يبدو أن قُدّر حزب شباب مصر أن يحارب وحده فى مواجهة قوى أكبر من قدرات الجميع.. فكل آليات الحكومة والمعارضة لم تستوعب حتى الآن حربا نخوضها فى حزب شباب مصر بمفردنا.. هذه الحرب هى حرب أكبر من أن تتحملها عقول قيادات المعارضة الذين فلقونا وصدعونا بتصريحات نارية وعنترية ضدنا لأننا تجرأنا وسرنا بعيدا عن ركبهم وتخلفهم المعروف.. وأكبر من أن يفهمها السادة أعضاء الحكومة الموقرة رغم أنه يجلس على رأسها شخص بطول وحجم السيد الدكتور أحمد نظيف. هى حرب خضنا بسببها حروبا عديدة وعقدنا من أجلها عشرات المؤتمرات والندوات ونجحنا فى أن نحرك المياه فى بحيرتها.. لكن المشكلة أننا فشلنا فى أن نجعل من بيدهم مقاليد الأمر داخل الحكومة فى اتخاذ قرار بشأنها.. وفشل قيادات المعارضة فى التوقف عندها لأن الزمن قد تجاوزهم وهى حرب أكبر من قدراتهم كما قلنا.. الحرب التى لم يتوقف عندها أحد أثناء التعديلات الدستورية وأكدنا عليها فى طرحنا وفى مناقشاتنا للتعديلات الدستورية وفى الورقة التى قدمناها للجنة شئون الأحزاب والتى تحمل رؤيتنا حول التعديلات الدستورية هى الحرب الإليكترونية التى يتم شنها حاليا ضد مصر ويقودها عدد ممن يتقاضون ثمن حربهم من سادتهم فى الغرب.. وبعض أذنابهم فى الداخل.. ***** منذ أسابيع قليلة تفجرت قضية عرفت بقضية "السعار الجنسى فى مصر" .. حيث تناقلت وكالات الأنباء العالمية خبرا مفاده أن السعار الجنسى اجتاح مصر وراحت كل صحيفة وكل وكالة أنباء تحلل وتناقش وأخذت القنوات الفضائية تدلى بدلوها فى هذا الشأن باعتبار أن الحدث أمر حقيقى وقد تغلغل بالفعل بين الشباب المصرى جميعهم.. وراح البعض يقدم الأدلة التى يملكها.. وتصاعدت الفوضى بخصوص الأمر خلال ساعات قليلة من تطاير النبأ الذى دعمه البعض بالصور إياها.. فيما فشلت كل الصحف القومية فى مواجهة القضية برمتها.. كذا فشلت كل مراكز صناعة القرار المهتمة بالحدث بتحليل ما حدث. ***** أيضا هناك حجر زاوية آخر فى هذه الحرب الإليكترونية الموجهة ضد مصر.. هذا الحجر يقوده شخص اسمه الدكتور أحمد صابر وهو مصرى مقيم بالخارج أيضا.. مثله فى ذلك مثل ربيبه محمد عبد المجيد.. حيث إنه أقام فى إحدى الدول الأوروبية وأطلق له موقعا إليكترونيا بزعم قيادة جبهة تطلق على نفسها اسم "جبهة إنقاذ مصر" يعاونه من داخل مصر بعض الإعلاميين المرضى نفسيا وهم معروفين ويكتبون بوقاحة يحسدون عليها.. ولا يكاد يمر واحد دون أن تقوم هذه الجبهة المزعومة بتوزيع بياناتها على ملايين المشتركين من كل أنحاء العالم.. وتقوم بتصدير أنباء وأخبار كاذبة عن مصر وتشن هجوما متواصلا بالتنسيق مع بعض القنوات الفضائية على رموز مصر وقياداتها. ***** أحد أركان الحرب الإليكترونية ضد مصر أيضا.. إعلامى مصرى فشل فى الالتحاق بالعديد من الصحف جراء عقليته التى لا تتحمل التعامل مع الواقع بموضوعية وصنع من نفسه بطلا مناضلا عبر السنوات الماضية أسس موقعا إليكترونيا يستهدف الهجوم المتواصل على مصر ومؤسساتها بداعٍ ودون داعٍ والنتيجة أنه أصبح ضيفا على الكثير من الصحف الإليكترونية والقنوات الفضائية لشن حربه المزعومة واستكمال حلقاتها. ***** مجرد حالات فقط لاغير أحصينا بعضها لنضعها أمام أعين