الرئيس السيسي ونظيره الروسي يشهدان حدثا تاريخيا بمشروع الضبعة النووي اليوم    فى الإعادة إفادة    وزير الري يؤكد استعداد مصر للتعاون مع فرنسا في تحلية المياه لأغراض الزراعة    ندوات تدريبية لتصحيح المفاهيم وحل المشكلات السلوكية للطلاب بمدارس سيناء    أبناء القبائل: دعم كامل لقواتنا المسلحة    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأربعاء 19 نوفمبر 2025    أسعار اللحوم اليوم الأربعاء 19 نوفمبر 2025    وزير الزراعة: حرمان المتعدين على الأراضى من الحصول على الأسمدة المدعمة    سعر الجنيه الاسترلينى فى البنوك بداية تعاملات اليوم الأربعاء 19-11-2025    وزير التموين: إنشاء بيئة تشريعية مناسبة لتحفيز الاستثمار ودعم القطاع الخاص    تريليون دولار استثمارات سعودية .. الولايات المتحدة ترفع مستوى علاقاتها الدفاعية مع السعودية وتمنحها صفة "حليف رئيسي من خارج الناتو"    حريق هائل يلتهم أكثر من 170 مبنى جنوب غرب اليابان وإجلاء 180 شخصا    بولندا تستأنف عملياتها في مطارين شرق البلاد    وزير الإعلام البحريني يبحث في زيارة للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية سبل التعاون الإعلامي ويشيد بنجاح احتفالية المتحف المصري الكبير    هل تكون الثالثة| صلاح ينافس حكيمي وأوسيمين على أفضل لاعب أفريقي في 2025.. اليوم    تنمية متكاملة للشباب    موعد إجراء القرعة الإلكترونية لاختيار حجاج الجمعيات الأهلية    أجواء باردة وسقوط أمطار.. الأرصاد تكشف حالة طقس الساعات المقبلة    مصرع 3 شباب فى حادث تصادم بالشرقية    الشيخ الإلكترونى.. ليلة سقوط نصّاب تحرش بالسيدات بدعوى العلاج الروحانى    مهرجان القاهرة السينمائي، العرض العالمي الأول لفيلم "كوندافا" الليلة    «اليعسوب» يعرض لأول مرة في الشرق الأوسط ضمن مهرجان القاهرة السينمائي.. اليوم    رانيا فريد شوقي تدعو لتامر حسني بعد الكشف عن أزمته الصحية    رحلة اكتشاف حكماء «ريش»    7 آلاف سنة على الرصيف!    المنتخبات المتأهلة إلى كأس العالم 2026 بعد صعود ثلاثي أمريكا الشمالية    بعد انسحاب "قنديل" بالثالثة.. انسحاب "مهدي" من السباق الانتخابي في قوص بقنا    طن عز بكام.... اسعار الحديد اليوم الأربعاء 19 نوفمبر 2025 فى المنيا    أبرزها دولة فازت باللقب 4 مرات، المنتخبات المتأهلة إلى الملحق الأوروبي لكأس العالم 2026    محكمة الاتحاد الأوروبي تعتزم إصدار حكمها بشأن وضع أمازون كمنصة كبيرة جدا    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    خبراء: الأغذية فائقة المعالجة تعزز جائحة الأمراض المزمنة    طريقة عمل كيكة البرتقال الهشة بدون مضرب، وصفة سهلة ونتيجة مضمونة    شهر جمادي الثاني وسر تسميته بهذا الاسم.. تعرف عليه    أكثر من 30 إصابة في هجوم روسي بطائرات مسيرة على مدينة خاركيف شرق أوكرانيا    زيلينسكي يزور تركيا لإحياء مساعي السلام في أوكرانيا    ارتفاع أسعار الذهب في بداية تعاملات البورصة.. الأربعاء 19 نوفمبر    حقيقة ظهور فيروس ماربورج في مصر وهل الوضع أمن؟ متحدث الصحة يكشف    زيورخ السويسري يكشف حقيقة المفاوضات مع محمد السيد    ترتيب الدوري الإيطالي قبل انطلاق الجولة القادمة    النيابة العامة تُحوِّل المضبوطات الذهبية إلى احتياطي إستراتيجي للدولة    نشأت الديهي: لا تختاروا مرشحي الانتخابات على أساس المال    انقلاب جرار صيانة في محطة التوفيقية بالبحيرة.. وتوقف حركة القطارات    ما هي أكثر الأمراض النفسية انتشارًا بين الأطفال في مصر؟.. التفاصيل الكاملة عن الاضطرابات النفسية داخل مستشفيات الصحة النفسية    النائب العام يؤكد قدرة مؤسسات الدولة على تحويل الأصول الراكدة لقيمة اقتصادية فاعلة.. فيديو    أبرزهم أحمد مجدي ومريم الخشت.. نجوم الفن يتألقون في العرض العالمي لفيلم «بنات الباشا»    حبس المتهمين في واقعة إصابة طبيب بطلق ناري في قنا    آسر نجل الراحل محمد صبري: أعشق الزمالك.. وأتمنى أن أرى شقيقتي رولا أفضل مذيعة    أحمد الشناوي: الفار أنقذ الحكام    دينا محمد صبري: كنت أريد لعب كرة القدم منذ صغري.. وكان حلم والدي أن أكون مهندسة    قوات الاحتلال تطرد عائلة الشهيد صبارنة من منزلها وتغلقه    أحمد فؤاد ل مصطفى محمد: عُد للدورى المصرى قبل أن يتجاوزك الزمن    جامعة طيبة التكنولوجية بالأقصر تطلق مؤتمرها الرابع لشباب التكنولوجيين منتصف ديسمبر    مشروبات طبيعية تساعد على النوم العميق للأطفال    فيلم وهم ل سميرة غزال وفرح طارق ضمن قائمة أفلام الطلبة فى مهرجان الفيوم    داعية: حديث "اغتنم خمسًا قبل خمس" رسالة ربانية لإدارة العمر والوقت(فيديو)    هل يجوز أداء العشاء قبل الفجر لمن ينام مبكرًا؟.. أمين الفتوى يجيب    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قضايا المرأة والتغيرات الجديدة في البلدان العربية
نشر في شباب مصر يوم 09 - 03 - 2012

الدعوة والأسئلة قدمت من قبل مركز مساواة المرأة في الحوار المدني بخصوص ملف " آفاق المرأة والحركة النسوية بعد الثورات العربية بمناسبة 8 آذار/ 2012 عيد المرأة العالمي
1- هل سيكون للمرأة في الدول العربية نصيب من التغيرات المحدودة التي طرأت حتى الآن على مجتمعات هذه الدول كأحد نتائج الربيع العربي؟
التغيرات التي حدثت بشكل عام تغيرات مهمة نقلت الوعي الاجتماعي إلى موضع متقدم لكنه مازال نسبياً ولقد فرضت المرأة بشكل أكيد واقع جديد باعتبارها ركن مهم في الصراع مع الأنظمة والقوى الاستبدادية والاستغلالية والمعادية للديمقراطية وحقوق الإنسان التي تهيمن على السلطات وتتحكم في رقاب الشعوب، ولا بد من الإشارة أن هذه التغيرات على الواقع الجديد جعلت العقلية الذكورية المتخلفة والمتسلطة تتنبه لها وتحاول استيعابها وقتياً وبالوقت نفسه تحجيمها وصولاً إلى كبحها وإعادتها إلى الخانة التي كانت فيها، لكن.. هيهات، فالتطورات الحتمية التي جرت ليست ببعيدة عن التطورات في العالم، والتأثيرات المتبادلة أصبحت أسرع وأعمق من السابق بواسطة القوى الذاتية المتمثلة بالجماهير وقواها الحية وموضوعية في الثورة المعلوماتية والتطورات الالكترونية ووسائل الأعلام التي دخلت إلى أكثرية الزوايا المظلمة وفرضت نفسها بقوة العلم والحاجة الماسة له.
