من طائر النار حتى نفوق مليار حيوان وقتل الجمال.. القصة الكاملة لحرائق أستراليا

تشهد بلاد الكنغر حرائق هائلة ومدمرة اندلعت منذ 6 أشهر بالتحديد في شهر سبتمبر الماضي، وتعد غابات أستراليا المحترقة الرئة الثانية للأرض مع غابات الأمازون التي شهدت حرائق هائلة هي الأخرى في شهر سبتمبر الماضي، ويعود السبب الرئيسي للحرائق هو ارتفاع درجات الحرارة بسبب التغيرات المناخية التي يشهدها العالم منذ سنوات، هذه الحرائق التي لم تستطع الحكومة الاسترالية السيطرة عليها وصلت إلى الفضاء والتقطتها وكالة الفضاء العالمية "ناسا" وأكدت أنها ظهرت على مساحات واسعة يبلغ حجم الدخان نحو 1.3 مليار فدان، أي نصف مساحة أوروبا، ويثير المواطنين في استراليا مرتدين أقنعة الوجه نظرا للجو والسماء اللذين انقلبا إلى اللون الأحمر والدخان الذي يشوه الجو ويحجب الرؤية، وتبرز "البوابة" القصة الكاملة لأسباب الحرائق غير المسبوقة ونتائجها المدمرة على استراليا والكوكب وحلول الأزمة.
أسباب حرائق استراليا المدمرة:
ذكرت أكاديمية العلوم الأسترالية أن الاحتباس الحراري وارتفاع درجات الحرارة في العالم بسبب التغير المناخي الذي يتسبب به البشر، سبب كارثة الحرائق واحداث الطقس الشديدة.
وكشف علماء أستراليين أن طائر "الحدأة" والذى يعيش فوق قمم الأشجار العالية وأسطح الأبنية المرتفعة قد يكون أكبر مسبب للحرائق بأستراليا بلا توقف منذ 6 أشهر تقريبًا، لأنه يتعمد نشر الحريق ما استطاع، عبر التقاطه نارًا مشتعلة في خشبة أو غصن صغير، ثم يطير به ليرميه في مكان آخر من البرية، محدثًا في كل التقاط بؤرة من النار جديدة.
خسائر ونتائج الحرائق:
ويقدر العلماء في جامعة سيدني أن الحرائق أودت بحياة 26 شخصًا على الأقل ودمرت أكثر من ألفي منزل والتهمت نحو عشرة ملايين هكتار من الأراضي، وتبلغ مساحة الهكتار الواحد تقريبًا مساحة الملعب الرياضي ما يعادل منطقة تتجاوز مساحتها كوريا الجنوبية أو البرتغال.
وأن يكون نحو مليار حيوان من الثدييات والطيور والزواحف وغيرها من الكائنات الحية نفقوا في الحرائق.
وأكد خبراء بيئة لصحية "الجاردن" البريطانية، أن حرائق الغابات القاتلة تؤدي إلى تباطؤ السياحة وغيرها من القطاعات الرئيسية التي تسهم في نموها الاقتصادي المثير للإعجاب بالرغم ان استراليا المحظوظة لم تشهد ركود منذ 3 عقود.
ووفقا لمجلس التأمين في أستراليا، أن الحرائق تسببت في مقتل أكثر من عشرين شخصًا أكثر من مليار حيوان ولقد دمروا أكثر من 1800 منزل، وعدد لا يحصى من المباني التجارية وآلاف الأفدنة من الأراضي الزراعية الرئيسية، وخسائر التأمين بلغت حتى الآن ما يقرب من نصف مليار دولار، لكن من المرجح أن ترتفع الأرقام بشكل حاد.
وفي سيدني وبعيدًا عن الحرائق السماء دخانية لدرجة أن أجهزة إنذار الحريق قد انفجرت في مباني المكاتب وتم إلغاء خدمة العبارات في ميناء المدينة المشهور عالميًا بسبب ضعف الرؤية.
ووصلت الحرائق وفقا للحكومة لأمر يسبب الذعر لجميع سكان استراليا إلى جنوب الجبال الثلجية بعد اندماج ثلاثة حرائق اندلعت في مناطق مجاورة بشكل متزامن في وقت سابق من هذا الأسبوع، وقالت الحكومة انه من تفاقم الحرائق الهائلة فعلى ربع مليون شخص ترك منازلهم.
وأعلن وزير البيئة الأسترالي أن أكثر الفصائل الحيوانية التي تأثرت بالحرائق هو حيوان الكوالا، الذي يعتبر من الحيوانات القومية لدولة أستراليا، بجانب الكانجارو، وأكثر من 30%، أي الثلث تقريبًا، من تعداد حيوان الكوالا في أستراليا قد مات بسبب الحرائق، وأن هناك مخاوف من تزايد هذه النسبة مع استمرار الحرائق.
