تدمير 36 مسيرة أوكرانية في أجواء روسيا خلال الليل    شهيدان بقصف مدفعية الاحتلال الإسرائيلي منزلا بحي الدرج في مدينة غزة    سول: بيونج يانج تزود موسكو ب 12 مليون قذيفة مدفعية عيار 152 ملم    أخبار مصر: السيسي يشارك في قمة الاتحاد الأفريقي، رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2025، حريق في مول سيراميكا، اتهامات السرقة تلاحق مها الصغير    انسياب مروري وكثافات متحركة في شوارع القاهرة والجيزة    درجات الحرارة اليوم الأحد في مصر    حفل توقيع ومناقشة كتاب "النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة".. الأربعاء    آمال ماهر ووليد توفيق يشعلان الليلة الثانية من مهرجان «ليالي مراسي»    أسعار الذهب اليوم الأحد 13 يوليو 2025.. احسب فاتورتك لو اشتريت عيار 21 من 43 يومًا    ننشر أسعار الأسماك والخضراوات والدواجن.. الأحد 13 يوليو    الإعلان عن خطة شاملة لتطوير مدينة القصير بالبحر الأحمر    سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري الأحد 13-7-2025 بعد هبوطه الأخير في 7 بنوك    تامر أمين عن ظاهرة التباهي بين الاغنياء في الساحل الشمالي: يعني إيه عربية ب 50 مليون جنيه (فيديو)    محمد سمير يعلن اعتزاله كرة القدم.. وانضمامه للجهاز الفني بنادي زد    والده يعشق الكاراتيه وأزمة بسببه.. 15 صورة وأبرز المعلومات عن عائلة وسام أبو علي    البيت الفني للمسرح يقدم 15 عرضًا و100 ليلة عرض دعماً للشباب    مع زيادة الرسوم الجمركية.. توقعات بارتفاع التضخم في أمريكا    رسمياً.. بدء تسجيل اختبارات القدرات لتنسيق الجامعات 2025 والإعلان عن قواعد تنظيمية مشددة    التفاصيل الكاملة لحادث غرق سيارة بالرياح الناصري في الجيزة (صور)    تعرض لهجوم ب 6 قذائف.. تفاصيل إصابة الرئيس الإيراني خلال محاولة اغتيال أثناء الهجوم الإسرائيلي    «دوروا على غيره».. نجم الزمالك السابق يوجّه رسائل نارية لمجلس لبيب بسبب حمدان    «مش هتقف على حد».. تعليق قوي من نجم الأهلي السابق بشأن رحيل وسام أبوعلي    أونانا خارج حسابات مانشستر يونايتد في جولة أمريكا استعدادًا للموسم الجديد    أفضل أدعية الفجر.. 10 صيغ لطلب الرزق وصلاح الأحوال    اللقب الثالث تواليا يضيع.. الشرطة بقيادة مؤمن سليمان يودع كأس العراق بركلات الترجيح    نشرة التوك شو| مصر تقود جهود إقليمية لوقف إطلاق النار بغزة وارتفاع درجات الحرارة يُفاقم الحرائق    نرمين الفقي وسط البحر وابنة عمرو دياب جريئة.. لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    انفوجراف.. الحصاد الأسبوعي لأنشطة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي    انتخابات الشيوخ بأسيوط.. القائمة محسومة وصفيح ساخن على الفردي    رئيس شعبة الأسمنت: الأسعار مستقرة والناس لا تعترض بعد التراجع الكبير في الأسبوعين الماضيين    خاص| الدبيكي: تمثيل العمال في «الشيوخ» ضرورة وطنية لتحقيق التوازن التشريعي    القضاء الإداري يتلقى طعنا لاستبعاد مرشحين من انتخابات مجلس الشيوخ بالقليوبية    للمرة الثانية.. سيدة تضع مولودها داخل سيارة إسعاف بقنا    «عجائب قريتي».. رواية جديدة لماهر مهران    23 متهمًا للمحاكمة في خلية اللجان النوعية| اليوم    نجاح فريق الجراحة بمستشفى الفيوم العام في إنقاذ طفل بعد انفجار بالأمعاء الدقيقة    الاحتلال يواصل هدم وحرق المباني السكنية في الضفة الغربية    مصرع شخص تحت عجلات القطار بمركز المراغة بسوهاج    بعد أزمة الإنترنت.. WE تكشف آلية تعويض المستخدمين    مغلق من 13 