«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأحزاب السياسية و الاستحقاقات البرلمانية في ظل الدستور الجديد.
نشر في شباب مصر يوم 25 - 03 - 2012

في الحقيقة لا يمكن للمغاربة إلا أن يهنئوا أنفسهم بعد مخاض عسير. ابتدأ من 9 مارس عندما أعلن العاهل المغربي عن مراجعة دستورية عميقة، و ما تلى ذلك من جدل و نقاش حول اللجنة المكلفة بهذا التعديل الدستوري. تبين بالملموس أن هناك استجابة تاريخية و سياسية إصلاحية متنورة للعاهل المغربي لمطالب الحركة الشبابية المغربية في صفائها الأول. استجابة تضمنت بالقوة بوادر و جينات تجذير مفهوم الديمقراطية، الدولة الديمقراطية و حقوق الانسان بالمقاس المغربي الخاص، بالرغم من أنواع الرفض و الإحجام من طرف بعض المجموعات السياسية الصغيرة، التي انتعشت دائما في فلسفات الرفض و العبث السياسي. فإن دل رفضها على شيء فإنما يدل على الحرية السياسية السلبية في ممارسة الواجب المدني للمشاركة في الاستفتاء كمبدأ ديمقراطي سواء بالتصويت بنعم أو لا. أما المقاطعة و التهديدد بها فتعني المزايدة على استقرار شعب من أعرق شعوب المغرب العربي و الاسلامي .
وعليه فإن المطالبين بالاصلاح الدستوري في الماضي القريب، أو قل بعض الفاعلين السياسيين المنتظمين في الكثلة الديمقراطية قد اندهشوا من حجم التعديلات و الاصلاحات النوعية التي جاء بها الدستور الجديد. لا سيما صلاحيات الوزير الأول المنبتق من الحزب الأول الفائز في الانتخابات. و بالتالي سنحاول في هذا المقال المتواضع طرح إمكانيات الاصلاحات الحزبية وما تعرفه من تعقيدات في التمثيلية الوظيفية للشعب المغربي. بيد أن الدينامية الدستورية و الاصلاحية لم تلق هاته الأخيرة استجابة الشارع المغربي المغرر به و نقصد حركة 20 فبراير. التي لا يؤشر سلوكها على هدوء الأوضاع العامة بالمغرب. على أساس أنهم مصرون على الاحتجاج بمطالب تعكس صراحة ضعف الأفق الفكري و السياسي، مع نوع من الاستخفاف بحساسية الظرف السياسي بالمغرب.
أزمة الأحزاب السياسية و الاستثناء المغربي.
1 _ في أزمة الأحزاب المدنية الديمقراطية.
حدد الدكتور عبد الله العروي، المؤرخ والمفكر والروائي المغربي الأبرز، في كتابه الأخير "من ديوان السياسة"، مداخل للإصلاح الدستوري على أساس "تأويل ديمقراطي للدستور" بدل "التأويل السلفي.
ذكر صاحب الإيديولوجيا العربية المعاصرة ببديهيات السياسة واقفا على مدى "الأمية" المتمثلة في"مجموع العوائق التي تمنع بلورة الوعي بالمواطنة عند الفرد. أضمن وسيلة لمجابهتها والتخفيف من تأثيرها على المستوى الوطني إقامة ديمقراطية محلية حقيقية، تسلب من الدولة المركزية أجهزة التخويف والتمويه". ويزيد موضحا "لنا مقاه ونواد، ثقافية ورياضية، لنا جمعيات ووداديات، لنا أحزاب ونقابات مهنية، تقوم كل واحدة في مجالها بما كانت تقوم به الزاوية. هذه أسماء تنظيمات جوفاء إذا لم ينعشها أفراد. وهؤلاء الأفراد، قادة وأتباع، كيف يفكرون، كيف يتصرفون، كيف يتخاطبون؟ إذا تربوا في أحضان زاوية، إذا كانت تربية الزاوية هي كل ثقافة الأم، مجسدة في كلامها وسلوكها ونصائحها، أما يعمل ذلك، في ظروف مواتية، على تحويل فرع الحزب أو النقابة أو الجمعية – لا في العاصمة، لا في المدينة المنفتحة على سائر الدنيا، بل في المدينة الصغيرة والقرية المنزوية – إلى زاوية، سيما إذا كان المقر هو المبنى القديم نفسه؟". يذكر العروي بالسياق الذي جاء فيه "الدستور الملكي المغربي" سنة 1961 فيقول "بعد انهيار نظام الحماية ظن الكثيرون أن الوقت حان لإعادة بناء الدولة المغربية على أسس منطقية واضحة. ولا بأس أن يكون اللباس على غير المقاس إذ كل الدساتير تصبو إلى الأمثل. اعترض البعض: لا حاجة لنا لأي اقتباس أو إبداع. الدستور بدعة وكل بدعة ضلالة. حقيقة الأمر أن هؤلاء كانوا يودون إسناد التدبير إلى من كان منبوذا في العهد السابق، أعني العلماء. لكن كيف يسير الشأن العام من ظل مبعدا عنه طيلة جيل؟ لم يحقق المعترضون أغراضهم لكنهم منعوا خصومهم من الوصول إلى مبتغاهم.
