لقد حض الإسلام علي طلب العلم و جعله فريضة كبقية الفرائض الأخري، و أوجب القيام بها علي كل مسلم و مسلمة، و لذا قال النبي صلي الله عليه وسلم:(طلب العلم فريضة علي كل مسلم و مسلمة). و لا جرم أن أهمية العلم يحث علي طلبه لما فيه غذاء للعقل والقلب و تنوير البصيرة خاصة، و ان العلماء هم أشد الناس خشية من الله، فقد قال الله تعالي في القرآن الحميد:( إنما يخشي الله من عباده العلماء). و رفع الله تعالي منزلة العلماء و ذكر ذلك في قوله تعالي:( يرفع الله الذين امنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات). و روي في صحيح مسلم أن النبي صلي الله عليه وسلم قال:( قليل العلم خير من كثيرالعبادة و كفي بالمرء فقها إذا عبد الله و كفي بالمرء جهلا إذا عجب برأيه)، و صرح النبي عليه الصلوة والسلام:( إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يضع، و إن العالم يستغفرله من في السموات و في الأرض حتي الحيتان في الماء، و فضل العالم علي العابد كفضل القمر علي سائر الكوكب و إن العلماء ورثة الأنبياء لا يورثون دينارا و لا درهما إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر ). لو نلتفت أنظارنا في هذا العصر الراهن لوجدنا أن الفتيات والنساء في أشد الحاجة للتعليم حتي تكون الأجيال المستقبلة مرتقا و متقدما و مثقفا و مؤدبا. و لكن بعض السفهاء يقولون لا حاجة لتعليم النساء، لأن تعليمهن في بيوتهن و معرفتهن بالواجبات المنزلية، و عملهن ولادة الأولاد وما إلي ذلك، بل يكفي لهن أن يطلعن علي أمور واجبات المنزلية، و يكفي لنا أن نجعلهن كربة بيت و أم، لا حاجة لخروجهن لطلب العلم حيث أن بعض الأسر ترى أن خروج الفتاة للتعلم يجلب العار للأسرة، و لكن يا للعجب كل العجب هذه كلها سوء الفهم للسفهاء. إن المرأة بدأت تطلب العلم منذ ظهور الإسلام، و كان لنا في أمهات المؤمنين أسوة حسنة فقد تعلمن من المعلم الأول صلي الله عليه وسلم و عملن في ميدان التعليم فكانت السيدة عائشة رضي الله تعالي عنها أول المعلمات. و صرح النبي عليه الصلوة والسلام:( اطلبوا العلم من المهد إلي الحد)، فعلم بداية تنشئة الطفل من المهد، و إلي جانب آخر تربية الإنسان تحتاج إلي وسيطة اللسان، و مهما يتمهرالإنسان علي جميع اللغات الأخري لن تكون أحب من لغة الأم، و لهذا سميت بلغة الأم، لأنه لا يتعلم من أمه فقط، بل ينقش تلك الأصوات في القلب والدماغ التي يستمع في أم الرحم، و يعرفها بعد الولادة، بل يتذكر أيضا كما حقق العالم(Scientist) في العصرالراهن. و لهذا يزداد أهمية تعليم النساء. والنساء يلعبن دورا بارزا في تحسين تمثيل الأولاد. و لعل لهذا السبب كانت العادة في البادية العرب أن المرضعات كن يذهبن بأولاد العرب إلي البادية و يعلمن لغة الفصيحة، و يحفظن الأطفال بثقافة السيئة في أيام رضاعتهم حتي يكون الأطفال مثقفا و مؤدبا و فصيحا و بليغا، و يكون القائد لعموم الشعب خلقا، عملا، علما، أدبا. كما تشرفت و حازت الشرف الأعلي و تبؤت المرتبة الكبري والمنزلة الرفيعة حليمة السعدية رضي الله تعالي عنها بأنها ارضعت سيدنا و قائدنا محمد مصطفي صلي الله عليه وسلم، و تبركت به كثيرا و حصلت مكانة العالية و الفضيلة النامية في الدنيا و الآخرة. و لهذا السبب تعليم النساء ليست الحاجة للعصرالراهن فقط، بل كانت أيضا لأزمنة المنصرمة. لو تكون الأم مثقفا و معلما و مؤدبا فيكون أيضا أولادها مؤدبا و مثقفا خلقا و علما و أدبا وما إلي ذلك. و لا مناص لنا من الإهتمام بتعليم النساء إلي الأبدالآبدين والدهرالداهرين لأن تعليم النساء تعليم للأسرة بأسرها. نختصر علي هذا القدر سائلا من الله سبحانه و تعالي أن يوفق لنا للإهتمام بتعليم النساء.