كل شيء قابل للتغيير، لا يوجد ما هو ثابت ألا قليل، بدأت يومي كالعادة بشرح معالم القاهرة والجيزة، التي حفظتها عن ظهر قلب، أصبحت مهنتي لا تسعدني عما ذي قبل، اليوم مثل البارحة وقد يكون أسوء، نعم أسوء لا يوجد جديد، ما قلته بالأمس أقوله اليوم والغد، ما هذا الملل والتكرار، لم أعد استمتع بمهنتي، هل لي أرتاح الآن، وأكُف عن العمل....! هل لدي المقدرة ؟ العيش بدون عمل عقاب، وجدت كل من حولي سعيد لا يكف عن الضحك والكلام، لا أدري كم من الوقت مضي وأنا سارح بخيالي، إلى أن سائلني ضيفي: - ممكن أسألك سؤال شخصي وأجبته: - أنا عندي 73 سنة وإذ برذاذ فمه مصحوباً ببقايا فتات طعام يمضغها فوق وجهي، وصوت ضحكته العالية أدارت كل رأس تجاهنا، ابتسمت عن طيب خاطر، مسحت وجهي وقميصي معتذراً له، فبسبب إجابتي كان رد فعله. انضم إلينا معظم المجموعة سائلة إيانا عن سبب ضحكنا الهستيري، وأخذت في السؤال تلو الآخر، وهذا آلفته أنه عملي الذي منه وبه أعيش، أنا كما يقولون workaholic مدمن شغل، عاد ضيفي للحوار مرة آخري وقال: - لست بصدد السؤال عن عمرك، ولكن ما رأيك في اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل.؟ سؤال لم أتوقعه فدائماً السائح يرغب في الاستجمام و يبعد كل البعد عن الكلام في السياسة والدين. من الطبيعي ومن خبرتي الطويلة في مجال عملي، اعرف تمام إن السائح يريد - دائماً - أن يسمع ما يرضيه، ولكني بلغت من العمر أجمله وازدادت خبرتي، فلا مجال للنفاق وسأقول ما يرضيني ودون أن أثير حفيظته وتكون نفسي راضية، قلت له باسماً: - يعني إيه معاهدة سلام؟ وكما توقعت حاول أن يبحث عن جملة يوضح بها ما يريد وقبل أن ينطق أفهمته أنني أعرف ما يقصد، ولكن سؤالي لم يكن سوى جسر يعبر بي لبداية إجابتي وأردفت قائلاً: - معاهدة كامب ديفيد التي تم التوقيع عليها في 17.09.1978 بين الرئيس السادات ورئيس وزراء اسرائيل بيجن . وأول وأهم بنودها إنهاء حالة الحرب بين الطرفين ويقام السلام بينهما، ثم أردفت: ماذا تعني إنهاء حالة الحرب بين الطرفين ويقام السلام بينهما...! هل المقصود حالة الحرب الدائرة آنذاك...! وبدء حرب جديدة خلاف الحرب القديمة...؟ حرب من نوع جديد دون مدفع أو سيف؟ ارث الكراهية الذي توارثناه من قديم لن يستطع الدهر سوى اخبأه، ومازالت الكراهية التي نغلفها بابتسامة أفعى نرسمها على شفانا، لن أقول أنها حرب باردة أو سلام بارد كما يحلوا لنا أن نجمًل كلامنا، ولكنها حرب قائمة لم تنته بعد حتى ولو تغيًرت أشكالها وأدواتها، وواصلت حديثي وكيف أن مكتب مكافحة الإرهاب الإسرائيلي يصدر بيانا - من وقت لأخر - يطالب فيه الإسرائيليين بمغادرة سيناء في أسرع وقت والعودة, لوجود تهديد خطير ومباشر علي حياتهم، الا ترى أن هذا رسالة موجهة - غير مباشرة لكل السائحين - دون أن يُلام الطرف الإسرائيليين كما زعم البيان¡ وكيف يقوم رجال الشرطة الإسرائيلية بتفتيش الأجانب القادمين من الحدود المصرية بزعم البحث عن المخدرات والأسلحة، ومصادرة المياه المعدنية التي يحملونها، وتحذير السائحين من بداوة أهل مصر، ا هذا يُسمى اتفاقية سلام.! أم تغيير شكل الحرب...؟ هل تعرف ماذا كُتب بعد حرب الأيام الستة عن حربهم معنا؟ وإذا تريد أن نعرف.! لدي المزيد ولن ينضب We forgive the Arab, that they killed our sons, but how ever we never forgive them, that they forced us to kill their sons. ما أجمل التعبير يا روعته، لكم كل الحق أن تتعاطفوا مع هذا الشعب، وأنا بدوري أرفع القبعة عالية ليراها القاصي والداني احتراماً لهم، وحزناً على ما آل إليه حالنا، نحن ظاهرة كلامية ثرثارة نبغنا في الشعر والأدب كما ندعي دون أن نقرأ ما كتبته الشعوب الأخرى حتى نعرف أين نحن؟ ونشعر دوماً بأن الكون يدور حولنا فقط، ماذا فعلنا تجاه قضية قتل الأسرى المصريين في حرب الأيام الستة، غير أننا نشجب وندين، وماذا هم فاعلون بمحرقة هتلر المزعومة التي أطلقوا عليها هولوكوست والكلمة يونانية تعني "الحرق الكامل للقرابين المقدمة للاه". وأنا هنا لا أناقش صحة الحكاية من عدمها، ولكن لننظر كيف جعلوا العالم يصدق روايتهم، وان كنت غير مصدق لا يُسمح ك بالتشكيك، ماذا وإلا قانون فابيو جاهز. و قانون جيسو - فابيو 1990 يجرم كل من يتشكك فيما توصلت إليه محاكمات نورمبرج لمجرمي الحرب النازيين بما فيها خرافة إبادة 6 ملايين من اليهود على يد هتلر، وأنتم مازلتم تصدقون أو لا تصدقون، الكل يخشى بلطجة العم صمويل وتابعه أولاد يعقوب، ويغض الطرف عن أفعالهما ونحن ما زلنا في انتظار ذاك المجهول الذي يرد لنا ثمة كرامة، نعم نحن وكثرة تعددنا لم نفلح في عرض مشكلة لنا وتسليط الضوء، نحن لا نعرف كيف ندافع عن أنفسنا، نعرف فقط أن نقبح جمالنا. قلت كلمتي هذه وشعرت بانسحاب البساط من تحت قدمي، أصبح كل الحضور مختلفي الأحاسيس، منهم من تعاطف معي والجل أظهر عداءه دون استحياء، نفثت دخان سيجارتي وقررت أن أكف عن هذا الحوار فأنا أعرف نتائجه مُسبقاً لن يجدي حواري معهم، أنه ارث قديم صنعناه بأيدينا بثقافة الجهل وتصحر عقولنا - لا يوجد رابح في حرب، و أ فضل الحروب هي التي لم تدر رحاها بعد. قلت كلمتي هذه حتى لا يظنوني من دعاة حرب وكان علىً أن لا أدعي حكمة لا أستحقهما أكملت حديثي قائلاً: - هذه ليست بكلمتي ولكنها موجودة على شاهد قبر في مقابر العلمين، التي بنيت لتخليد ذكرى قتلى الحرب العالمية الثانية التي دارت إحدى جولاتها في مصر وعلينا تسديد فاتورة حرب لم يكن لنا فيها ناقة ولا جمل. بدأت أسترد بعض من انتباههم وعقدت مقارنة بين جيران الشمال الشرقي وبيننا وسألت سؤال أعرف مُسبقاً أجابته. - ماذا لو تم زرع الألغام الأرضية في أراضي جيران الشمال الشرقي.....؟ بدأت الهمهمة بينهم، ما بين متعاطف معك ومن لا ينوي أن يصدقك القول، أردت أن القي بأخر ما لدي ليس استجداء عطفهم، ولكن لتسليط الضوء على ما هم ونحن فاعلون، وإذ بأحدهم يباغتني لينال مني وكرهه الواضح مُغلف بابتسامة زائفة - لكل ما هو عربي - لا يستطيع اخبأه وكان هذا الحوار. - لماذا رقصتم طرباً عند تفجير مبنيي World Trade Center - ولماذا لم تعارضوا أمريكا إبان ضربها للعراق، وسؤالي هذا ليس سوى جواب على تعميم السلبيات التي تذبحوننا بها، عملاً بالمثل القائل حسنة تخص وسيئة تعم والكيل بمكيالين. وأين أنتم من ثقافة العنصرية المتوحشة التي تغلفوها بمعسول المنطق واللعب على وتر جهلنا. ' قلت كلمتي وتمنيت الموت فوراً، بعد أن هالني هذا الخبر في جريدة Daily mail Egypt's 'plans for farewell intercourse law so husbands can have sex with DEAD wives' branded a 'complete nonsense' قربت الشمس على المغيب وأنهيت حديثي قائلاً: الكتاب المقدس بشقيه العهد القديم والجديد الأكثر مبيعاً في العالم، وأنا أصدقهم القول، وقيل أيضاّ: لا تقل كم كتاب قرأت! بل قل كم سطراّ فهمت. وقد قالت جدتي: اللي بيته من قزاز ما يحدّفش الناس بالطوب. وها هو متى فى اٍصحاحه السابع / 3,4,5 يقول: وَلِمَاذَا تَنْظُرُ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ، وَأَمَّا الْخَشَبَةُ الَّتِي فِي عَيْنِكَ فَلاَ تَفْطَنُ لَهَا؟ أَمْ كَيْفَ تَقُولُ لأَخِيكَ: دَعْني أُخْرِجِ الْقَذَى مِنْ عَيْنِكَ، وَهَا الْخَشَبَةُ فِي عَيْنِكَ؟ يَامُرَائِي، أَخْرِجْ أَوَّلاً الْخَشَبَةَ مِنْ عَيْنِكَ، وَحِينَئِذٍ تُبْصِرُ جَيِّدًا .