145 ألف للطب و75 للهندسة.. المصروفات الدراسية لكليات جامعة المنصورة الجديدة    وزير العمل يُجري زيارة مفاجئة لمكتبي الضبعة والعلمين في مطروح (تفاصيل)    النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بعدد من مدارس التعليم الفني ب الشرقية (الأماكن)    سعر الذهب اليوم الخميس 31 يوليو 2025.. عيار 21 بكام الآن في الصاغة؟    مصر توقع اتفاقية جديدة لتعزيز أنشطة استكشاف الغاز في البحر المتوسط    نشرة «المصري اليوم» من الإسكندرية: إعلان حركة رؤساء مباحث الثغر.. وزوج يطعن زوجته بالمحكمة لرفعها قضية خلع ضده    بعد المشاركة في تظاهرات بتل أبيب ضد مصر.. كمال الخطيب يغلق التعليقات على «إكس»    الخارجية: لا توجد دولة بالعالم قدمت تضحيات للقضية الفلسطينية مثلما قدمت مصر    منظمة التحرير الفلسطينية تطالب بإنهاء العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة    البرتغال تدرس "الاعتراف بدولة فلسطين"    سانشو يخطط للعودة إلى بوروسيا دورتموند    نيكولاس جاكسون يدخل دائرة اهتمامات برشلونة    هويلوند: مستمر مع مانشستر يونايتد وجاهز للمنافسة مع أى لاعب    إصابة 5 أشخاص في انقلاب سيارة على طريق أسوان الصحراوي الغربي    دخلا العناية المركزة معًا.. زوج بالبحيرة يلحق بزوجته بعد 3 أيام من وفاتها    إزالة إشغالات وأكشاك مخالفة وعربات كارو ورفع تراكمات قمامة خلال حملة موسعة في القليوبية    قرارات تكليف لقيادات جديدة بكليات جامعة بنها    ترفض الانكسار.. مي فاروق تطرح أغنية «أنا اللي مشيت» من ألبوم «تاريخي»    الشيخ خالد الجندي: الحر الشديد فرصة لدخول الجنة (فيديو)    عالم بالأوقاف: الأب الذي يرفض الشرع ويُصر على قائمة المنقولات «آثم»    «انصحوهم بالحسنى».. أمين الفتوى يحذر من تخويف الأبناء ليقيموا الصلاة (فيديو)    «صحة شمال سيناء»: زيارات مفاجئة للمستشفيات للارتقاء بصحة المواطنين    جامعة بنها تعقد المؤتمر الطلابي الثالث لكلية الطب البشري    ب مكونات منزلية.. وصفة سحرية لتنظيف القولون وتعزيز صحة الجهاز الهضمي    دياز: كومباني أخبرني بأنني سألعب على الجناح الأيسر.. وهذه تفاصيل محادثتي مع فيرتز    جثمت على صدره.. الإعدام لربة منزل قتلت طفلها انتقامًا بالبحيرة    اسكواش - دون خسارة أي مباراة.. مصر إلى نهائي بطولة العالم للناشئات    تعاون مصري - سعودي لتطوير وتحديث مركز أبحاث الجهد الفائق «EHVRC»    رئيس جامعة دمياط يترأس اجتماع مجلس الجامعة بجلسته رقم 233    تكريم ذوي الهمم بالصلعا في سوهاج.. مصحف ناطق و3 رحلات عمرة (صور)    الإفتاء توضح كفارة عدم القدرة على الوفاء بالنذر    عودة نوستالجيا 90/80 اليوم وغدا على مسرح محمد عبدالوهاب    محافظ سوهاج يشهد تكريم أوائل الشهادات والحاصلين على المراكز الأولى عالميا    وزارة الداخلية تضبط طفلا يقود سيارة ميكروباص فى الشرقية    وزير البترول يبحث مع "السويدى إليكتريك" مستجدات مجمع الصناعات الفوسفاتية بالعين السخنة    واشنطن تبلغ مجلس الأمن بتطلع ترامب لإنهاء حرب أوكرانيا 8 أغسطس    وزير الخارجية اللبناني يبحث مع مسئولة أممية سبل تحقيق التهدئة في المنطقة    الخميس 7 أغسطس.. مكتبة الإسكندرية تُطلق فعاليات "مهرجان الصيف الدولى"    الوطنية للصلب تحصل على موافقة لإقامة مشروع لإنتاج البيليت بطاقة 1.5 مليون طن سنويا    "قريب من الزمالك إزاي؟".. شوبير يفجر