عامًا.. عمرو سمير عاطف: غياب قصر الثقافة حرم أجيالًا من الفن والمسرح    رئيس وزراء العراق: اتفاق تركيا والعمال الكردستاني مفيد للمنطقة    فلسطين.. إصابتان باعتداء قوات الاحتلال في رامين ومخيم طولكرم    7 أسباب شائعة وغير متوقعة لرائحة التعرق الكريهة    رسالة جديدة من مودريتش بعد رحيله عن ريال مدريد    انفراجة حقيقية في الأوضاع المالية.. حظ برج الدلو اليوم 13 يوليو    نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس عبر بوابة التعليم الفني (رابط)    «زي النهارده».. وفاة كمال الدين رفعت أحد الضباط الأحرار 13 يوليو 1977    أزمة الوفد وانتخابات الشيوخ    يمنع امتصاص الكالسيوم.. خبيرة تغذية تحذر من الشاي باللبن    ماء الكمون والليمون.. مشروبات فعالة في التخلص من الغازات والانتفاخ    بتهمة تجارة المخدرات.. المشدد 6 سنوات لسائق توك توك في الوراق    «الصحة» تدعم مستشفى كفر الدوار العام بجهاز قسطرة قلبية ب 23 مليون جنيه    طاقم مصرى يصل الليل بالنهار.. ماكينات حفر الخط الرابع للمترو لا تتوقف    تظاهرة في العاصمة السويدية احتجاجًا على تواصل جرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة    هل الوضوء داخل الحمام صحيح؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    رئيس جامعة الأزهر: آية الدعاء في عرفة تقسم الناس إلى فريقين.. وأقوال المفسرين تكشف دقة التوجيه القرآني    ما هو أقل ما تدرك به المرأة الصلاة حال انقطاع الحيض عنها؟.. الإفتاء تجيب    باحث بمرصد الأزهر: التنظيمات المتطرفة تستخدم الخوف كوسيلة للسيطرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسؤولية الحكومية و رهان التهدئة الاجتماعية بالمغرب.
نشر في شباب مصر يوم 04 - 04 - 2013

هل يمكن أن تكون مصائب قوم عند قوم فوائد؟ ذلكم هو الهدف الوجيه من هاته الورقة، التي تحاول أن تجيب عن التساؤل الخلذوني الأصيل بشكل مقتضب و مسؤول. بحيث أن أصعب فترات الكتابة، تلك التي تتم في المراحل الانتقالية سياسيا واجتماعيا، إذ تحتد هاته الصعوبة عندما يحاصر الكاتب الصراع بين التحليل والرؤية الفكرية والاكاديمية إلى حدٍ كبير، بين موقع المثقف السياسي من جهة والمجتمعات ذات الأغلبية المحافظة من جهة ثانية، فلمن تكون الأولوية؟ ألتحليل موضوعيٍّ للحالة المغربية الراهنة أم لربط الوضعية بالقدرية السياسوية؟ ذلك أن استشعارنا المبكر و الوقائي كمواطنين متتبعين للشأن السياسي الوطني، نؤكد صراحة شعورنا بالخوف من خلال الرصد الدقيق لتدهور الأوضاع العامة و الإنسانية في دول حراك الإسلام السياسي بالوطن العربي.
بحيث تشير بعض الدراسات الغربية، على أن الحالة الثورية التي يعيشها العالم العربي ليست خطاً مستقيماً متصاعداً، وأن هذه الحالة ليست واحدة لا في التاريخ ولا في الجغرافيا، وأنها كذلك ستكون متعرضة بالأساس، لثورات وهجمات مضادة في الداخل ومن الخارج، وبالتالي استبق ذلك شعور بالإحباط والندم، بمقولة التنبيه على أن مسار الثورات دائماً متعرّج وصعب، وإمكانية الانتكاسة دائماً موجودة، ولحظة القطيعة ليست دائماً متوافقة مع لحظة انفجار التناقضات. كما أن استشراف المستقبل قد أصبح مستعصيا أمام انعدام فرص إنتاج الحلول والتسويات، و سبل تنظيم المشاركة الشعبية في العملية السياسية حتى تكون فاعلة ومؤثرة، ومن ذلك التظاهر والاعتصام وغيرهما من أساليب التنديد أو المعارضة في التعبير عن الرأي. أصبح من الضروري لهاته الأنظمة أن تقدم تنازلات مبدئية لتتماشى مع صيغة النظام الديمقراطي في ظل الدولة المدنية.
