لن نختلف على أن البحث الديني يحتاج الى علماء دين لهم سماتهم وعلمهم ومعرفتهم بالبواطن كما انهم ليسوا من طالبي الدنيا انما هم طالبي آخره. اخذوا على عاتقهم تعليم الدين وتقريب الناس الى الخالق. ولن نختلف إذا كنا منصفين أن الإسلام كما الأديان الأخرى يتعرض منذ عقود لإفراغه من محتواه وجعلة حالة منفرة – ويدرك المتابع ان الصورة التي قدمتها الجماعات الإسلامية منذ دخولها المعترك السياسي، لا تختلف كثيرا عن صورة الحركة الصهيونية التي ابتلعت الدين اليهودي وقدمته للعالم بالصورة التي نراها اليوم. كما الدين المسيحي الذي أصبح فهمة عند الناس بالصورة التي يقدمها الاعلام الغربي من خلال الأفلام او البرامج التي تكون اختيارية هدفها جعل الدين وسيلة عندما تقتضي الحاجة لا ايمان قائم على قناعة. قبل ان نترجم قرار داعش اعلان دولة الخلافة علينا فهم أصل هذه الكلمة ومدلولها لدى العالم الإسلامي. فهي نظام الحكم في الشريعة الإسلامية الذي يقوم على استخلاف قائد مسلم على الدولة الإسلامية ليحكمها بالشريعة الإسلامية. وسميت بالخلافة لأن الخليفة هو قائدهم وهو من يخلف محمد رسول الله في الإسلام لتولي قيادة المسلمين والدولة الإسلامية وعليه فإن غاية الخلافة هي تطبيق أحكام الإسلام وتنفيذها،(( كما ورد بالمصدر )) ولو وقفنا عند هذا التعريف هل يستحق البغدادي او أيا" كان اسمه هذا اللقب وهل الظروف اليوم تسمح بقيام مثل هذا النظام السياسي؟؟ فالصورة السوداء التي قدمتها داعش كما القاعده او الاخوان المسلمين او النصره وكلها في إطار أيديولوجي واحد ليست بالصورة التي يتحدث عنها علماء الدين المعتدلين ولا بالصورة التي كتبها التاريخ عن حقيقة الدعوة الاسلامية. وما هذا الإعلان الذي جاء بعد جرائم بحق الإنسانية على يد هذه الجماعات التي تقتل كل من خالفها حتى لو كان منها او يتبع نفس الخط الذي تسير عليه – والتي تعتبر ان القتل فيه إرهاب للعدو حتى لو طال المدنيين العزل، فبعد خروج الكم الهائل من الفتاوي التي يندى لها الجبين والتي تعبر عن همجية لا تتصل بالدين أو بالإنسانية بشيء نكتشف ان داعش تقرر اعلان دولة الخلافة فهي بهذا تريد ان تخبر العالم ان هذا هو الإسلام وعلى العالم ان يقبل به ، والشيء بالشيء يذكر فما تفعله داعش اليوم يذكرنا بأفعال حركة طالبان في أفغانستان التي استطاعت خلال حكمها ان تقدم اسوء صورة عن الإسلام وصورته على انه جامد لا يقبل التطور ولا الحداثة. وهذا الدور تكملة داعش المصنوعة في أروقة مكاتب الاستخبارات والممولة بأموال عربية اعتقد دافعيها انهم يخدمون الإسلام، ليس الا صورة من صور تشويه الإسلام وإعادة المصطلح الحديث اسلاموفوبيا ((الرهاب الإسلامي)) الذي كان سائد في الغرب منذ أربع عقود تقريبا وعاد للسطح مع هجمات سبتمبر ولكنه اليوم سيصبح سائدا عند الدول العربية والإسلامية فما تقوم به داعش لا يمكن ان تقبله هذه المجتمعات المسلمة في الشرق، وما أفعالها السابقة او المتوقعة على المدى القريب الا في إطار تعميق الانقسام في المجتمع العربي المسلم قبل ان يكون تعميق خلاف مع أي فئة أخرى من اتباع المذاهب الإسلامية والديانات السماوية. وما أثمر عنه اليوم اعلان هذه الدولة ان إسرائيل من خلال صحفها تحدثت عن وجوب دعم الأردن والتعاون معه في محاربة تمدد هذه الجماعات من على الحدود الأردنية العراقية – بمعنى اخر ان المنطقة اليوم أدخلت باصطفاف غير منطقي تكون فيه ما يسمى إسرائيل طرف علني في محاربة الإرهاب حيث ستستثمر إسرائيل هذه الحالة لأقصى الحدود الممكنة على الأقل إعلاميا، وان كنت اشك ان إسرائيل يمكن ان تحارب مثل هذه الجماعات التي تقدم لها خدمات جليلة، وهي حليفة لها على المقلب الاخر على حدود سورية من خلال جبهة النصرة. فاليوم لا يمكن وضع اعلان دولة الخلافة سياسيا و فقهيا الا في اطار الحرب على الإسلام .