القارىء لندرك بعض أبطال الملف الذى نحن بصدده الآن.. هذا الملف الخطر الذى تحول إلى قنبلة نووية موقوته إذ لم نتعامل معها بحكمة سوف تنفجر عما قريب فى وجه الجميع.. أما السبب فيعرفه القاصى والدانى لكنهم مع الأسف يتجاهلونه لأنهم يدركون أنهم أغبياء غير قادرين على التعامل مع آليات الحرب الإليكترونية التى يتم شنها ضد مصر.. ***** أما عن نتائج هذه الحرب ضد مصر فقد تجسدت واضحة فى عدة نماذج صارخة أهمها الترويج لما سمى بالسعار الجنسى الذى يجتاح مصر وتصوير شبابنا كما لو كانوا قد انهاروا أخلاقيا وتدمير صورتهم أمام الرأى العام العالمى.. والحقيقة فى هذه القضية اتضحت بعد ذلك من أن أحد الشباب قام بفبركة الصور التى تناقلتها وكالات الأنباء.. والترويج لأنباء كاذبة تزعم بأن هناك مجازر وسلخانات فى قلب مراكز الشرطة مهمتها تعذيب آلاف المواطنين والدليل على ذلك ما روجوا له من فيديو يزعم بأن هناك فتاة تتعرض لتعذيب وحشى على يد أحد الضباط ومحاولة قيادة عصيان مدنى فى أنحاء مصر عن طريق بعض المصريين المقيمين بالخارج ويتم قيادة هذ التمرد عبر الإنترنت.. والترويج لمئات البيانات التى تشوه صورة مصر وتصوير مصر كما لو كانت محتلة عن طريق استعمار أجنبى ويجب تخليص المصريين منه.. وتصوير المصريين كما لو كانوا محكومين بقبضة من حديد وأنهم لا يستطيعون التحدث بحرية ومن ثم حاولت بعض الجبهات إياها وحاولت بعض الجهات تبنى الحديث نيابة عنهم.. والمصيبة أن وكالات الأنباء العالمية تتلقف ما تتفتق عنه قريحة هؤلاء.. وليس صدفة بالطبع أن معظم الذين يقودون الحرب الإليكترونية ضد مصر مقيمين بالخارج.. وليس صدفة أن بعض الدول العربية تمول بعضهم..! وليس صدفة أنه تم اختيار أذناب لهؤلاء الذين يشنون حربهم ضد مصر من داخل مصر من مرضى الإعلام المصرى والفاشلين فيه.. ***** ويجب أن نعترف بأن الحكومة وإعلامها الرسمى فشلا فى مواجهة هذه الحرب.. رغم الملايين التى تنفق على مؤسسات الأهرام والأخبار والجمهورية وروزاليوسف.. والمصيبة أنه وفى نفس الوقت الذى فشل فيه الإعلام الرسمى المصرى فى قيادة مواجهة حقيقية تكشف الحقيقة للعالم من حولنا تفرغ رؤساء تحرير الصحف القومية للصراعات ومحاولة الهجوم على منافسيهم للانتقاص من قدرهم بعد أن فشلوا فى مواجهة الحرب الإليكترونية التى تُشَن ضد مصر. ***** يسهل جدا أن يعلن أحد المتنطعين والأغبياء تكنولوجيا أن ينطلق مرددا.. لنترك من يريد إطلاق بيانات ويعلن حربه فهى لن تؤثر فى صورة مصر لأن مصر أكبر من أن يتم مسها أو تشويهها؟ ولا يمكن لمثل هذا المتخلف تكنولوجيا أن يفهم أن المشكلة ليست فى مجرد بيانات وتشويه متعمد للصورة المصرية إنما العالم أصبح حاليا على تواصل مع هذا النوع من الحروب وأن هذه الحروب تقوم بتعبئة الرأى العام العالمى ضد دولة بعينها كما أن الولاياتالمتحدةالأمريكية نفسها تقوم باستخدام هذه الحرب المعلوماتية ضد الأطراف التى تحاول شن حرب عسكرية ضدها وتقوم بتهيئة الرأى العام العالمى لذلك.. ومن ثم فإن تأثير هذا النوع من الحروب يصل إلى الاقتصاد القومى والعسكرى والانتصارات العسكرية نفسها.. كما أن هذه الحروب هى التى تغذى عقلية الجيل الجديد بما تشاء من معلومات خاصة وأن