أعلم عزيزى القارىء أنك تتساءل أين سمعت هذه العبارة من قبل وأجيبك بأنها مقولة للشيخ الألبانى رحمه الله حيث قال "إن فى وقتنا الحاضر من السياسة ترك السياسة " ، وهى نظرة عميقة من عالم جهبذ وجليل وأستعين بهذه المقولة السديدة وأوجهها لتيار الإسلام السياسى ، نعم أنصحكم بأن تتركوا السياسة وأن تصلحوا من أنفسكم فى البداية ، وأعتقد أن الشيخ أبى إسحاق الحوينى تلميذ الشيخ الألبانى رأيه من رأى أستاذه حيث قال معاتباً الإخوان " كأن الله أراد أن يقول للإخوان إديناكم الحكم سنة فما نفعتوش" ولذلك فقد حان الوقت لتدركوا أن تواجدكم على الساحة السياسية الآن ليس فى مصلحتكم بل بالعكس هو ضدكم تماماً فأفعال الإخوان قد أصابت الناس بكراهية شديدة لكل من ينتمى لتيار الإسلام السياسى وبالفعل أغلبية الشعب المصرى ناقم على الإخوان وعلى هذا التيار، والعام الذى حكم محمد مرسى مصر كان كفيلاً باستعداء الناس ، فمرسى الذى تولى الحكم بعد عصر الليمون يعتبر أسوأ حاكم عرفته مصر فى تاريخها الحديث وللأسف هو محسوب على مصر كأحد حكامها " جوازة واتحسبت عليكى أونطة يا مصر "، ولن أسهب فى سرد أحداث قتلناها ذكراً فى مقالات سابقة تعامل معها مرسى بفشل شديد ولكن أختصر بأن أؤكد أن مرسى لم يقدم للإسلام شيئاً فأخزاه الله، مثال صغير هو أنه وعد الضباط الملتحين بأن يعودوا إلى عملهم ولم يف كما لم يف بوعود كثيرة ولكننا توقعنا على الأقل أن يف بشىء بسيط مثل هذا ولكن كالعادة وعد فأخلف، مقصدى هو أنه أخلف وعوده حتى مع أبناء التيار الإسلامى طالما أنهم خارج جماعة الإخوان التى لم يكن يعمل إلا لصالحها ولصالح مكتب الإرشاد، وبالإضافة إلى ذلك العمليات الإرهابية التى تحدث برفح الآن ومحاولة إغتيال وزير الداخلية تؤكد أن مرسى كان يخفى وراءه جيش من القتلة والمجرمين ولذلك لم يحرك ساكناً عندما علم بأن هناك ثورة قادمة ضده ولم يلق لها بالاً لأنه ظن أنه يستطيع أن يفرض نفسه على شعب مصر وأن المعارض مصيره القمع أو القتل، وبالرغم من أن مرسى نجح فى تفرقة الشعب المصرى وزرع الفتنة بين أطيافه إلا أن الجميع سواء كانوا من المعارضة أو من أنصار التيار الإسلامى أجمعوا على أن مرسى رئيس فاشل. الآن الذى يجب على أصحاب التيار الإسلامى فعله هو الإبتعاد عن الإخوان لأن الإخوان حملوا الفتنة والشر لمصر وليس الخير على الإطلاق، وللأسف هم بالفعل تجّار دين وثبت أن التجارة بالدين غير رابحة, انها تجارة خاسرة لا محالة، وأعتقد أن جماعة الإخوان وهى تحتضر الآن تحاول أن تجعل تيار حسن البنا يحل محل تيار سيد قطب، وفتحاول أن تحسن شروط التفاوض مع السلطة فمثلاً الوزير الإخوانى السابق وعضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة د/ عمرو دراج صرح منذ أيام قليلة أنهم مستعدون للحوار مع السلطة بعد توقف حملات الكراهية والإعتقالات، وأنا لست مستغرباً من هذا التصريح فلقد عودتنا جماعة الإخوان على أن " الأصل فى الإنسان صفقة "، ولذلك أرجو من المنتمين للتيار الدينى أن ينفضوا عن هذه الجماعة " المصلحجية " وأن لا يعطوا الغطاء لجماعات العنف والإرهاب وأن يعيدوا ترتيب أنفسهم وأن يهدأوا ليعطونا الفرصة لمحاسبة حكومة الببلاوى لكى نعلم أين ذهبت ال(84مليارجنيه) قيمة المساعدات التى أخذتها مصر ؟ يجب أن نعلم ماذا فعلنا بها وفى ماذا تنفق الآن ؟