بحسب تقرير التنمية الإنسانية لعام 2009 والصادر عن الأممالمتحدة فقد ارتفع عدد الفقراء في مصر من 10.6 مليون نسمة عام 1999 إلى 13.7 مليون نسمة عام 2005 وذلك تبعاً للحد الأدنى لخط الفقر والذي حدده التقرير بواحد دولار يومياً، أما حينما جعل التقرير المرجعية هي الحد الأعلى لخط الفقر في مصر وهو 2.7 دولار يومياً فقد قفز الرقم إلى 29.8 مليون فقير لعام 2005. وهذه النتائج تتقارب قليلاً مع نتائج دراسة الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء والتي بينت أن قيمة متوسط خط الفقر السنوي للفرد في مصر بلغ نحو 1992 جنيهاً، وأن من المحافظات التي جاءت بها نسبة الفقر عالية هي سوهاج 57 %، كفر الشيخ 55 %، المنيا 50 %، أسيوط 44 %، بني سويف 32 %، أسوان 25 %، ومحافظة قنا 19 %. كما أوضحت ذات الدراسة أنه يسكن في أفقر 1000 قرية مصرية نحو 10 ملايين و300 ألف نسمة؛ منهم 51.8 % فقراء، كما يسكن في أفقر 500 قرية 4 ملايين و900 ألف شخص منهم 60 % فقراء، بينما يسكن في أفقر 100 قرية نحو 715 ألف شخص منهم 76 % فقراء. وفي ذات السياق أوضحت دراسة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية أن مصر ووفقاً لترتيب دليل السياسة الاجتماعية الذي وضعته الأممالمتحدة قد جاءت في المرتبة ال 62 مقارنة بال 112 دولة الذين تم حساب الدليل بها، فيما جاءت بعض دول المنطقة في مراتب متقدمة منها إسرائيل والتي جاءت في المرتبة ال 7 عالمياً، وبينت الدراسة أن هذا الدليل تم حسابه علي أساس مجموعة من المؤشرات، من بينها الأجر الاجتماعي، والذي حصلت مصر على نسبة متدنية بخصوصه، حيث أشار الدليل إلي أن الحد الأدنى لذلك الأجر في الحكومة هو 142جنيهاً في حين يبلغ خط الفقر الأدنى حوالي 150 جنيهاً، وبالتالي فإن الأجر الحكومي لا يغطي الحد الأدنى للفقر في مصر. إذن فالمجتمع المصري وبناءً على الدراسات الدولية والقومية السابقة أمام أزمة فعلية مع الفقر، وبدورنا سنحاول تقديم بعض الخطوط العامة التي يمكن أن تفيد المهتمين بمعالجة تلك الأزمة: 1- لابد من وجود سلسلة من المشروعات القومية الزراعية والتي يمكنها استيعاب القوى البشرية المؤهلة للعمل والمحسوبة على قائمة الفقراء، كي تعمر بهم الصحراء، فكما نجح مشروع "ابني بيتك" فيمكن أيضأً أن ينجح مشروع مواز نقترح له أسم "أزرع مزرعتك"، مع توفير ضمانات البنية الأساسية والتمليك والري، لتوزع الدولة الأراضي الصحراوية المؤهلة للزراعة على هذه الطاقات الشبابية، بدلاً إكنازها في يد مليارديرات قد لا تعنيهم أزمة الفقراء، ليكون هناك بعد ذلك مجموعة من المشروعات الصناعية الزراعية القائمة على إنتاج أراضي هؤلاء الشباب، تستوعب أيضاً قطاع عريض من الطاقات، فلا يليق أن تكون الدول الإسكندنافية بإمكانياتها الزراعية الضئيلة متربعة على عرش الصناعات الزراعية، ونحن بإمكانياتنا الزراعية الضخمة حالنا قد يرضي العدو لكنه لا يرضي أبداً الحبيب. 2- لابد من تدخل ولي الأمر لضبط موضوع الزكاة، فسيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه أقام حروب الردة على مانعي الزكاة، وأباطرة المال عندنا والذين لا نجد لزكاتهم أي أثر، قد يفوق حجم ممتلكاتهم الألف مليار بمعني أنه واجب عليهم زكاة سنوية قدرها 25 مليار، وليتخيل صانعي القرار ماذا يمكن أن يفعله هذا الرقم نحو أزمة الفقراء. 3- ضرورة إنشاء الصندوق القومي للفقراء تسند إدارته لمجلس حكماء زاهدين، ولا يقوم على سياسة الإقراض بفائدة مركبة ليسجن المتعثرين في السداد بعد ذلك مثلما تفعل صناديق أخرى، ولكن يكون هذا الصندوق مشارك للفقير في كل شئ؛ في مشروعاته التي يقترحها، وفي مناسباته المتعددة من زواج وولادة، وفي أيضاً كوارثه ومصائبه، وإيرادات هذا الصندوق يمكن أن تكون من حصيلة الزكاوات والصدقات والتبرعات العينية والمادية، وأيضاً من أرباح المشروعات التي يشارك فيها الصندوق الفقراء، أو المشروعات الاستثمارية والزراعية التي يقيمها الصندوق لصالح رأس مال الصندوق، كما يمكن أن تكون هناك أسهم وقفية في الشركات الكبرى يتبرع بها الأغنياء ويعود ريعها لصالح هذا الصندوق. قد تكون الأفكار الثلاثة السابقة مجرد آمال وطموحات، لكن صانعي السياسات يمكنهم تحويلها إلى حقائق على أرض الواقع وذلك "من أجل فقراء مصر". [email protected]