بقلم الفنان والباحث الفني. عبد القادر الخليل شموس نيوز – خاص في اواخر قرن التاسع عشر. كانت المواكب تشرع في بحور العالم خلف العلم والعمل والثقافة والتطور, ياليتهم يشاهدوا اليوم ان المراكب ترسي في موانئ لبنان قادمة بأفواج من الناس باحثين عن التقدم والتطور والثقافة والجمال والفن التشكيلي الذي ينتجه ابناء لبنان. لبنان الذي انجب افراد كثيرة من طليعة الفن العالمي في الطرب والموسيقى والشعر والادب. جبران خليل جبران, فيروز, وديع الصافي , امين معلوف, أرا ماليكيان وغيرهم , وفي الفن التشكيلي انجب ثمار ناضجة من امثال جبران خليل جبران اول فنان تشكيلي عربي عرفه العالم. وينجب اليوم ثمار في طريقها الى الشهرة كما اراه في منجزات الفنانة ليديا بارود. اشعر في الحاجة لأزف شكري وتقديري الى الفنان السوري الاستاذ محمد صفوت الذي عرًفني على تصميم ليديا بارود الفنانة المبدعة في عملها الفني. الاستاذ صفوت الذي سمح لي التعرف على انتاج فنانة تتمتع باوصاف هامة في تاليف العمل الفني. ليديا بارود فنانة ماهرة في رؤيتها الخاصة, وإن كان اسلوبها غير جديد,لكن تسير بإسلوبها الفردي. وليس الجديد في الفن هو تحطيم كل أسس الفن كي يقال عن الفنان مبدع؟ بل علينا ان نقول. الفنان التشكيلي الذي لا يأتي من الولادة لن يصل الى الابداع , ومن الصعب ان يأتي الابداع فقط من التهذيب. . وليس جديد ان اشير ان الفن التشكيلي ظهر من ذو البداية كي يجسد اشكال الانسان والاشياء الواقعية. البورتريه التي ظهرت منذ بداية التاريخ, مناظر اجتماعية رأيناها في ابداع كبار فنانين الماضي من امثال. Botticelli, Bellini, Raphael, Rubens, Rembrandt وغيرهم. ايضا ظهر على الشاشة فنانات من هذا المستوى في عهد النهضة وفي عهد الاضاءة من امثال Artemisia Gentileschi , Mary Cassatt, Berthe Morisot, وعدد كبيرمن غيرهم, لكن اسماء هؤلاء الفنانات لم يلاقوا نفس العناية الاعلامية كما حدث للرجال من فنانين. ومن واجب العدالة ان نعطي للفن نظرتنا الهامة بغض النظر إن كان رجل ام امراة. او إن كان الفنان اكاديمي او إن اسس نفسه بنفسه. يجب ان نترك التقييم للعمل الفني قبل كل شيء. اتمتع في وقوفي امام لوحات الفنانة Lidia Baroud. .تقدم للمتلقي منجزات ذات دراسة فكرية ضمن نسيج سهل التلقي, مواضيع فردية من اشخاص رفيعة اجتماعيأ وافراد متواضعة., جمعتهم ريشة الفنانة المخلصة للشكل واللون. وبعناية هامة في نظافة اللون والتكوين. لها طريقة خاصة تحصل من خلالها على غناء رفيع في الجمال . تستخدم الريشة الخشنة والريشة الناعمة , الوان غزيرة, الوان اساسية في الطبيعة ومشتقة في تصميم الوجوه, تُكًونُ منهم اشكال متظاهرة ضمن الاناقة والتلاؤم بين الظل والتظليل, وتبث احساسات تدعم تظاهر الخصوصية ضمن ملامح الرومنسية , اي انها تسير في ثلاثة اساليب فنية, مدارس لم تغيب عن ممارسة الفنانين منذ ان ظهرت, الواقعية, الرومنسية والانطباعية بألوان فوبية. هكذا تظهر احساس الفنان في التوازي بين المكان والزمان. منجزات الفنانة ليديا بارود تعطي المهتم متعة جميلة وتتنقل به بين واقعية العصر الذهبي في فرنسا من امثال كوربيه ورينوار ومونيه. وليس خفي على المتلقي ان يرى في منجزات الفنانة ليديا هذا التأثير, كما ارى ان لها تأثير كبير في فنان سوريا الكبير الاستاذ محمد صفوت. ذلك التاثير هو دليل ناطق عن ثقافة الفنانة العريضة, ثقافة بصرية وثقافة تحليلية. فكيف لا نرى في لوحات الفنانة ليديا حرارة الوان الفنان الهولندي روبنز, وإضاءة الفنان ريمبراند, ودقة التصميم في منجزات كوربه, ونقاوة الوان الفنان رينوار كما هناك ميزة خاصة من ميزات الفنان ميلييه في اختيار نظرة الخشوع والافراد المتواضعة؟ لم تطئ حدود الاخرين ولم تقلدهم, لكن مهارة الفنان تجعل التأثير شيء روحي, تأخذ رحيق الفن بدراستها ونظرتها الفريدة. رؤية اعمال الفنانة ليديا باترود تجعل ان يلوج في داخل الانسان المتلقي اسئلة كثيرة وتبعث في النفس تفكير داخلي ذو ابعاد عميقة, لانها منجزات خرجت بعد عمل طويل ودراسة موضوعية, تغوص في بحور الواقعية بشجاعة وتصمم افرادها بكل مهارة, قواها الفنية اجدها افصح تهذيبا في عالم البورتريه, مع تطور متواصل في مواضيع الطبيعة, وتُبشرنا عن مستقبل مزهر لها.. ليس غائب على المتلقي اشارتها في التعبيرية وهي اداة هامة تحمل رسالة الفنانة التي تعصر ذاتها في اشكال اللوحة التي تصممها. ليست فنانة يوم واحد وتجربة ما, وتركت اثار ريشة مولعة ؟,بل إنها فنانة منذ الصغر. وتقول انا فنانة قبل هذا وبعده, ولم اتغير نحو الفن, لان الفن لغتها الانسانية وان كان صوتها لايصل الى الجميع ؟ لقد اخطأ نقاد الماضي بحق كثير من الفنانين, وأجرموا بحق فنانين كانوا قد تأقلموا على اياد خاصة وبين اشراف متواصل. لقد اجرم نقاد الماضي, ويخطر لي ان بعضهم جهلاء لانهم اجرموا بحق ريمبراند, فان جوج, وليام تارنير, وليام بليك, هنري روسو, جيوطو وغيرهم مئات من علماء الفن لانهم تهذبوا بصورة خاصة واسسوا نفسهم بنفسهم. وهم في هذا اليوم من طليعة الفن العالمي, ظلمهم جهل بعض الناقدين لكن جمال الفن لاتحجبه الستارات.. الدراسة الخاصة لها نفس الاهمية. والفنان هو الذي ينال الموهبة. كثيرا ما نرى ذلك الجهل والاهمال يظهر حين يخص الحديث النساء الفنانات , وليس هذا الظلم هو جديد بالنسبة للمرأة الفنانة؟ بل انه امرقديم ومُر , ومازالت مرارته تصيب فنانات هذا اليوم مهما تغيرت الايام, ام تغيرت المجتمعات . هكذا عاشت فنانات هامة في العالم الغربي وجسدوا اجمل لوحات الانسانية لكن لم يروا ردا منصف من المجتمعات, Berth Morisot Mary Cassatt. , Frida Kahlo وغيرهم من فنانانت العصور الماضية. الفنانة ليديا بارود تحافظ باخلاص على طابع الانوثة واهداف المرأة وتُلبس لوحاتها من ملامح نساء جاهدوا الطويل في شأن حقوق العدالة والمساواة. ريشة الفنانة السخية في اللون النقي تشاركها توجيهات احساس عميق, تجعلنا ان نرى الفن سهلا. واعمالها تدُر للقارء بمضمون يظهر الذكاء بإسلوب ادبي, وفلسفي، في دقة الرسومات وذاتية اللون المطمئن. وهذا يجعلني ان اطرح بعض الاسئلة. لماذا لا نرى شهرة الفنانات ؟ لماذا نطرح القول في صالات التعليم ونقول كان الفنان ولم نقول كانت الفنانة؟ كلنا نعرف فنانين روما في عهد النهضة ولا نذكر فنانات آنذاك من مقياس رفائيل وأمثاله. لماذ لم يهتم المؤرخين بذكرى الفنانات حتى عام 1970 , بينما كانوا مع زملائهم منذ البداية؟ الفنانة ليديا بارود تُظهر في لوحاتها اوصاف مميزة, الجمال الطبيعي, الرومنسية الصامتة, تحليل اللون وصنعه الرفيع, تُجسد اواصاف الطبيعة العابرة السريعة, التغيرات التي تظهر اسرع من سرعة البصر, الاضاءة التي تطل وتختفي وراء الخجل, هذه القوة هي التي تشرح عن قدرتها الفنية وعن تهذيب ثقافتها البصرية. ويمكن القول انها قادرة على تجسيد همسات اوراق الشجر في الغابة وعن شكوى الاوراق قبل ان تصل الى الارض, وكله في مضمون انطباعي في بصمتها الخاصة. الفن التشكيلي هو اللون, هو المنظر, هو المتعة, هو الجمال, هو التعبير, هو حفلة البصر والخيال, والفنانة ليديا بارود اختزلت لنفسها من كل هذا وبغزارة. كتب لكم من اسبانيا. الفنان والباحث الفني السوري. عبد القادر الخليل 9/12/2018 [email protected]