مفاجأة حول وجهة عبدالقادر الجديدة    هشام يكن: انضمام محمد إسماعيل للزمالك إضافة قوية    حملة «100 يوم صحة»: تقديم 23 مليونًا و504 آلاف خدمة طبية خلال 15 يوماً    انطلاق المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل من محافظة مطروح    القنوات الناقلة لمباراة برشلونة وسيول الودية استعدادًا للموسم الجديد 2025-2026    منظمة التحرير الفلسطينية: استمرار سيطرة حماس على غزة يكرس الانقسام    خبير علاقات دولية: دعوات التظاهر ضد مصر فى تل أبيب "عبث سياسي" يضر بالقضية الفلسطينية    بدء الدورة ال17 من الملتقى الدولي للتعليم العالي"اديوجيت 2025" الأحد المقبل    محافظ المنيا: تشغيل عدد من المجمعات الحكومية بالقرى يوم السبت 2 أغسطس لصرف المعاشات من خلال مكاتب البريد    SN أوتوموتيف تطلق السيارة ڤويا Free الفاخرة الجديدة في مصر.. أسعار ومواصفات    يديعوت أحرونوت: نتنياهو وعد بن غفير بتهجير الفلسطينيين من غزة في حال عدم التوصل لصفقة مع الفصائل الفلسطينية    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل برنامج التصميم الداخلي الإيكولوجي ب "فنون تطبيقية" حلوان    بالأسماء إصابة 8 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة بصحراوى المنيا    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    أمانة الاتصال السياسي ب"المؤتمر" تتابع تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ    المهرجان القومي للمسرح يكرم روح الناقدين أحمد هاشم ويوسف مسلم    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 31-7-2025    حنان مطاوع تودع لطفي لبيب: مع السلامة يا ألطف خلق الله    فوضى في العرض الخاص لفيلم "روكي الغلابة".. والمنظم يتجاهل الصحفيين ويختار المواقع حسب أهوائه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جريمة في طيبة


عاشت مع أحداث القصة: محاسن الهوارى
جرائم غامضة..حوادث قتل لاتتوقف.. والقاتل لايكف عن إنتزاع الأرواح واحدة تلو الأخرى..الرعب يسيطر على المكان وعلى الرغم من أن الضحايا الذين رحلوا لابد أن يكونوا قد عرفوا قاتلهم إلا أنهم لم يعرفوا لماذا قتلوا؟.
كما أن أحدا منهم لن يعود مرة أخرى إلى الدنيا ليقول لنا من هو الشخص الذى إرتكب كل هذه الجرائم البشعة ؟
ولاأحد من الأحياء يعرف من عساه أن يكون ذاك المجرم؟
ولكن لاتقلق فقبل أن تنتهى الرواية ستخبرك الكاتبة العظيمة أجاثا كريستى بإسم الذى قتل ولأى سبب إرتكب كل تلك الجرائم؟
* * *
" القاتل واحد منا.. إننى لااصدق هذه القصص الخرافية عن عودة الجارية نوفريت أو حتى شبحها لينتقم من سكان هذا البيت".
كانت هذه هى الكلمات الأخيرة التى قالتها إيزا العجوز قبل مقتلها..كانت هذه هى الأفكار التى تحدثت بها إيزا لمن حولها وكانت هذه الكلمات هى السبب الذى قتلت لأجله!.
لقد كانت تلك العجوز ذات الوجه المتغضن قد بدأت خطوتها الأولى فى التوصل لمعرفة هوية القاتل..
وعلى الرغم من أنها كانت حريصة للغاية فلم تكن لتأكل شيئا أوتشرب شيئا إلا وتجعل جاريتها تأكل منه أولا .. لكن كل تلك الإحتياطات التى أخذتها لم تكن كافية لأنها لم تتذكر أن هناك أنواع من السموم يمكن أن تميت الإنسان عن طريق الجلد.. ولم يخطر على بالها هذا إلا بعد أن كان الوقت قد مضى ولم يعد بإمكانها أن تخبر أحدا بشيء لتنضم إلى قائمة الذين رحلوا ولن يعود منهم أحد ليكشف لنا السر!.