و في هذا السياق نسائل الأحزاب السياسية التي تعاني من أزمة مزمنة حول الديمقراطية الداخلية و ضرورة الايمان بصراع الاجيال و الاقتناع بمقولة _دوام الحال من المحال_، عن مدى قابليتها للانفتاح على مكونات أكبر شريحة في المجتمع: الشباب . باعتبار أن المؤسسة الحزبية مؤسسة دستورية يلقى على عاتقها تأطير المجتمع لخدمة السياسات العامة للدولة لاسيما و أن الدستور الجديد جعل من الأحزاب السياسية قاطرة لإنجاح المسلسل الديمقراطي بالمغرب.
1_ 1 النموذج الاشتراكي الديمقراطي.
ما يمكن رصده هو تهافت الأحزاب المغربية على قضايا فارغة لا تهم المصلحة العامة للبلاد و العباد. في حين أن الحزب في تعريف الفقيه القانوني( موريس ديفرجي): إن الحزب هو مؤسسة عمومية تشتغل إلى جانب الدولة لانجاح السياسات العامة للدولة، كما أن هاته الأخير مجموعة بشرية تسعى إلى تنفيد برنامج حكومي مضبوط بالرغم من اعترافه الواضح بغياب أي نظرية عامة تحكم الأحزاب السياسية. وعليه لم تستطع الاحزاب المغربية تقديم أية قيمة مضافة للعمل السياسي بالمغرب ونقصد أهم وظيفة خلقت من أجلها و هي " تأطير المواطنين" و توجيههم نحو المصالح العليا للبلاد بالتربية و التعليم. و الحال هو أننا لا نلاحظ أية تحولات نوعية في الفكر النظري و الخطاب السياسي الحزبي للتجربة الدستورية الجديدة. اللهم الخطاب الموسمي السطحي و المتحول حسب رياح القوة و النزعات النفعية مع تسجيل سلبية مستمرة لوجود عناصر حزبية شاركت في الحركة الوطنية الأولى. مما ينعكس سلبا على تدافع الأجيال، معمقا الهوة المهولة بين الدولة و المجتمع، و هو ما يؤشر على وضعيتها الداخلية المزمنة و ما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع. إذ يمكن أن نضيف أن إمكانية تجديد و تصحيح العمل الحزبي قد فشل مع حكومة التناوب التوافقي، بدليل أن أكبر حزب سياسي وهو الاتحاد الاشتراكي _ بزخمه النضالي و الحقوقي و الشعبي _ وهو الأمر الذي أدى إلى تمزقات سياسية داخلية لاغبار عليها. بحيث أن الحساسيات الشابة سياسيا لم يسمح لها بممارسة الشأن العام مما أدى إلى تفريخ عدد من الاحزاب اليسارية الصغرى( حزب الوفاء للديمقراطية/ الحزب الاشتراكي/ اليسار الموحد و الحزب العمالي) بطبيعة الحال بحكم سياسية الانشقاق و سيادة فلسفة _أرض الله واسعة_. فهل منعتهم السلطة من إبداع حزب ديقراطي عصري نموذجي في المغرب، يسعف في تجربته التأطيرية و التكوينية للنخب السياسية الشابة و هم على رأس الحكومة؟ فكثيرا ما يتم تعليق الفشل الحزبي الداخلي و صعوبة تذبير الخلاف السياسي الداخلي على الدولة. بيد أن الخلافات الوجيهة و المباشرة قد كانت لها علاقة بتزكيات وولاءات التوزير و إسناد المناصب لددواين الوزارات و الصراع عى السفريات و الامتيازات الإدارية. و عليه لاحظنا صعوبة الحوار الديمقراطي بين مكوناته الحزبية. وما أزمات مشروعية القيادة داخل أكبر حزب معارض في الماضي القريب. إنه النموذج الصارخ على فشل الأحزاب المغربية في تحديث الفضاء السياسي بالمغرب، وقس على ذلك بقية الأحزاب ذات الطبيعة الاشتراكية أو التقدمية التي تجوزت في الغرب قبل العالم العربي . فإذن فإما أن يكون الحزب السياسي في مستوى إنجاز التحديث المطلوب و إما أن تقتحم الفضاء الثقافي و السياسي كائنات لا تاريخية قد تؤدي سذاجتها إلى ما لا يحمد عقباه في العلوم الاجتماعية.
