صباح 25يناير الشمس التى طلعت من قلبك _وأنت تستيقظ على هاتف أمك لتستكمل لك بقية الحلم_أخبرتك:أن المواعيد اختلفت ,وأن المسافة بينك وبين الأمن المركزى يتناوب على حراستها ملائكة الله وما وقر فى قلبك من محبة قاتلك. الميدان الذى عبثت فيه مع نساء الصدفة ورهط العوانس اللائى ثبتنك على ملكوتهن نبيا ,اختار لك مشيئة أخرى .لماذا تركت حقيبة الكتب التى دأبت على حملها منذ علمت أنها (يعقوب)يا (عيسو)؟هل تحررت منها لتسمح لفراشات الميدان _وللمرة الأولى_فى اغتيال النور الزائف؟أم لتكون خفيفا لتجد ذراع (مينا)مكانها تحت رأسك وانت نائم فى ليل الميدان تشد إلى حلمك 11فبراير من مقبرته؟! ليلة 25يناير غبار النهار لم يرحل ؛ظل عالقا فى سماء الميدان مختلطا بصهيلنا وبعض العواء.غبار طيب يعرف كيف يلقِّن كل نائم حلما بحجم مشاركته فى صنع البلاد. ظللت محدِّقا فى السماء غير عابىء بالبرد,الذى سحب أطرافك وأودعها حقيبة الكتب .لم يتبق منك سوى قلبك الدافىء وعينان تتلصصان على قطيع الغبار إذ تسوقه يد الهية؛فتركت قلبك لمحبة النائم الذى امتدت ذراعه تحت رأسك,واحتفظت بعينيك تتأملان لوحة الحلم تنسج خيوطها فى قلوب النائمين. صباح26يناير ليس على صديقك "علىّ"أن يعلم يقينا لماذا تأخّرتْ حقيبتك عن الحضور إلى العمل؟! يكفيه صمتك الطويل وامتداد أذنيك لحد فم الميدان الذى تعمل بجانبه؛ليدرك أن كتب الحقيبة استبدلت بذراع إنسانية تمتد حثيثا لفرْج البلاد,ولتدرك أنت أنّ دخان السجائر فى الندوات والتنظيمات السريّة لا يشبه فى شىء أسطورة الغبار,وأن جبال الكلمات المترسبة فى ذهنك كالعِهْن المنفوش تخرّ ساجدة أمام ذراع! نهار26يناير أخبرتنى أمى عن ظلال الحلم,قالت: ليس على نبى أن يرتاح,وأنّ طريق الآلام ينتهى فى ميدان التحرير ,وأنّ غار"ثوْر"ستُبنى من أحجارها منصة للشهداء ,وأنّ "سالى زهران"ليست سوى مريم ,و"مينا"هو قارون يا حامل الألواح. كان علينا أنْ (نرشو) ملائكة الله بالعبادة الصادقة والدعاء الذى لا ينقطع؛كى يرسموا فى عيوننا ملامح الخوف على وجوه العسكر,وكى يدفعوا وفود (المدينة) لنعقد بيعة الأنصار.