سكان منطقة بالقاهرة يقاومون محاولات لطردهملا يتبدى الفرق الصارخ بين الثراء والفقر كما يتبدى في منطقة رملة بولاق بوسط القاهرة. يعيش سكان واحد من أقدم أحياء القاهرة هنا بجوار مبنى نايل سيتي في مساكن عشوائية مزرية في تناقض واضح مع الأبراج الشاهقة التي تضم بعضا من أكثر المكاتب فخامة وواحدا من أكثر الفنادق أناقة في العاصمة المصرية. يقول الأهالي إن الحكومة وشركات التطوير العقاري تطمع منذ سنوات في الأرض التي يقيمون عليها بالقرب من شاطيء النيل وتحاول إخراجهم منها بشتى الوسائل. واقترحت الحكومة بناء مساكن بديلة لأهالي رملة بولاق في محاولة لإرضائهم لكن السكان لا يثقون في وعود الحكومة. وجاءت ثورة 25 يناير كانون الثاني 2011 فانتعشت آمال أهالي بولاق في أن أن تتحقق أخيرا وعود العدالة الاجتماعية. لكنهم يقولون إن محاولات إخراجهم من أرضهم استمرت بعد الثورة بل وصدر قرار من الحكومة في يونيو حزيران بنقلهم من المنطقة بصفة مؤقتة. وبعد شهر من ذلك وقعت مصادمات بين السكان وقوات الأمن أسفرت عن مقتل أحد الأهالي. وتقول جماعات حقوق الإنسان إن الشرطة هاجمت المنطقة واعتقلت عشرات السكان عشوائيا وإنهم ما زالوا محبوسين. محمد عربي أحد سكان المنطقة الفقيرة في رملة بولاق شكل لجنة منالأهالي في أعقاب الثورة لتتحدث باسم المتضررين. وذكر عربي أن الأمور لم تتغير من قبل الثورة إلى ما بعدها. وقال "بعد الثورة ما قامت قلنا نطالب بحقوقنا.. ننسق بعضنا ونعمل لجنة ونشوف طلباتنا إيه. وجاءت مؤسسة اسمها أحياء بالاسم فقط وجمعية اسمها بكرة أحلى دعمتنا وعلمتنا ازاي نطالب بحقوقنا. فبدأنا من هنا.. وقعدنا مع المسؤولين وطلبنا التعويض المادي. مش طالب ينشقق. جاءت ناس تزايد علينا زي أمثال الحرية والعدالة. نبني أبراجومش أبراج ويأخذوا مساحة الأرض يقسموها اثنين يبيعوا نصف المنطقة لرجال الأعمال والنصف الثاني يبنوا لنا عليه. رفضنا المشروع داطبعا.. يا إما الأرض تتطور كلها يا إما المتر 20 ألف جنيه حد أدنى." ولم تمتد يد التطوير التي طالت شاطيء النيل بمبان فاخرة إلى الصف الخلفي في رملة بولاق بل زادت الأطماع في الأرض التي يسكن فيها الأهالي الفقراء. ويقول السكان إن الحكومة تضع عينها منذ عشرات السنين على المنطقة التي يسكنون فيها. ورفض مسؤولون من الحي كانوا حاضرين أثناء التصوير التعليق ولم يتسن الوصول إلى أي مسؤول في ابراج نايل سيتي. ويقال إن الحكومة وقعت اتفاقا في 15 ابريل نيسان لبناء أبراج سكنية للأهالي بكلفة تبلغ 140 مليون جنيه (20 مليون دولار) في إطارعملية تطوير المنطقة تجاريا. لكن السكان لا يثقون أن الاتفاق سيمنحهم حقوقهم كاملة وذكروا أنهم سيجلسون للتفاوض مع الحكومة في الخامس من مايو أيار. وذكر رجل من السكان يدعى أسامة أن الأهالي لن يقفوا في وجه التطوير. وقال "هو اللي يرضيني أنه يديني حقي وخذ حقك. أنت عاوز تشتري الأرض دي وعاوز تستثمر.. احنا مش ضد مصلحة البلد. احنا نتمنى طبعا أن بلدنا تبقى أحسن بلد في الدنيا. عايز أقول لك إن أنا نفسي بلديتبقى زي هونج كونج لأن دي مصر غالية علينا قوي وعشان كدا متمسكين بأرضنا دي عشان بلدنا غالية علينا. مش ح نقول أكثر من كدا ومش حنطلع منها إلا يا بحقوقنا يا بالدم. ربنا حلل الشهادة في ثلاث حاجات. الدين .. الأرض .. العرض." ويقول بعض السكان إن الاتفاق الجديد ربما يكون في مصلحتهم لكن الحكومة لم تطلعهم على التفاصيل قبل التوقيع. وذكر مصعب شحرور الناشط الحقوقي أن رفض السكان الرحيل سيؤتي ثماره في آخر المطاف. وقال "هو في كل الأحوال الناس مش ح تمشي من هنا.. مفيش حد يحبيمشي من أرضه. واحنا كشباب وكناشطين نرفض حاجة زي كدا.. يعني إيه يمشوا ناس من أرضها عشان خاطر مستثمر يبني أبراج أو يبني أي مشروع سياحي أو أي مشروع.. هو عايز يستغل أرض على الكورنيش. احنا شفنا بعض الأراضي الصغيرة اللي بيعت بأسعار في الأرض. فالناس عايزة تطور الأرض.. تتطور وهي موجودة." وشارك العديد من أهالي بولاق في الاحتجاجات بميدان التحرير الذي يبعد بضع خطوات عن منطقتهم والذي كان مركز الثورة. وكان الأهالي يأملون أن تكون الثورة بداية صفحة جديدة فلميروا خلال العامين الماضيين سوى المزيد من المعاناة. لكن مشاكلسكان رملة بولاق ربما تكون الآن بسبيلها إلى الحل بعد الاتفاق وهذاهو ما سيتضح في غضون الأسابيع القليلة المقبلة.