نص عظة البابا تواضروس في خميس العهد بدير مارمينا العجائبي بالإسكندرية    خبر عاجل بشأن العمال ومفاجأة بشأن أسعار الذهب والدولار وحالة الطقس اليوم.. أخبار التوك شو    بعد تدشينه رسميا.. نقابة الفلاحين تعلن دعمها لإتحاد القبائل العربية    "ابدأ": نعمل في مبادرات متعددة.. وتنوع القطاعات الصناعية لدينا ميزة تنافسية    هنية: اتفقنا مع رئيس وزراء قطر على استكمال المباحثات حول الوضع في غزة    وزيرة البيئة تنعى رئيس «طاقة الشيوخ»: كان مشهودا له بالكفاءة والإخلاص    الأمم المتحدة: أكثر من 230 ألف شخص تضرروا من فيضانات بوروندي    منافس الأهلي.. صحيفة تونسية: جماهير الترجي تهاجم ياسين مرياح بعد التعادل مع الصفاقسي    "سددنا نصف مليار جنيه ديون".. الزمالك يعلن مقاضاة مجلس مرتضى منصور    «حصريات المصري».. اتفاق لجنة التخطيط بالأهلي وكولر.. صفقة الزمالك الجديد    بسبب كاب.. مقتل شاب على يد جزار ونجله في السلام    ‬رفضت الارتباط به فحاول قتلها.. ننشر صورة طالب الطب المتهم بطعن زميلته بجامعة الزقازيق    لحظة انهيار سقف مسجد بالسعودية بسبب الأمطار الغزيرة (فيديو)    سميرة سعيد تطرح أغنيتها الجديدة كداب.. فيديو    الضبيب: مؤتمر مجمع اللغة العربية عرسًا لغويًا فريدًا    أدباء ومختصون أكاديميون يدعون لتحويل شعر الأطفال إلى هدف تربوي في مهرجان الشارقة القرائي للطفل    "سور الأزبكية" في معرض أبوظبي الدولي للكتاب    ب9 عيادات متنقلة.. «صحة الإسكندرية» تطلق قافلة مجانية لعلاج 1540 مريضًا بقرية عبدالباسط عبدالصمد    مسؤول أممي إعادة إعمار غزة يستغرق وقتًا طويلًا حتى 2040    "مشنقة داخل الغرفة".. ربة منزل تنهي حياتها في 15 مايو    القناطر الخيرية تستعد لاستقبال المواطنين في شم النسيم    رسائل تهنئة شم النسيم 2024.. متي موعد عيد الربيع؟    الفندق المسكون يكشف عن أول ألغازه في «البيت بيتي 2»    أذكار بعد الصلاة.. 1500 حسنه في ميزان المسلم بعد كل فريضة    وزير الأوقاف ومحافظ جنوب سيناء: الخميس 25 يوليو انطلاق المرحلة الثانية لمسابقة النوابغ الدولية للقرآن    لا تهاون مع المخالفين.. تنفيذ 12 قرار إزالة في كفر الشيخ| صور    الداخلية تضبط 12 ألف قضية تسول في شهر    عاجل.. هيئة الرقابة المالية تقرر مد مدة تقديم القوائم المالية حتى نهاية مايو المقبل    تفاصيل منحة السفارة اليابانية MEXT لعام 2025 للطلاب في جامعة أسيوط    القوات المسلحة تنظم المؤتمر الدولي الثاني للطب الطبيعي والتأهيلي وعلاج الروماتيزم    كاف يحدد موعد مباراتي مصر أمام بوركينا فاسو وغينيا في تصفيات كأس العالم    تمديد استقبال تحويلات مبادرة "سيارات المصريين بالخارج".. المهندس خالد سعد يكشف التفاصيل    رئيس الوزراء يعقد اجتماعًا مع ممثلي أبرز 15 شركة كورية جنوبية تعمل في مصر    مهرجان الجونة السينمائي يفتح باب التسجيل للدورة السابعة    أردوغان يعلق على التظاهرات الطلابية بالجامعات الأمريكية لدعم غزة    أول رد من الكرملين على اتهام أمريكي باستخدام «أسلحة كيميائية» في أوكرانيا    انتبه.. 