رُحماك ربى، ربنا ارفع مقتك وغضبك عنا، وتجاوز عما نستحق من سخطك علينا وعقابك لنا، واُمنن علينا بمغفرتك ورحمتك، من يستطيع أن يُحدث بنا من خراب كما نحن فاعلين بأنفسنا، أى اقتصاد وأى مؤشرات نستهدفها، وأى تنمية نبغى، وأى احتياطى نقدى يتحدثون عنه، وأى انتاج ننتظر، انه السراب والوهم، قلتها مراراَ وقالها من قالها قبلنا، وسأظل أُرددها، الاقتصاد والاستقرار وجهان لعملة واحدة، لا تنمية ولا رخاء بدون استقرار فهو الدعامة التى تُبنى بها الأُمم، وهو الذى يؤدى الى الآمان والشعور بالاطمئنان، وفى ظل ادارة رشيدة للموارد المتاحة "مادية كانت أم بشرية" تتحقق التنمية الاقتصادية التى تؤدى الى التنمية المجتمعية، فتتحقق القوة الاقتصادية أحد المقومات الثلاثة التى يٌقاس بها قوة الدولة، والتى يُبنى عليها تحقيق المقومين الآخرين القوة التكنولوجيا فالقوة العسكرية، فتكتمل عناصر مقومات قوة الدولة، ومشهدنا اليوم بعيداً كل البعد عن هذا ويجعلنا بعيدين المنال حتى مجرد التفكير وبل ويتجه بنا الى دروب الظلمات، نحن نعيش فى اطار منظومة أهدافها التخريب والتدمير تتوفر لها كل مقومات النجاح تتوحد فى ظلها كائنات بشرية تتميز بأنصاف وأرباع وأثمان العقول يتجمع حولها تابعين تباعة الأغنام تحت شعارات كاذبة ومضللة وتُمد بأموال لا حصر لها تكفى لبناء دولة بأكملها، يتحركون بعشوائية وثقافة الفرصة الأخيرة ويمضون فى طريقهم يأكلون الأخضر واليابس، كقطار السكك الحديدية الذى يسير دون فرامل ولا يعطى لسنافورة التوقف أدنى اهتمام ليحطم من يقف فى طريقه، والضحية كُلنا فالجميع خاسرون، إن ما يحدث على الساحة الآن إنما هو استمرار لسياسات التخوين وعدم الثقة السائدة بين جميع فصائل المجتمع المصرى، الجميع ينهش ويأكل لحم مِيته، ولهو خير دليل على عدم عودة الانتماء الذى فقدناه لعقود طويلة، وظننا أن المناخ قد تزين لعودته، ولكن كيف يتحقق وكل أدواته بعيده عنه وتسير عكس اتجاهه، الانتماء تجاهله من ولاهم الله علينا وسيأتى مِطُوقاَ رقابهم يوم القيامة، الانتماء هو المفتاح السحرى لصُنع المعجزات، وله معادلته الخاصة به ومدخلاته عبارة عن متوالية تتحقق كل واحدة بتحقق التى تسبقها وتبدأ بالعدل فإذا وُجِد أحسسنا بالطُمأنينة، فيظهر الإستقرار، ويزيد الانتاج، ويتحقق النمو ويشعر به المواطنين، وتتكون فرص عمل حقيقية تمتص الكثير من سوق البطالة، فيتهيئ مناخ الرضا، ومن ثم تجتمع كل هذه المدخلات فتُخرج لنا المفتاح السحرى المتمثل فى الانتماء، وإذا ما تحقق الانتماء أدى الى الأمن المجتمعى ولكان هو السلاح القوى المانع الذى يواجه المخربون ومنظومتهم التدميرية، وهذه هى منظومة النهضة والتنمية المجتمعية نضعها أمام منظومة الهدم والتخريب المجتمعية، فأى طريق نحن سالكون. وبدلاً من هذا الصراع التخوينى ليتنا ننظر الى الكوارث التى ورثناها، فمعارك الاصلاح كثيرة وتمتد جذورها فى الدولة مثل الأشجار المعمرة، فالفساد يسرى فى الدولة كسريان الدم فى شرايين الجسد إن أوقفناه مات الجسد، فنحن أمام مشكلات عِظام الأحرى بنا أن نتفرغ لحلها ويكفى أن نعرف أن ثلاثة هيئات فقط وهى مملوكة للدولة بالكامل مدينة لأصحاب المعاشات بما يقرب من 65 مليار جنيه وتعجز فى ظل الأوضاع الحالية أن تسددها، وهى هيئة السكك الحديدية، وهيئة التنمية الزراعية، واتحاد الاذاعة والتليفزيون، تلك الهيئات التى أُنشئت لتكون صرخاً يساهم فى بناء اقتصاد هذا الوطن فأصبحت بفعل عوامل النظام شرخاً، وكلهم يمتلكون من المقومات التى تؤهلهم للوصول الى نقطة التوازن ثم تحقيق الأرباح والتى سوف تعود على الجميع بالنفع، تلك الهيئات التى كان من المفترض أن تُحقق فوائض للدولة ولو أُحسن استثمار ما انفق عليها من أموال صناديق التأمينات والمعاشات ماتضخمت مديونياتها ووصلت لهذا الرقم الفلكى، ولإستطاعت سداد تلك المديونية ولكان أُعيد تدويرها فى نفقات استثمارية أخرى أطلت بربحيتها القومية على هذا الشعب الشقى بحكامه، وبعوائد استفاد منها أصحاب المعاشات، إلا أنه قد نالها ما نال أى قطاع من تخريب منظم و توغل الدولة العميقة كلُ على قدر أهمية الدور الذى يساهم به فى الحفاظ على استمرار النظام، فهل من عاقل فى هذا البلد. ----------------------- [email protected]