هاهى إيزا العجوز قد رحلت إذن..لتنضم إلى قائمة من ماتوا مقتولين بطرق مختلفة فى ذاك المكان الذى وجد قبل أربعة الأف عام على ضفاف نهر النيل حيث يعيش الكاهن إمحوتب فى المكان الذى تركه ميرنبتاح وقفا لكى يتم إستغلاله فى تقديم القرابين للألهة.
يعيش الكاهنمع أمه العجوز إيزا وأبنائه يحموس وزوجته ساتيبى ورينيسنب إبنته الوحيدة التى عادت إلى بيت والدها بعد أن مات زوجها خاى الذى عاشت معه ثمان سنوات أنجبت فيهما إبنتها الصغيرة.
ويعيش معه فى نفس البيت إبنه سوبك وهو أحمق لايجيد التصرف فى شيء ويعيش مع والده هو و زوجته كيت وأبنائه الصغار، بالإضافة إلى آيبى أصغر أبناء الكاهن.. وهو مراهق مغتر بنفسه .
الحياة اليومية تمضى بهم كما تمضى دائما.. فهاهى زوجة إبنه يحموس ساتيبى المتسلطة دائما ذات الصرخات العالية التى لاتتوقف وذات الطباع النارية وكيت الخنوعة زوجة سوبك وأطفالها ..والتى لايعنيها فى العالم سوى أبنائها فقط-.
أما حينيت الخادمة المتذللة التى لايحبها أحد لأفعالها الشريرة..لاأحد سوى إمحوتب يهتم بها.. لأنها تظل تثنى على نفسها بطريقة تدفعك لكراهيتها بدلا من مدحها، وهى تحبط بداخلك أى محاولة لكى تكون كريما معها فتثنى عليها أو تمتدحها.
بالإضافة إلى أن تذللها الدئم كان سببا فى نفورالجميع منها، كما إنها شريرة ولاأحد يضمن طويتها.
تبدأ احداث الرواية بعودة رينسينب الرقيقة إلى بيت والدها مع إبنتها الصغيرة تيتى .. فى البداية تظن رينسينب أن الحياة يمكن أن تكون كما كانت قبل زواجها ولكنها سرعان ماشعرت ان شرا ما كان يلوح فى الأفق.. شيء ما يقول أن لاشيء يعود كما كان..أياما غير طيبة فى طريقها إلى هذا المكان.
* * *
يعود إمحوتب الأب من الشمال وفور عودته تصدم الأسرة بكاملها بما حمله معه إليهم فوالدهم لم يعد وحيدا وإنما عاد ومعه جارية جميلة شابة صغيرة تدعى نوفريت..والتى ماإن رآها الجميع حتى شعروا بكراهية نحوها،لاسيما حينما بان للجميع أن والدهم أغدق على جاريته بالمجوهرات والهدايا .. شعر الجميع بالحقد على تلك الجارية التى جاءت مع أبيهم الذى سينفق عليها أمواله فى شراء المجوهرات والثياب بعد أن كان ينفقها على أبنائه..إنها ستتقاسم معهم كل شيء بل وربما أخذت هى وحدها كل شيء..تلك الفتاة التى سيكون لها السلطان الأول على والدهم إنه سلطان أى فتاة صغيرة تزوجت رجلا عجوزا..
كانت الوحيدة التى حملت لها بعض التعاطف وإلتمست لها الأعذار هى رينسنب إبنة الكاهن..رأت أنها تستحق معاملة أفضل إذ ظنت أنها فتاة وحيدة وغريبة وحكم عليها أن تعيش مع أناس لاتعرفهم وتشعر بأنها غير مرغوب فى وجودها فى ذاك المكان..
لكن بمضى الأحداث تكتشف رينسنيب بعد مواقف عديدة أنه لم تكن نوفريت طيبة أبدالقد كان بداخلها شر وكره ولاتستحق أى ذرة من التعاطف.
فقد جاءت مع زوجها العجوز الذى كان سخيا معها فىالعطايا وإشترى لها الثياب والجواهر.. وماإن جاءت حتى تحركت الأطماع داخل الأبناء كل يريد أن يصبح صاحب الحظوة وصاحب السلطة وشريكا لوالده ويخطط لما بعد موته..ماذا سيأخذ وماذا سيكون له من سلطات وميراث؟
* * *
بدأت فى البيت موجه من الكراهية بقدوم جارية الأب التى أخذت تستغل مالها من دلال على زوجها العجوز فى التفريق بينه وبين أبنائه..لكى تكشف عن حقيقتها لاسيما أمام رينسينب .. لقد تعمدت إستفزاز إحدى زوجات أبناء الكاهن كى تصطدم بها لتجد مبررا للشكوى للكاهن وإثارته ضد أبنائه.