الحقيقة أن الجواب يختلف من بلد لآخر، في الوجود الاجتماعي والوعي الاجتماعي أيضاً، فتونس تختلف عن ليبيا وكلاهما يختلفان عن مصر واليمن وبالعكس لكن ذلك لا يعفي من قول الحقيقة أن المرأة في الدول العربية ما عدا ليبيا التي كانت اقل من غيرها، كان لها حضور واسع وشاركت كتفاً إلى كتف مع الرجل وقدمت التضحيات الكثيرة ولم تبخل بطاقاتها على الرغم من النظرة المتدنية التي تسود العقلية المتخلفة والتي تستغل الدين الإسلامي والشريعة الإسلامية في العديد من الدول العربية ثم الإسلامية تجاه المرأة وحقوقها المشروعة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لكن على الرغم من هذه المشاركة الفعالة والملموسة بقت المرأة في موقعها السابق بسبب هيمنة أحزاب الإسلام السياسي على الدول الرئيسة ومنها تونس ومصر " الانتخابات خير برهان " وأما ليبيا فوزير العدل السابق في عهد القذافي مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي الحالي وعلى الرغم من اصطفافه مع الثوار منذ البداية قال كلمته المتخلفة بمجرد نجاح الثورة وقتل القذافي وعلى مرأى من الجميع أن قانون الأحوال الشخصية وبالذات حول الزواج السابق يجب أن يلغى أي بالمعنى الواسع العودة للشريعة إلى تعدد الزوجات حتى أربعة وقضايا أخرى، إلا أن قانون التطور لا يمكن القفز عليه أو تحجيمه فهو يفعل فعله بواسطة الآليات الإنسانية والنضال المشترك الموجه للقديم البالي ولأنه يفعل فعله في المجتمعات ومنها العربية وقد تكون قوته في التغيرات قليلة ومحدودة لأسباب موضوعية وذاتية مرتبطة بالمجتمع تاريخياً وكذلك بالنسبة لموضوع الثورة أساسا فكيف المرأة! فها هي قوى الردة تستعيد مكانها بشكل تدريجي وتتخذ أثواباً جديدة لكبح تطور الثورة والسعي لإجهاضها وهي تعمل بكل ما تمتلك من وسائل حتى غير شرعية للوقوف أمام نصيب المرأة من التغيرات حتى وان كانت محدودة، وهذا لا يلغي استمرار المرأة والقوى التقدمية النضال المستمر من اجل الحقوق المشروعة وفرض واقع التغيرات حتى وان كانت محدودة لحين استكمال الظروف الموضوعية والذاتية
2- هل ستحصل تغيرات على الصعيدين الاجتماعي والثقافي في منظومة القيم المتعلقة بالسلطة الذكورية والعقلية التسلطية التي تعاني منها نساء الشرق؟ وإلى أي مدى يمكن أن تحصل تغيرات جوهرية في ضوء الحراك الشعبي الواسع والخلاص من رأس النظام وبعض أعوانه في أكثر من دولة عربية؟
بالتأكيد سوف تحصل هذه التغيرات حتى وان كانت ببطء وحسب توازن القوى السياسية والاجتماعية لكن تحتاج ليس إلى وقت فحسب بل إلى استمرار الصراع ما بين الجديد القادم بالحقوق والقيم الإنسانية وحقوق الإنسان ومنه حقوق المرأة وبين القديم المتمركز في العقلية الذكورية التي تسلطت منذ قرون بوسائل عنفية وغير عنفية ومنها قضايا الدين وحق الذكورية بالقوامة التي تقول أن الرجل مهما كان مستواه السياسي والثقافي والاجتماعي هو الذي يشرع القوانين " أكثرية القوانين في العالم مشرعة بعقلية ذكورية " وتتجاوز هذه العقلية التسلطية منطقتنا الجغرافية لتعم أكثرية بلدان الشرق، وللحصول على تغيرات جوهرية يجب مواصلة الكفاح السياسي والثقافي والفكري والاجتماعي والتوجه الجاد لإشراك أكثرية الجماهير وليس النساء فقط، أما التغيرات في سقوط الأنظمة السياسية المتعفنة وراس النظام والحاشية الفاسدة فانه بداية لمرحلة طويلة نسبياً، فكلما كان الحراك الشعبي الواعي بقضايا الحقوق فان نسبة الحصول على تغيرات جوهرية تزداد وكلما كان الحراك الشعبي دون ذلك فان الوقت سيكون أطول ومثلما أسلفنا وان سقطت أنظمة ورؤساء دكتاتورين وجاءت أنظمة أخرى ادعت الحقوق حتى من خلال الدستور الجديد الذي تتربص به لمجرد ظهور الفرصة والظروف، وسرعان ما تتراجع عنه أو تلغيه لأسباب عديدة منها تزاوج الدين والدولة وعدم فصل الدين عن السياسة.