1_2 نموذج الحزب الليبرالي _ الاجتماعي التنموي_.
من الناحية التاريخية اعتبرت مجموعة من الأحزاب السياسية في السجال السياسي و الإيديولوجي بالمغرب بالأحزاب الإدارية. وهي بالفعل مؤسسات حزبية حكمت ولادتها عمليات قيصرية، اتصلت في نموها و تذبيرها للشأن العام المغربي بالصراع التاريخي ما بين النظام الملكي الدستوري و القوى التقدمية الماركسية حول السلطة السياسية. و لذلك سنركز على نموذج الاتحاد الدستوري الذي ارتبطت نشأته بالتجذير الدستوري لمؤسسات الدولة المغربية الحديثة. و الذي دافع عن قيم الليبرالية الاقتصادية و التعددية السياسية دونما التعارض مع القيم الدولية للحقوق و الحريات. وقد ركزنا على الاتحاد الدستوري بسبب كون تجربته أهم تجربة سياسية في المغرب، بحكم انتظام هذا الحزب في المعارضة السياسية لحكزمات التنوانب التوافقي أو_الوفاق الوطني_ الذي ضم انذاك الاتحاد الدستوري /الحزب الوطني الديمقراطي و الحركة الشعبية في إطار التناوب التوافقي الذي اختاره جلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله لتجنيب المغرب ما سمي _ بالسكتة القلبية_. مع التذكير بأن النموذج الليبرالي الوسطي أي التجمع الوطني للأحرار قد شارك في كل حكومات التناوب و نفس الشيء وقع مع الحركة الشعبية ؟ و لذلك سنركز على الاتحاد الدستوري الذي تشهد له فيه تدخلات الاستاذ محمد البصير في نقد قانون ماليات ولعلو الاشتراكي في قبة البرلمان . البرمامج الليبرالي الذي دافع فيه الاشتراكيون عن برامج و سياسات الاتحاد الدستوري فيما يسمى التوازنات الميكرو اقتصادية. كما أن مجلس البرلمان و المستشارين لا شاهد على النقد البناء الذي مارسه هذا الحزب الليبرالي، الذي تعرض إلى الكثير من النقد الشديد من طرف الأخوة التقدميين الذي استندوا إلى المشروعية التاريخية مع تعطيل المؤسسات. ولذلك عاصرت ولادة الاتحاد الدستوري في بداية الثمانينات انغلاقا في الأفق السياسي بحكم المعارضة التقدمية الهدمية لما سمي _بالاصلاحات الهيكلية_ . ما يلاحظ من خلال المقارنة أن هذا الحزب قد كان سببا في الدفاع عن المبادرة الاقتصادية الفردية بدل ديكتاتورية القطاع العمومي، كما دفاع في وقت مبكر عن الجهوية كأساس لتحقيق الديمقراطية الوطنية. ولذلك ساهم الحزب إلى جانب الملك الراحل في تنظيم الألعاب المتوسطية التي أنتجت سعيد عويطة و نوال المتوكل و تشييد السدود، كما تخرجت منه نخبة من الخبراء و السفراء و المستشارين. أما العيب اليوم الذي نراه في الاتحاد الدستوري هو انغلاقه على نفسه بدل الانفتاح على الشارع و الجماهير حتى يستعيد بريقه الايديولوجي و السياسي عندما أصبح الرفاق التقدميين شراحا بارعين لمنافع الليبرالية. و لذلك نراهن على تحرير قطاع الشبيبة كسلوك ديمقراطي مرتبط بأخلاقيات الفلسفة الليبرالية بالرغم من أن الحزب خارج الحكومة. و معناه أن الحزب لايتوفر على اللوجيستيك القمين بتحريك الحركة الشبابية التي نراهن عل نخبها الشابة في تنزيل فلسفة و مقتضيات الدستور الجديد لدعم الشباب الليبرالي، المتلهف إلى الممارسة العلمية و العقلانية للعمل السياسي الحزبي بالمعنى الوطني الحقيق. كما يمكن أن يجذر التأسيس النظري للقطب الليبرالي الجديد لأضفاء المشروعية التاريخية و السياسية على هذا القطب الليبرالي الجديد في الساحة السياسية الوطنية.
