا الجبال مره اخري الي جنة خضراء علي الارض. حتي جاء الطوفان الاكبر مع السد العالي لتغرق النوبه بأكملها _ المصريه والسودانيه وكأن الزمن يخبئي لهم هذه الكارثه التاريخيه .. لتتحول بلادهم الي مخزن للمياه ليدر الخير والبركه علي مصر والمصريين. فماذا بعد اقامه السد العالي ؟ والفصل الثاني فيه الكاميرا في كادر جديد.. ففي 1963 يهجر النوبيون المصريين الي ارض نائيه قفره في كوم امبو والنوبه السودانيه الي خشم القربة. النوبيون الذين عاشوا الاف السنين في حضن النيل وبين جنباته . يحسدون برزاز مياه النيل تبلل وجوهم ويسمع النيل تنهداتهم .. يفرح معهم ويحزن معهم .. لا يفترق احدهما عن الاخر حتي انتزعزا النوبيين من هذا الحضن الدافئ ليلقي بهم في هذا المجهول فيموت منهم جيلان (الشيوخ والاطفال) . هل حصل النوبيون علي تعويض مجزى؟ حصل النوبيون المصريون علي تعويضات تافهة لا تتناسب وحجم التضحيات ولا الأضرار التي حاقت بهم وبأسهم ومستقبلهم ( نزع الملكيه للصالح العام) فقدوا الوطن الام واستبدلوه بأرض قفره وبعض القروش التي لا تغني ولا تسمن من جوع . وطنوا بلا وطن وعوضوا بلا تعويض . البيوت المرصوصه التي حصلوا عليها تشققت بعد شهور معدوده وطلبت الحكومه المصريه سنه 1993 قيمة هذه البيوت باعتبارها أيواء وليست تمليك والرجال والشباب الذين كانوا يعملون بأرجاء مصر , يساعدون في التنميه الاقتصاديه والاحتماعيه سميوا بالمغتربين_ تصوروا مصريون مغتربون في مصر _ فحرموا من التعويض العيني اما التعويض النقدي فاليك مثلان لتقيس عليهما حجم التعويض .. قيمة النخله عشرة قروش, هذا مثل اخر انني تنازلت عن وطني ...... بلدي .... تاريخي وتاريخ وتراث اجدادي مقابل 155 قرشا _اي والله _ اكرر مائة وخمسون قرشا تقبضي علي دفعتين ........ واصبحت بلا بلد ولا بيت بالنوبه الجديده ( قيمه التعويضات بأسعار 1933 ويقول البعض انها اسعار 1912 وتتحرك كاميرا التاريخ الي النوبه السودانيه فقد عوضوا تعويضا قانونيا فحصل كل فرد علي (15 فدان ) ومنزل علي الطراز الايطالي وتعويض نقدي كبير ( النخله عشره جنيهان) وخلال قاموسهم من كلمه المغتربين .. وانا لا احسدهم فهم ايضا في موقف لا يحسدون عليه حيث يتعرضو لسيول غزيره لمده ثلاثه اشهر سنويا تقضي علي كل شئ وتفجع سنويا بالملاريا لتقضي علي جزء من اهله فينتظرون الفاجعه كل عام. يحصون فقدهم ويتحسرون علي ما مضى.