، سمعنا منذ فترة أن حزب النور قام بتجميد نشاطه السياسى ثم نفى الحزب ذلك ولكنى أريد أن أقول أن تجميد الحزب لنشاطه كان سيكون منتهى السياسة . بالمناسبة عزيزى القارىء أثبت السيناريست وحيد حامد أنه سابق عصره عندما تنبأ منذ عشرين عاماً تقريباً بما يحدث الآن فى مصر من خلال فيلمه " طيور الظلام"، وتوقع أن الإثنان " رياض الخولى" و "عادل إمام " فى السجن وهم بالطبع يمثلون " محمد مرسى " و " مبارك"، كما لفت نظرنا إلى شىء مهم جداً ألا وهوأن هناك الدولة العميقة والدولة الأمنية وأن هناك سلطة أعلى من الإثنين موجودة أيضاً . ظهرت هذه الأيام أغنية تدعى " إحنا شعب وانتوا شعب"، لا يصح تماماً أن نغنى مثل هذه الأغانى ولايصح أن يذكر الأنبياء بهذا الشكل فى هذه الأغنية ولا أن يوضع سيدنا موسى وفرعون فى نفس الكفة، كما أننا أبناء وطن واحد، نحن كرهنا مرسى لأنه فرقنا فلا يجب أن نفعل مثله، من أخطأ يحاسب ولكن لا يجب أن نستفز من هو مختلف معنا فهناك من هم مازالوا مخدوعين فى مرسى وهناك من هم مذعورين من عودة الدولة البوليسية وهناك من هم " مضحوك عليهم " بإسم الدين فلا يجب أن ننبذهم لأفكارهم بالعكس " الدين المعاملة "، فيجب علينا أن نهدىء من روعهم من خلال معاملتنا معهم، وحضرنى موقف أريد أن أحكيه لك عزيزى القارىء؛ استقليت "تاكسى " البارحة وكان سائق التاكسى رجل ملتحى ونحن نعلم كيف هو حال المرور والزحام فى مصر فأعترضت طريقه إحدى السيارات ولم أسمع ماذا قال له سائق السيارة ولكنى فوجئت بالسائق الملتحى ينهال بسيل من السباب على سائق السيارة قائلاً ألفاظ بذيئة وخادشة للحياء غير عابىء بوجود نساء فى الشارع المهم قلت له " صل على النبى " فهدأ وصلى على الحبيب المصطفى وسلم فأخبرته أن سلوكه مشين والعيب فيه مضاعف لأنه ملتحى والمفروض أن يتحلى بالأخلاق الحميدة ختى لا يسىء إلى الإسلام فشعر الرجل بالإحراج ولكنه كاد أن يجهش بالبكاء وظل يقول " ألا ترى كيف يعاملنا الناس ؟ ما إن يروا اللحية حتى يتهجموا علينا ويحاولون إقصائنا ألا يكفى ما حدث؟! ألا يكفى أننا مجروحين وهم لايرون ذلك وما إن يرونا حتى يشغلوا أغنية (تسلم الأيادى ) ؟! فسألته إن كان من المتمين لتيار الإسلام السياسى فأجاب أنه كان من معتصمى النهضة ومن معتصمى رابعة أحياناً وأن أخاه معتقل ولديه أصدقاء قتلوا فى أحداث كفض إعتصامى رابعة والنهضة وأحداث رمسيس وغيرها، سألته ماذا يتوقع بالنسبة لمستقبل مصر وفاجأنى بأن أجاب أنه متوقع دخول إسرائيل سيناء، فقلت له "ولو حدث لاقدّر الله يجب أن نتحد فى وجه ذلك " ففاجأنى بأن قال " نتحد إيه يا أستاذ إذا كانوا هم بيحاولوا يقصونا " وأضاف أنه سيحاسب فى الآخرة على أنه مسلم وليس على أنه مصرى، شعرت وقتها بضيق شديدعزيزى القارىء أنه لهذه الدرجة يشعر الرجل بعدم الإنتماء للبلد ولا أعلم ذنب من هذا أهو ذنب قادة التيار الذى ينتمى إليه أم هو ذنب الناس اللذين لم يحاولوا تصحيح تفكيره ومساره ؟؟؟ أخيراً أوجه كلامى للذين تشتت أفكارهم واحتاروا فيما يحدث الآن على الساحة قائلاً لهم " الزمن ده مش زمن حد " كلنا مشتركون فى هذا الوطن وهذا بلدنا كلنا عسكر ومدنيين، مخطىء من يظن أن الدولة البوليسية سوف تعود أو أن زمن الإخوان سوف يعود، وأحب أن أقول لبعض المنتمين للتيار الإسلامى المتخوفين من رجوع مصر ما قبل 25ينايراطمئنوا لا يمكن لمصر أن تعود لما قبل 25يناير لأن الشعب أصبح أكثر وعياً ولا يمكن أن ينسى أن هناك من أغرقه بالفقر والجهل والمرض فتجربة مبارك لن تعود، وأقول للمتخوفين من رجوع مصر إلى ما قبل 30يونيو اطمئنوا فالشعب المصرى أصبح أكثر وعياً ولا يمكن أن ينسى أن هناك من استمر على نهج مبارك بل زاد عليه وأضاف إلى الفساد التهديد العلنى واعمال عنف عياناً بياناً فتجربة مرسى لن تعود إن شاء الله فرصيد تلك التجربتين نفد لدى الشعب المصرى، وعلى الجميع الآن أن يركز فى كيفية بناء الدولة وكيفية تحقيق المساواة والعدالة الإجتماعية ، علينا أن نركز على أداء حكومة الببلاوى إن كانت تؤدى الأداء المرجو منها فلنساندها وإن لم تكن تؤدى فلا داعى لتضييع مزيداً من الوقت ولنأت بحكومة أفضل المهم دعنا من الفرقة وعلى المنتمين للتيار الدينى أن يتعقلوا وينسحبوا ويتركوا السياسة الآن لأن بالفعل فى وقتنا هذا من السياسة ترك السياسة.