قد تختلف القوى السياسية التي تقود التغيير المجتمعي أو تطالب به. لكن من غير المقبول الوقوع في محظور الفتنة والاقتتال الداخلي، وإنما وجب الإسراع إلى إنقاذ ما تبقى ووقف سفك الدماء. لقد تفاقمت الانقسامات السياسية ذات البعد القبلي، العقدي و الطائفي، التي أدت إلى النزاعات المسلحة، التي من شأنها ضرب وحدة النسيج الاجتماعي وتفكيك البنية التحتية للكيانات القائمة وغير المستقرة. وما ظهور الأصولية الإسلامية منذ عدة عقود مضت وانتشارها سريعاً في صلب المجتمعات المغاربية والمشرقية سوى نتيجة الفشل في تقليد تجربة الدول الأوروبية والأميركية في استكمال البناء الوطني الجامع لمؤسسة الدولة المدنية.
وما الأحداث الأخيرة بتونس الخضراء، إلا دليل على فجائية تفجر الأوضاع، و نحن لسنا بعيدين عن انفلات الأوضاع الاجتماعية بسبب ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية التي تهم المعيش اليومي لأغلبية المواطنين. فبالرغم من الاستقرار السياسي، هناك صعوبات التحكم في سيكولوجية الجماهير، التي أصبحت تند عن التأطير الحزبي و السياسي بسبب الغياب التام للأحزاب عن الساحة الاجتماعية و الفضاءات العمومية.
و بالتالي فإن دقة المرحلة سياسيا و حساسية الوضع الاجتماعي العام بالمغرب من تداعيات الأزمة الاقتصادية تستوجب يقظة مؤسسات الدولة المسؤولة عن الأمن و السلم الاجتماعيين. سيما و أن تقرير المندوبية السامية للتخطيط الأخير في 6 فبراير2013، قد دق ناقوس خطر الركود الاقتصادي و استفحال الارتفاع الصاروخي للأسعار في غياب تدابير حكومية إجرائية سريعة، تعمل من خلالها على خلق الهدوء الشامل. الشيء الذي يجعل من النخب الحزبية السياسية في الأغلبية و المعارضة مسؤولة سياسيا و أخلاقيا في المستقبل المنظور عن أي سياسة حزبية ضيقة أو حملة انتخابوية جانحة. بحيث لا يجب أن ننسى أهمية موقف الاخر من طبيعة حضورنا في العالم بحيث يرى الدكتور عبد الله العروي في هذا السياق على أن: كل خطوة نقوم بها مجتمعا و دولة تكون لها تبعات أو تداعيات دولية، "يوجد اليوم مجتمع دولي، قضاء دولي، صحافة دولية، أردنا ذلك أم أبيناه. هناك اتفاقيات دولية توصي بأمور وتحذر من أخرى في مجال حقوق الجنس والفرد والأقليات. هناك مكافآت لمن يوافق وعقوبات على من يفارق، فيسمى مارقا".
غير أن تجنب الخطر على المستوى الوطني، قد يتحقق إذا ما اتجهت الأوضاع بروح وطنية عالية نحو التنزيل الديمقراطي والسليم لمقتضيات الدستور في جو من الإجماع العام، والعمل على خلق حلول ذكية مثل خلق الثروة و الرفع من نسبة النمو ومحاربة التملص الضريبي و تهريب الأموال و تفعيل قانون ربط المسؤولية بالمحاسبة، و البحت عن الاستثمارات الخارجية بحكم علاقات المغرب الديبلوماسية الجيدة مع دول العالم المتقدم، و القيام بدراسات سوسيولوجية اكاديمية لضبط بنية التنظيم و التغير الاجتماعي من أجل تشخيص علمي للفئات النشيطة، العاطلة، و المهمشة بدل المقاربة الحزبية الضيقة للشأن الاجتماعي و الاقتصادي الذي ترهنه هواجس انتخابية موسمية. آنذاك يمكن أن ترتفع نسب إمكانيات النجاح السياسي و التنموي في تجربة مغرب المراجعة الدستورية الإصلاحية، التي يمكن أن تكون ممكنة بل وواعدة، في تحصين بناء الدولة المغربية الحديثة.
من جهة أخرى لا يمكن أن نفصل بين الاصلاح السياسي و التنوير الفكري و الثقافي. بحيث يواجه الفكر العقلاني في تجربتنا الوطنية صعوبات الانتشار بحكم فشل النخب التقدمية في السابق و الليبرالية في اللاحق. و بالتالي فإن مقاربة القضايا المصيرية المتعلقة بتنظيم الدولة و المجتمع على اساس عقلي، يمكن من التوفيق في نظر هيجل ما بين النظم الاجتماعية و الدولة كبديل مفترض للقطع مع النزعة التقليدية الاحتوائية المطلقة. مادام تقدم الانسان مرتبط بالمعرفة التي توجهه في صراعه ضد الطبيعة و التنظيم الاجتماعي.
