كانت فعلا احدى ابداعاته الشيطانية،سمّاها "صندوق2626" ومارس بواسطتها السلب والنهب والتهديد والقهر ثمّ سعى الى تصديرها نحو بقيّة انحاء العالم وبلغ به الأمر ان استغفل بخصوصها حتّى الأمم المتّحدة بعد ان نجح في اقناعها بأن "صندوقه" يكفل التآزر الإجتماعي ويكافح الفقر ويمدّ يد العون للمعوزين ويبلسم جراح المحرومين، وكانت "تلفزاته" تتبجّح بإنجازاته وتعشي بها الأعين لكنّ الأحداث المتلاحقة بيّنت انها مجرّد افتراءات وتلفيقات وان ذلك الصندوق كان مرصودا لتخزين الغنائم المسلوبة قسرا من التونسيين المستضعفين ثم اقتسامها مع زوجته وابنائه وبني عمومته واصهاره وكلّ الواقفين وراءه في طابور الإضطهاد والقمع وامتصاص الدماء ومصادرة الأرزاق. كان "صندوق2626" بوّابة لكلّ الخدمات التي ينشدها المواطن التونسي فلا يمكنه ان لم يكن معضودا منه قضاء ايّ شأن مرتبط بالإدارة العمومية،وحين تجاهر بامتعاضك منه او تحجم عن "المساهمة" فيه فأنت تكون قد فتحت على نفسك ابواب جهنّم لتصبح لقمة سائغة لكلّ الكلاب المسعورة ومضغة هشّة للألسن القذرة التي ستتبارى في اطلاق التصنيفات الوسخة عليك من متنطّع وخارج عن السرب الى عديم وطنيّة وصهيوني ومعاد لتونس وستتسرّّب بعد ذلك الى عرضك لتنهشه بدون خجل فلا تتورّع عن التشكيك في شرفك ورجولتك وتنهال عليك وعلى كلّ افراد اسرتك بأقبح نعوت العهر والفسق والسمج. كان ارهابا رسميا بأتمّ معنى الكلمة يشرف عليه ويديره "زين العابدين بن علي" ولم يكن النهب مقصورا على رئيس العائلة والقائم عليها بل كان يتوسّع لجميع افرادها فلا يستثني منهم احدا فكان التونسي يطالب ب"التبرّع" في موطن عمله وكانت زوجته تطالب به في مقرّ وظيفها امّا ابناؤهما فكان يتمّ ابتزازهم بالمدارس والمعاهد والجامعات وهلمّ جرّا... امّا اذا تجاسرت على ابداء برمك او التذرّع بكونه صار من العسير عليك دفع ما طلب منك من مقادير فويل ثم ويل لك ولكلّ تابعيك وسيتربّصون بك ان كنت موظّفا فيضيّقون عليك الخناق مترصّدين اقلّ هفوة منك ولو كانت هيّنة للإجهاز عليك وسيزعجون زوجتك ويروّعون اولادك وان كنت تمارس عملا حرّا فستتسلّط عليك مراقبة جبائيّة جائرة تنغّص عليك عيشك فتجد نفسك مغصوبا على دفع الملايين وتبلغك اصداء اصواتهم المتشفّية وهم يشهّرون بك قائلين:"ضنّ علينا بالقليل فدفّعناه الكثير." والحقيقة ان كثيرا منّا لم يستطيعوا صبرا فلم يستدم صمودهم طويلا ووجدوا انفسهم مكرهين على "التبرّع" لأولئك الطغاة تجنّبا لأذيتهم وفي بعض الأحيان كنّا نرى بعضهم يتهاوون امام "2626" متعلّلين بمبدإ سدّ الذرائع الذي يجيز ارتكاب الإثم البسيط اذا كان الغرض من ذلك ردّ خطر غاشم وغيرمأمون العواقب. وتجدر الإشارة من ناحية اخرى ان البعض الآخر منا توّه(برفع التاء) فعلا فتخلخل ايمانه وتحوّل الى مدافع عن صندوق 2626 ومحرّض على الإنخراط فيه بدعوى ان نعمه على الوطن بيّنة وثابتة ودليلهم على ذلك هو ان وضعنا افضل بكثير حسب رأيهم من جيراننا النفطيين ومن كثير من الأمصار الأخرى التي تفوقنا ثروة وموارد،وهؤلاء ما كانوا يعلمون ان بلادنا ترزح تحت ديون البنوك العالمية والأجنبية التي استغفلت بدورها وخدعت لكنّ الحقيقة تجلّت لهم بعد انبلاج الثورة فاكتشفوا بذهول ان "زين العابدين" وزبانيته كانوا يلهفون كلّ شيئ ويدوسون على كل شيئ...فتبّا لكم ايها الأوغاد وسنستردّ بإذن الله كل مانهبتموه منّا فنوظّفه كأحسن ما يكون في سبيل بناء تونس جديدة نامية وديموقراطية وآمنة...