لم تمض عدة اشهر على اندلاع الحرائق في غابات الأمازون المطيرة في البرازيل شهر آب الماضي وتسببت في كوارث لم يسبق لها مثيلا قبل عقد من الزمان، حتى انتقلت الكارثةاوائل يناير الجاري إلى غابات استراليا التي تعيش كارثة بيئية تحدث خللا في التوازن الطبيعي لكوكبنا الارضي. فموجات من البرد والصقيع الحاد في بعض مناطق العالم يقابلها ارتفاع حاد في درجةالحرارة في مناطق أخرى، وزيادة نسب ثاني اكسيد الكربون في الغلاف الجوي بفعلالحرائق والتلوث وانقراض العديد من الفصائل الحيوانية والطيور التي يعد تواجدهافي بيئتها حصنا وامانا للغطاء النباتي على الكرة الأرضية. غير ان استمرار هذه الحرائق في مناطق الغطاء النباتي، تسبب في ذوبان مناطق مهمة من الجليد في منطقة نيوزلاند. وهذا يعني ان الكوكب الارضي معرض لمخاطر اكبرتتطلب السرعة في حماية الإنسان والحيوان والنبات معا، لانهم جميعا في تلازم بيئي واحد. فالحرائق التي اندلعت في غابات جزيرة الكنغر جنوبي أستراليا، وتابعها ملايين البشر على الانترنت، وبحسب العالم كريس ديكمان من جامعة سيدني، فإن الغابات المحترقة خسرت مليار حيوان، دون حصر أنواع الضفادع وأنواع الوطاويط واللافقريات والتي تقدر بالبلايين، بجانب خسارة منازل الحيوانات. تمتد خطورة هذه الحرائق إلى نقل الرياح للرماد المشتعل إلي نيوزلاند، فبدا الامر هناك وكأن السماء تمطر نيرانا مما سرع نسبة ذوبان الجليد في نيوزيلاند بنحو 20 الي 30 بالمئة، وخطورة اندلاع حرائق في غابات نيوزيلاند أيضا لأنها تضم حزاما من الغابات بمواجهة الساحل المقابل لاستراليا. كما يخشى العلماء من حدوث أمطار غزيرة على مناطق الغابات المحترقة، بما يؤدي الىجرف الرماد والسخام والنباتات المتفحمة الى مجاري المياه العذبة الطبيعية فتلوثهاوتسدها كما يمكن للأمطار الغزيرة ان تجرف هذه المواد حتى الى السدود والترع المائية فتكون طحالب ضارة بالمياه يؤدي الى تسممها، وذلك مثل سد وارلجامبا خارج حدود سيدني، وهذا السد يوفر المياه لنحو 3.7 مليون شخص، فالخوف ليس من تكون البكترياالسطحية فقط ، فالجزئيات الصغيرة من الرماد ستخنق الحياة تحت المياه بما يسبب هلاكا للحياة البرية والبحرية في آن واحد، وتشتد الخطورة – وبحسب العلماء من تأثير ما بعد الحرائق واستمراره لعقد كامل من الزمن، لأن الغابات تأخذ أعواما لتنمو مجددا. نعم هناك جهود بذلت في الاطفاء، وجهودا اخرى تبذل لانقاذ الحيوانات الناجية بالقاء الجزر والبطاطا اليها لانقاذها من هلاك الموت بعد احتراق مصدر غذائها النباتي، وبعضالعلماء استخدموا موقع ” جو فند مي ” لطلب معونات مالية لتخصيص اماكن للعديدمن الفصائل الحيوانية المهددة التي اصبحت مهددة بالانقراض بعد الحرائق بعيدا مفترساتها. ورغم كل ذلك تظل هذه الجهود قاصرة عن منع اندلاع الحرائق مجددا، وان العلماء فشلواحتى هذه اللحظة في ابتكار حلول عملية وعلمية تمنع تكرار هذه الحوادث. ولنضرب نموذج على ذلك بطائر الحدأة التي اكتشف العلماء انه يتسبب في توسيع رقعة النيران حتى يخرج الحيوانات من جحورها مثل الجرذان وغيرها حتى تقتات عليها، وهو ما نبهنا اليه نبينا الكريم محمد صل الله عليه وسلم من خطورة الحدأة بحديثه بالبخارى ومسلم: “خمس من الدواب كلهن فاسق، : الغراب والْحِدَأَة والعقرب والفأْرة والكلب العقور”. علماء جامعة سيدني يقولون ان طائر الحدأة يتعمد نشر الحريق ما استطاع يخرج الحيوانات من جحورها ويقتات عليها، وذلك عبر التقاطه ناراً مشتعلة في خشبة أوغصن صغير، ثم يطير به ليرميه في مكان آخر، محدثاً بؤرا جديدة من النار، وبذلك ينتشرالحريق أكثر في كل مكان، لأن عشرات الطيور من فصيلته تفعل الشيء نفسه. هذه الكارثة في استراليا وغيرها ناجمة عن الاحتباس الحراري الذي يجب ان تتعاون شعوب العالم وقادته من اجل وقف نزيفه والتهامه للحياة على الكوكب الارضي.