ترامب: يتم إرسال العديد من الأموال إلى قطاع غزة وحماس تقوم بسرقتها    وزير الثقافة: جوائز الدولة هذا العام ضمت نخبة عظيمة.. ونقدم برنامجا متكاملا بمهرجان العلمين    4 أرغفة ب دينار.. تسعيرة الخبز الجديدة تغضب أصحاب المخابز في ليبيا    محافظة الوادي الجديد تدفع بوحدة توليد جديدة لدعم كهرباء الفرافرة وتخفيف الأحمال    تنسيق الثانوية 2025.. ماذا تعرف عن دراسة "الأوتوترونكس" بجامعة حلوان التكنولوجية؟    حرائق بلا سبب.. سكان برخيل يواجهون النار بالتكنولوجيا في سوهاج (فيديو وصور)    تنسيق الجامعات 2025| كل ما تريد معرفته عن بكالوريوس إدارة وتشغيل الفنادق "ماريوت"    إبراهيم ربيع: «مرتزقة الإخوان» يفبركون الفيديوهات لنشر الفوضى    الغمري: «الإخوان الإرهابية» تزور التاريخ.. وتحاول تشويه موقف مصر الداعم لفلسطين    زلزال بقوة 7.9 درجة يضرب شرق روسيا وتحذير من تسونامي    عمر فاروق: وعي الشعب المصري خط الدفاع الأول ضد مؤامرات «الإرهابية»    الحكومة تواصل إنقاذ نهر النيل: إزالة 87 ألف حالة تعدٍ منذ 2015 وحتى الآن    مدير أمن سوهاج يتفقد الشوارع الرئيسية لمتابعة الحالة الأمنية والمرورية    وفاة طالب أثناء أداء امتحانات الدور الثاني بكلية التجارة بجامعة الفيوم    القانون يحدد شروط لوضع الإعلانات.. تعرف عليها    متابعة تطورات حركة جماعة الإخوان الإرهابية مع الإعلامية آلاء شتا.. فيديو    الإعلامى حسام الغمرى: جماعة الإخوان تحاول تشويه موقف مصر الشريف تجاه فلسطين.. فيديو    محمد محسن يحتفل بعيد ميلاد زوجته هبة مجدي برسالة رومانسية (صور)    لهذا السبب... لطفي لبيب يتصدر تريند جوجل    الدقيقة بتفرق في إنقاذ حياة .. أعراض السكتة الدماغية    يسمح ب«تقسيط المصروفات».. حكاية معهد السياحة والفنادق بعد قضية تزوير رمضان صبحي    إخماد حريق في محول كهرباء في «أبو النمرس» بالجيزة    ترامب يهدد بفرض عقوبات ثانوية ويمنح روسيا 10 أيام للتوصل لاتفاق مع أوكرانيا    القنوات الناقلة مباشر لمباراة ليفربول ضد يوكوهاما والموعد والمعلق.. موقف محمد صلاح    الدورى الجديد "صعب"    تنسيق الجامعات 2025 .. تفاصيل برامج كلية التجارة جامعة عين شمس (مصروفات)    «التموين»: لا صحة لعدم صرف الخبز المدعم لأصحاب معاش تكافل وكرامة    من المهم توخي الحذر في مكان العمل.. حظ برج الدلو اليوم 30 يوليو    منافسة غنائية مثيرة في استاد الإسكندرية بين ريهام عبد الحكيم ونجوم الموسيقى العربية.. صور    بكابلات جديدة.. قرب الانتهاء من تغذية محطة جزيرة الذهب أسفل كوبري العمرانية    إنجاز غير مسبوق.. إجراء 52 عملية جراحية في يوم واحد بمستشفى نجع حمادي    مطران دشنا يترأس صلوات رفع بخور عشية بكنيسة الشهيد العظيم أبو سيفين (صور)    رئيس مدينة الحسنة يعقد اجتماعا تنسيقيا تمهيدا للاستعداد لانتخابات الشيوخ 2025    الخارجية الأردنية ترحب بعزم بريطانيا الاعتراف بالدولة الفلسطينية    أسامة نبيه يضم 33 لاعبا فى معسكر منتخب الشباب تحت 20 سنة    الجنايني يتحدث عن مفاوضات عبد القادر.. وعرض نيوم "الكوبري" وصدمة الجفالي    مصرع عامل اختل توازنه وسقط من أعلى سطح المنزل في شبين القناطر    أحمد فؤاد سليم: عشت مواجهة الخطر في الاستنزاف وأكتوبر.. وفخور بتجربتي ب "المستقبل المشرق"    استعدادًا للموسم الجديد.. نجاح 37 حكمًا و51 مساعدًا في اختبارات اللياقة البدنية    وزير الخارجية يتوجه إلى واشنطن في زيارة ثنائية    سبب غياب كريم فؤاد عن ودية الأهلي وإنبي وموعد عودته    عمرو الجناينى: تفاجأت باعتزال شيكابالا.. ولم أتفاوض مع أحمد عبد القادر    عاصم الجزار: لا مكان للمال السياسي في اختيار مرشحينا    تنسيق المرحلة الثانية 2025.. موعد الانطلاق والمؤشرات الأولية المتوقعة للقبول    سعر الفول والسكر والسلع الأساسية بالأسواق اليوم الأربعاء 30 يوليو 2025    محمد السادس: المغرب مستعد لحوار صريح ومسؤول مع الجزائر    ترامب: الهند ستواجه تعريفة جمركية تتراوح بين 20% و25% على الأرجح    الجنايني عن شروط عبدالله السعيد للتجديد مع الزمالك: "سيب اللي يفتي يفتي"    جدول امتحانات الثانوية العامة دور ثاني 2025 (اعرف التفاصيل)    «الجو هيقلب» .. