كان إبراهيم -عليه السلام - يبيع الأصنام التي يصنعها والده، وكان يعمل عقله في فائدتها للناس فلا يجد لها قيمة؛فيذمها حتى لا يشتريها أحد .فأجلسه والده في المعبد لتلقي القرابين التي يقدمها الناس للأصنام التي يعبدها الناس، ولكنه كان يحقر من شأنها ؛لأن لها عين ولا تبصر بها ولها يد ولا تبطش بها ولها رجل ولا تمشي عليها . ثم حطم الأصنام وهام على وجهه في الصحراء يبحث عمن يستحق العبادة. وشاهد القمر في السماء ليلا فتذكر أنه أنفع من الأصنام ،فقال في نفسه إنه أولى بالعبادة حتى أشرقت الشمس في الصباح فوجدها أقوى وأنفع من القمر ، فقال في نفسه إنها أولى بالعبادة من القمر ، وعندما غابت زهد فيها لأن الله يجب ألا يغيب وأن يكون موجودا في كل زمان وكل مكان . وظل يعمل عقله حتى توصل إلى أن الله هو من خلق الشمس والقمر والناس واشجر وكل الكائنات في العالم ، فالله أقوى وأكبر من كل الموجودات. ثم بدأ يتواصل مع الذات الإلهية ويتحاور عن كيفية البعث بعد الموت وغير ذلك حتى اطمأن قلبه بالإيمان. وعندما وجد الناس الأصنام محطمة جدوا في البحث عنه لأنه كان يكثر من ذمها وأيقنوا أنه الفاعل. ثم عقدوا له محاكمة . وخيروه بين العودة إلى عبادة الأصنام التي يعبدونها أو الإحراق في النار ، ولكنه صمم على موقفه وتمسك بدينه بعد أن قوي يقينه الله الواحد الأحد ؛ فألقوا به في النار وهم ينظرون ، وفي النار يأتيه جبريل الأمين ليسأله: ألك حاجة ؟؟ فيجيب إبراهيم بما يفيد أن الله عالم بحاله وهو غني عن سؤاله . وبعد أن تأكد نجاح إبراهيم في الابتلاء والاختبار يسلب الله من النار خاصية الإحراق ويأمرها أن تكون بردا وسلاما على إبراهيم . وعندما تأكل النار كل الحطب الذي جمعوه وتختفي يجدون إبراهيم ساجدا لله دون أن يمس بأذى . مؤكدا صحة عقيدته وأحقية الله الخالق بالعبادة وفساد عبادة الأصنام . ودخل الحاضرون جميعا في دين إبراهيم إلا المكابرين والمعاندين . فإبراهيم قد توصل بعقله إلى وجود الله وإلى أحقيته بالعبادة . وكان صادق الإيمان و مخلصا لله في طاعته ، ولم يتراجع عن دينه رغم إلقائه في النار ، ولم يطلب العون والمساعدة إلى من الله ، وأظهر لنا أن الابتلاء ليس عقوبة من الله ولكنه اختبار، وأن الله إذا أحب عبدا ابتلاه فإن صبر قربه واجتباه . اللهم اجعلنا من عبادك الصالحين المخلصين لك والمتوكلين عليك سبحانك والصابرين في السراء والضراء. واجعلنا من الفائزين بالفردوس الأعلى من الجنة بغير حساب أو سابق عذاب .