ثم فجأة يرسل لطلب الكاهن الزوج العجوز إمحوتب فى الشمال فيضطر للعودة إلى الشمال من جديد ، وتطلب الجارية الجميلة من زوجها صاحب البيت ان يتركها.
تنصحها إيزا والدته العجوز بأن تصاحب زوجها فى السفر..ولكنها ترفض وتدعى أن تلك هى رغبة زوجها إمحوتب رب البيت.
قبل أن يعود إلى الشمال يوصى الأب ابنائه بجاريته قبل سفره ويوصى كامينى الكاتب الشاب الذى جاء من الشمال بأن يطيع زوجته ويطلب منها ان تكتب له أى شيء يضايقها أو يثير غضبها فى غيابه.
لم يكد يمضى على سفر إمحوتب فترة قصيرة حتى تبدأ الجارية فى إثارة أهل البيت لدفعهم لفعل شيء من شأنه أن تكتبه لإمحوتب فتثير غضبه عليهم ،ويتحقق لها هدفها حينما تدفع كيت زوجة سوبك الهادئة دائما إلى صفعها على وجهها وبهذا يتسنى لها الكتابة لزوجها الكاهن تشكو له مافعله إبناؤه بها فى غيابه وأنهم قد قاموا بضربها.
ماإن تصل الرسالة إلى الكاهن حتى يأتى رده سريعا غاضبا فى الرسالة التى أرسلها إلى ابنائه متوعدا إياهم بحرمانهم من الميراث ومؤكدا لهم أن سيقوم فور مجيئه بكتابة عقد شراكة بينه وبين جاريته ..عقدا كزوج وزوجة!.
ماإن تصل الرسالة إلى الأبناء حتى يجتمعوا على كره الجارية ويبدأ كل منهم فى التفكير لطريقة تنتهى بها مشكلة هذه الجارية التى كدرت حياة الأسرة الهادئة!.
وعلى حسب طبيعة الشخصيات تأتى ردود أفعال أبطال الرواية فساتيبى الزوجة المتسلطة الغاضبة لاتكف عن توبيج زوجها وإخوته الذكور متهمة إياهم بأنها أكثر رجولة منهم جميعا وأنه لو كان فيهم رجلا واحدا لتخلصوا من هذه الجارية على الفور.. وتهون من شأن الجارية إذا ماماتت بأن جارية حية غير جارية ميتة!.
* * *
الكل يتحدث والكل يغلى من الغضب ويريد أن يفتك بالجارية..وحينما يطرح أمر قتل الجارية على بساط المناقشة ويفكروا بردود أفعال صاحب البيت إذا ماقتلوا جاريته فإن ساتيبى زوجة يحموس المتسلطة تطمئنهم بقولها " أن جارية حية غير جارية ميتة" مما يعنى أن الأزمة إذا ماقتلت الجارية ستمر بخير.
يبدأ كل واحد فى التفكير فى الأمر على حدة فى ظل شبح الجارية الرهيب التى يريدون التخلص منها .
وبينما تمشى رينسينب الإبنة الطيبة للكاهن تقابل ساتيبى زوجة أخيها يحموس قادمة من ناحية التل وعلى وجهها علامات الرعب والفزع تسألها عن السبب فلا تجيب إنها فقط تنصحها بأن لاتذهب ناحية التل ولكن رينيسينب لاتستمع إلى تلك النصيحة بعدم المضى فى الطريق.. وتكمل خطواتها وفور ذهابها تفاجأ بأن أمامها الجارية نوفريت جثة هامدة مقتولة..
كان موت الجارية نوفريت هى جريمة القتل الأولى والتى تلاها جرائم عديدة بنفس الطريقة حينا وبطرق أخرى حينا آخر ..سقطت نوفريت من فوق منحدر جبلى لترتضم بالصخور وتموت..ويقطع الأب رحلته فى الشمال ويعود كى تتم مراسم الدفن والتحنيط.!