_1_3 نموذج الحزب السياسي الاسلامي.
من غير المنطقي اليوم، تصور الساحة السياسية المغربية بدون مكون سياسي إسلامي، فرض نفسه بقوة من خلال العمل الجماعي والنقابي و البرلماني، ناهيك عن الحضور اليومي في تأطير النساء و الشباب. إنه حزب العدالة و التنمية كحزب سياسي معتدل نحترم فيه اعتداليته في الخطاب الايديولوجي المنافح عن مشروع حزب العدالة و التنمية الذي يجعل السياسة تحت إمرة الأخلاق. وهذا ما يعاكس روح الحداثة مع ماكيافيل الذي جعل الأخلاق تحت رحمة السياسة، تلك الروح الديمقراطية الليبرالية التي أدت إلى النماذج الغربية الديمقراطية المعاصرة: الولايات المتحدة الأمريكية و دول اوربية مثل فرنسا / المانيا/ انجلترا والدول السكندنافية. أليست هاته الدول هي تحتكر العلم ، القوة و الثروة؟
إن الباحث في العلوم السياسية يدرك بكل موضوعية التمزق التنظيري الذي يسكن الخطاب الاسلاموي في العالم العربي بصفة عامة وخطاب العدالة و التنمية بصفة خاصة.إذ تقتضي الصرامة الموضوعية و اتساع الافق النظري و النقاش الايديولوجي ضرورة النقد البناء الذي يرتبط بالمصلحة العامة قبل الفردية أو الحزبية الضيقة. ولذلك سنحاول بعض ابراز مظاهر المفارقة في الفكر التنظيري لحزب العدالة و التنمية بكل روح ديمقراطية.
1_ صعوبة التركيب الجدلي ما بين المرجعية الليبرالية الديمقراطية ذات الاصول البورجوازية الثورية: ( المؤمنة بالتمثيلية البرلمانية/ التعددية السياسية و التأويل الديمقراطي للدستور. في حين أن المرجعية الدينية الاسلامية ترتد إلى منطق الشورى و تطبيق السنة والكتاب. غير أن المفارقة التي نسجلها من خلال خرجات و تصريحات أعضاء المكتب السياسي هو أن بعض الخطابات تعتمد على ما يسمى في الادبيات السياسية بالميكافيلية_ كون الغاية تبرر الوسيلة_ فالبرغم من الارتباط بالمرجعية الدينية في العالم العربي برمته. مرجعية تربوية تستهدف التأطير و الاستمالة للإقبال على العمل السياسي انطلاقا من المعتقد الديني. و هي ممارسة تحتاج إلى إصلاح ديني وطني شامل. سيما و انها تقوس على أخطر و أرهف علاقة تربط ما بين المواطن و الإيمان بالله. و لهذا تحرك الحركات الاسلامية الشوارع العربية بصفة عامة لتركيزعا في الدعاية على القضايا الدينية الحميمية ( المهرجانات الفنية/ القضية الفلسطينية/ الصور المسيئة للرسول الكريم )الشيء الذي يشجعها على الانتشار و التوغل في الاوساط المحافظة سواء: في الجامعات أو المدن الكبرى و العالم القروي. و الواقع هو أن الحالة المغربية فيما يخص تعاظم تأثير الحركات الإسلامية ترد إلى فشل حكومات التناوب في ملء الفراغ و تنوير الفضاء العمومي. ولهذا تركت الساحة فارغة أمام عدد من الحركات و التنظيمات الإسلامية المحضورة قانونيا. و لذلك نلمس أن المفارقة تكمن في دفاع أمين عام الحزب عن الملكية إلى جانب إمارة المؤمنين لاتقاء شر الفتنة و ربط الإسلام السياسي بالعنف أو الإرهاب. في حين أن شبيبة الحزب تهدد بمقاطعة الانتخابات المقبلة. أو الارتماء في أحضان 20 فبراير لضمان شعبيتها، أو استمالة بقية الاطراف السلفية و الاسلاموية في الانتخابات المقبلة من خلال التركيز الاعلامي و التضامن من معتقلي السلفية.