5 أشخاص لا يجوز إعطاؤهم من زكاة المال| تعرف عليهم    ميقاتي يحذر من تحول لبنان لبلد عبور من سوريا إلى أوروبا    فقدت ابنها بسبب لقاح أسترازينيكا.. أم ملكوم تروي تجربتها مع اللقاح    الرعاية الصحية تطلق حملة توعوية حول ضعف عضلة القلب فى 13 محافظة    جرثومة المعدة.. إليك أفضل الطرق الطبيعية والفعالة للعلاج    أب يذبح ابنته في أسيوط بعد تعاطيه المخدرات    شراكة استراتيجية بين "كونتكت وأوراكل" لتعزيز نجاح الأعمال وتقديم خدمات متميزة للعملاء    واشنطن تطالب روسيا والصين بعدم منح السيطرة للذكاء الاصطناعي على الأسلحة النووية    تزايد حالات السكتة الدماغية لدى الشباب.. هذه الأسباب    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع بدء تفعيل مبادرة تخفيض أسعار اللحوم    «التنمية الحضرية»: تطوير رأس البر يتوافق مع التصميم العمراني للمدينة    دعم توطين التكنولوجيا العصرية وتمويل المبتكرين.. 7 مهام ل "صندوق مصر الرقمية"    هيئة الجودة: إصدار 40 مواصفة قياسية في إعادة استخدام وإدارة المياه    لمواليد 2 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    بنزيما يتلقى العلاج إلى ريال مدريد    إعلامي: الخطيب طلب من «بيبو» تغليظ عقوبة أفشة لإعادة الانضباط في الأهلي    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني في مسابقة معلم مساعد فصل للمتقدمين من 12 محافظة    التضامن: انخفاض مشاهد التدخين في دراما رمضان إلى 2.4 %    تحديد أول الراحلين عن صفوف برشلونة    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    بروسيا دورتموند يقتنص فوزا صعبا أمام باريس سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المبشرين بالجنة مجرد بشارة للتشجيع
نشر في شباب مصر يوم 20 - 01 - 2020


مستشار/ أحمد عبده ماهر
هل لو قام أحد الذين بشرهم رسول الله بالجنة فتعوّذ بالله من النار ...أيكون قد قام بتكذيب رسول الله؟.....لأن النبي قد بشّره بالجنة فكيف يتصور أنه سيدخل النار ويستعيذ بالله من دخول النار؟......
بالطبع هو لا يقوم بتكذيب رسول الله.....لأن البشارة إنما هي مجرد بشارة... ولا تعني وجوب دخول الجنة لأن النبي لا يتدخل في مصير أحد.
أذكر ذلك لأعلمك بأنك أنت أحد المبشرين بالجنة لكن ليس من رسول الله.... لكنك موعود من الله العلي الأعلى ذاته.
• { الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ{20} يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ{21} خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً إِنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ{22}.
• { مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ{11} يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{12}.
• ....... َالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُم مَّا يَشَاءونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الكَبِيرُ{22} ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ{23}.
فالبشارة من رسول الله تعني بعثا للأمل في النفوس ودعما للاستقامة، أما البشارة من الله فتعني وعدا لتفعيل دخول الجنة حين تتم الاستقامة على طريق الله لأنه هو الطريق الوحيد لنفاذ الوعد وهو طريق غير معلّق على وعد رسول أو نبي.
ومما يدلك على ان حديث العشرة المبشرين بالجنة ما هو إلا بعث للبشارة في نفوس من قبل الحديث لهم أنك تجد ما يلي:
• الحسن والحسين رضي الله عنهما وهما سيدا شباب أهل الجنّة (كما ورد عن النبي) ورغم ذلك لم يتم إدراجهما ضمن حديث العشرة المبشّرين بالجنّة،وما ذلك إلاّ ليعلم المسلم الوجه السياسي العابس الذي تم جمع الأحاديث به.
• وكذلك آل ياسر الذين قيل فى حقهم (صبرا آل ياسر إن موعدكم الجنّة) وكان عددهم ثلاثة لم يدرجوا فى حديث العشرة المشهورين بالجنّة.
