برلمانية: إحباط مخطط "حسم" الإرهابية يعكس حالة الجاهزية واليقظة الدائمة للأجهزة الأمنية    وزير الخارجية والهجرة يلتقى مع وزيرة التعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية    شرطة البيئة تواصل حملاتها الأمنية على النباشين بمنطقة العجمي في الإسكندرية    هجوم أوكراني واسع بالطائرات المسيرة على موسكو وسط تحضيرات لمفاوضات وقف إطلاق النار    هل تتحوّل أفريقيا إلى ساحة التطرّف الأكثر دموية؟    في ظل موجة حر.. إيران تدعو مواطنيها للاقتصاد في استهلاك المياه    محرز: ميسي الأعظم في التاريخ.. وفخور بالإنجاز التاريخي مع الأهلي    بقيادة محمد صلاح.. ليفربول يُعلن قائمة الريدز لجولته التحضيرية للموسم الجديد    من هم قادة ريال مدريد بعد رحيل مودريتش وفاسكيز؟    كيفية تقديم طلب تظلم على نتيجة الثانوية العامة إلكترونيًا 2025    عودة "حسم".. محاولة فاشلة لإحياء الذراع الإرهابى للإخوان    آمال ماهر تحتفل بألبومها الجديد حاجة غير في إذاعة نجوم F.M    «الإرهابيين كانوا عايزين يرجعونا لأيام سودة».. والدة الشهيد ماجد عبدالرازق: «حق أبوكِ رجع النهارده يا ليلى»    26 محرم.. جدول المصحف المرتل بإذاعة القرآن الكريم الإثنين    مصر بخير.. نجاح أول عملية زراعة كبد لطفل عمره 14 سنة بمستشفى الناس.. صور    حملة 100 يوم صحة تقدم أكثر من 7 ملايين خدمة طبية مجانية خلال 5 أيام    الإعصار "ويفا" يحل بمقاطعة جنوبي الصين بعدما ضرب هونج كونج    الماس والذهب والفضة والكنز الكروى المدفون !!    اتمسك بحقك    هل ملامسة القطط أو الكلاب تنقض الوضوء؟.. أمينة الفتوى تجيب    درة تخطف الأنظار من أحدث ظهور.. والجمهور: "أميرة من ديزني"    أمين الفتوى: التقديم على شقق محدودي الدخل بغير وجه حق «حرام شرعاً»    فجوات التفاوض.. التهدئة المؤقتة أم الحل الدائم فى غزة    كان رايح يدفنها فمات جنبها.. قصة شاب لحق بوالدته في جنازة أبكت بني سويف    الصحة: اعتماد 7 منشآت رعاية أولية من «GAHAR» ليصل العدد الإجمالي إلى 61 منشأة معتمدة    المستشار محمود فوزي: الدولة حريصة على رفع الوعي السياسي لدى الشباب    اتحاد الكاراتيه يعلن انطلاق تجارب المنتخب المصري المؤهلة لبطولة العالم 2026    «يتواجد في إسبانيا».. تفاصيل مفاوضات الأهلي للتعاقد مع يزن النعيمات    نقيب أطباء مصر يتفقد أرض النقابة وموقع النادي بمدينة قنا الجديدة    بعد ربط اسمها بوفاة إبراهيم شيكا.. وفاء عامر ترد على اتهامها بتجارة الأعضاء    محافظ أسوان يفاجئ مركز "صحة أول" ويوجه بدعم الأطقم الطبية وتشكيل فرق توعية    هل ملامسة القطط أو الكلاب يتقض الوضوء؟.. أمينة الفتوى تجيب    محافظة القاهرة: تجهيز وإعداد المقار الانتخابية استعدادًا ل«الشيوخ»    تشييع جثمان 3 فتيات شقيقات من كفر الشيخ تعرضن للغرق أثناء الاستحمام في حوض مزرعة بالبحيرة    خطوات التحويل الإلكتروني بين المدارس 2025 (الرابط والتفاصيل)    فوتبول إيطاليا: يوفنتوس يحدد سعر بيع تيموثي وياه    مايا دياب بإطلالة جريئة وتوجه رسالة لجمهورها    "قومي الطفولة" يقدم الدعم ل"طفل العسلية" في الغربية    مصر ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية وحركة 23 مارس    "مدبولي" يتابع ملفات عمل جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر    لوسيد تطلق سيارتها Air Grand Touring الجديدة ب5.4 مليون جنيه.. صور    شوبير يوضح الفارق بين