دكتور/ محمد زين العابدين عبد الفتاح وضع"بانكس تصنيفا لمساعدة العاملين بمجال تعليم المواطنة في تحديد ماهية الطرق والأساليب المناسبة لمساعدة الطلاب في اكتساب مستويات أعمق بشكل متزايد من المواطنة يتضمن أربعة مستويات رئيسية متداخلة ومترابطة فيما بينها وهي: 1- المواطنة القانونية: وتمثل أكثر مستويات المواطنة سطحية على الإطلاق في هذا التصنيف الحالي؛ حيث تنطبق على المواطنين الذين يعدون أعضاءً من المنظور القانوني في الدولة القومية، ويتمتعون بمجموعة محددة من الحقوق والواجبات تجاه دولتهم، ولكنهم مع ذلك لا يشاركون في نظامها السياسي بأية طرق هادفة وذات معنى. فهو يحمل جواز سفر يعود لذلك البلد أو تلك، يستخدمه لسهولة التنقل من مكان لآخر، بينما هو بعيد كل البعد عن تحقيق مفهوم المواطنة التي تعني التضحية والتفاني والعطاء لذلك البلد، غالبا ما يطالب بحقوقه، ناسيا أو متجاهلا واجباته تجاه الوطن . 2- المواطنة المحدودة: وتنطبق على هؤلاء الأفراد الذين يعدون مواطنين من المنظور القانوني في الدولة، ويحق لهم التصويت في الانتخابات المحلية والوطنية والاقتراع على المرشحين والقضايا المطروحة للاستفتاء عليها فقط. يشارك فقط لتحقيق مصلحة شخصية لا للمصلحة العامة للبلاد، ولغايات التنظيم وسن الدساتير والقوانين التي من شأنها المساهمة في أمن واستقرار الوطن. 3- المواطنة النشطة: وتتضمن اتخاذ إجراءات عملية تتجاوز بكثير مجرد التصويت في الانتخابات إلى المشاركة الفعلية في بلورة معالم وسن وتطبيق القوانين والتشريعات الراهنة في المجتمع، وربما يشارك المواطنون النشطون في المظاهرات الاحتجاجية أو المؤتمرات الخطابية العامة المتعلقة بالقضايا والإصلاحات المعتادة المرتبطة بالمجتمع، ويتم تصميم وتحديد طبيعة الإجراءات العملية التي يتخذها المواطنون النشطون بهدف تدعيم والحفاظ على البنى الاجتماعية والسياسية الحالية في المجتمع، في ذات الوقت الذي لا يتم فيه العمل على تحديها على الإطلاق. و المواطنة الحقيقية التي تنشأ مع الفرد منذ صغره، حيث إن رأس المال الاجتماعي يتم إرساء دعائمه على نحو فعال بشكل خاص من خلال المشاركة المدنية، والتي تبدو هنا كما لو كانت مرادفة- بصورة ما أو بأخرى- لمفهوم المواطنة النشطة. إن " بوتنام " ينظر إلى المواطنة النشطة على أنها تمثل مصدرا هاما لرأس المال الاجتماعي؛ لأنها تمثل السبيل الرئيسي الذي يمكن للأفراد - وبخاصة: الغرباء الذين لا يعرفون بعضهم البعض- من خلاله التعرض لخبرات التفاعل معا من خلال سعيهم إلى تحقيق الأهداف المشتركة فيما بينهم، ويساعد ذلك- بدوره- على إرساء دعائم شبكة مكثفة من الشبكات الاجتماعية التي ترتكز في جوهرها على دعائم القيم المشتركة والوصول إلى مستويات مرتفعة من الثقة الاجتماعية، والتي تعمل بدورها على دعم توافر المزيد من التعاون ما بين الأفراد، وتقليل فرص ظهور أوجه النقص والقصور، هذا بين الغرباء فكيف بمن هم أبناء جلدة واحدة ولغة واحدة- ، على سبيل المثال: عقد