وعليه لابد من أن ينجز "المثقف" المغربي المفترض ثورة فكرية أو ثقافية هادئة، تجعل المواطن المغربي يدرك طبيعة التضاد مابين استخدام العقل و بين الامتثال غير النقدي للأوضاع السائدة في الحياة "، فلا شيئا يعقل ما لم يكن نتيجة تفكير". بيد أن المشكل في نظر العروي كمثقف مغربي نادر في الوطن العربي الذي يرى أن " أن الداء العضال هو الأمية، أي ثقافة الأم، التربية الأولية وحلقة الوصل بين الطبيعة والمجتمع، كمفتاح لفهم وتفسير سلوك الإنسان العربي عموما والمغربي على وجه الخصوص " الأمي هو من لا يزال في حضن أمه. يتكلم بلهجتها، يتصف بصفاتها، يتوخى أغراضها، يعمل على إرضائها، يعيش في حماها ولا يتعدى أفق حياتها حتى عندما يهاجر بعيدا عنها " فكلما كانت هذه الأم قريبة من الطبيعة كلما كرست في الأبناء نوازعها كالولاء والطمع والخوف، فقد يكون الفرد متعلما وجامعيا، لكنه لم يحقق الانفصال المطلوب، أي لم يصبح فردا متحررا من عقال الولاء للأم التي ينصت إليها ويطبق وصاياها، والولاء للقبيلة أو للزاوية أو الطائفة.
وعليه فإن الشرط الضامن لحقيقة التجسيد الواقعي للتحدي و التغلب على أسباب الأزمة هو ضرورة التعاقد حول ضرورة واسبقية الدولة على الفرد و المجتمع و القبيلة، أي وضع الدولة كمفهوم عقلاني و تاريخي فوق كل الاعتبارات، أي دولة المؤسسات و الحق و القانون وربط المسؤولية بالمحاسبة التي تتجاوز مصالح الافراد و الجماعات المتنافسة، عاملة على تنظيمها، وكافلة حسب كارل دوتش للوحدة الوطنية عبر تدبير الاختلافات و انواع الصراع حول المصالح، و بالتالي فالدولة الديمقراطية نواة صلبة لخلق التوازن و مواجهة إرادة التفتيت و فوضى سايكلوجية الجماهير حسب لوبون.
إننا اليوم في حاجة إلى ثورة قكرية أو ذهنية هادئة لإعادة النظر في قيم العلم و الثقافة لمواجهة ظاهرة النفور من الدراسة، و النظر إلى التعليم نظرة فيها الكثير من اعادة الاعتبار لقيمة العلم و التعليم و المعرفة و الثقافة بهدف إجراء تعديلات عميقة ذات طبيعة وطنية على النتيجة التربوية و التعليمية و الاجتماعية.
إن الحاجة إلى ثقافة وطنية جديدة تنم صراحة عن مظاهر ما يسميها العروي في "ديوان السياسة" الاضطراب والالتباس الذي عمّ جلّ الأحزاب السياسية، قيادات وقواعد، وصار اليأس السمة العامّة المخيّمة على الآفاق؛ عزوف عن المشاركة السياسية، ضعف التأطير، تشابه البرامج، غياب الديمقراطية داخل الأحزاب، إلى غير ذلك من الآفات والعوائق التي تزيد المشهد السياسي عقما وتعقيدا في حين يعتبر أن ما يجعل أثينا قديما ديمقراطية،: المدنية ومحدودية النطاق ووحدة اللغة والعقيدة وتجانس المجتمع وتضامنه ثم وحدة الهدف، أي « الحفاظ على المواطنة الذي يضمن الحرية والرخاء.
وقد يحدث التحدي الأكبر في المستقبل المنظور أي ما بعد حكومة الحراك الاسلامي العربي، عندما تتوفر الإرادة العامة لتعاقد تاريخي وسياسي مثين ما بين "جيل مغرب ما بعد الحرب الباردة" كنخب ثقافية وطنية و الإرادة الملكية الشابة لتحرير الطاقات الفكرية و السياسية ، التي لم تجد من يسندها سياسيا وثقافيا لأداء وظيفتها التاريخية، بعيدا عن كل التصورات الحزبية الضيقة أو التكتيكات الانتخابية الموسمية، و التي تستدعي الابتعاد عن الشعبوية في التسيير شكلا ومضمونا، بدءا من سياسة هذه الحكومة تجاه القطاعات الأكثر حساسية اجتماعية ومنها التعليم و الصحة و التشغيل مرورا بالاقتصاد في علاقته بقانون مالية 2013.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.