• وكذلك عكاشة بن محصن الشهير بحديث (سبقك بها عكاشة) حين قال عكاشة لرسول الله أدع الله أن يجعلني منهم (يعنى من أهل الجنّة) فقال (أنت منهم) فقام رجل آخر فقال أدع الله أن يجعلني منهم, فقال (سبقك بها عكاشة).
• والسيدات/ خديجة بنت خويلد وفاطمة الزهراء وآل بدر وغيرهم كلهن غير مدرجات بحديث العشرة المبشرين بلجنة رغم أن هناك حديثا منفردا للسيدة خديجة عن جبريل أمين الوحي [بشّر خديجة ببيت في الجنة من قصب لا نصب فيه ولا وصب] .
وعلى المسلم أن يسأل نفسه عن مصير ذلك الرجل الذي أبى رسول الله أن يبشّره بالجنّة بعد أن بشّر بها عكاشة، هل يكون ذلك الصحابي الجليل فى النّار؟؟.
ثم إنك ستجد بعض من العشرة المبشّرين بالجنّة وقد لوّث يده بدماء المسلمين إبان أحداث الفتنة الكبرى فى حرب علىّ وعثمان رضي الله عنهما، فعلى أي منوال سيتخذ المسلم مدى فعالية البشارة؟؟؛ هل تصوّر المسلم غفران الله لذنوب المبشّر بالجنة وإن قتل مؤمنا عمدا؟؟؟.
وهل سيكون المسلم على هذا المعتقد وهو يعلم حديث رسول الله(لن يزال المؤمن فى فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما)؟؟؟رواه البخاري
هذا ما أراه فى صحيح الفكر المنضبط على شريعة الله، أمّا من يرون العصمة فى الأنبياء تارة وفى الصحابة تارة فهؤلاء قد صنعوا أصناما من الزيف لا محل لها من صحيح الشريعة. إذ يبقى الأصل عندي ما قاله النبى صلى الله عليه وسلّم (كلّ ابن آدم خطّاء وخير الخطاءين التوابون).
وأنا لست شيعيّا حتى لا يرميني أصحاب ثقافة الخصام في أحضان من يقولون على الصّحابة ما لا يصحّ ، ولكن لا ينبغى لى إلا أن أدافع ضد أفكار متطرفة، أو لا أصل لها، بل ومتصادمة مع مرامى النصوص القرءانية.
فالصحابة رضوان الله عليهم قوم صنعهم الله على عينه ولنصرة دينه وأيّدهم بالملائكة تارة وبالإلهام تارة وبالنفس المطمئنّة تارة...الخ. إنّ الصّحابة ومع عظمة قدرهم فهم بشر يصيبون ويخطئون وسيحاسب الله منهم من أراد حسابه حتى وإن كان مبشّرا بالجنّة.
إن البشارة في حقيقتها ما هي إلا بشارة من رسول الله وهى إحدى مهامه فى صناعة القدوة والتنافس بين الناس ليبلغوا رضوان الله، ولا يصح أن تنقلب البشارة إلى نبوءة واجبة إلاّ عند أصحاب الأمخاخ التي ذبل تعقّلها، فضلا عن تصادم هذا الفكر مع كتاب الله ومع عقيدة الوحدانية، فإذا ما أضفنا عدم معرفة تحديد عدد المبشّرين بالجنة بل واختلفت الأحاديث المرويّة فى تحديد أسماء العشرة، فإننا نكون بصدد خطأ فقهي وعقائدي.
فنبوءة أي نبي فى أمور العقيدة أمر محقق قطعي الحدوث فى المستقبل بيقين لا يداخله شك، أما البشارة والتبشير، فهو أمر آخر تماما لأنه صورة من صور بعث الأمل واستنفار النّاس للحصول على البشرى.
وآية ذلك ما حدث عن أبى بكر الصديق وهو أوّل المبشّرين بالجنّة الذي قال (لا آمن مكر الله ولو إحدى قدماي فى الجنّة)، فلو كان أبوبكر على ذات المعتقد الذي يعتنقه النّاس فى زماننا لكان من المكذّبين بحديث رسول الله حين يقول تلك القوله الشهيرة المذكورة، ولكان الصحابة أول من يتّهمه بالتشكيك فى نبوءة النبي، بينما نحن نعلم عنه أنّه قد سمّى الصّديق لأنه كان يصدّق رسول الله فى كل ما يصدر عنه.