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم : أمطار وانخفاض «مفاجئ»    معلقة داخل الشقة.. جثة لمسن مشنوق تثير الذعر بين الجيران ببورسعيد    بدأت بصداع وتحولت إلى شلل كامل.. سكتة دماغية تصيب رجلًا ب«متلازمة الحبس»    طريقة عمل سلطة الطحينة للمشاوي، وصفة سريعة ولذيذة في دقائق    هل يُحاسب الطفل على الحسنات والسيئات قبل البلوغ؟.. واعظة تجيب    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر يرد في هذه الحالة    ما الذي يُفِيدُه حديث النبي: (أفضل الأعمال الصلاة على وقتها)؟.. الإفتاء توضح    حكم الرضاعة من الخالة وما يترتب عليه من أحكام؟.. محمد علي يوضح    أمين الفتوى: مخالفات المرور الجسيمة إثم شرعي وليست مجرد تجاوز قانوني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حد فاكر الأستاذ فتوح نشاطي

العاشرة والنصف صباحاً - شتاء - حديقة الأزبكية ومسرح الأزبكية، كان يقع وسط حديقة واسعة وارفة ممتدة من الأوبرا وحول سور الحديقة تقع أجمل الثروات المجانية إنه سور الأزبكية وتتجول وسط الأشجار ويتسلل إلي أذنيك أصوات تدريبات الكورال من نوافذ الأوبرا وزقزقة العصافير وأجراس الترام القادمة من ميدان العتبة وخطوات متعجلة علي رصيف مقهي متابا وسيارة واحدة يتيمة سوداء تدلف إلي الفناء ينزل منها الفنان حسين رياض تلاقيه أمينة رزق ضاحكة ثم يتدفق الممثلون واحداً وراء الآخر.
يرشفون وبسرعة فناجين القهوة وأكواب الشاي ويختفي الجميع مع دقات ساعة البريد الحادية عشرة ويسود الصمت وأتسلل ومن معي من أصدقاء إلي آخر القاعة لنجلس في الظلام، فالصمت يلف المكان كله وقد تم ترتيب خشبة المسرح ببضعة مقاعد ومائدة.
ويكسر الصمت، صوت الأستاذ فتوح نشاطي.. ياللا يا جماعة المشهد رقم كذا.. في ثوان معدودات يتوزع الكل في أماكنهم ويبدأ الأداء ليتوقف عند ملاحظة من الأستاذ فتوح من جديد: برافو.. تمام.. من تاني.. يا سلام.. رائع.. المشهد اللي بعده.. وتستمر الإعادة والتصحيح والبرافو ثم يصيح.
- فين الأستاذ عمر
ويرد المساعد
- الأستاذ عمر الحريري مش موجود
وفجأة يظهر عمر الحريري يلمع وجهه بشدة بلون أحمر، لا أدري إن كان لون الخجل أم لون ماكياج صباحي مبكر في أحد الأفلام.
فتوح: إيه يا عمر.. إيه اللي أخرك
عمر: أبداً.. أصل اتأخرت.. لكن.. جيت
(ضحك جماعي لتخفيف التوتر)
فتوح: سيما بقه.. ياللا.. اتفضلوا.. برافو
وينطلق عمر مؤدياً وحافظاً ومركزاً إنها بروفة لمسرحية زواج الحلاق ويزداد الحماس ويتشابك الأداء ويكرر الأستاذ برافو.. برافو وتدق ساعة البريد الثانية وينطفئ النور ويسود صمت وينطلق الجميع ويسود الصمت، وأتسلل إلي الكواليس وأري أستاذي فتوح صاعداً لغرفته الصغيرة، يفتح بابها ويتعثر مفتاحه قليلاً ثم يستجيب له فيقول برافو.. أهو كده.. ويدخل ليضيء مصباحاً ويجلس أمام مكتبه وأنظر داخل الغرفة فأجد أكداساً من الكتب والمراجع في كل مكان واسمع خرفشة الأوراق، والأستاذ يقلب في كتابه ويصل إلي الصفحة التي يريدها ويقول (برافو.. تمام) ويبدأ في القراءة وأتركه لوحدته الممتعة وأسأل هل يقيم فتوح بالمسرح ويلمحني الرجل العجوز الذي يخدم غرفات الفنانين وهو يحمل فناجين القهوة وأكواب الشاي وأسأله هل يقيم الأستاذ هنا؟
فيقول: لا يغادر أحدنا المسرح إلا للشديد القوي.. أجيب لك شاي ولأني فنان بقه احببت أن أكون صاحب مزاج قلت:
- لأ فنجان قهوة وأشعلت سيجارة وجلست علي السلم المؤدي لغرفة الأستاذ وأنا أسمعه يقلب أوراق كتابه وهو يقول (برافو - تمام ).