ولم تكد لتمر فترة قصيرة إلا وتفاجأ الأسرة بموت ساتيبى زوجة يحموس المتسلطة،بعد أن كانت شكوك الجميع تتجه نحوها بأنها هى التى قتلت الجارية لاسيما وأنه قد لوحظ تغير مفاجئ فى شخصيتها، إذ تحولت بين ليلة وضحاها إلى شخصية مختلفة هادئة وديعة يسيطر عليها الرعب والفزع بإستمرار، وعند مقتلها بنفس الطريقة فى ذات المكان الذى ماتت فيه الجارية يظن الجميع أنها النهاية العادلة لها..
وبينما تتم مراسم الدفن والتحنيط تفاجأ الأسرة بموت سوبك ثانى أبناء الكاهن لقد قتل بالسم الذى وضع له فى إناء الماء.. وبعد مقتله يبدأ الجميع فى ترديد شائعة أن شبح جارية الأب قد جاءت كى تنتقم بعد موتها ممن أساؤا إليها فى حياتها..
تبدأ الشكوك تدور فى كل إتجاه،ولاسيما تجاه كامينى الفتى الذى جاء من الشمال بعد مجيئ الجارية نوفريت ليعمل كاتبا فى مزارع الزوج الكاهن..
وعندما طرح الكاهن على جاريته أن تصاحبه فى رحلته للشمال رفضت وإدعت أنها رغبته مما دفعه لأن يطلب من كامينى أن يكون تحت أمرها إذا ماطلبت منه الكتابة لزوجها..
تصف أجاثا كريستى المشهد فى مصر القديمة ببراعة..سواء كان المشهد الجغرافى من مياة النيل اللامعة أو الحقول والخضراء المزروعة بالحنطة ..أو فى تصويرها أفكار المصريين القدماء وعقائدهم الدينية وعلى الرغم من براعتها فى رسم مسرح الأحداث الذى تدور فيها أحداث قصتها.. إلا أن نظرتها للمشهد الدينى فى مصر القديمة قد تأثر بعقيدتها الدينية الخاصة..
فنجد بين سطور الرواية رؤيتها الخاصة التى تمثلتها شخصية حورى وهو الكاتب الأول لإمحوتب والذى يعمل لسنوات وسنوات لديه..فهى تكشف عن رؤيتها لعقائد المصريين القدماء فيما يجيئ على لسان حورى الشخصية المتزنة فى الرواية والذى هو موجود طوال الوقت لتكشف لنا من خلاله أجاثا كريستى دوافع وأفكار جميع الأبطال فى القصة.. كما أنه هو من ينقذ البطلة من الموت فى اللحظة الأخيرة وهو الذى يحلل الشخصيات ويخبرنا بدوافع القاتل وهويته النفسية.
حورى هذا الذى عاش فى تلك الفترة المضطربة من تاريخ مصر والذى يقول للبطلة إبنة الكاهن الجميلة مامعناه أن المصريين ليس لديهم إيمان حقيقى بالله.. بدليل أنهم غير قادرين على تصور عالم آخر .. إنهم غارقون فى حب الحياة ومن فرط حبهم لها وجهوا كل إهتمامهم نحو الموت فبنوا المقابر وتخيلوا الحياة الآخرة إمتداد للحياة الدنيا وعلى نفس الدرب الذى يعرفونه والذى تسير بهم الحياة عليه..إنهم عاجزين عن تخيل حياة غير تلك التى يعيشونها..
وهذا المأخذ الوحيد لى أنا شخصيا على الكاتبة نفسها لأن قولها هذا غير صحيح بالمرة!-
يفتح الحديث عن عودة شبح الجارية للإنتقام بابا خرافيا للقيام بافعال خرافية يقوم بها الكاهن مثل تقديم القرابين للموتى والذهاب لطلب المساعدة من زوجته الأولى التى ماتت منذ زمن بعيد ليرجوها أن تتدخل لتجعل تلك الجارية تكف عن إيذاء أهل البيت.
ويتضرع إليها أيضا أن تنقذ إبنه وإبنها يحموس الذى يرقد فى المنزل بعد أن أنقذوه من الموت فى اللحظة الأخيرة وعلى عكس ماكان يرجو ويدعو الكاهن يفاجأ امحوتب بموت إبنه آيبى المراهق الصغير بدلا من شفاء يحموس المريض !.