أغلقت عددًا من مراكز رعاية الأطفال بسبب الدخان والجو الصحي الذي تسبب في تضرر اغلبهم.
شائعات ومعلومات خاطئة متداولة عن الحرائق:
حيث يقول "كريستوفر كناوس" مراسل لصحيفة الجارديان البريطانية في أستراليا، أنه منذ اندلاع الحرائق وانتشرت عشرات الأكاذيب بشكل أسرع من حرائق الغابات، مشيرا إلى أن بعض الشائعات المنتشرة تزعم إحدى المؤامرات الغريبة أن حرائق الغابات قد أضاءت لتمهيد طريق للسكك الحديدية عالية السرعة أسفل الساحل الشرقي لأستراليا، ويزعم البعض الآخر أن تنظيم الدولة الإسلامية يصدر تعليمات إلى أتباعه بشن الحرب على البلاد بالنيران، أو أن المليارديرات الصينيين يستخدمون الليزر لتهيئة الطريق لمدن جديدة، أو أن الإرهابيين الإيكولوجيين يحاولون تحفيز العمل على تغير المناخ من خلال تصنيع كارثة.
وأضاف ان هذه الاشاعات خاطئة ومضحكة وتسبب تشوهات في الوضع الراهن أكثر خطورة من الأشخاص الذين يستخدمون للانحراف عن دور تغير المناخ في خلق مواسم حرائق أطول وأكثر شدة، وابراز المعلومات المضللة عن أن "حالة الطوارئ المتعمدة"، بدلًا من تغير المناخ، هي وراء حرائق الغابات، وأن "الصغار" يمنعون رجال الإطفاء من تقليل أحمال الوقود في الأدغال الأسترالية.
نباتات تنمو في الرماد بحرائق أستراليا:
على الرغم من الدمار الذي خلفته الحرائق المشتعلة في غابات استراليا منذ أكثر من 6 أشهر، تسبب في رماد نسبة كبيرة من الغابات والأعشاب الخضراء التي تنمو في أجزاء من كولنورا والتي ما زالت النيران مشتعلة فيها حتى الآن، التقط عدد من الصور التي التقطها المصور المحلي "موراي لوي" البالغ من العمر 70 عاما الذي ذهب للتحقيق في كيفية تأثير الحريق على الأدغال والتقط من هاتفه أعشاب خضراء وأوراق وردية تنتشر عبر جذوع الأشجار المحترقة وشارك الصور على مواقع التواصل الاجتماعي الذي تسببت في سعادة على أمل احياء الحياة في الكارثة والمناطق المنكوبة.
حلول للأزمة:
فبعد 6 أشهر من اشتعال الحرائق واخلاء مدن بأكملها أكدت الحكومة في أستراليا أن انتهاء أزمة الحرائق يحتاج لوقت طويل رغم هطول الأمطار الأيام الماضية وأن حالة الطوارئ ما زالت معلنة وأن رجال الإطفاء في كل مكان، كما اشارت ان انخفاض درجات الحرارة سوف يساعد في إخماد الحرائق ومحاولة السيطرة عليها.
وأفادت الحكومة أن الكثير من أهالي المنطقة واجهوا صعوبات في التعامل مع الأزمة وكأن هناك حربا.
وخرج عشرات آلاف المتظاهرين في أنحاء أستراليا مطالبين الحكومة المحافظة باتّخاذ موقف أقوى حيال التغيّر المناخي.
يعاني رجال الإطفاء من صعوبات بالغة في التعامل مع الحرائق بسبب تلوث الهواء وارتفاع درجات الحرارة إلى أكثر من 40 درجة مئوية فساهم أفواج إطفاء من الولايات المتحدة، وكندا، ونيوزيلندا، في جهود إطفاء الحرائق الهائلة، ومساعدة فرق الإطفاء الأسترالية المنهكة.
ومن ضمن المجهودات التي تقوم بها الحكومة والمجهودات الفردية أيضا قام متطوعين بتوزيع الجزر والبطاطا لإنقاذ الحيوانات من الحرائق من خلال الطائرات التي تلقي أطنان منها لإطعام الحيوانات التي اختبأت في الصخور ومنها المعرضة للانقراض من الطبيعة القاتلة، وقام العشرات من مشاهير العالم بالتبرع لمساعدة ضحايا حرائق الغابات ومن بينهم تاجر مخدرات تبرع ب10% من أرباحه لحرائق الغابات.
وقامت الحكومة باستخدام أحد الحلول والذي تسبب غضب بعض الاشخاص بإعدام 10 آلاف جمل وفسرت ذلك بأنه بسبب استهلاكهم الكثير من المياه في مناطق الجنوب، بما يساهم في زيادة الجفاف ورفع معدل التعرض للحرائق.