تسعى روسيا منذ سنوات إلى تطوير منظومة متقدمة من الأسلحة تشمل قدرات مضادة للأقمار الصناعية وأنظمة هجومية قادرة على العمل في الفضاء. الهدف من هذه المشاريع هو توسيع مفهوم الردع النووي التقليدي ليشمل الفضاء الخارجي، الذي أصبح أمر أساسي في البنية التكنولوجية والعسكرية للدول الغربية. تعتمد الاتصالات، والملاحة، وأنظمة الدفاع في الغرب على الأقمار الصناعية، وهو ما يجعل الفضاء ساحة جديدة للمنافسة الاستراتيجية. تجربة صاروخ «رسول العاصفة» النووي منذ أيام، أعلنت روسيا عن اختبار ناجح لصاروخ جديد يحمل اسم «بوريفيستنك»، ويُعرف في الإعلام باسم «رسول العاصفة، هذا الصاروخ يعمل بطاقة نووية، ما يمنحه مدى شبه غير محدود وقدرة على التحليق لساعات طويلة على ارتفاع منخفض يصعب رصده. وبحسب البيانات الروسية، فقد قطع الصاروخ مسافة تقارب 14 ألف كيلومتر في 15 ساعة، في تجربة وُصفت بأنها نقلة نوعية في تكنولوجيا الصواريخ النووية. إلى من يرسل بوتين "رسول العاصفة"؟ يحمل اسم «رسول العاصفة» رمزية قوية في العقيدة العسكرية الروسية، إذ يُشير إلى السلاح الذي يبشّر بعصر جديد من الردع. الصاروخ مزوّد بمفاعل نووي صغير يسمح له بالتحليق لفترات طويلة جدًا دون الحاجة إلى التزود بالوقود، ويستطيع تغيير مساره بمرونة عالية لتجنّب أنظمة الدفاع الجوي المعادية. هذا التصميم يجعله من أكثر الأسلحة تعقيدًا في العالم، ويمثل تحديًا مباشرًا لمنظومات الدفاع الغربية. هل هناك العلاقة بين التجربة النووية وبرنامج الفضاء العسكري؟ وفقا لموقع csis لا يمكن فصل تجربة «رسول العاصفة» عن استراتيجية موسكو الأوسع في مجال الأسلحة الفضائية، فروسيا تسعى لدمج القدرات النووية مع التقنيات الفضائية لتوسيع مفهوم الردع ليشمل المدار الأرضي. ويعتقد محللون أن الصاروخ الجديد قد يكون جزءًا من منظومة يمكنها العمل على حدود الغلاف الجوي أو في مدارات منخفضة، مما يمنح روسيا مرونة في ضرب أهداف بعيدة أو تعطيل أقمار صناعية معادية عند الضرورة. أهداف التجربة الروسية تهدف موسكو إلى إعادة فرض توازن الردع مع الغرب بعد انسحاب الولاياتالمتحدة من عدد من معاهدات الحد من الأسلحة النووية. وتمثل التجربة ردًا مباشرًا على العقوبات والضغوط الغربية المرتبطة بالحرب في أوكرانيا، ورسالة بأن روسيا ما زالت تمتلك زمام المبادرة. وتأتي التجربة ضمن سباق جديد للسيطرة على الفضاء، حيث تسعى روسيا إلى أن تكون قوة رائدة في سلاح يُمكنه العمل داخل الغلاف الجوي وخارجه. كما أرادت موسكو توجيه إشارة سياسية قوية بأن تجاوز خطوطها الحمراء سيُقابل بخيارات استراتيجية غير متوقعة. التداعيات المحتملة من المتوقع أن تؤدي هذه الخطوة إلى تسريع سباق التسلح الفضائي–النووي بين القوى الكبرى، مما يهدد استقرار الردع الدولي. كما ستتجه الدول الغربية إلى تعزيز أنظمتها الدفاعية وتطوير بدائل لحماية الأقمار الصناعية والبنية التحتية الفضائية. في الوقت ذاته، قد تجد المعاهدات الدولية الخاصة بالفضاء نفسها أمام اختبار حقيقي إذا مضت روسيا أو غيرها في نشر أسلحة ذات طاقة نووية في المدار. التجربة الأخيرة تشير إلى أن موسكو لم تعد ترى الفضاء مجرد مجالاً علميًا أو ميدانًا ثانويًا، بل جزءًا من معادلة الردع الشاملة.