لماذا تصف حكومات بعض الدول الثورة المصرية بأنها انقلابا عسكريا واغتصاب إرادة ؟ هل هذا إقرار واقع أم ممارسات تكذيب ؟ هل ما يحدث في مصر الآن هو حرب أهلية ؟ أسئلة نجيب عنها تباعا من خلال هذا التحليل . فشل الإخوان في مصر ينذر بثورة ثانية في تونس ضد حزب النهضة الإسلامية الحاكم ويهدد مصير حكم الإسلام السياسي في سبعين دولة على مستوى العالم ويمحق أسطورة الخلافة الإسلامية ويمثل انتحارا سياسيا لجماعة الإسلام السياسي على مستوى الحاضر و المستقبل ويكشف تاريخهم الدموي الأسود أمام شعوبهم هذا لأنهم لا يقرءون التاريخ جيدا ليتعلموا أن استعادة حلم الخلافة الإسلامية بعد ما يقارب التسعين عاما لهو غباء سياسي في مرحلة تغير فيها وجه العالم ليصبح كيانات منفصلة متمثلة في دول مدنية ، ويبدو أن سذاجتهم وسطحيتهم السياسية صورت لهم أن بإمكانهم أن يفعلوا كما فعل رائدهم الفكري (حسن البنا) بعد ثلاث سنوات من سقوط الخلافة العثمانية في عام 1924وقتها كان هذا الحلم مقبولا لقصر مدة سقوط الخلافة أما الآن الأمر بات مستحيلا ولأن كل الحكومات من هذا التيار تخاف حد الموت على كراسيها حتى لو كان على حساب جثث شعوبها أظهرت بعض الحكومات ثورتنا المصرية العظيمة ثورة 30 يونيو 2013 بأنها انقلابا عسكريا ، وهذا ليس خطأ في الإدراك و المفهوم و إنما جريمة مع سبق الإصرار لتفادي هذا المصير الحتمي ، فمصر أهم دولة في المنطقة العربية وهي رمانة ميزان العرب ، خروج ثلاثة و ثلاثين مليون مصري في مختلف ميادين مصر على مدار أربعة أيام وهو أكبر حشد بشري في تاريخ الإنسانية الحديثة بسلمية أبهرت القاصي والداني لهي أكبر دليل دامغ على إنها ثورة شعب ردخ جيشه لإرادته الحرة ،وإن جاز التعبير فهو انقلابا شعبيا والحقيقة أن الثورتان المصريتان جعلتا كثيرا من المفكرين السياسيين يعيدوا كتابة تعريفات المصطلحات السياسية لأن ما يحدث على الأرض نسف المفاهيم القديمة كلها . أما عن الموقف الرسمي لدولة كأميركا وهي اللاعب الأساسي في السياسة المصرية على المستوى الدولي فتصريحاتها المتضاربة تؤكد دعمها لتيار الأخوان لتحقيق أغراضها الاستعمارية الجديدة عن بعد بتقسيم مصر على المستوى الطائفي و الجغرافي وإعادة رسم خريطة علاقتنا الخارجية لتتراجع على المستوى الدولي وتقصينا على المستوى العربي وتهمشنا على المستوى الأفريقي . أما عن إسرائيل الذي كان النظام الرسمي حليفا إستراتيجيا لها فقد باتت خائفة من تحرر المصريين على أساس ديموقراطي حقيقي من أن يؤثر على حالة الهدوء الذي شهدتها من توقف الجماعات الجهادية لحركات التحرر الإسلامي عن مقاومة العدوان الصهيوني فها هو رجلها لأن جماعة الإخوان في مصر كانت تستطيع أن تتعامل مع هذه الحركات لإخماد جذوتها وبالتأكيد هذا كله يصب في مصلحة إسرائيل . أما أفغانستان فطالبان شيعوا مرسي بدموعهم لأن السلطة المصرية المدنية لم تكن أبدا في وفاق معهم كما إيران وما يؤكد صحة وجهة نظري هو أن الجاليات العربية في أمريكا وغيرها من الدول المناوئة لثورة يونيو استقبلت الخبر بفرحة كتلك التي غمرت كل ميادين مصر مما يؤكد أن الموقف الرسمي للدول لا يعبر عن شعوبها وإنما فقط لتحقيق مصالح الحكومات والحقيقة أنها ممارسة تكذيب غبية في زمن العولمة . لذا فالتمويل كبير من الدول الداعمة لاستنساخ صورة حرب أهلية في مصر وتصديرها للعالم وهذا أبدا لم و لن يحدث مصر بوتقة تصهر بداخلها كل طوائف المجتمع و تسحق من يحاول اغتصاب إرادتها . لذا يقف الشعب المصري باثقا عظيما يؤكد على أن التاريخ ليس ماضي وانتهى و إنما هو امتداد حضاري بسلوك أبناء أصحابه بكل ما فيها من عراقة ، ليحمي ثورته و إرادته ، والآن بدأ المصريون في جمع تبرعات لصندوق دعم مصر أوشكت أن تصل لمليار جنية في اليوم الأول للمبادرة ، وتتوافد تبرعات المصريين في الخارج اللذين سحب كثيرا منهم أموالهم من البنوك المصرية في ظل نظام الإخوان ليأسهم من التغيير وخوفهم من القادم ، ورجال أعمال مصر الشرفاء ليخرجوا مصر من كبوتها ليؤكد على أن ما نحن فيه ثورة حقيقية . يقتطع فيها العامل من أجره والموظف من راتبه ،لأنه يثق في أن غدا أفضل ويستشعر بالحلم الذي سرقه الأخوان كما حاولوا سرقة ثورة يناير العظيمة ،هذا لكي يعرف العالم أننا وحدنا من نصنع حاضرنا و مستقبلنا وقادرون على ذلك مما يؤكد أنها إرادة شعب يعرف كيف يدير أزماته لا سلطة لا تستطيع إدارة أبسط أزماتها . هي رسالة لكل الأحرار في العالم (صوت الحق يعلو ولا يعلا عليه ) تحية للشعب المصري الذي كتب بيديه شهادة وفاة الإخوان في مصر و أنذر بدخولها غرفة الإنعاش في العالم لتتنفس اصطناعيا حتى تلفظ أنفاسها الأخيرة ، تحية لمحطمي أسطورة الإخوان وإما بحر من الدم وما العجب ونحن من حطم أسطورة إسرائيل الكبرى والصليبيين القوة التي لا تقهر . فإرادة الشعوب لا تقهرها قوة ، درس لم يتعلمه المتأسلمون في العالم بالرغم من أنه درس آني وليس من كتب التاريخ القديمة ، لكن يبدوا أن المشكلة ليست فقط في أنهم لا يقرأون التاريخ ، بل هم أيضا لا يرون الحاضر ولا يستقرأون المستقبل ، فلتكن ثورات الربيع العربي القادمة درسا ربما تتفتح لهم عيونهم ليجعل بصرهم حديد . ------------------------- كاتبة وصحافية حرة