3- ما هو الأسلوب الأمثل لنضال المرأة لفرض وجودها ودورها ومشاركتها النشيطة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية في تلك الدول العربية التي وصلت فيها الأحزاب الإسلامية السياسية إلى الحكم؟
على المرأة أن تعي أولاً وآخراً أن قضيتها في مجال النضال للحصول على الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية.. الخ مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالنضال العام الذي تخوضه القوى التقدمية والجماهير التي تعي دورها التاريخي، وهذا الوعي مرتبط أيضاً بمدى وعي القوى التقدمية بما تقتضي المرحلة والمراحل القادمة لكي تحدد الاستراتيج والتكتيك الصحيحين ووفق نظرة علمية تضع نصب عينيها العمل الدءوب بين الجماهير الشعبية وتعبئتها تحت شعارات واقعية ممكنة التحقيق وبرامج مفهومة ومقبولة وبخاصة قضايا الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والمرأة وهي جزء لا يتجزأ من المجتمع عليها أن تفهم أن المنظمات النسائية الحرة لا يمكن بمعزل عن النضال من اجل الحريات المدنية وتحقيق الديمقراطية أن تحقق وجودها ودورها ومشاركتها في العملية السياسية والاجتماعية والثقافية إلا من خلال العمل مع منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية التي لديها برامج وطنية وديمقراطية، وعدم عزل نضالها عن النضال من اجل الحقوق المشروعة للشعب، وتحقيق دورها وشخصيتها المستقلة نسبياً ومع ذلك فان دور المرأة في العملية النضالية يجب أن يكون مصدراً للوصول إلى أكثرية النساء والتعبئة العلمية الواعية خلف شعارات الحقوق المتساوية في كافة المجالات وعدم التركيز على حالة واحدة وتأجيل حالة أخرى فذلك يؤدي إلى تعطيل المهمات التي تكافح من اجل إنجازها وبالتالي إلحاق الضرر بقضية الحقوق المتساوية وجعل القوى الظلامية تهيمن ولو إلى حين على الوعي الاجتماعي لدى النساء، العملية ليس أحادية الجانب فعلى القوى التقدمية العلمانية أن تعي أيضاً بأنها بدون المرأة، ربة بيت أو موظفة أو عالمة أو عاملة... الخ لا يمكن أن تحقق برامجها ولهذا عليها رفد قياداتها بالعنصر النسائي والشبابي لكي تصنع آليات جديدة في عملية كفاحها لإقامة الدولة المدنية الديمقراطية التعددية وبدون القفز أو حرق المراحل.
4- تدعي الأحزاب الإسلامية السياسية بأنها تطرح إسلاماً ليبرالياً جديداً وحديثاً يتناسب مع فكرة الدولة المدنية. هل ترى-ين أي احتمال للتفاؤل بإمكانية شمول حقوق وحريات المرأة ضمن البرنامج السياسي الإصلاحي الاحتمالي لقوى الإسلام السياسي, وهي التي تحمل شعار "الإسلام هو الحل"؟
ان عملية الصراع الطويل وتراكم الاحتقان الجماهيري أدى في آخر المطاف إلى الانفجارات الثورية الشعبية في العديد من البلدان العربية وبما أن أحزاب الإسلام السياسي كانت تعمل في ظروف سرية وقد تعرضت للاضطهاد والملاحقة فإنها استطاعت أن تختزل صراعها في محيط واسع مستغلة الدين ووعودها في تحقيق العدالة أو الوعد بجنة أخرى غير الدنيا الفانية، ومن خلال هذه التجمعات طرحت فكرتها عن العدالة التي تناضل من اجل تحقيقها مدركة أن الفقر والبطالة وفقدان الحريات إضافة إلى الغياب النسبي للقوى التقدمية التي كانت محاربة منذ تأسيسها بشكل فض وشرس، أحزاب الإسلام السياسي بأنواعها صارعت من وسط الجوامع والحسينيات وأماكن العبادة، فالأنظمة السياسية الاستبدادية وبخاصة في البلدان الإسلامية لا يمكنها منع المؤمنين من الصلاة أو الدخول إلى أماكن عبادتهم ولهذا استفادت هذه الأحزاب والمنظمات من هذه التجمعات العفوية في بدايتها ثم المسيسة لجانبها تقريباً في النهاية ولهذا بقت هذه الأحزاب متصلة بالجماهير منتهجة اسلوباً أكثر عصرية من السابق وقد تفهمت الدور الجديد الذي يجب أن تقوم به وتخرج من النهج السلفي والأصولي المتزمت والادعاء " بإسلام