يبدو أن فوز الدكتور محمد مرسي بمنصب الرئاسة المصرية - بعد إجراء أول انتخابات حرة بعد ثورة 25يناير- سرع بسقوط الأقنعة عن وجوه الكثير من الكتاب والإعلاميين العرب ,أو بمعنى أصح الأقلام المأجورة والتي كانت تتشدق ليلا ونهارا بشعارات الديمقراطية وحرية التعبير وحق المواطن العربي في اختيار من يحكمه وعند أول اختبار حقيقي لشعاراتهم الزائفة انكشف الوجه الحقيقي لهم ولمن يحركهم من خلف الستار , هذا الغضب وهذا الهجوم الحاد والغير مبرر على شخصية وصلت لحكم مصر بانتخابات حقيقية وبالاقتراع الحر والمباشر وبإرادة شعب مصر مثير للحيرة والتعجب فبدلاً من احترام إرادة شعب مصر العظيم وتقديم التهنئة لهم بتحررهم من حكم العسكر وخلع الطاغية و بطانته الفاسدة التي حكمت البلاد بالحديد والنار طوال ثلاثين عاما يسخرون من فوز د. مرسي ويتندرون على عائلته ويتحدثون عن غياب الديمقراطية بعد صعود الإسلاميين في مصر وأن الديمقراطية فيها ستكون إما عرجاء أو عوجاء . من حق الكاتب -أي كاتب – أن ينتقد ولكن بموضوعية فالنقد الموضوعي يعالج قضايا الأمة ويساعدها على التطور والنمو ولكن الكتابة المكرسة للتجريح والسباب ,و إثارة الفتن تحدث أضرارا بالأمة العربية وتعيدها إلى الوراء وتعاطي بعض الكتاب والإعلاميين العرب مع فوز الإخوان ومرشحهم بهذه الطريقة المليئة بالسخرية والغمز واللمز فيه محاولة لفرض الوصاية على الشعب المصري الحر وتناسي , أن الشعب قد قرر واختار رئيسا لكل المصريين وعلى الجميع احترام هذه الإرادة الشعبية وعدم التعامل مع فوزه بهذه الصورة العدائية كما لو كانت المسالة "عداوة شخصية" فالاختلاف مع الإخوان سواء في منهجهم , أو فكرهم لا يبرر هذا الهجوم وهذا العداء لشخصية رئيس اكبر دولة عربية فلن يكونوا ملكيين أكثر من الملك ولن يكونوا حريصين على مصر أكثر من شعبها وليس من مصلحة الإعلاميين العرب خلق عداوة مع نظام اختاره المصريون بأنفسهم فالتغيير جاء بإرادة أحرار مصر وعليهم قبول النتيجة كما تقبلها المرشح الخاسر أحمد شفيق والذي كان من أوائل المبادرين إلى تهنئة د.محمد مرسي بفوزه بمنصب رئيس الجمهورية. من الحكمة عدم معاداة النظام الجديد الذي جاء عن طريق صناديق الاقتراع بحجة الخوف من تحول مصر لدولة دينية وغيرها من المبررات التي يتحججون بها في مقالاتهم فقطار التغيير قد تحرك ولا نريد خسارة مصر لصالح إيران بسبب تلك الخرافة وتلك المزاعم, لنترك للمصريين مهمة محاسبة الرئيس الجديد على وعوده فأصحاب ثورة 25 يناير قادرون على الدفاع عن مصالحهم وحقوقهم وسيقفون بالمرصاد لكل من يريد إرجاعهم مرة أخرى لعصر الدكتاتورية ومصادرة الحريات. ما يحدث في الإعلام العربي من تخلي كثير من الكتاب عن المهنية الصحفية وإطلاق العنان لأقلامهم لتسطر سباً وتجريحاً للآخرين وليس نقدا موضوعيا متجرد تستفيد منه الأمة العربية مثيرا للإشمئزاز ودليل على انتشار ظاهرة الأقلام المأجورة والتي تعمل لصالح أصحاب النفوذ ومن يحركها من خلف الستار وليس أخطر على الأمة من قلم مأجور يكتب لأنه يتقاضي مبلغا من المال يجعله يبيع ضميره ويتحول إما للمديح أو السباب حسب ما يملى عليه , والأمة العربية في كلا حالتي المدح والسب لا تستفيد شيئاً بل ربما وقعت عليها أضرار جسيمة بسبب ما يحدث من إثارة للفتن وتزوير للحقائق , فالقلم المأجور يمكن أن يحول الحق إلى باطل والباطل إلى حق وفي ذلك تجني على الأمة . نحن في عالمنا العربي المقبل -بإذن الله - على مستقبل زاهر إثر التغيرات الأخيرة بحاجة للإلتحام وليس لإثارة الفتن والفرقة بين الشعوب العربية والإسلامية. نحن بحاجة لكتاب صادقين يساهمون في صناعة الفكر وليس صناعة الخلاف ويعينون على البناء وليس الهدم.نحن بحاجة لكتاب يقدمون مصالح الأمة على مصالحهم وأهوائهم الشخصية ويظهرون الحقيقة حتى لو كانت لا توافق رغباتهم الشخصية فالأمة بحاجة لمن يرشدها وليس لمن يضللها بالأكاذيب ودعم المفسدين. د.نوف علي المطيري [email protected]