من بعد الثورة العربيه 1916 وتحرير الاراضي العربيه من الاحتلال العثماني الذي جثم على صدر الامه العربيه لاربعة قرون – دمر من خلالها كل التراث والفكر العربي –زاد على المنطقه العربيه الكثير من التخلف العلمي وخلق عادات اجتماعيه غريبه عن المجتمع العربي ورسخ مفاهيم لم تكن موجوده . ودخول الاستعمار الغربي تحت مسمى الانتداب واحتلال الاراض العربيه وتقسيم ارث العثمانيين . ومع قيام الثورة الاشتراكيه في روسيه وانتشار الفكر اليساري او الشيوعي ظهرت الحركات الاسلاميه في اكثر المناطق تفاعلا مع التغيرات الدوليه ومنها مصر وسورية ولبنان – وكانت هذه الحركات تدعي الى العوده الى نظام الخلافه الاسلاميه وتدعي رفض الاحزاب وتصفها بالشيطان . ولا ننكر ان في بعض دعواتها شيء من حق وخصوصا في الحديث عن العدل الاجتماعي ولكن هذه الحركات تحولت فيما بعد بفعل الحراك التاريخي الى احزاب وان كانت هي لا تسمي نفسها كلذلك .. وخلال تاريخها بقيت هذه الحركات تهادن مره وتوجه مره – وبغالب اعمالها كانت تتجه الى العنف المسلح وهذا حدث في مصر وسورية – حيث ان هذه الحركات او كما تطلق على نفسها اسم جماعه كانت تتبنى الكثير من اعمال العنف الطائفي وتمارس التصفيه السياسيه .. ولكن الملفت بالقضيه ان هذه الجماعات كان لها خطاب يسير بشكل تصاعدي في اعلان العداء لأميركا والغرب واسرائيل .. وكثيرا ما كانت هذه الجماعه تقدم نفسها على انها قوة ترفض التعامل مع هؤلاء وتعتبر من يتعامل معهم بالكافر او عدو للامه . (( رغم ان قيادات هذه الجماعة كانت تلجئ الى بريطانيه والغرب هربا من الملاحقة والاعتقال )) وبقيت هذه الجماعه على هذا الخط تقدم نفسها كجماعه مدنيه لا سياسيه هدغها العوده الى اصول الدين والسلف الصالح .. مكرره نفسها في كل ازمه سياسيه او عسكرية تطال الدول العربيه . ومع ظهور الربيع العربي وتحرك الشارع العربي لاسقاط الحكام – وثبت هذه الجماعات في تونس وليبيا ومصر للصفوف الاماميه – مقدمه نفسها كأحزاب سياسيه – رغم ان هذا التقديم يخالف ما تحدث عنه مؤسسوا هذه الجماعه . والغريب بالامر ان هذه القوة التي ظهرت بشكل واضح – بدأت بالتغزل بمن كانت تسميهم اعداء وكفار ولا يجب التعامل معهم – بل وصلت الى حد الغزل السياسي وارسال رسائل التطمين لهذه الجهات .. ففي مصر – قدمت هذه الجماعه التطمين الكامل فيما يخص امن اسرائيل .. بل وزادت على ذلك ان من يمثلها في ذلك الوقت وكان الرئيس محمد مرسي قد ارسل رساله الة بيريز يقول فيها الصديق العزيز .. وحدث ان قامت اسرائيل بقصف غزة .. ولكن شعار الجماعه الذي كان في عهد مبارك (( افتحوا لنا الحدود ونحن نحرر الاقصى )) سقط في عهدهم ولم نسمعه ابدا حتى مظاهرات الازهر التي اعتدنا عليها لم نشاهدها . اما في سورية – فكانت الصدمه الاكبر – حيث ان الاخوان المسلمين تواصلوا مع اسرائيل وقدموا لها كل التطمينات اللازمه حول امنها – ووصل الحد ببعض المنتمين لهذه الجماعه – او ما يشبهها من جماعات مثل النصره وغيرها – تصف سكان الجولان بانهم ليسوا مسلمين ولا يجب الجهاد في الجولان لتحريره – وحدث ان استقبلت هذه الجماعه بعض الصحفيين الاسرائيلين – وعندما قصفت اسرائيل احد مراكز البحوث العلميه – رحبت الجماعه بهذا العمل – وبافضل حال التزمت صمت مريب يدل على موافقتها لما تم . ونلاحظ هنا – ان جماعة الاخوان دخلت الحراك السياسي وسقط عنها ادعاء انها