2_ ما يلاحظ منذ الاعلان عن التعديل الدستوري هو تهميش حزب العدالة و التنمية بعض الفئات الشبابية في اتخاد القرار السياسي في الحزب، والذي كاد أن يؤدي إلى تجربة الاستاذ عبد الرحمان اليوسفي (أرض الله واسعة). معناه أن الحزب لا يخلو من ظاهرة صراع الاجيال. لكن ما تجدر إليه الاشارة و يستحق الاهتمام و البحث عن الجواب: هو كيف يمكن تصور الشفافية و رفع الدولة يدها عن التوازنات السياسية و الاقتصادية في انتخابات دولة من العالم الثالث؟
3_ صحيح أن الحزب له خصائص سلوكية جيدة على مستوى الخطاب و الممارسة إلا انهما غير كافيين بالنسبة للمجتمع المغربي. إذ لا يستطيع أي حزب من الأحزاب أن يقدم لنا دراسة علمية دقيقة حول المجتمع المغربي: مكوناته، تشكيلاته الاجتماعية، تحديد طبيعة السلطة السياسية و علاقتها بالمجتمع المتنوع انثربولوجيا بالدرجة الأولى. و عليه فإن ممارسة النشاط الحزبي في العالم بدون سند علمي رصين و تشخيص دقيق للاوضاع العامة قد تنتج عنه إما العدمية أو الحرب الاهلية أو التفكك الاجتماعي و السياسي؟ و ما تاريخ النازية حسب ليوشتراوس إلا نتيجة لتساهل الحكومات الليبرالية مع المذاهب العدمية؟
4_ لا نشعر لدي حزب العدالة و التنمية من خلال منشورات كتابها أو مثقفيها على حس تنويري أو علمي يستهدف محاربة الامية السياسية لبناء مجتمع تعاقدي بالمعنى الغربي الحديث. اللهم ترويج خطاب ضرورة رفع الدولة عن الانتخابات و الامساك بحديد على حزب الاصالة و المعاصرة باعتباره الغريم السياسي الخطير الذي نافسها في الانتخابات الاخيرة.
كما يمكن أن نثير مشكل التأطير الايديلوجي. ذلك أن المتتبع لنمو و تطور الحزب أنه يمتح رافده الرئيس في التأطير و التعبئة الدعوية من حركة الإصلاح و التوحيد، أما القاطرة فهي حزب العدالة التنمية الذي تنظره تحديات نوعية في المستقبل القريب.
لقد علق الأستاذ محمد الخلفي في مقال بهسبريس على أن انبثاق ما يسمى بالقطب الليبرالي( الاتحاد الدستوري / الحركة الشعبية / حزب التجمع الوطني للأحرار) يشكل في نظره تهميشا أو إقصاءا لحزب العدالة و التنمية. الذي لايخفي أمينه العام رغبته في تذبير شؤون الحكومة المقبلة كرئيس لها إذا شاءت الأقدار؟ و معناه أن القيادة الحزبية تريد الإنتظام في المشهد الحكومي بطريقة ابتزازية، بحكم الشعبية التي يتمتع بها في السوق الانتخابية و الانضباطية التي يعرف بها مناضلو الحزب و المتعاطفين معه من الحرجات و التنظيمات الاسلاموية. _ كما ان حزب العدالة و التنمية قد راكم تجربة انتخابية لايستهان بها تسمح له بالمزايدة على التوازنات السياسية الوطنية. و الحال أن ما سمي في أدبياتهم السياسية بالمساندة النقدية يمكن أن تكون أساس التحول إلى فاعل سياسي رصين. إذ كثيرا من الأحزاب القوية في الشارع قد هزت أعراشها عند مارست الشأن الحكومي . نتمنى أي يحدث حزب العدالة و التنمية تغييرا فكريا جديا عندما يتحرر من تنظير أطر حركة الإصلاح و التوحيد لطبيعة السجال السياسي المغربي.