ليبرالي " كي تكسب إلى جانبها هذه الجماهير بما فيها النساء وقد تبلورت لديها أو لدى أكثريتها فكرة الدولة المدنية ذات الطابع الإسلامي لكي تحقق سيادتها وسطوتها واستلامها السلطة ولن تتزحزح عن هذا التوجه إلا إذا أجبرت من قبل الجماهير والقوى التقدمية التي يجب أن تلعب الدور الرئيسي في هذه المرحلة وتعمل على مشاركة الجماهير في الدفاع عن حقوقها المطلبية والسياسية ودفاعاً عن الهامش الديمقراطي وتوسيعه باستمرار ودون كلل أو ملل، ولهذا لا مكان للتفاؤل الساذج حول أحزاب الإسلام السياسي وإمكانية شمول الحقوق والحريات للمرأة إلا وفق النظرة الإصلاحية الإسلامية التي قد تنتهج مبدأ التقية لحين تولي الأمر واستلام السلطة وإخضاعها لبرامجها وتوجهاتها، وللعلم وزيادة على ذلك لن تبقى لهذه القوى أية تأثيرات على الساحة السياسية إذا لم تستغل الدين والشريعة وبالطبع أن رجال الدين عند الطرفين لهم تأثيرات غير قليلة على الجماهير وبمجرد النظرة إلى المناسبات الدينية والشعائر الحسينية والزحف على البطون وضرب الرؤوس بالقامات واللطم على الصدور وغيرها من العادات الغريبة عن الدين الإسلامي وبمئات الآلاف يدرك المرء تماماً مدى تأثير هذه القوى، بينما الفقر والجوع والبطالة وفقدان الحقوق آفات تأكل فيهم في كل لحظة ووقت بدون ان يدركوا أخطارها المستقبلية عليهم وعلى المجتمع، عند ذلك يبلور اليقين بان هذه الأحزاب لن تخسر مواقعها وان ادعت ضمن برامجها المرحلية الإصلاح وشمول الحقوق للمرأة في برامجها لأنها ستبقى على شعارها " الإسلام هو الحل" ومثلما أكدنا أنها لن تحيد لأنها إذا فعلت فسوف تنتقل من مواقعها الفكرية والسياسية وعند ذلك ستفشل كونها أحزاب للإسلام السياسي وستكون أحزاباً مثل غيرها تحتاج إلى اسلوب جديد للكسب الجماهيري والسياسي غير الاسلوب الديني القديم
5- هل تتحمل المرأة في الدول العربية مسؤولية استمرار تبعيتها وضعفها أيضاً؟ أين تكمن هذه المسؤولية وكيف يمكن تغيير هذه الحالة؟
ان دور المرأة تاريخياً كانت له تأثيرات كبيرة على المجتمع كونها حاضنة للأجيال القادمة لكن هذه التأثيرات لم ترتق إلى الحد الذي يجعل العقلية الرجالية الاعتراف الكامل بمساواتها، فكانت هذه العقلية تمارس سياسة الهيمنة والتسلط لأنها كانت الممول الاقتصادي والمعيشي للأسرة وكانت المرأة وبحكم هذه السلوكية تعتبر نفسها وان لم تعلن أنها تابعة للرجل فضلاً عن وجود نصوص تشريعية دينية إسلامية تقر بتبعيتها وضعفها، إلا أن الثورة الصناعية والتطورات اللاحقة واستكمال التشكيلة الرأسمالية لحدودها التاريخية دفع الرأسمالية التي إعادة صياغة طرق الاستغلال وقد حررت القن والعبيد ومنحتهم حريتهم وانتقالهم في أعمال مختلفة وبمنتهى الحرية وبهذا مهدت الطريق لاستغلال المرأة أسوة بالرجل وبما أنها مازالت تثور الإنتاج فهي بالتأكيد تحتاج إلى خبرات متنوعة وبما ان الأجور غير متساوية فقد استغلت النساء في أعمال كثيرة ومتنوعة وفتحت الرأسمالية الطريق أمام الاهتمام بصحة الآلة الإنسان المُستغل والتعليم حتى في أعلى درجاته لأنها بحاجة إلى أجساد صحية وعقول متعلمة وعلمية، ولهذا بدأت الحركات النسائية تدرك هذه التوجهات فأخذت تطالب بالحقوق وبعد تضحيات كثيرة وبتضامن الأحزاب والقوى الاشتراكية والتقدمية حصلت على بعض الحقوق وتوسعت هذه الحقوق في البلدان المتطورة صناعياً لكنها ما زالت مستغلة للرجل ولم ترتق النظرة بمساواتها الكاملة دون نقص، مازال أمام المرأة الطريق الطويل النسبي من الكفاح حتى تغيير النظرة الاستبدادية الذكورية وتحتاج إلى مواصلة هذا الكفاح بشكل جماعي وفردي فضلاً عن التضامن الفعال من قبل القوى التنويرية ومنظمات المجتمع المدني التي تعترف بحقوقها وتجهد في نضالها للمساندة والدفاع عن المرأة للخلاص من التبعية وفرض حقوق المساواة بينها وبين الرجل .