- وجاءت القهوة ورشفة ونفس من السيجارة وسألت نفسي هل سيأتي علي يوم أقيم هكذا بالمسرح وأمارس حياتي ونشاطي مثل فتوح نشاطي وهل ستكون لدي القدرة كي ألتهم المراجع الأجنبية وهل سأتمكن من إخراج أعمال كبيرة وأصيح (برافو - تمام).
وسرحت طويلاًً وبدأت أعد درجات السلم الهابط حتي باب الكواليس ولم أدرك أن الوقت قد مر وبدأت أقدام طاقم الممثلين الآخرين تصعد السلم استعداداً لعرض المساء، والعرض هو سلطان الظلام لدستوفيسكي، إخراج وتمثيل فتوح نشاطي.
وسمعت دبيب أرجل الأستاذ وهو يغادر غرفته بلحية كثيفة وبالطو من الفرو، لقد تحول إلي عجوز روسي قديم ومد يديه لكي يربط حزاماً عريضاً علي بطنه ومددت إليه يدي لمساعدته وتم ربط الحزام فصاح ( برافو.. كده تمام) وهبط السلم وهبطت خلفه واسرعت للقاعة التي امتلأت بالمشاهدين وفتح الستار لأصاب بحالة من البرد الحقيقي فالديكور يمثل بيتاً روسياً وسط صقيع حقيقي وجليد يتناثر علي النوافذ ويعلو ملابس القادمين من خارج الغرفة.
ولعل أحداث المسرحية تسقط بعيداً عن ذاكرتي حالياً لكني مطلقاً لا أنسي الجو العام للعرض ولا أنسي عمنا فتوح وهو يمثل الرجل الروسي العجوز ولا أنسي هبات الجليد عند فتح الأبواب ولا تساقطه من فوق ملابس القادمين، لقد كان العرض (برافو جداً وكله تمام)..
ويشاء القدر أن يكون فتوح هو أستاذنا في تدريبات المشاهد الكبيرة للتخرج وها هو يأتي قبل موعد محاضرته وعندما نكتمل يلقي حقيبته الجلدية القديمة جداً يلقيها علي المائدة ويقول.. افتحوها.. فيها المشاهد اللي أنا مقترحها.
ويقول الطلبة السابقون لنا فتوح جاب الشنطة؟!!! ونعرف أن شنطة فتوح مليئة بالمشاهد المختارة المتكاملة والتي تصلح للامتحانات وفيها أهم المشاهد المتميزة من وجهة نظره أو ( القطع الفاخرة) من الأعمال التي أخرجها أو مثلها أو يجد أنها ذات ميزة في فن الأداء ومعظم هذه المشاهد من نصوص عالمية وفرنسية بالتحديد من التراجيديات والفارسات، مجموعة المشاهد المكتوبة معظمها بخط يده، مليئة بالملاحظات وتقطيعات الأداء ويقول الخبثاء إن هذه الأوراق هي نفسها التي تخرج بها ثلاثة أجيال أو أكثر سابقة لنا وأنها مشاهد ( مضمونة جداً) ولا ترهق الأستاذ في تدريب الطلبة عليها وأنها مشاهد من وجهة نظر الأستاذ (برافو) واختطف كل منا مشهداً أو أكثر وصاح الأستاذ كل واحد ينقل المشهد ويرجعه للشنطة.
وانشغلنا بنقل المشاهد واستعار بعضنا بعضها مع كتابة قائمة بالمشاهد المستعارة واسم الطالب أمام المشهد الذي اختاره.
وسألني الأستاذ: وانته حتعمل إيه
أنا: أنا ما لقتش نفسي في الشنطة
فتوح: طيب.. حاتقدم إيه؟
قلت له: حاجة عن نابليون
قال: النسر الصغير.. برافو
قلت: لأ.. رجل الأقدار لبرنارد شو
قال: بونابرت.. برافو .. شد حيلك.. حتلاقيه في الجيب الثاني في الشنطة.
قلت: كده ما خدتش بالي.. (وسارعت للحقيبة) فوجدت بونابرت راقداً داخلها سحبت المشهد وبدأت في الاستعداد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.