هناك على شاطىء البحر جلست اتأمل تلاحق أمواجه مستمتعة بحريتى أنا والبحر فقط.. فى نفس المكان الذى أعتدت أن أجلس فيه وعلى نفس المائدة.. فى إنتظار النادل كى يسألنى نفس السؤال: سيدتى ماذا تطلبين. وأكرر نفس الطلب كل يوم وأتمنى ألا يسالنى نفس السؤال.. أنظر للبحر تارة.. وأقرا تارة أخرى وأسمتع لصوت فيروز ينشد أعذب الكلمات.. حتى لاحظت وجوده.. لا أدرى من هو ولكنه دائما يجلس وحيدا يشرب فنجان شاى فى صمت ثم يغادر المكان .. كنت أختلس النظر اليه فأجده يبادلنى النظرات.. فأخفى خجلى بين أوراق كتابى.. كم تمنيت أن أساله هل تبادلنى النظرات.. أم تراك تنظر لغيرى فيالا حيرة قلبى. وخجلت حروفى عن التحرر من قيود عقلى الذى أوقف سيل كلماتى.. ومر شهر وأنا اختلس النظر إليه.. وهو أيضا يختلس النظرات. حتى جاء يوم بادلنى فيه ابتسامة فنظرت حولى لم أجد أحدا سواى.. فأيقنت أنها لى .. فشعرت فى نفسى بسعادة لم أعرفها مطلقاً.. وتمنيت أن يخرج عن صمته يوماً.. ولكنه كعادته غادر المكان.. وتركنى لأفكارى. ثم جاء اليوم التالى وجلست هذه المرة أنتظره فقد أعتدت وجوده.. وجاء فى ميعاده وجلس امامى وأبتسم فبادلته إبتسامة ثم وضع وجهه داخل كتابه.. فجلست أنظر للبحر وأستمع لصوت فيروز ..... (شايف البحر شو كبير.. كبر البحر بحبك.. شايف السماء شو بعيدة بعد السماء بحبك) وكأنها تشعر بما فى داخلى ... (نطرتك أنا .. ندهتك أنا .. رسمتك على المشاوير.. يا هم العمر يا دمع الزهر يا مواسم العصافير) وفجأة سمعت صوت أقدام تقترب.. فنظرت فوجدته يتجه نحوى.. فدق قلبى.. ثم وقف امامى وقلبى لا يزال يدق حتى غطى على صوت تلاطم أمواج البحر.. وقال: صباح الخير فأجبته: صباح الخير فقال: ممكن أخد من وقتك دقايق (فهمست بينى وبين نفسى دقائق فقط.. خذ عمرى بأكلمه) فقلت: تفضل فجلس امامى .. وقلبى يدق ويدق وصوت فيروز يردد.. (ما أوسع الغابة وسع الغابة قلبى.. يا مصور ع بابى ومصور بقلبى) فقال: من انتى.. ولماذا وحيدة دائما..؟ فهربت منى الكلمات وشعر هو بإرتباكى فقال: منذ شهر ألاحقك بنظراتى وتمنيت أن نتحدث ولكن خشيت أن أضايقك واليوم قررت أن أمسك لجام شجاعتى وأحدثك. فزاد تلاحق دقات قلبى حتى ظننت انه يسمعه.... وأرتسمت إبتسامة على شفتاى .. وذابت نفسى فى سعادة لم أعرفها يوماً.. فقال: أزعجتك كلماتى فخرجت كلماتى متسارعة دون ان تمر على عقلى كى يمنعها كعادته.. فقلت: لا لقد تمنيت أنا أيضا أن.. وهربت الكلمات مرة ثانية فابتسم وقال: لن تصدقى كلماتى فمنذ أن رأيتك وأمتلأ قلبى بمشاعر لا أدرى ما هى أراكى فى صحوى وفى نومى. فهزتنى كلماته وشعرت كأننى أحلق فى سماء السعادة .. أركض خلف احلامى .. تتطاير خصلات شعرى وتنطلق.. وصراع بداخلى بين قلبى وعقلى.. عقلى يمنعنى وقلبى يصرخ تحررى من قيدك وأنصتى لحديثى وعقلى يوبخنى.. وأنا أراقب صراعهم وأتمنى إنتصار قلبى.. فلطم قلبى عقلى.. وقال اذهبى وتحررى فأنصت لقلبى. فقال: هل تقبلين أن تكونى أميرة أحلامى فقلت: نعم فأنت من ملك القلب ولا ادرى كيف حدث هذا . فابتسم وأبتسمت أنا أيضا وأمسك بيدى وااااه من سعادة قلبى الذى كاد يقفز من فرحته فأخيرا أنتصر على عقلى. فضم يدى بقوة ليديه وهو ينظر داخل أعماقى وأنا أذوب بين يديه وأسبح فى بحر عينيه. وصوت فيروز يردد (نطرتك سنى يا طول السنى وأسال شجر الجوف) وفجأة سالنى النادل: سيدتى ماذا تطلبين فنظرت حولى فلم أجد محبوبى امامى.. لم اجد سوى تلاطم أمواج البحر وصوت فيروز ....... (شوفك بالصحو جاءى من الصحو وضايع بورق اللوز.. ما أصغر الدمعة.. أنا دمعة بدربك .. بدى أندر شمعة وتخلينى حبك وشايف البحر ........) وأصدمت بصخرة الواقع.. فقد كان حلماً. ولا زالت إبتسامة ترتسم على شفتاى .. ولا زال إحساس بالسعادة يغمرنى .. كم تمنيت ان يدوم الحلم ساعات وايام وسنوات. ولازلت استمع لفيروز وانظر لموج البحر.