وإنه حسما للأمر فإن كتاب الله بين أيدينا هاديا فى هذا الشأن حيث يأمر الله تعالى نبيه أن يقول:
• {قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }الأعراف188
• ويقول تعالى {قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ }الأنعام50
• ويقول تعالى {وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللّهُ خَيْراً اللّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ إِنِّي إِذاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ }هود31.
إنّ الله يقصّ الأمر على الناس شارحا مهمة رسوله وإمكاناته بالنسبة للغيب وهو الأمر الذي نلخصه فى ثلاث عقائد يجب على المسلم ألاّ يخرج بمعتقده عنها وهى:
الأولى : عدم ملكية الرسول نفع نفسه أو حتى ضررها.
الثانية: عدم علم الرسول بالغيب حتى ينتخب لنفسه أقضيات الخير ويبتعد عن أقضيات الشّر.
الثالثة: انحصار مهمة الرسول فى البشارة والنذارة وفق ما يوحى إليه بخصوص العمل الصالح أو العمل الغير صالح دون معرفة النتائج الخاصة بمن يدخل الجنة أو النار.
إن من عقيدة الوحدانية المطلقة ألاّ يعلم المرء حتى وإن كان رسول الله مآل نفسه من حيث المصير، ومن ثم فلا يملك أن يختار عاقبة فعله، فعقيدة الوحدانية هي التّجريد المطلق بشأن الغيب لله رب العالمين، لا يشاركه البشر فى جزء منها مهما كانت درجة قدر هؤلاء البشر، نعم تكون الرؤيا الصالحة من عاجل بشرى المؤمن، وكذلك قول رسول الله بالبشارة بالجنّة من عاجل بشرى الصحابي الذي بشّره الرسول، ولكن يبقى أمر حقيقة المصير يقينا لله رب العالمين.
إن الإخلاص لعقيدة الوحدانية لا يكون بابتداع خصائص وتأويلات لأحاديث رسول الله، وهذه التأويلات تتنافى مع صحيح العقيدة، فحين يقرأ المسلم ما يتلوه من آيات بخصوص الغيب فعليه أن يعتقد اعتقادا جازما بعدم علم رسول الله للغيب.
وحين يقرأ المسلم قول الله فى شأن نوح عليه السلام({وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللّهُ خَيْراً اللّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ إِنِّي إِذاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ }هود31 ،فإنه لا يشك فى استئثار الله بعلم الغيب .
وأما ما يسمح به الله لأحد أنبيائه من إطلاع لبعض الغيبيات سواء أكان غيبا مضى أو آخر يقع فى المستقبل القريب أو البعيد فهو مروى فى كتاب الله فيما جاء بالقرءان على سبيل الحصر لا على سبيل المثال وعن قوله تعالى (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً*إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً) (الجن:27&26) .
فالغيب الذى يطّلع عليه الأنبياء غالبا ما يكون غيبا عما مضى حيث يقول تعالى بشأن إعلام نبيه بما حدث ليوسف عليه السّلام {ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُواْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ }يوسف102 فهو غيب عن حدث مضى بما يعنى أن الغيب ليس بالضرورة أن يكون عن المستقبل.
وقد حسم الله فى سورة النمل أمر التوسع فى العلم بالغيب فينفيه نفيا قاطعا فيقول تعالى {قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ }النمل65. وحتى لا نتوسع فى استنباط الغيب بلا ضابط يقول تعالى {تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ }هود49 .
ويقول أيضا({ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ }آل عمران44 فإنه وبناء على تلك الآيات فقد أطلع الله نبيه على بعض الغيبيات وحصرها فى كتابه حتّى لا يتوسّع المتوسعون.
فمن جماع ما تقدّم يصبح تأويل أحاديث المبشّرين بالجنّة على أنها واجبة النفاذ فى حق من قيلت فى شأنهم فكر تشوبه شائبة عدم فهم القرءان وعدم فهم الحديث ، بل ويتصادم مع صحة الاعتقاد فى استئثار الله وحده بعلم الغيب، فضلا على أنهم ليسوا بعشرة.