إمام عاشور وأحمد فتوح في أزمة حفل راغب علامة    "لا مجاملات".. "مصراوي" يواجه أمين عام "الأعلى للثقافة" بشأن تشكيل اللجنة العليا للمجلس- حوار    ما يجب تناوله قبل التمرين لتعزيز الطاقة والأداء    سعر الريال القطرى اليوم الأحد 20 -7-2025.. آخر تحديث    وزير الصناعة والنقل يتفقد 3 مصانع كبرى في مدينة العبور بمحافظة القليوبية    مجلس الوزراء: "حياة كريمة" تُغير وجه القرى المصرية.. شرايين التنمية تنبض في محافظة الشرقية    مصرع سيدة سقطت من الطابق الثامن في الإسكندرية.. ونجليها: ألقت بنفسها    عاجل- السيسي يستقبل قائد القيادة المركزية الأمريكية بحضور وزير الدفاع المصري    جنبلاط: أي دعوة لحماية دولية أو إسرائيلية تشّكل مسّاً بسيادة سوريا    نيويورك تايمز: روسيا حققت مكاسب كبيرة على الأرض فى أوكرانيا خلال يونيو    سيدة تسقط جثة هامدة من عقار بالإسكندرية.. وأسرتها: تعاني الوسواس القهري    قرار وزاري برد الجنسية المصرية ل21 مواطنًا    حكم استخدام شبكات الواى فاى بدون علم أصحابها.. دار الإفتاء تجيب    نتيجة الثانوية العامة 2025 بالاسم ورقم الجلوس.. رابط الاستعلام عبر موقع الوزارة (فور اعتمادها)    حكم قراءة الفاتحة للمأموم في الصلاة الجهرية؟.. أمين الفتوى يجيب    وزير الإسكان يتابع تطوير منظومة الصرف الصناعي بالعاشر من رمضان    دعاء الفجر | اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رئيسة عصابة للخير
نشر في صباح الخير يوم 29 - 06 - 2010

«تختلف دورة حياة الإنسان عن دورة الأشجار، لأن الإنسان خلق ومن صفاته أن يغير شكل الحياة من حوله، ولم يخلق لكي يكون جزءاً مكملا للحياة مثل الأشجار.. قدر الإنسان أن يحلم وأن يغير شكل الكون وأيضا قدره أن يكون ضحية لهذا التغيير».
هذه الكلمات للكاتبة الرائعة، الجميلة شكلا وخلقا الصديقة الراحلة «نهاد جاد» التي رحلت عن عالمنا منذ عشرين عاما وبقيت ذكراها.. وأعمالها الإبداعية في القصص القصيرة للكبار وللأطفال وفي مسرحيتين، وفي مقالات مدهشة، محللة سياسيا واجتماعيا، وكأنها كانت تتنبأ بما سيحدث للعالم.. أعرض بعضا من آخر مقالات كتبتها في أوائل ثمانينيات القرن العشرين في زيارتها للولايات المتحدة الأمريكية بعد سنين طويلة من دراستها في جامعة «أنديانا».
أين تسير أمريكا العملاقة؟!
كتبت نهاد: «كنت أشعر بسعادة وترقب وحماس لعودتي إلي الولايات المتحدة بعد عشرين سنة من الغياب عندما تركتها بعد انتهاء البعثة والدراسة، ماذا حدث للقارة العجوز الشابة منذ الستينيات سني الأحلام والآمال ماذا تحقق منها وماذا لم يتحقق هل تغير كل شيء كما تغيرت أنا بعد أن تركت ورائي أنا الأخري فترة الستينيات الممتلئة بالحياة والتوقعات، وبالأماني العريضة عندما كان يشعر الإنسان وهو في مقتبل العمر بأن من حقه أن ينجح في كل مايريد وأن الفشل لن يكون أبدا من نصيبه.
كانت أمريكا الستينيات تريد من المستقبل أن يحمل كل جديد حتي ينسيهم كثيرا من الأخطاء ، وفقدت أمريكا الستينيات أصواتا ثائرة قوية علي الطريق مثل الرئيس «جون كيندي» وزعيم الزنوج مارتن لوثر كنج وفقدت أيضا قدرتها علي وضع خطوات جديدة لثورة أبنائها أين ستنتهي بهم الحرية؟ إلي أين تسير أمريكا العملاقة، وما الخطوة التالية للأحلام؟ أين أحلام الستينيات في أمريكا الثمانينيات؟ هل قامت أمريكا بتغيير شكل العالم وقدمت حضارة التكنولوجيا والفضاء للعالم كله ووقعت أمريكا نفسها ضحية هذا التغيير؟!»