برامج بحثية عن بيئات التعلم المفتوحة والمواطنة النشطة، وتوافر فرص متساوية للتعلم وتحقيق الاتساق والاندماج الاجتماعي. وتحدد لنا"الأجندة الاجتماعية" هدف بناء رأس المال الاجتماعي باعتباره يمثل واحدا من المبادئ الرئيسية لها، ولذلك تقوم الدول بدعم وتمويل برنامج لتحديد معايير رأس المال الاجتماعي؛ بهدف توجيه المجادلات والحوارات التي تدور حول السياسات الاجتماعية المطبقة في هذا المجال. فالمواطنة النشطة الصالحة تعد قاعدة هامة لمفهوم رأس المال الاجتماعي، إلا أن الكثير منها يشير إلى تجليات رأس المال الاجتماعي أكثر من إشارته إلى طبيعة رأس المال الاجتماعي نفسه. إن رأس المال الاجتماعي يمثل ذلك المعيار غير الرسمي الراسخ القدم الذي يرتقي بعلاقات الشراكة التي تربط مابين اثنين أو أكثر من الأفراد. ويمكن أن تتنوع المعايير التي يتكون منها رأس المال الاجتماعي بدءا من معايير التفاعل المتبادل مابين صديقين، وصولا إلى المذاهب الدينية والفكرية المعقدة والأوسع نطاقا من قبيل: الديانات والأعراق وغيرهما. ويجب أن تكون تلك المعايير راسخة في إطار علاقة إنسانية فعلية: من هنا؛ نجد أن معيار "التبادلية" من المحتمل أن يحكم تعاملاتي مع كافة الأفراد الآخرين، ولكن ذلك يتحقق فعليا فقط في إطار تعاملاتي مع"أصدقائي". وفي ضوء تعريف السابق للمواطنة؛ نجد أن الثقة المتبادلة والشبكات الاجتماعية والمجتمع المدني وما شابهها من مفاهيم ارتبطت برأس المال الاجتماعي، تعد جميعها مترادفة؛ كما أنها برزت نتيجة لظهور مفهوم رأس المال الاجتماعي، على الرغم من أنها لا تشكل في جوهرها رأس المال الاجتماعي نفسه. ولا تشكل أي مجموعة من تلك المعايير الراسخة رأس المال الاجتماعي؛ حيث إنها يجب أن تؤدي إلى ظهور التعاون في الجماعات المختلفة؛ ولذلك فإنها ترتبط بالقيم التقليدية من قبيل: التحلي بالأمانة والحفاظ على التزامات الفرد والأداء المتسق للواجبات المطلوبة والتشارك والتفاعل مع الآخرين. أما تلك المعايير التي تميز مواطنا عن آخر، والتي تدفع الأفراد هناك لأن يكونوا قادرين على الثقة بأعضاء أسرتهم الصغيرة، مع الاستفادة في الوقت نفسه من أي فرد آخر؛ فإنه من الواضح هنا أنها لا تمثل أساسا يرتكز عليه رأس المال الاجتماعي خارج نطاق الأسرة. 4- المواطنة الانتقالية: وتتضمن مجموعة الإجراءات العملية ذات الطابع المدني التي يتم اللجوء إليها من أجل إضفاء الطابع العملي على القيم والمبادئ والمثل الأخلاقية، بما يتجاوز مثيلاتها المنصوص عليها في القوانين والتشريعات الراهنة للمجتمع. ويتخذ المواطنون ذوو الصبغة الانتقالية إجراءات عملية للارتقاء بسبل تطبيق مبادئ العدالة الاجتماعية حتى عندما تنتهك إجراءاتهم العملية أو تتحدى أو حتى تعارض القوانين أو التشريعات أو البنى القانونية الحالية في المجتمع. ويوضح الجدول التالي تلك المستويات الأربع الرئيسية للمواطنة، من خلال إبراز أنواع المواطنين في المجتمع في ضوء أربعة مستويات رئيسية من المشاركة المجتمعية