إن رسول الله لا ينطق عن الهوى فيما أنزل إليه من قرءان فقط
وليعلم المسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم وفضلا عن تبشيره لبعض صحابته فإنه قد بشّر آلاف بل وملايين البشر بدخول الجنة، وحسبكم الأحاديث المرويّة عنه التي تؤكد الجنّة للشهيد وللمطعون والمبطون والمحروق ولمن دمعت عيناه من خشية الله ومن بات يحرس فى سبيل الله ومن رابط على ساحل من سواحل المسلمين ومن قال لا إله إلاّ الله موقنا بها قلبه ....الخ، لكن حدّث ولا حرج عن المغالاة فى حبّ الرسول بلا ضابط شرعي، والمغالاة فى تعظيمه حتى يطغى على تعظيم العبد لربّه فيخرج المؤمن عن حقيقة الإيمان وعن حقيقة ما كان عليه صاحب الرسالة وأصحابه الأخيار.
وإنّ الله سبحانه وتعالى قد بشّر الناس جميعا بالقرءان ...وبشرّ الطائعين... وبشّر المجاهدين...الخ لكن لا يمنع ذلك حساب الناس على ما قدّموا من عمل، فالسيئات تنتقص من الحسنات والحسنات تمحو السيئات، لكن من أراد الله له المعافاة من الحساب فذلك لا يعرف أمره إلا حين يرى ذلك عينا يوم القيامة.
ولقد بشّر الله كل من يحملون صفاتً معينة بدخول الجنة.
وبشّر رسول الله أسماءً محددة بدخول الجَنَّةَ.
ومع هذا فالمبشرين بدخول الجنة من الرسول أكثر شهرة ورواجا من المبشرين من الله بدخول الجنة...
فهل هذا لأننا لا نرعى القرءان وتعاليمه قدر رعايتنا للسُنّة وحكاياتها؟..
أم لأننا نهتم برسول الله اكثر من اهتمامنا بالله؟.
الخلاصة
فعلى ذلك فليست هناك حتمية لدخول الجنّة لأحد من البشر ولا حتّى للمبشّرين بها إلا بقضاء الله لمن أحسن العمل من العباد وختم له بمحصلة الخير والإسلام لله، حيث يقول تعالى (كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ }آل عمران185 فالبشارة بشارة وفقط، ولا يمكن أن تتعدى البشارة مهمتها لتصبح فى عقائد النّاس نبوءة واجبة النفاذ بلا ضابط من كتاب الله.
ولا بد للمسلم من تصحيح عقيدته لأن عقيدة المسلم فى تصوّره وجوب دخول المبشّرين الجنة، فيها تدخّل سافر لغيبية المصير وفيها تصادم مع الحقيقة القرءانية التي تقول(قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (لأعراف:188) .
وتتصادم مع الحقيقة الأخرى (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) (النمل:65). وتتصادم مع حقيقة (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ .....اًلخ) (الكهف:110). وفيها جهل بمعنى شهادة ألاّ إله إلاّ الله التي يجب على المسلم أن يعلم خصائصها ويقف على حقيقتها.
وتتصادم أيضا مع ما فهمه أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه وهو أحد المبشّرين بالجنة حيث قال ( لا آمن مكر الله ولو إحدى قدماي في الجنّة) وتتصادم مع قول عمر بن الخطّاب وهو أيضا من المبشّرين بالجنّة الذي قال (ليت أم عمر لم تلد عمر) وقولته المشهورة عن البغلة التي تتعثر في العراق وخوفه من أن يحاسبه الله على تعثّرها(وذلك إن صحّت المقولة).
وفوق ذلك كلّه رسول الله الذي كان يسأل الله الجنّة ويتعوّذ من النار، والصّحابة كذلك، ولم نعلم أنّ أحد المبشّرين بالجنّة امتنع عن التّعوذ من النّار لأنه ضمن الجنّة بتبشير النبيّ له.
فلا بدّ للمسلم من أن يصحح عقائده ومفهومه، فسبحانه وتعالى له مطلق علم الغيب ولم يطلع أحدا على مصيره ولم يطلع أحدا على مصير أحد لكنّها البشرى وفقط وهى من سياسات الترغيب في الاقتداء بصاحب العمل الصّالح وحبّ الحسنة وكره المعصية
----
مستشار/أحمد عبده ماهر
محام بالنقض وباحث إسلامي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.