6. ما هو الدور الذي يمكن أن يمارسه الرجل لتحرير نفسه والمجتمع الذكوري من عقلية التسلط على المرأة ومصادرة حقوقها وحريتها؟
الرجل كحالة فردية لا يمكن ان يمارس دوره التاريخي إلا من خلال تطوير الوعي الاجتماعي المرتبط بالوجود الاجتماعي الذي يعكسه ويؤثر في تطوره على الرغم من ان "الوجود الاجتماعي لا يؤثر بشكل مباشر على الوعي الاجتماعي " وبهذه الحالة يستطيع تحرير نفسه من العقلية الذكورية الاستبدادية واستخدام العنف الذي مازال يمارس في العراق بشكل واسع مع وجود برلمانيات في البرلمان 25% من المجموع الكلي لم نسمع يوماً من أكثريتهن إلا ما ندر أي موقف صارم بالضد من العنف والتطرف ومن اجل ضمان حياة المرأة الخالي من الاضطهاد والتعسف، الرجل يجب أن ينتقل من حالة فردية منعزلة بالمعنى الاجتماعي والسياسي إلى حالة جماعية حيث تتميز علاقته بالجماعة ليؤمن بالنضال المشترك لتحقيق الاستقلالية والانتقال إلى الجانب الإنساني الرحب في تحقيق تحرره من الهيمنة والتسلط والوقوف إلى جانب الحقوق المشروعة للمرأة بما فيها المساواة الكاملة وليس الجزئية وهذه الحالة تحتاج إلى تفهم عميق لفكرة المساواة وهنا وفي هذه النقطة يستطيع الرجل ان يقوم بالدور الايجابي والتاريخي والمساهمة الواسعة في تحرير المرأة من قيودها ومشاركتها النضال الذي تخوضه من اجل حقوقها المسلوبة وذلك بالعمل الطوعي الواعي لحقوقها ويتراجع عن دوره السابق وبما يعتقده بأنها تابعة له وضعيفة لا تستطيع القيام بوجباتها إلا في ظله ومساعدته ، ويلعب الاستقلال الاقتصادي للمرأة جانباً مهماً في المعادلة نحو تفهم واقتناع الرجل انه ليس دور المرأة ومكانتها الإنسانية والاجتماعية في إنتاج وتربية الأجيال فحسب بل متساوية معه في الحقوق والواجبات التي تقع على عاتقها كامرأة حيث تكون ركناً اقتصادياً لتخفيف ثقل الأوضاع المعيشية الصعبة في ظروف ارتفاع الأسعار وتوسع الاحتياجات الضرورية وتكاليف الحياة في مجالات الصحة والتعليم والسكن...الخ
دور الرجل يجب ان يكون طليعياً وتنويرياً فاعلاً فكريا قبل كل شيء أي انحيازه الكامل لمكانتها السياسية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وتمتعها بالحقوق كاملة، وعملياً الانحياز الفكري أو الانتماء التنظيمي للقوى الديمقراطية والاشتراكية التي تحمل في برامجها النظرة التقدمية نحو المرأة وليس القوى التي تستخدم سياسة المراوغة والتلاعب وبالتالي شرنقة الحقوق من خلال مقولات وأفكار تنظر للمرأة كونها إنسان غير مكتمل العقل والدين ومن هنا يجب ان تكون خاضعة وتابعة كي تعيش من اجل إنتاج الجنس البشري والتمتع بها كحالة ينفذ الرجل رغباته الجنسية دون معايير أخلاقية مرتبطة بالوعي الاجتماعي الصحيح ولا يعير للقيم الإنسانية أي اعتبار التي تعتبر المرأة إنسان لا يختلف عن الرجل إلا فيما يخص
نوع الجنس البشري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.