تنص المادة الأولي من الدستور المصري المعدل علي أن: جمهورية مصر العربية دولة نظامها ديمقراطي يقوم علي أساس المواطنة، والشعب المصري جزء من الأمة العربية يعمل علي تحقيق وحدتها الشاملة. ورغم أن فكرة المواطنة برزت منذ آلاف السنين، إلا أنه لم يبرز حتي الآن أي اتفاق حول معناها. قد يبدو مفهوم المواطنة القانونية بسيطًا نسبيًا لأنه يرتبط عادة بدولة ما، ويتم تحديده بحسب قوانين هذه الدولة، لذلك يعتبر هذا المفهوم أن فكرة المواطنة علي صلة مباشرة بفكرة الوطنية أو الانتماء والجنسية، وفي ظل هذا المفهوم يعتبر المواطن الصالح وطنيا صالحًا، ويتعدي مفهوم المواطنة معاني عدة أكثر شمولية من معني الوطنية والانتماء. وقد ظهرت فكرة المواطنة منذ العصر اليوناني القديم عندما كان المواطنون أولئك الذين يملكون حقًا قانونيًا في المشاركة في شئون الدولة، ولكن لم يكن كل الأفراد مواطنين، فكان هناك العبيد والنساء بشكل خاص لا يكونون أكثر من مجرد تابعين، أما المواطنون فكانوا يتمتعون بوضع امتيازي، فظهرت فكرة الفضيلة المدنية أو المواطن الصالح، وقد أدي هذا المفهوم إلي الترسيخ علي إبراز الواجبات التي يفترض أن يقوم بها المواطن. إلا أنه نشأ الترابط بين المواطنة والهوية الوطنية نتيجة ارتباط الوضع القانوني للمواطن بالدولة بشكل عام، وشددت النظرة التحررية للمواطنة التي تطورت في القرن التاسع عشر علي أهمية الحقوق بالنسبة لجميع المواطنين، ومع انتشار هذه النظرة برزت فكرة مفهوم ارتباط المواطنة بالعدالة والحقوق السياسية. المواطنة الاجتماعية وفي القرن العشرين ظهر مفهوم المواطنة الاجتماعية وذهب مؤيدو هذا المفهوم إلي أن الحقوق المدنية والسياسية ليست سوي جزء مما يمكن أن تكفله الدولة للمواطنين، وبضرورة أن تشمل حقوق المواطنين وتحسين ظروف حياتهم ومعيشتهم وعملهم، وألا تقتصر علي مشاركتهم في السياسات العليا فحسب. ووفقًا لهذا المفهوم - فإن المواطنة كما قال مارشال في كتابه المواطنة والطبقة الاجتماعية (منشورات جامعة كامبردج لعام 1950) بأن المواطنة لا تكون فعالة إلا إذا كفلت ثلاثة أنواع أساسية من الحقوق واعتبرها العناصر الثلاثة للمواطنة وهي: - جميع الحقوق المدنية للفرد. - كفالة جميع الحقوق السياسية كالحق في المشاركة في ممارسة سلطة سياسية والتصويت في المؤسسات البرلمانية والمشاركة فيها. - كفالة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية كالحق في مستوي معيشي ملائم والمساواة في الحصول علي التربية والعناية الصحية والمسكن والحد الأدني للدخل. وفقًا للمفهوم السابق فإن هناك ارتباطا بين تطور مفهوم المواطنة وأجيال حقوق الإنسان الثلاثة: الجيل الأول: الحقوق المدنية والسياسية. الجيل الثاني: الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. الجيل الثالث: الحق في التنمية. وبالتالي نستطيع أن نقول الآن أن مفهوم المواطنة بعد صدور إعلان الألفية لا يكون كاملاً وفعالاً إلا إذا كفلت دولة الأجيال الثلاثة من هذه الحقوق. عناصر المواطنة الاجتماعية الحقوق المدنية والسياسية، الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الحق في التنمية. المواطنة المتعددة (من ذوي الجنسية المزدوج) وقد برز مفهوم المواطنة المتعددة في ظل النظم القانونية التي تسمح للأفراد بأن يكونوا مواطنين لأكثر من دولة، وفي هذه الحالة تزداد حقوق هؤلاء المواطنين - ليس فقط حيال دولتهم الأم - ولكن حيال دولتهم التي اكتسبوا جنسيتها الأخري. التربية علي المواطنة: وهذا المفهوم يرتكز علي أنه إذا كانت المواطنة تعني في المعني التقليدي التمتع بالحقوق وأداء الواجبات، فلا يعتبر طبقًا لهذا المفهوم المواطنون مولودين، وإنما مخلوقون بصفات فطرية، وهي الإخلاص والمسئولية، وهاتان الصفتان لابد من تنميتهما ليكون المرء مواطنًا حقيقيًا. المواطنة وحقوق الإنسان: وإن كانت الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان لم تستخدم مصطلح المواطنة بشكل صريح ومباشر، إلا أن الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وقرارات الجمعية العامة أكدت الصلة العضوية بين الأجيال الثلاثة من حقوق الإنسان. 1 الصلة العضوية بين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من ناحية، والحقوق المدنية والسياسية من ناحية أخري: تنص الفقرة الثالثة المشتركة من ديباجة كل من العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية علي أن: السبيل الوحيد لتحقيق المثل الأعلي المتمثل وفقًا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان في أن يكون البشر أحرارًا ومتحررين من الخوف والفاقة، هو سبيل تهيئة الظروف الضرورية لتمكين كل إنسان من التمتع بحقوقه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وكذلك بحقوقه المدنية والسياسية. وما أكدته الدول الأعضاء في الأممالمتحدة: من أن جميع حقوق الإنسان عالمية وغير قابلة للتجزئة ومترابطة ومتشابكة، ويجب علي المجتمع الدولي أن يعامل حقوق الإنسان علي نحو شامل وبطريقة منصفة ومتكافئة، وعلي قدم المساواة، وبنفس القدر من التركيز. وفي حين أنه يجب أن توضع في الاعتبار أهمية الخاصيات الوطنية والإقليمية ومختلف الخلفيات التاريخية والثقافية والدينية، فإن من واجب الدول، بصرف النظر عن نظمها السياسية والاقتصادية والثقافية، تعزيز وحماية جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية. وقد أكدت نتائج مؤتمر قمة الألفية لعام 2005 علي الطابع العالمي لجميع حقوق الإنسان وتكاملها وترابطها. 2 التشابك العضوي بين فئتي الحقوق والحق في التنمية: تم التشديد علي هذا التشابك في قرار الجمعية العامة 128/41 المؤرخ في 4 ديسمبر 1986 الذي يتضمن إعلان الحق في التنمية وتنص المادة 6 من الإعلان علي ذلك بوضوح: 1- جميع حقوق الإنسان متلاحمة ومترابطة، وينبغي إيلاء الاهتمام علي قدم المساواة لإعمال وتعزيز الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والنظر فيها بصورة عاجلة. 2- ينبغي علي الدول أن تتخذ خطوات لإزالة العقبات التي تعترض سبيل التنمية الناشئة عن عدم مراعاة الحقوق المدنية والسياسية فضلاً عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.