2_مكونات الاسثتناء النسبي المغربي
مما لاشك فيه أن الحملة الاعلامية الدولية التي واكبت الحملة من أجل الاستفتاء على الدستور المغربي قد تجازوت بعضها حدود احترام سيادة وقيم الدول باسم حرية التعطية الاعلامية. ولذلك لاحظنا أن أحد المأجورات أو المجندات ضد المغرب في فرانس24 قد علقت: على أن التعديل الدستوري لم يتخل فيه العاهل المغربي عن رئاسة أركان الحرب العامة و إمارة المؤمنين. و بالتالي فهي ليست مختصة علميا في تاريخ المغرب، لذا نقول بكل ثقة و مسؤولية أن المغرب ليس جديدا على العالم و كأنه بوركينا فاصو. فالمغرب صراحة يشكل استثناءا تاريخيا و ثقافيا، بحيث أنه البلد الوحيد في العالم العربي الذي ظل محافظا على سيادته من الهيمنة العثمانية. و هذا ما يشعرنا بالفخر و الامتياز فيما يخص الخصوصية المغربية. و لذلك عرف المغرب عبر جميع اللحظات التاريخية بوحدته المركزية، الجامعة ما بين القبائل و السلطة المركزية ضد الغزو الايبيري في العصور الوسطى و العثماني في الأزمنة الحديثة و الاستعمار الاوربي في القرن الماضي. ما يلاحظ على طول هذا التاريخ المغربي ينكشف عن هذا أن النظام الملكي الدستوري هو ما يصلح كضمانة سياسية و دينية و لحمة ثقافية و اجتماعية للأمة المغربية.
أما هاته الخصوصية المغربية وهي في ظل التطور سوف نقارنها بأحدث ما هو جديد في الفلسفة السياسية الحديثة :_ فلسفة التعاقد الإجتماعي _ فبالرغم من أن هذا التعاقد يهم مشروع تنظيم سياسي يفترض وجود المؤسسة الكنسية. فإن المغرب ليس فيه تاريخ للكنيسة، اللهم أن الروح المدنية الحديثة التي تسكن العاهل المغربي هو ما جعل جلالة الملك يعتبر نفس مواطنا سينزل للتصويت عن الاستفتاء الدستوري. و هذا هو روح العقد الاجتماعي الغربي في شكله المغربي. إنه تدشين لمشروع تعاقدي جديد فيه الكثير من الأشياء الجديدة و التي تجاوزت سقف توقعات رفاق الأمس بحيث اعترف أحد الزعماء التقدميين: من أنه ذهل لحجم هذا الإصلاح الدستوري الذي لم يكونو يتوقعونه.
ملاحظات نقدية :
1_ و بالتالي لا نتفق اليوم مع نظرية المؤامرة الخارجية بتعاون مع عناصر من عشرين فبراير: نحن مع الاصلاح و الانتقال السياسي الديمقراطي التدريجي، الذي تسنده العدالة الاجتماعية و الوعي السياسي المتنور الذي يغلب المصلحة العامة، ومتقيا شر الفتنة. و حملنا انحرافات 20 فبراير إلى الفشل الحكومي التناوبي أي فلسفة _أرض الله واسعة _و التي لم تستطع احتواء عنف شبيبتها الغاضبة على ديكتاتوريتها التنظيمية و السياسية.
2_ نحن مع الملك كأمير للمؤمنين، تفاديا لتناحر و صراع الملل و النحل. ونحن ضد التشويش على المشروع الديمقراطي الوليد. فالحياة العمومية سياسيا تتطلب مشاركة الجميع بدون استثناء. فبالرغم من وجود معارضة لهاته التوجهات من طرف جماعة إسلامية، التي نطلب لها الهداية أخلاقيا و أن تنزل باقتراح مشروع سياسي و ديمقراطي واضح: نفحصه تصوريا و نظريا تحت مبضع النظرية السياسية الخاصة و التاريخية البراغماتية.
3_و في الحقيقة ما تابعناه في الشهور الأخيرة هو تكشير اعداء الوحدة الوطنية و الملكية الضامنة لوحدة و استقرار المغرب عن انيابها. صحيح ان الحركية الشبابية كانت و راء الاستجابة الملكية لمطالب الفاعلين السياسيين بالاعلان عن اصلاح دستوري هادئ و عميق، في سياق ظرف عربي خاص تحكمه رهانات أمنية، اقتصادية و مالية. و الصريح أن الاستجابة الملكية الرصينة بتعديل الدستور المغربي يحصن الامة المغربية من الانزلاق الى مطبات الشعبوية و الغوغائية السياسية. صحيح أن الحركة الشبابية كانت متشبثة بالملكية و بالشعارات الوطنية، مع احترامها الأخلاقي للعاهل المغربي لكنها تعرضت لعملية الحجر و الوصاية من طرف مكونات متطرفة انتهازية تريد الالتفات على مطالب حركة 20 فبراير لأغراض في نفس يعقوب .