أليس هذا هو وضع أمريكا الآن كما كتبت عنه نهاد .. زمان؟!
الأمم المتحدة في برج عاجي
كتبت نهاد : « أتأمل مبني الأمم المتحدة ترفرف أمامه أعلام الدول الأعضاء، كان هذا المبني يوما حلم الإنسان في تحقيق العدالة وإرساء قواعد حقوق الإنسان .. لكن ماذا حدث مع السنين؟ أشعر بأن هذا المبني أصبح فندقا فخما من الممكن تسميته فندق العشرة نجوم لأن البشر الذين يصولون ويجولون في ردهاته من نجوم السياسة في أنحاء العالم لكن .. من منهم يحمل علي أكتافه هموم البشر، بصرخ بأعلي صوته يطالب بالحقوق للأرض المغتصبة ولكن لا حياة لمن تنادي.. يالضيعة أحلام الإنسان: لقد حاول الإنسان أن يبني مجتمعا مثاليا ولكن نسي أنه يحمل بين ضلوعه من الشيطان وإن كان له وجه الملائكة.. تتجه البشرية في طريق ينتهي بكوارث شديدة التعقيد وتعيش الأمم المتحدة رمز الخلاص في برج عاجي تقدم المذكرات القانونية والاعتراضات الدبلوماسية، وقد كتبت بلغة ماهرة وتفسيرات منطقية عاجزة عن حل مشاكل الكرة الأرضية التي زادت عن حدها.
الرؤية من حيث أقف بجانب مبني الأمم المتحدة تشعرني بضآلة الإنسان أمام مايحدث: ثلث العالم يعاني من المجاعة.. أو علي وشك أن يعاني منها، وثلثا العالم مهدد بحروب نووية والخوف كل الخوف أن ينتهي العالم إلي كارثة.. واللجان في الأمم المتحدة في حالة مناقشة لا تتوقف، يختارون الكلمات المناسبة لوصف ما يحدث.. هذا الكلام الذي كتبته نهاد جاد في أوائل ثمانينيات القرن العشرين .. أليس هو ما يحدث الآن؟!
في قبضة بوليس مصر..!
كنت أتحدث مع الفنان الرسام إيهاب شاكر عن صديقتنا نهاد: كان في داخلها طفولة لألعاب ومغامرات الأطفال وطيبة لحبها للحيوانات وبسبب تلك العواطف الإنسانية وقعت في قبضة البوليس المصري بسبب الأطفال.. تذكرنا أنها كانت تكتب مسلسلا للأطفال بعنوان «عوامة العفاريت» لمجلة أطفال.. وكان ضمن الأحداث مكان في حدائق القناطر الخيرية .. فذهبت مع إيهاب لتعيش المكان وليرسمه إيهاب.. كان ذلك في أوائل ستينيات القرن العشرين وكان في ذلك الزمن ممنوع التصوير في الأماكن الحساسة في البلاد ومنها القناطر الخيرية وبينما إيهاب يرسم ونهاد تكتب .. جاء العسكر وقبضوا عليهما.. وبلا كلمة ذهبا إلي قسم البوليس .. وشرحت نهاد للضابط قصتها وقدمت له أوراق كتابتها وتحقيق شخصيتها وكذلك فعل إيهاب. بدأ الضابط بالشك ثم بالضحك عندما فهم الموقف .. لكننا لم نتذكر جيدا كيف خرجا من القسم! ؟ وفي قبضة بوليس أمريكا.!
وكما وقعت نهاد وإيهاب في قبضة البوليس المصري بسبب الأطفال.. وقعت هي وزوجها د.سمير سرحان في قبضة البوليس الأمريكي بسبب حبها للحيوانات.. وقد كتب سمير هذه الحكاية بأسلوب ساخر تماما كما حكتها لي نهاد.. عندما كانا يدرسان معا في جامعة «أنديانا».
