عندما فقدت مصر قداسة البابا شنودة تصورنا جميعا أن مصر لن تعوض برجل مثله ... فهو رحمة الله عليه كان يمتلك حنكة سياسية قل أن تتواجد فى أى شخص ... يمتلك قلب طفل ونشاط شاب وخبرة غير عادية ... له إبتسامه تغريك على الإقتراب منه ... فى كل المناسبات التى كنا نلتقى معا فيها كنت أحرص على أن أشد على يديه ... وأداعبه ... فهو يمتلك روح فكاهية جميلة ... عندما فقدنا قداسة البابا شنودة قلت لحظتها : لقد خسر الوطن كثيرا بفقدان هذا الرجل ... وتصورت أن صفحة أمثال هذا الرجل طويت للأبد ... ولم أهتم أوأتابع أوضاع الكنيسة المصرية إلا عبر أخبار متواترة أطالعها من باب العلم بالشئ إلى أن لفت نظرى خبر بثته لنا وكالات الأنباء العالمية بالأمس توقفت عنده ... الخبر يقول أن أحد مندوبى وكالات الأنباء الأوروبية إنتهز فرصة وجود البابا تواضروس الثانى بروما وأجرى معه لقاء وحاول الصحفى أن يقتنص أى تصريح من البابا تواضروس تدل على أن هناك معاناة للأقباط فى ظل حكم الإخوان فى مصر ... وكلنا يعلم كإعلاميين الدور الذى يلعبه الإعلام الموجه فى أوروبا وأمريكا من أجل إدارة حملات ممولة تزعم أن هناك إضطهاد للأقباط فى مصر ثم يبدأ دور أقباط المهجر لحصار مصر وإعلان الحرب الإعلامية ضدها .... البابا تواضروس إبتسم للصحفى وأجابه بردود لم تشف غليل الصحفى ... وعندما أصر الصحفى الأوروبى على إنتزاع تصريحات موجهة أعلن البابا تواضروس عن إنهاء المقابلة ثم قال للصحفى : أراك فى القاهرة بعد استطلاع دقيق حول هذا الأمر.. ثم نتحادث عنه أو عن غيره البابا تواضروس كان يسهل أن يلقى ببعض التصريحات التى تكشف عن معاناة الأقباط فى مصر خاصة وأننا رأينا جحافل إرهابية تحاصر وتدمر وتقوم بعمليات التهجير للأشقاء الأقباط من منازلهم بطريقة كشفت عن فكر وتوجه النظام الإخوانى الحاكم أقباط مصر يعانون جراء وجهة نظر جاهلة من بعض الإرهابيين الذين فهموا الإسلام فهما على قدر عقولهم العاجزة الجاهلة ... لكن البابا تواضروس الثانى رفض أن يستغل كل هذه المواقف رغم أنه لو إستغلها لما وجه له أى شخص مهما كان أى لوم لأن ذلك من حقه ... من حقه الدفاع عن الأقباط الذى يتولى شئونهم داخل مصر ... فهو راعيهم ... والمسئول عنهم ... من حقه أن يقوم بتصعيد الأمر لكافة الجهات المعنية فى أوروبا لو أراد خاصة بعد حملات إرهابية تعرض لها الأشقاء الأقباط فى مصر ... لكن قداسة البابا تواضروس الثانى تعامل مع هذا الإضطهاد باعتبار أن مصر تمر بمرحلة إنتقالية يعانى فيها الجميع جراء الحكم الإخوانى المتعسف ... تعامل قداسة البابا تواضروس الثانى بعقلية المصرى الوطنى الذى قرر أن يقف ويساند وطنه وشعب وطنه مسلمين وأقباط ويحميه من أى حملات موجهة خاصة فى هذه الأيام السوداء التى يمر بها الوطن ... لقد تعامل قداسة البابا تواضروس الثانى مع الملف كله من منطلق ذلك الرجل الوطنى الغيور على وطنه وشعبه ... تعامل البابا تواضروس الثانى بحنكة قداسة البابا شنودة رحمة الله عليه لقد إكتشفنا فى البابا تواضروس الثانى خبرة ودربه ووطنية غير عادية ... إكتشفنا ونحن نتوقف عند هذا الخبر أن البابا تواضروس الثانى رجل بمليون ثائر وأنه يستحق التحية والتقدير فى زمن عز فيه الثوار الحقيقيين .... بعد أن تاجر كثيريين بمواقفهم . لقد أثبت قداسة البابا تواضروس الثانى مدى روعة كل أقباط مصر الذين رفضوا إستغلال الأوضاع الكارثية التى نعيشها جميعا وظلوا على وطنيتهم فى قلب الوطن يتحملون وقاحات وهجوم جماعات إرهابية موجهة لاتعرف من الإسلام إلا القشور ... قداسة البابا تواضروس الثانى ... تحية لك ... وتحية لكل أقباط مصر ...