هذا الجيل وكل الأجيال القادمة وليد هذه الثورة المعلوماتية. ***** ويجب أن نعترف بأن مصر لم تصل حتى اللحظة الراهنة لمرحلة النضج الذى يدير هذه الحرب ويواجهها بقوة وحسم. وليس أدل على ذلك من أن الحكومة تملك عشرات المواقع الإليكترونية غالبيتها لم يتم تحديثه منذ عدة سنوات وآخر معلومات وأخبار وصلت إليها تكون دائما منذ حوالى عامين.. وهذه المواقع المفروض أنها بوابة مصر التى تعبر عما بداخلها وتعبر عن أجهزتها الرسمية. وكل المواقع الرسمية المصرية متخلفة وتعيش فى العصر الحجرى المعلوماتى الذى تجاوزناه منذ أكثر من عشرة آلاف سنة ضوئية على المستوى الإليكترونى.. ولا توجد مواقع رسمية على المستوى الجيد سوى مواقع تعد على أصابع اليد الواحدة فقط. لذلك كان من الطبيعى أن نفشل فى مواجهة الحروب الإليكترونية التى يتم شنها بصفة مستمرة ضد مصر.. هذه الحروب أصبحت هى الأكثر تأثيرا وقدرة على التأثير فى الدول وصورها وتعبئة الرأى العام ضدها.. وهو ما قادته جماعات ولوبى يهودى عالميا خاصة فى قلب الولاياتالمتحدةالأمريكية.. وقادة مصريون هربوا للخارج وألقوا بأنفسهم بين أحضانه وباعوا وطنهم مقابل حفنة دولارات.. ***** والغريب فى الأمر أن البعض يحاول التقليل من شأن هذه الحروب وآثارها لكن يكفى أن نعرف أن كل دول العالم بلا استثناء عقدت مؤتمرا عالميا بتونس منذ عدة سنوات كان محور اهتمامه كيفية السيطرة على غول جديد اسمه الإنترنت بعد أن توحش وأصبح ماردا لا يمكن مواجهته إلا بإدارة مختلفة وعقلية مختلفة وأساليبه مختلفة.. ونجحت الكثير من دول العالم بعدها فى ترويض هذا النمر لصالحها بينما نحن فى مصر حتى الآن فشلنا فى التعامل معه.. المصيبة أننا فى مصر لا ندرك أن الجيل الجديد أصبح مرتبطا بهذا النوع من الحروب وأصبح أكثر اقترابا من ساحتها وميدانها العالمى جراء اقترابه من ثورة تكنولوجيا المعلومات فى نفس الوقت الذى ابتعدت فيه كل الأجهزة الرسمية بلا استثناء عن الميدان تاركة أولادنا نهبا لسيطرة أفكار بعينها.. هذه الأفكار التى يتبناها هذا الجيل من خلال ميدان المعركة. ***** نعم نجحنا فى أن نتبنى مشروعات مثل كمبيوتر لكل بيت ولكل طالب ولكل موظف.. ونجحنا فى إدخال الإنترنت فائق السرعة لمناطق كثيرة جدا فى مصر.. لكن المصيبة أننا لم نفكر فى كيفية ترويض هذا النمر.. واستغلاله وهو ما انتبه له حزب شباب مصر منذ سنوات طويلة جدا ووضع آسس وأساليب المواجهة. ***** عندما تقدمنا بحزبنا للجنة شئون الأحزاب شنّ البعض هجومه علينا وأطلق علينا اسم حزب الإنترنت... وزعموا بأننا حزبا مخصصا للإنترنت.. وعندما حصلنا على حكم قضائى فى الثانى من يوليو قبل الماضى عام 2005م بقيام الحزب سخر بعض قيادات المعارضة منا لأن برنامجنا يتحدث عن الإنترنت باستفاضة.. وقالوا إننا لا نفهم فى شيء سوى الإنترنت.. وخضنا حروبا تلو حروب لكى نقنع الجميع بخطورة الحرب الإليكترونية القادمة الموجهة ضد مصر ولم ينتبه إلينا أحد لحظتها.. القيادات التى تدير أحزاب المعارضة فى مصر غير مؤهلة على مستوى المعارضة لتقود حرب المواجهة أو تضع آليات المواجهة لأنها لا تفهم فى هذه الحرب المتقدمة.. ولذلك هى ليست مؤهلة لكى ترسم ملامح العصر القادم لنا