وأعود مرة أخرى إلى أحاديثك الممتعة ... في شجون الليل الدامس ... وسحره الجذاب... يلازمني فنجان قهوتي.... وكأنني والقهوة أصبحنا متلازمان... أسيران القلم .... مختبئان في كوخ ننعم فيه بهمسات شاعرية ... تحفه أشجار الغابات الموحشة ...والهدوء الغائم يشملنا ... فالجو المحيط بنا في الخارج يعلن عن تمرده بهطول زخات الأمطار الثقيلة... هطول السيول المتفجرة .... بينما تئن الأرض حولنا ....فقد أتعبتها وقع أقدام متخاذلة... أقدام تخشى الأمطار والكوارث .... تخشى حتى حفيف الشجر الثائر...... ورياح همجية تلفنا من جديد من الجهة الغربية ... تكاد تعصف بنا عصفاً غوغائياً... تكاد تقتلع كوخنا المسكين من بروكه الراسخ... لتعيد صياغته من جديد في وضع إنعكاسي... تماماً مثل وضع البرتقالة أو التفاحة عند (ديكارت)... وكيف لحدس عقلك يا سامري أن يخيب... ؟؟؟!! وأنت من يُعمل عقله بمهارة تحليلية واستنباطية لم أر مثلهما من قبل ...حتى كلما سطرت إليك سطراً ... يكاد يخيل إلي أنني قد مسني الجنون.... فيعتريني شعور جارف بأنك كائن خرافي ... لا وجود له إلا بمخيلتي ... نتسامر في لحظات نادرة .... نمتطي معاً جواد البطولة... في قصة من قصص الخيال العلمي .... وهيهات أن نستطيع كبح جماح هذا الجواد ... فقد بدأت روحه تنطلق بقوة نحو الحرية... وربما نحو اكتشاف عوالم جديدة ....! ونعود ثانية إلى العصا... والعصا هذه المرة ... ليست عصا عادية... إنها عصا الملك.... وكيف لا يلازم مفتاح سر الحياة عصا الملك في تابوت الخلود....؟؟؟ !! المعروف أن اجتماع الإيمان والعقيدة الراسخة يؤول غالباً إلى عمل معجز... من أجل تحييد الطاقة الروحانية في الداخل والخارج الذاتي ... وإن اجتماع الإيمان والعقيدة هنا قد آل إلى بناء الهرم المدرج الواقع على هضبة سقارة ... إنه إعجاز العمارة للمهندس العبقري (امحوتب) ... عالم لم ينل قسطاً وافراً من الشهرة ... رغم براعته الفائقة ليست فقط في مجال العمارة ... وإنما في مجال الطب أيضاً ... فقد ألف الكثير من المخطوطات البردية للعلاج .. هذا إلى جانب براعته في فن التحنيط وعلم التشريح والنجوم.... وهناك عبقرية من نوع آخر.. عبقرية سلم الألوان وإبراز التفاصيل مع تأثيرات الضوء... إنها عبقرية (فرمير).... الثعلب الماكر ... الذي رسم المرأة في أغلب لوحاته ... المرأة النائمة ... المرأة مع الإبريق ... المرأة ذات اللؤلؤة... وكلهن منذ البداية إمرأة واحدة تتوسط لوحة البورتريه ... إنها (فتاته)... !!! أحببت تلك النظرة لفتاته ذات اللؤلؤة ... وهي ترمقنا لتترك انطباعاً غامضاً يلوذ بالحب تارة... والذكاء تارة أخرى... المرأة هي المرأة يا سامري.. مع إنحناءة خفيفة للرأس ... يحتار فيها الرجال .... حتى نظرتها الأنثوية التي تطل من نافذة الزمن ...تخترق قلب الرجل فلا يمكن له أن ينساها ... ! وستظل قابعة في ذاكرتك قطع الدراق المقطوع... رغم تغير الفصول والأحوال... كما ستظل السلطنة الصوفية عند سماع النقشبندي و السيوطي ... تعرف طريقها إلي روحك .. مثلما تعرف طريقها إلي روحي ... فالروح عندك هي لؤلؤة نادرة... قابعة داخل محار ندرت احتمالات تواجده في قاع الخليج.... أما الروح عندي فهي شذرة الندى التي إذا انقطعت من داخلنا.... ضاعت تباشير الحياة ... وانفض عرس الوجدان .... وانفض معه الكيان ....!