أزف أرقى آيات التهاني والتبريكات لشعب مصر العظيم، وأخص بالذكر منهم الثوار، الذي ضحوا بأنفسهم من أجل غدٍ أفضل لوطننا الحبيب، وكذا جماعة الإخوان المسلمين قادة ومنتسبين، وذراعها السياسي حزب «الحرية والعدالة» على هذا النصر العظيم، الذي ما كان متوقعاً، لولا صمود الثوار على مبدئهم. ما يقارب الساعتين والمصريون يجلسون أمام التلفاز، حابسين أنفاسهم، منتظرين النتيجة النهائية للرئاسة، حتى أرهقهم كثرة الانتظار، حيث إن أعضاء اللجنة الرئاسية تأخروا عن موعدهم المحدد نصف ساعة، وعندما تولى رئيس المحكمة الدستورية العليا فاروق سلطان إلقاء كلمته، معلناً النتيجة النهائية للفرز، والتي استمرت لأكثر من خمس وخمسين دقيقة، حتى شك البعض أنه يمهد لنتيجة مغايرة للتوقعات، وأنها ستغضب السواد الأعظم من المصريين الذين أرهقتهم حالة الفلتان الأمني، والأزمات المفتعلة التي تعيشها البلاد، والتي هي من صنيع فلول الحزب الوطني البائد. حالة الرعب والهلع والاستنفار الأمني، غير المبرر، التي وضع فيها العسكر المواطنين، هي ما جعلت الكثيرين منهم يظن أن هناك مؤامرة تحاك ضدهم، وأن النتيجة ستأتي مغايرة لآمالهم، إلا أن الله خيب ظنهم، وجاءت الموجة بما تشتهيه أنفسهم. وأخيراً شعرنا أن الثورة بدأت تؤتي أول ثمارها، ولم يتدخل العسكر في تغيير النتيجة لصالح مرشحهم، وذلك لأنهم علموا أنهم إذا فعلوا فستنقلب الدنيا عليهم. رغم أن قادة المجلس العسكري، ومعهم جميع مؤسسات الدولة، ورجال أعمال الحزب الوطني المنحل، وقفوا مع أحمد شفيق، أحد أعمدة النظام البائد، وساندوه بكل ما أوتوا ما قوة، حتى أنهم صرفوا على حملته الانتخابية ما يقارب المليار جنيه، إلا أن مسعاهم باء بالفشل، لأن الله أراد لمصر الكنانة الخير، فأبناؤها ظلموا كثيراً وذاقوا كل أنواع التهميش على يد النظام المخلوع، والله تعالى يمهل ولا يهمل، ووعدهم بالنصر، لأنهم كانوا مظلومين، وحاشا لله أن يخلف وعده. رغم أن قادة المجلس العسكري، حاربوا مرسي، وجردوه من مناصريه، عندما حلوا مجلس الشعب عن طريق المحكمة الدستورية، على الرغم من أنهم من نظم الانتخابات وأشرف عليها، ويعلمون عوارها، إلا أنهم تركوها تسير بعوارها لتكون ورقة ضغط على الإخوان، يستغلونها وقت الحاجة، وهو ما حدث بالفعل، عندما انتقد الإخوان سياسة حكومة الجنزوري، هددوهم بحل البرلمان عدة مرات، وعندما لم يرتدع الإخوان ويذعنوا لمطالبهم، حلوا البرلمان قبل إجراء الإعادة بيومين، ليجردوا مرشحهم من مناصريه. ما فعله قادة المجلس العسكري، من انقلاب على الإخوان، هو ما جعل شباب الثورة يتعاطفون معها، ويصرون على الوقوف بجانب مرشحها، لأنهم علموا أن من يقود الثورة المضادة هم قادة المجلس العسكري، والشاهد في ذلك أنهم لطفوا الأجواء ليفوز أحمد شفيق بالرئاسة، فجاءت النتيجة عكس رغبتهم، وكان للثوار ما أرادوا، لأنهم لا يعملون وفق مصالح شخصية أو أجندات خارجية، بل إن ما يحركهم هو حب الوطن. لأول مرة في تاريخ مصر المعاصر، يختار المصريون رئيسهم عن طريق صناديق الاقتراع، مما أشعرهم أنهم حققوا ما أرادوا، وأن دم الشهداء الأبرار لم يذهب سدى، وكل ما لاقوه من اعتداء آثم من بلطجية النظام المخلوع أثناء الثورة لم يذهب هباءً. يحدونا الأمل في أن يكون محمد مرسي رئيساً يحتوي كل المصريين، وليس فصيلاً بعينه، وأن يكون أخاً للجميع، لا يفرق بين مسلم أو مسيحي، ومن قال له «نعم»، ومن قال له «لا»، فلا داعي لتصفية الحسابات، لأن المرحلة القادمة حساسة للغاية، وتحتاج إلى تضافر الجهود للعبور ببلدنا الحبيب إلى بر الأمان. الله أسأل أن يوفق مصر، ويحفظ أبناءها، ويعين رئيسها على العبور بها إلى بر الأمان، ويبعد عنها كيد الكائدين، وخيانة الخائنين ... إنه ولي ذلك والقادر عليه. محمد أحمد عزوز كاتب وناشط سياسي مصري