جمعيه مدنيه او دينيه هدفها فقط اجتماعي ديني . والملفت ان هذه الجماعه سقطت دائما في المطبات السياسيه وفقدت بوصلتها – فهي اليوم لا تصلح لقيادة مجتمع مدني متعدد كونها ترفض الاخر وتعمل وفق النهج المذهبي الذي يصفها بانها هي الوريث الشرعي للدين الاسلامي ولنهج السلف الصالح . وقد اتخذت الحركات الاسلاميه خط العداء المذهبي فبعد سقوط خطابها المعادي لأسرائيل واميركا – وجدت عدو اخر تشغل الناس فيه – فبدأ الحديث عن مد شيعي ووجوب محاربه الشيعه لانهم اشد كقر من اليهود – وهذا بحقيقته هو حرب افتراضيه احتاجتها تلك الجماعات لاشغال مناصيريها ، والعمل على فكرة وهميه هي انشاء دولة الخلافه المزعومه في زمن لم يعد فيه الحديث عن الخلافه شيء مقبول وخلال ثمانين عام لم تفرز هذه الحركات قيادات سياسيه حقيقه – بل دائما كانت تغرق نفسها بمشاريع وهميه محدوده النتائج .. وثبت اليوم ان هذه الجماعات تستغل الدين في مشاريع سياسية هدفها فقط الوصول الى الحكم – فتشعبت الفتاوي والتقسيرات واصبح كل من هب ودب يفتي بالناس – وبما يناسب مصالحه .او مصالح مشغليه . لهذا هم اكثر المجموعات التي شوهت الدين الاسلامي – فما تفعله هذه الجماعه وخصوصا باستخدام النص القرأني والسنه النبويه الشريفه – في الوصول الى اغراضها – كان اكثر سوء من كتاب سلمان رشدي او الصور المسيئه او الافلام - التي تهدق الى تشوية الدين الاسلامي – ومبرر هذا ان تلك الاعمال تأتي من جهات معاديه ويمكن ان نفهمها ونغهم الهدق منها ولكن عندما يصدر التشوية من اهل الدين نفسه فلا يعد لدينا حجة لمقارعة اعداء الدين – وخصوصا عندما يصمت العلماء – او يمنعوا من الكلام ويسمح فقط لمن يرضي هذه الجماعات بالحديث – فقول القرضاوي مثلا ان الرسول لو بعث لرحب بقوات الناتو التي دمرت ليبيا – هو امر يبعث على الاستغراب والاستهجان .. ولا ننسى تلك الفتاوي التي دعت لقتل ثلث الشعب السوري – وادعت ان مرجعيتها الشيخ ابن تيميه . وخلال كل هذا لا ننسى دور الحكومات المتعاقبه في تكريس دور هذه الجماعه في حياة الناس – واستقطابها لمصالح مؤقته كما حدث مع السادات – الذي افرج عن قياداتها – وكان بذبك يهدف الى تكريس حكمه وتمرير مشاريعه . واذا اردنا الاستفاده من حقيقة بناء الدولة الفعلي فعلينا الاستفاده من اوربا في ذلك عندما ابعدت الكنيسه عن الحكم – واصبح دور الكنيسه هو دور ديني بحت – مهمته الدعوة وتكريس الايمان – فعلي الحكومات العربيه اليوم ابعاد كل الاحزاب الدينيه عن السياسه – على ان تمارس تلك الجماعات العمل الديني بعيدا عن شؤون الحكم او المساس بقوانين وتشريعات المشرع بحجة مخالفتها للشرع . وبمعنى اكثر دقه لا بد من الانتقال للدوله المدنيه . وهذا لا يعني الالحاد او اقصاء الدين بقدر ما يعني وجوب الخروج من تاريخ عمره الف واربعمائه عام مازالت الناس تقتل بعضها منهم من حمل قميص عثمان رضوان الله عليه ومنهم من ادعى انه وارث للارض . ونماذج الفشل السياسي – نجده لدى حماس – وكذلك في سورية في الاحداث الداميه التي قادتها الجماعه في الثمانينات من القرن الماضي والاحداث الحاليه – وطبعا لا ننسى ان تركيا اردوغان او ما يسمى العثمانيين الجدد وانكشاف اوراقهم – في استخدام الدين لاستماله هذه الجماعه لاعادة السيطرة على المنطقه . وانكشاف اوراق الجماعه في مصر – حيث حاولت هذه الجماعه بيع كل ما لا تملك من اجل البقاء في الحكم .