لم أفهم .... بن علي في السعودية والنهضة هي هي ... من وحي قلم المواطن : عزالدين القوطالي لا يختلف إثنان في تونس حول حجم الخراب والفساد والإستبداد الذي خلّفه نظام الهارب زين العابدين بن علي ... كما لا يختلف عاقلان على ضرورة محاسبة الطغاة والقتلة والمجرمين في حقّ الشعب الأعزل ويأتي طبعا على رأس المطلوبين فرعون تونس السابق اللاجئ لدى فرعون السعودية الفاسق... وإذا صدق وصف ما نحن فيه الآن بأنه ثورة ... فإن المنطق الثوري وفق سياقات التعريف والمعنى يقتضي المبادرة الى جلب رمز القهر والفساد من مأواه وفعل ما يلزم من أجل تقديمه للمحاكمة وعدم التنازل قيد أنملة عن مطلب تسليمه للقضاء التونسي ... ولقد كانت حركة النهضة قبل تذوّقها لحلاوة الكرسي المشيّد على أرجل من شهد النحل والعسل المعسول تصرّح عبر مسؤوليها والقيّمين عليها بأن جلب الدكتاتور الهارب زين العابدين بن علي هو هدفها الأول وغايتها الأساسية ... وكلّنا يذكر تصريح السيد سمير ديلو وزير حقوق الإنسان في حكومة النهضة وأخواتها حينما قال في قناة العالم الإخبارية الإيرانية : إن التاريخ لن يحفظ لحكام السعودية أنهم كانوا أوفياء إزاء صديق سابق وعضو سابق في نادي الحكام العرب مشيرا الى أن كل من يحمي المجرمين فهو متواطئ وشريك لهم.... إنتبهوا جيّدا ... يقول السيد سمير ديلو : من يحمي المجرمين هو متواطئ وشريك لهم ... خزّنوا هذا في ذاكرتكم ولو الى حين... إذن ... السعودية وفّرت ملجأ آمن لرمز الفساد والإستبداد والظلم والمطلوب رقم واحد شعبيا وجماهيريا وسياسيا وقانونيا وأخلاقيا .... والسعودية هي التي ضربت عرض الحائط بكلّ الطلبات المقدمة من طرف القضاء التونسي والمتعلّقة بتسليم زين الهاربين ومن معه لكي يحاسبوا على أفعالهم وجرائمهم في حق تونس وشعبها ... والسعودية هي التي رفضت بكلّ وقاحة وإصرار وعنجهية الإستجابة لمطلب شعبي أكيد ومبرّر ومشروع ... ولكن .... يبدو أنّ السيد سمير ديلو في تصريحه ذاك كان يتحدّث عن سعودية أخرى لا علاقة لها بالسعودية التي أثنى راشد الغنوشي وبارك جهودها من أجل إعلاء كلمة الإسلام وتعزيز الوحدة بين الدول العربية والتي أكّد حرصه منذ البداية على دحض كلّ ما من شأنه أن ينال من علاقات حركة النهضة بالدول العربية والإسلامية وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية حسبما ورد في تصريحه لصحيفة عكاظ السعودية بتاريخ 29/01/2012 ... والأكيد أيضا أن السعودية التي تحدّث عنها السيد سمير ديلو لا يمكن أن تكون تلك التي قال عنها دبلوماسي تونسي في الرياض – حسب موقع إيلاف الإلكتروني – واصفا أميرها وملكها بإن لقبه لدينا نحن التوانسة هو ملك العرب... وتلك حقيقة لا يجادل بشأنها أحد مضيفا أنه مهما حصل بين العرب من خلافات في المشرق أو المغرب فلا بد من الرجوع لملك العرب للاحتكام... وإن لم يكن هناك خلاف فلا بد من العودة إليه للاستفادة من حكمته والعمل وفق صواب رأيه.... والثابت أخيرا أن سعودية السيد سمير ديلو ليست بسعودية السيد حمادي الجبالي رئيس حكومة النهضة الذي وصف في المؤتمر الصحفي الذي عقده يوم الأحد 19/02/2012 بمجلس الغرف السعودية بالرياض العلاقات السعودية بأنها تمثل حجر الزاوية في السياسة الخارجية لتونس وأنه لن يتمّ التضحية بهذه العلاقات في سبيل أية قضية مهما كانت مؤكدا أن تونس لن تطالب المملكة بتسليم بن علي لأن العلاقة معها ركن إستراتيجي في سياستنا الخارجية وأهمّ من أيّ شيء آخر ... وبما أن الأمر لا يحتمل اللّبس على إعتبار أن هناك على الكرة الأرضية دولة واحدة تحمل إسم المملكة العربية السعودية ... فإننا نجد أنفسنا أمام ثلاثة إحتمالات لا رابع لهما ... إمّا أن تصريح السيد سمير ديلو هو تصريح لإمتصاص الغضب الشعبي أو أنه تصريح وارد تحت عنوان الخطأ المطبعي الذي كثر في هذه الأيام أو أنه تصريح يعود بنا مجددا الى مربّع إزدواجية الخطاب وإزدواجية المواقف ... وفي كلّ الأحوال فإن تصريح السيد سمير ديلو لا معنى له على الإطلاق طالما أنه يتناقض مع تصريحات لاحقة صادرة عن رئيس حكومة النهضة ... كما أنه تصريح يدلّ على غياب الموقف الموحّد والرؤية الموحدة من قضايا من المفروض أن يجمع عليها أغلب التونسيين والتونسيات ... وهنا لم أفهم ... أيحقّ للسيد حمادي الجبالي بصفته رئيسا للحكومة التونسية التي يرجع الفضل في تشكيلها الى شهداء الثورة أن يتنازل عن مطلب تسليم الدكتاتور وأن يضحّي بدماء الشهداء من أجل مصالح وعلاقات مع السعودية ؟؟؟ وصدق الفيلسوف الأماني نيتشه حينما قال : من ينظر إلى الناس كقطيع ثم يهرب منهم حالما يستطيع فانهم سيدركونه بالتأكيد ويضربونه بقرونهم.... مع تحيات رفيقكم عزالدين بن حسين القوطالي