– قصة قصيرة حقيقية يجب أن أقبل بقدري ، اليوم هو اليوم الأول لي في المدرسة الريفية البعيدة عن مسقط رأسي. ألتقي بالطلاب الأطفال و علامات الفرح و البهجة لا تفارق وجوههم الجميلة . أنهم متعطشين للتعلم و هذا يزيد من حماسي و من عزيمتي لتقديم الأفضل لهم . انتهى الدوام و أجد الطلاب في أماكنهم ثابتين ، أركز على وجوههم البريئة و أقول لهم : هيا أذهبوا لمنازلكم ..؟؟ لم أحصل على إجابة فأتقدم أنا خارجا من الصف و المدرسة ، و أراهم ورائي يلحقون بي كظلي ..!! أقف في مكاني و أشعر بالحزن و الشفقة على الطلاب فأصرخ بصوتا مرتفع : تعالوا إلي . ما أن انتهيت من قولي للكلمتين حتى رأيت الطلاب يحيطون بي ، و معهم أطفال صغار آخرين من القرية . أجلس على الأعشاب الخضراء الجميلة من شدة تعبي ، و أقول للجميع : ماذا تريدوني أن أفعل ..؟؟ يطلب كل واحد منهم طلب معين فبعضهم يريد أن أقوم بإكمال الدراسة لهم ، و البعض الأخر يريدني أن أحكي لهم حكاية . استقر رأي أغلبهم على أن أحكي لهم حكاية و نفذت طلبهم على الفور . انتهيت من قراءة الحكاية ، و إذ أجد كبار القرية يحيطون بي و معهم المختار ..!! شعرت بالاستغراب فكبار القرية و معهم المختار الحوا علي لكي ألبي دعوتهم لتناول الغداء . انتهى اليوم بعد تلبية طلب هذا و ذاك ، و أنا أتوقع أنهم فعلوا هذا لأن هذا يومي الأول في القرية و المدرسة . ينتهي الدوام و أنا أشعر بالجوع و العطش و الإرهاق ، أتقدم لكي أخرج من الصف و إذ أجد الطلاب يسيرون خلفي و أدركت حينها أن اليوم هو مثل البارحة . التفت و أجد مدير المدرسة قريب مني فأقول له : أستاذ ما الذي يحدث لي ...؟؟ فيرد المدير قائلا : لم يستقر مدرس واحد أبدا في هذه القرية فكلهم يأتون و يذهبون بعد انقضاء فترة قصيرة فلهذا يسعى الجميع لاحتوائك و تقديم التسهيلات لك و أهل القرية فقراء ولا يملكون إلا الحب و الاحترام لكي يقدمونه لك. وضحت الصورة أمامي ، و قررت أن أقدم الغالي و النفيس لهذه القرية الجميلة و الهادئة .