4_ إن أهم درس في الماكيافيلية هو الإقرار بأن ليس كل الناس اخيارا بل فيهم الاشرار، و الذين لا يتورعون عن كل ما في وسعهم لتحقيق مصالحهم سواء بالحيلة أو الدسيسة. وهذا ما بدا يلاحظ على شعارات و مطالب حركة 20 فبراير من تجاوزات لحدود الادب و اللياقة الاخلاقية. و بالتالي وجب على الامير أن يتلبس لبوس متغيرات الامور و أن يستعمل كل ما في وسعه من الخطط القانونية و اللاقانونية للحفاظ على استقرار و سلامة الدولة، و تحصينها من الغزو الخارجي و الضعف العسكري. ذلك اني اعتبر أنه من المستحيل بالنسبة للمغاربة أن يتقوا أو يصدقوا في شيء اسمه الخلافة على نهج النبوة كما يروج له ممثلو العدمية الاسلاموية. أو جمهورية الحزب الوحيد كما يروجوا لها رفاق الماركسية الساذجة. فالملكية الضامنة هي الترياق الصريح و اللحمة المكينة للبربر و العرب / سكان المدن و البوادي/ التقدميين و المحافظين . و لذلك اتحدى اي باحث أو اي منظر ان يعطينا نموذجا لمشروع مجتمع مغربي متكامل من دون ملكية تاريخية. اللهم المزايدات السياسوية التي لاتسمن و لاتغني من جوع. و بالتالي نحن في حاجة ماسة إلى جيل جديد من المثقفين الشباب، الغيورين على مقدسات البلاد الدينية و السياسية.
فماذا تحقق في العراق بعد صدام ؟ وهل محتجوا ساحة التحرير في مصر هم اللذين يحكمون ؟ و هل تحققت المدينة الفاضلة في تونس أو مدينة الشمس في ليبيا؟ إن الثورة الحقيقية هي ماذا بعد الثورة ؟ إن الثورة الحقيقية هي ثورة التنظير العقلي و ليست تأجيج مشاعر الغوغاء و استغلال الحيف و التهميش لنفث سموم الفتن و القلاقل السياسية. الثورة السياسية لها منظرون و مؤلفات علمية و فلسفية و ليست نبوءات، أو أوهام الحزب الوحيد للمكر و الخداع أو النصب و الاحتيال مع سبق الاصرار و الترصد على الديمقراطية. إن الذين يريدون شفط الاستثناء المغربي و حب هذا الشعب الى السلم و مواجهة تحديات الوحدة الترابية و قضية التربية و التعليم لن يتحقق مبتغاه، و الدليل على ذلك ليلة فوز المنتخب المغربي على نظيره الجزائري، الذي خرجت فيه الامة المغربية عن بكرة أبيها للتعبير عن مغربيتها و تشبتها بالملك و الوحدة الترابية. و أما الفساد المالي فهو ظاهرة سوسيولوجية طبيعية في المجتمعات النامية التي تفتقر صراحة إلى البورجوازية الوطنية، ذات المشروع المجتمعي، النظام الانتاجي و الخطاب أو الايديلوجيا. و بالتالي فهو موجود في ايطاليا و الجزائر و روسيا و الولايات المتحدة الأمريكية. و محاربته هي من اختصاص القضاء و نزاهة سلطته و استقلاليته و ليس من اختصاص العوام و المنحرفين اخلاقيا أو العدميين المتشبثين بتقديس الشيوخ أو الرفاق الكارزميين، الذين يصطادون في الماء العكر. فما هي أعمالهم الفكرية و السياسية التي يمكن ان تشهد عل تنورهم و تنويرهم للمجتمع؟ اللهم بعض الخرجات أو التصريحات الاعلامية الشاذة ؟
5_واعتقد انه في الافق المنظور، سوف يشتكي المغاربة مظلمتهم للملك محمد السادس نصره من اعطاء الوزير الأول صلاحيات اكبر من مستواه الحزبوي؟ معناه ان السقف الاصلاحي للمهام الموكل لرئيس الحكومة سيجعل من الصعب عليه خلق الاجماع الوطني في ظل ثنائيات المغرب التاريخية و السوسيولوجية التي كثيرا ما استفاض فيها د عبد الله العروي: العرب/البربر . الحضر/ البدو. التقدميين/ المحافظين. المعتدلين و المتطرفين. الشباب/ الشيوخ. إنها الخصوصية العربية المغاربية التي قال عنها العروي بلغة ابن خلذون: مجتمعات لم تعرف التناغم الاجتماعي و الوحدة السياسية. نحن لسنا ضد الملكية البرلمانية فكرا و ثقافة. لكن المشكل هو من هو هذا الحزب السياسي المغربي الذي سيقع عليه الاجماع و في افق حكمه تحل المعضلات الاجتماعية؟ كيف يمكن له أن يحمي مصالح البورجوازية و يتيح الفرص التاريخية للبورجوازية المتوسطة للترقي الاجتماعي مع انتشال سريع للفئات الفقيرة و المهمشة من وضعيتها الاجتماعية و الاقتصادية الصعبة؟ لا بد من التفكير و فهم الامور جيدا قبل الانخراط في النقاش العمومي.