كان سمير ونهاد وصديق لهما مستغرقون في المذاكرة في شقتهما التي كانت في الدور الأرضي عندما سمعوا صوت نقر علي زجاج النافذة وصوت.. ناو.. ناو.. فقامت نهاد مسرعة لتفتح الباب لقطتها التي كانت غائبة من أسبوعين.. انتفض صديقهما العربي الذي كان يخشي القطط ليخرج من بيتهما الذي ستدخله قطة.. عندما شاهدته القطة مندفعا من الباب خافت وجرت.. جرت خلفها نهاد وهي تناديها وعندما وجد سمير أن نهاد تجري في الطريق المظلم بملابس البيت بعد منتصف الليل خاف عليها من عاطلي الشوارع فجري وراءها . وجري صديقه العربي وراءه ليعيده للبيت. وأصبح المنظر كما وصفه سمير : قطة تجري في الشارع المظلم وزوجتي تجري وراءها وأنا أجري وراء زوجتي وصديقي يجري ورائي إلي أن وقفت زوجتي تحت شجرة عالية في الغابة التي كانت تقع علي مشارف الجامعة ونظرت إلي أعلي الشجرة تبسبس للقطة في رجاء وتوسل ووجدتني أساعد زوجتي فأبسبس أيضا .. أما صديقنا فوقف جامدا متصورا أنني وزوجتي أصبحنا في عداد المجانين.
إزاء ذلك المشهد وصلت ثلاث سيارات بوليس أحاطت بالمكان وسلطت علينا كشافاتها ونزل منها ضباط مسلحون أخذوا ثلاثتنا وأداروا ظهورنا إلي جذع شجرات وقاموا بتفتيشنا بحثا عن أسلحة.. وقد أنقذهما الصديق العربي الذي كان في سترته بطاقته الدراسية والإقامة.. وشرح لهم سمير الموقف ليعلموا أخيرا أنهم يريدون القطة من فوق الشجرة.. وأن زوجته سيدة كاملة المعاني ولا يعيبها إلا شيء واحد وهي إنها مجنونة حيوانات بكل أنواعها وأنها تكلمهم مثل د. دوليتل ولما تحققوا من بطاقة صديقهما وبوجود القطة فوق الشجرة صعد أحدهم برشاقة متمكنة إلي الشجرة وأحضر القطة التي زاد زعيقها وحملتها نهاد فرحة.
رئيسة عصابة للخير..
هذه الصفة أطلقها عليها زميل عمرنا الصديق الكاتب المتميز صبري موسي .. هكذا قلت للصديق الفنان إيهاب .. أثناء تبادلنا حكايات ومواقف من ذكرياتنا الجميلة مع الكاتبة المبدعة نهاد جاد.. وفجأة تساءل إيهاب: لماذا نتذكرها اليوم بشدة؟ قلت سارحة: لقد رحلت في آخر هذا الشهر يونيو منذ عشرين عاما قال بشيء من الروحانية: إنها معنا الآن تذكرنا والغريب أنه قد حدث نفس هذا الحدث منذ عدة سنوات مع زوجها الراحل د. سمير سرحان.. فقد كتب مقالا في جريدة أخبار اليوم عن زوجته الراحلة نهاد جاد ، نشر بالصدفة الغريبة يوم رحيلها.. وقد قابلته بعد يومين في مكتبه بالهيئة العامة للكتاب حيث كان رئيسها وقلت له: هل تدري أنك كتبت عن نهاد في يوم ذكري رحيلها، تعجب وقال متأثرا إنه لم يتذكر ذلك اليوم لكنه يتذكر أنه قد رآها في أحلامه لعدة أيام سابقة.. قلت: «ربما جاءتك لتذكرك .. وربما عقلك الباطن تذكر.. وربما قلبك تذكر لأنها الوحيدة التي تسكنه» نظر إلي طويلا.. ولمعت عيناه بدموع.
لقد كتب الكاتب الأستاذ الراحل سمير سرحان عن قصة لقائه وحبه وزواجه من العزيزة الراحلة نهاد جاد في كتابه «علي مقهي الحياة» من أجمل كتب السيرة الذاتية التي قرأتها. حكايات كثيرة عشتها مع نهاد العزيزة منذ بداية صداقتنا في أواخر خمسينيات القرن العشرين. كم من حكايات ثقافية وعملية وطريفة .. كم فرحنا .. كم حققنا وكم فشلنا.. كم ضحكنا .. وكم بكينا.. وكم حزنا .. ذلك الحزن النبيل الذي لايوجد مثله الآن. وكما أطلق عليها الصديق صبري موسي إنها كانت رئيسة عصابة للخير يتذكروها الكتاب والصحفيون الذين احتضنتهم بأمومة وأرشدتهم بأستاذية عندما كانوا شبابا في أول عملهم في مجلة «صباح الخير» وقد أصبحوا متألقين ومتألقات الآن سواء في مجلتنا أو .. خارجها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.