وحينما تبدأ أمه إيزا العجوز فى التفكير فى أن القاتل أحد افراد هذا البيت تموت هى الأخرى بالسم الذى وضع لها فى الدهان الذى تدهن لها الجارية به جسدها .. يتجه الشك نحو حينيت الخادمة لكنها أيضا تقتل لتبقى رينسينب وحورى يفكران معا من عساه أن يكون القاتل؟.
وفى اللحظة الأخيرة تظهر شخصية القاتل لنفاجأ بأنه يحموس بن الكاهن الأكبر..وأنه قد دفع الجارية من فوق المنحدر وقد رأته زوجته ..ولهذا فقد طلبت من رينسينب أن لاتذهب حتى لاترى الجارية المقتولة ..وكان قتل يحموس للجارية هو السبب الحقيقى فى التحول المفاجئ الذى لحق بشخصية ساتيبى إذ تغيرت من النقيض إلى النقيض ..ولكن وحينما بدأت تهذى ليلا بسبب الرعب والفزع شعر أنها خطر عليه قد يؤدى إلى إنكشاف أمره فيقتلها بنفس الطريقة ..لقد كانوا يقولون أنها تتراجع للخلف وكأنها ترى شبح الجارية لكنها لم تكن ترى شبحا ولكن سبب تراجعها للخلف كانت ملامح زوجها الذى بانت مرعبة وقاتلة وهو يتقدم نحوها من أجل قتلها تتراجع للخلف خوفا منه فتسقط من على نفس المنحدر!.
أما بالنسبة لسوبك فمن وضع السم كان يحموس وقد شرب منه شربة صغيرة وبهذه الحيلة إستطاع أن يبعد الشبهات عن نفسه ففى نفس الوقت الذى كان يدعى أن مريضا وأنه قد أنقذ من الموت بأعجوبة .. وأن صحته تسوء يوما بعد يوم كان يقوم بإرتكاب جرائمه سرا دون أن يخطر على بال أحد أن يكون هو القاتل،وتأتى نهايته بسهم رماه به حورى الكاتب الحكيم عند الكاهن الأب..لقد قتله من أجل أن ينقذ رينسينب إبنة الكاهن الطيبة التى كانت تتراجع هى الأخرى للخلف خوفا وفزعا من ملامح أخيها التى تغيرت إلى ملامح شخص قاتل وكأنها ليست أخته وكأنه ليس أخيها ذاك الذى يهم بقتلها.
وهكذا تنتهى الرواية التى وقعت أحداثها فى زمن كانت مصر فيه مفككة وفى طريقها لأن تنهض وتسترد دورها الحضارى وعلى لسان حورى الحكيم قالت أجاثا كريستى معبرة عن رؤيتها لمصر فى قوله لبطلة الرواية التى كانت تحبه والتى كان غارقا فى حبها فى قوله: إن ماء النيل اللامع وشمسها الذهبية وحقولها الخضراء ومزارعها الملونة هى التى دائما ستبقى فى النهاية..وستبقى مصر معها جميلة..
* * *
والحقيقة التى تتكشف لنا فى النهاية أن قصة الحب التى جمعت بين رينسينب وحورى هى لم تكن فى حقيقتها إلا قصة الحب التى ربطت أجاثا كريستى بمصر.
إن رينسينب وحورى هما الذين بقوا فى النهاية ..حورى الحكيم ورينسينب الحبيبة طيبة القلب..لقد بقيا مع ماء النيل فى مصر ينتظرون غدا تشرق فيه الشمس على مصر الجميلة التى تنتظر فارسا من جديد..
هل ياترى كانت أجاثا كريستى ترمز من بعيد للإحتلال الإنجليزى لتقول لهم أيها السادة أنت راحلون ولن يبقى فى مصر سوى مصر وحدها..أيها السادة الذين جئتم من الغرب أنتم راحلون؟!.
هل كانت نوفريت رمزا لذاك الإحتلال؟
المعروف أن أجاثا كريستى قد إستوحت احداث روايتها من ثلاث رسائل عثرت عليهم أحدى البعثات فى طيبة، ومن قلب الوقع خرجت لنا بقصتها أكثر من رائعة أكملت تفاصيلها بنسيخ خيالى مستوحى من واقع حى.. وحيثما كانت الرسالة التى أرادت أن تقولها أجاثا كريستى فلا جدال حول حقيقة الأمر من أن أجاثا كريستى أعظم من كتب قصصا بوليسية فى العالم قد عشقت مصر بل ذابت حبا فى نيلها وشمسها وأهلها !.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.