ولأولادنا من بعدنا لأن ملامح هذا العصر مختلف ولا تنفع فيه آليات العصور الحجرية التى عاشت فيها قوى المعارضة.. وأعضاء الحكومة بلا استثناء وفى المقدمة منها الدكتور أحمد نظيف فشلوا فى إدارة المواجهة ونتمنى من الرئيس مبارك أن يراعى الظروف والتطورات التى حدثت فى مصر والعالم وينَّحى هذه الحكومة جانبا ويختار حكومة من الشباب تفهم وتدرك أبعاد هذه التغيرات.. وننتهى من كل ذلك إلى أننا بالفعل نحتاج إلى جيل جديد داخل المعارضة وداخل الحكومة ليتمكن من المواجهة إذا كنا فى حاجة حقة إلى أن ننتصر فى هذه الحرب.. ***** البعض يتعامل مع الإنترنت باعتبار أنه مجرد معلومات قادمة عبر شبكة دولية لكننا أكدنا وقلنا مرارا فى برنامج حزب شباب مصر وفى عشرات اللقاءات الإعلامية هو ثقافة قادمة بآلاف التغيرات والأفكار من بلاد أخرى سوف يتاح لها أن تدس أنفها فى صدرك وقتما تشاء وبالطريقة التى تشاء.. لأنك لو فهمت وأدركت آليات هذه الحرب سيكون متاحا لك أن تفعل الشىء نفسه مع الآخر.. الإنترنت يحمل ثقافة مختلفة سوف تؤثر على النشء فى مصر ولم يعد مؤثرات نمو هذا النشء هو المسجد والمدرسة والنادى والأصدقاء والأسرة كما نقول دائما ونتشدق.. إنما الذى سيؤثر هو هذه الثقافة القادمة عبر هذا المارد العملاق المسمى إنترنت.. الإنترنت أجبر كل حكومات العالم بلا استثناء على أن تراجع موقفها من حرية الرأى والتعبير وجعل الأجهزة المعنية تتسم بالشفافية وإلا سوف يستمد المجتمع ثقافته ومعلوماته من الآخر الموجود طوال اليوم على الإنترنت.. إنه عصر أطلقنا عليه فى برنامج حزب شباب مصر عصر الصداقات عابرة للقارات.. تلك الصداقات هى الأكثر تأثيرا فى أفراد المجتمع خاصة المجتمع القادم من خلال جيل اليوم.. ***** لقد طالبنا فى رؤيتنا عن التعديلات الدستورية بتعديل المادة 48 من الدستور التى تنص على: حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام مكفولة، والرقابة على الصحف محظورة وإنذارها أو وقفها أو إلغائها بالطريق الإدارى محظور، ويجوز استثناء فى حالة إعلان الطوارىء أو زمن الحرب أن يفرض على الصحف والمطبوعات ووسائل الإعلام رقابة محددة فى الأمور التى تتصل بالسلامة العامة أو أغراض الأمن القومى، وذلك كله وفقا للقانون. طالبنا وقلنا: لابد من النص صراحة على حظر الرقابة على الإعلام الإليكترونى.. كما طالبنا فى الاجتماع الذى عقد مؤخرا بالمجلس الأعلى للصحافة بفتح ملف هذا النوع من الإعلام خاصة وأنه إعلام بدأ يتعملق بشكل قوى وفاعل ويصبح له دور عالمي ومحلي.. وحاولنا عبر السنوات الماضية أن نقود حالة تتبنى هذا النوع من الإعلام وقام العبد لله بتأسيس وترأس "وحدة الصحافة الإليكترونية" داخل نقابة الصحفيين.. وعقدنا عشرات المؤتمرات والندوات داخل نقابة الصحفيين وخارجها وفى معرض القاهرة الدولى للكتاب حول هذا النوع من الإعلام وقمنا بتأسيس الاتحاد الدولى للصحافة الإليكترونية وتجاوبت كل دول العالم معنا إلا مصر.. رغم أنها تملك آليات الانتصار غير العادى فى هذه الحرب الإليكترونية أما السبب فلأن حكومتنا وإعلامها الرسمى والمسيطرين على مراكز صناعة القرار المهتم بنفس القضية لا يدركون خطورة وأهمية هذا النوع من الإعلام..