صحيح ان هناك مشاكل و تعقيدات متنوعة. و لكن لا يمكن حلها بشكل شعبوي و إنما نحن في حاجة إلى تأصيل النقاش الديمقراطي الذي يجب ان يبدأ بانسحاب كل الوجوه القديمة و المتآكلة في جميع المؤسسات الحزبية. و التي لاتهمها عدا مصالحها الشخصية و ليست العمومية. و ان تتاح الفرصة للشباب القريب زمنيا و ثقافيا من العاهل المغربي، أي ضرورة بناء تحالف تاريخي مكين ما بين الشباب و ارادة العاهل المغربي لخوض الثورة الثانية بين الملك و الشعب. وفي هذا السياق لا يمكن ان نأتي بحلول سحرية و إنما نعود إلى تجربة الغرب الحديث أثناء مواجهته للتحديات الحداثة و التحديث:
6_ إنها الجامعة و ليست غير الجامعة لحل المشكلات و الصعوبات التي تعترض حركية الأفراد و المجتمعات لتكريس دولة الحق و القانون، لبناء مواطن مدني فعال: له مستوى معرفي يعرف به نفسه و العالم، يدلي بصوته في الانتخابات دون أن يستغل فقره أو جهله من طرف سماسرة الانتخابات. ليكون حرا في اختياراته السياسية، يقوم بالخدمة العسكرية وله طاقة وطنية تسعفه في الاحساس بالتوازن في الانتماء المدني و يؤدي الضرائب عبر تطوير اقتصاد تنافسي. و بالتالي لابد للسلطات السيادية في المغرب من أن تنتبه إلى ضرورة المثقف العضوي المدني: وذلك عبر إنشاء مؤسسات أكاديمية لتكوين المثقفين الديبلوماسيين في مؤسسات أو معاهد علمية بهدف تطوير باحثين جدد ووطنيين قادرين على مواجهة التحدياث المعرفية، السياسية و العلمية. لابد من العودة إلى اسس الفلسفة الساسية الغربية بحثا فيها عما يسعفنا لتكريس دولة الحق و القانون، التي قطعت أشواطا في الدراما و المأساة و التجارب السياسية و العلمية حتى تشكل النموذج الغربي المعاصر الدولة الغربية. فبالرغم من أن الباحثين يقرون على ان مفهوم الدولة هو المفهوم الاكثر درامية و دموية في الفكر السياسي الحديث. وعليه فإننا ننتقد في الأخير تلك الوجوه الكالحة في الاحزاب السياسية و النقابية التي لاتريد ان تركن إلى التقاعد بل ما زالت تنطق باسم الامة، و أنها حريصة على استقرار المغرب. فإذا كنتم تحبون المغرب و تحترمون ملكه فما هي الطاقات الشابة من الاطر الفكرية و السياسية و الثقافية التي اعددتموها للدفاع عن المصالح العليا للوطن و جلب الخيرات؟ اعطوني و لو حزب وحيد له متخصصين في قضية سبتة و مليلية، أو مؤسسة نقابية لديها بحوث حول اشكالية الديمقراطية في الوطن العربي؟أو منظرون لديهم مشاريع في التخطيط اللغوي و الثقافي في المغرب؟ إن المشكلة الرئيسة في المغرب كما يقول د عبد الله العروي توجد في تلك الاشكالية التي لايستسيغها مساهموا و شركاء البورصة السياسية هو الرهان على الانتخابوية، دونما الاكتراث فيما يسميه العروي التأخر التاريخي. أي العجز المعرفي أو القصور العقلي الذي يتيح لاعداء الحق و الديمقراطية الصيد في الماء العكر. ولذلك فالجامعة و الاساتذة الشرفاء و الباحثون النزهاء هم الذين يجب ان تعطاهم الفرصة التاريخية لبلورة مشروع مجتمعي تاريخي إلى جانب الاصلاح الدستوري المقبل. معناه أنه لابد من تكريس معايير الكفاءة و الوطنية في الباحثين و ان تالابواب لجميع الطاقات الوطنية الشابة، إذ كيف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.