كثيرون هم الذين يأتون ويرحلون دون أن يتركوا أي ذكرى لدى شعوبهم ، وكثيرون هم الزعماء الذين ارتاحت شعوبهم منهم ولا يريدون أن يتذكروهم حتى في بعض المواقف الإيجابية ، فقد تعود الشعب العربي على زعماء وقادة مارسوا الدكتاتورية ضد شعوبهم واستخدموا القمع والتنكيل وتعاملوا معهم من وراء جدران وأسوار . لكن ، هناك من يبقى وتبقى ذكراه خالدة مادامت ذاكرة الشعوب تتذكر مواقفهم البطولية والشجاعة ، مواقف أعطت لشعوبهم احتياجاتها ولبت لها مطالبها ، فكان ياسر عرفات أسطورة هذا الزمان وكُل زمان ، فلم يترك أبا عمار ذكرى عابرة لدى الأمة العربية والعالم أجمع وشعبنا الفلسطيني فحسب ، بل أصبح مدرسة تتعلم منها الأجيال ، مدرسة الأخلاق والأبوة ، مدرسة الصمود والتحدي وعدم التفريط بالحقوق ، مدرسة التضحية والموت لأجل أن يحيا وطن ظل في قلب وعقله صورة لا يمكن أن تمحوها الأيام . اليوم وكُل يوم نتذكر أبا عمار ، هذا الزعيم الإستثنائي ، الذي عاش في زمن استثنائي أيضاً ، زمن تكالبت فيه الأمم على شعب أعزل وقضية وطنية هي الأقدم تاريخياً ، هذا الزعيم الذي لازال حاضراً بين أبناء أمته وشعبه فمواقفه لا يمكن إلا أن تكون مرجعية لكُل من يناضل لأجل هذه القضية الشريفة والتي تشكل عصب الصراع العربي الإسرائيلي ، مواقف كانت ولازالت نموذج للقائد الذي ضحى من أجل أن يحيا شعبه حراً كريماً ، زعيماً ضحي بكل المناصب والكراسي لأجل أن تبقى قضيته حاضرة دون أن ينتقص منها أي جزء ، فكانت فلسطين والأسرى واللاجئين والقدس عناوين مهمة لمشروع ياسر عرفات التحرري . زعماء سقطت سيرتهم وأهملتهم ذاكرة الشعوب ، وأصبحت صورتهم في عداد النسيان ، إلا أن ياسر عرفات كان ولازال رمزاً للهوية الفلسطينية التي عرفها العالم من خلال كوفيته المشهورة ،هذه الكوفية التي تشكل اليوم حالة غضب ضد الظلم والإضطهاد في كُل أرجاء الدنيا . لن نقول فقدناك يا أبا عمار ، ففي ذكرى استشهادك ، نؤكد على أنك باقٍ في عقول وذاكرة كُل الشرفاء من أبناء هذه الأمة ، وستبقى مواقفك الرجولية والبطولية مدرسة لكُل من يُريد أن يتعلم أصول المقاومة والنضال ضد المُحتل ، لن تسقط يا أبا عمار سيرتك الطاهرة بالتقادم ، وستبقى ذكراك العطرة عطرنا اليومي ورائحة الزهر على أسوار القدس إلا أن نلتقي إن شاء الله في جنان الخلد مع الصديقين والنبيين والشهداء وحسن أولئك رفيقا . &&&&&&&& إعلامي وكاتب فلسطيني [email protected] 6/11/2010م