كثيراً ما تستفزني هذه الكلمة بشكل يومي في كثير من الوسائل الإعلامية فيوصف فلان و فلانه و علان و ترتانه بأنهم من النخبة فمن هم النخبة ؟ العلماء ؟ الزعماء ؟ أساتذة الجامعة ؟ الأدباء ؟ الشعراء ؟ لا و الله ، نَدُر أن يصل من يستحق منهم أن يوصف بأنه كذلك . فمن نخبة هذه الأيام ؟ هم السياسيون و إن فسدوا ، الفناننن و إن فسقوا ، كل من إستطاع أن يجد لقلمه ركناً في صحيفة و لو لم تكن مقروءة ، كل من إستطاع أن يجد منبراً يبث منه أفكاره و إن شذت ، أما المنابر فلمن ؟ و الله أكثرها لمن ضلوا و أضلوا ، و لو أردت أن تجد ما يخالف ما أذكر فلا بديل عن أن تأخذه على عيبه مرتاباً لا تسطيع أن تجزم هل وصلت لمبتغاك أم ستصدم و تضيف لتلك المنابر منبراً آخر . فالصحافة ما بين قومية ( و الأصح و صفها بالحكومية فكلنا وطنيين ) لا تنطق سوى بما تمليه عليها الحكومة حتى و لو كان ذلك ينافي الحقيقة بل و يتحداها فلابد لك لكي تصدقه أن تكذب عينيك و أذنيك بل تلغي عقلك. ففي وسط ما يعانيه المواطن المصري على كافة الأصعدة و المستويات الحياتية منذ أن يستيقيظ من نومه معانياً حتى في أدنى حقوقه من مياه شرب و كهرباء و صرف صحي و مواصلات و ...... إلخ تجد تلك الصحف تتحدث عن إنجازات الحكومة في نفس المجالات و كأنها صحف لبلد آخر أو لزمن آخر و يصفون هذا تارة بالتفاؤل و أخرى بالواقعية بل يتهموا أمثالنا بالتشاؤم أو أننا سوداويون ، و جل النخبة من هؤلاء ، أما الصحافة التي يصفونها بالحرة أو المستقلة فقد إستقلت عن الحكومة و أنتمت إلى تيارات أخرى منها الموالي للحكومة و منها ما دون ذلك و في النهاية لا تنطق إلا بما يتوافق مع توجهات تلك التيارات فنحن نسبح في إعلام موجه ، فإن وجدت من يكتب منتمياً إليك متحيزاً لك و لمعانتك فأنت بين يديك كنز لا تبرحه فهو يكاد يكون رابع المستحيلات ، أو العجيبة الثامنة . أما الشاشات فحدث و لا حرج فمعظمها لا تتعدى أن تكون أبواقاً للتيارات المذكورة آنفاً دون أن نستثني الحكومي منها و لا يسعك إلا تجد نفسك تبحر بين أمواجها تلاطمك و لا تجد من دون ذلك سبيل فليس لك من سفن غيرها فلا تستقر على موجة تصل بك إلى بر الحقيقة و عليك أن تصنع بنفسك حقيقتك و هي لا تنفك أن تكون بإجتهادك الذي يخطأ كثيراً و قد يصيب و لا تستطيع أن تحيده من أن يستقي من هنا أو هناك ، و لا تدري كيف سيكون الخليط . أما الأضلاع الأخرى كالسياسة و الفن و رجال الأعمال فقد تزاوجوا جميعا و تناسبوا و تناسلوا دون أن ننسى طرفهم المهم بل الأهم و هو الإعلام الذي يبارك أحياناً و يلعن أحايين بنفس الحسابات من مع و من ضد . فإن كان نخبتنا من هؤلاء فكيف يكون عامتنا و بالتالي كيف يكون واقعنا إننا في مآساة حقيقية و هي ضياع هويتنا المصرية التي تربينا عليها فنحن الآن شعب يحمل مباديء بين جوانبه لا يستطيع أن يجد لها مكان على أرض الواقع بل يتعمد أن يضعها جانباً عندما يجد نفسه أما مصلحة أو فرصة أو مكسب قلَ أو كَثُر .