بقلم : حسن غريب كاتب روائي ناقد -------------------------------------------------------------- لقد مضى على ترددي لقسم العلاج الطبيعي بمبنى العيادات الخارجية بمستشفى العريش العام أكثر من ثمان شهور, وسبقها علاج طبيعي بمراكز خارجية متخصصة ولأنها بمقابل مادي لكل جلسة فكانت عناية فائقة ودقيقة من العاملين بالمركز الطبي للعلاج الطبيعي ومرافقتك في كل الأوقات من أول الجلسة الكهربائية مرورا بالأشعة الحمراء إلى صالة التدريبات على الأجهزة الملائمة والمناسبة لعلاجك ويكون معك الطبيب المعالج أو ممرضة بناء على تعليمات الطبيب المعالج حتى تنتهي تماما من جلستك الطبيعية , عكس تماما ما يحدث في وحدة العلاج الطبيعي بمستشفى العريش العام , وعندما تحسنت حالتي بدرجة كبيرة أكتفيت بما نلته من جلسات في المراكز الخارجية , وقررت أن أكتفي بالذهاب لوحدة العلاج الطبيعي بمستشفى العريش , وبكل أسى وحزن سأروي لكم معاناتي ومعاناة ومكابدات باقي المرضى المترددين على هذا القسم منذ أن وطئت أقدامي قسم العلاج الطبيعي هنا ؛ فمبجرد أن تدخل القسم ترى الأجهزة معظمها معطل ولا يعمل نهائيا , ومن يعمل من الأجهزة الرياضية بالكهرباء تم فصله عمدا وعن قصد وعندما تسأل الطبيب أو الطبيبة أو الممرضة فلا تجد إلا ردا واحد متفق عليه :" الجهاز ده بيشتغل كهرباء وفي بعض الحالات المعينة " .أي حالات معينة بالضبط ؟ فلا تجد ردا لانهم مبرمجين على رد ومنظومة معينة ومحددة .ورغم أن هذه الإجابة غير مقنعة على الإطلاق ولم تشفي غليل أي مريض فلا يملك أمام هذا الرد سوى أن يلتزم الصمت رغما عنه ؛ ورغم أن هذا الجهاز كثيرا ما يطلق عليه (جهاز المشي والإحماء ) قبل الممارسة والعمل على أي جهاز آخر فإنه لا يعمل منذ سنة تقريبا , أما باقي الأجهزة التي لا تعمل بدون كهرباء فهو الدراجة الطبية من ثلاثة دراجات معطلين ويحتاجون لصيانة , جهاز تقوية العضلات للقدم والأيدي تم سحب مسمار التشغيل منه وكلما سأل المرضى أين المسمار ؟ فيجيبك الممرضات أو الطبيب سوف يأتي قسم الصيانة لإصلاحه وطبعا كله كلام في كلام فلم نرى أحدا أتى من قسم الصيانة لإصلاح الأجهزة المعطلة والتي لا تعمل منذ سنة ولم نرى ممرضة أو طبيبا يقف بجوار مريض يقف تائه حيران لا يعرف ما الجهاز الذي يناسبه لمرضه المصاب به فيدله أحدا على استعمال الجهاز المعطل المناسب لعلاجه الجسماني والغريب والضاحك المبكي عندما يتبرع أكثر من مريض بعمل مسمار للجهاز على حسابه فيجيبه الطبيب :"مينفعش احنا كده هنتبهدل لازم نستنى الصيانة لما تيجي اتصلح ". وقد مضى ثمان أشهر على الأقل لم يأتي أحدا للاصلاح ولا أحدا من الصيانة المزعومة ؛ والذي زاد الطين بله هو أن التقيت بمدير مستشفى العريش العام في صلاة الظهر بداخل المستشفى وحكيت له كل ما يحصل من إهمال ولا مبالاة , فوعدني بالتحرك فورا وطلع كله كلام في الهوى ؛إن دور الطبيبة والطبيب والممرضة هو من المفترض أن يقف بجوار المريض ومساعدته وأن يدله على استخدام الجهاز الملائم له ومؤازرته وليس فقط تسجيل عدد الجلسات في بطاقة المريض والابلاغ والتحرك السريع لاصلاح أي جهاز لا يعمل عمدا لحاجة في نفس يعقوب أو كما قالت ممرضة :"عشان نشغل جهاز المشي الكهربائي لازم يقف حد مننا بشكل دائم جنب المريض وده موش ممكن يحصل ابدا طبعا , إلى جانب كمية استهلاك الكهرباء اللي بنوفرها للمستشفى "؛ وكلما ناقشت الطبيب أو الطبيبة أو الممرضة الذين تجدهن دائمات الجلوس ولا يتحركن مع المريض ولا يقفن معه ؛ باستثناء وقوف الطبيب أو الطبيبة فحسب عندما يكون لأحد جلسة كهربائية تحتاج لطبيب كي يشغل جهاز الكهرباء وطبعا لا التزام بفترة الجلسة التي من المفترض لا تقل عن ربع ساعة فدوما تكون عشرة دقائق أو أو أقل ولا جهاز الأشعة الحمراء فوق البنفسجية يعمل بعد جلسة الكهرباء الذي من المفترض تشغيله على مكان الإصابة بعد جلسة الكهرباء وعندما تسأل الطبيب أين جهاز الأشعة الحمراء ؟ فيجيب الرد المعهود والمتفق مع الجميع منه :"الجهاز عطلان أو موش لازم ليك الجهاز ده ". إنها مأساة ومعاناة وإيلام جسماني ونفسي يتلقاه ويسمعه المرضى كل يوم فهم يعلمون تمام العلم أن الشكوى صارت لا جدوى منها وكثيرا قالوا للمرضى اللي عاوز يشكي يشكي بمعنى احنا موش فارقة معانا ؛ وأنا اتساءل المرتبات التي يتقاضاها الطبيب والممرضات هى من أجل من ؟ أليست من أجل خدمة ومراعاة المريض وتوفير سبل الراحة له أم ماذا ؟ أم لشئ آخر لا نعلمه ؟ أم كله حبر على ورق ؟ فبالله عليكم ماذا يفعل هؤلاء المرضى الذين لا يملكون ثمن العلاج في مراكز العلاج الطبيعي خارج المستشفى ؟ وماذا يصنعون مع هؤلاء الفسدة وعديمي الضمير ؟ لقد كتبت هذه الصرخة عن أناة ومعاناة ومكابدات المرضى الغلابة والمساكين والمحتاجين الذين يلقون ربما أكثر مما أرى لعل ما ذكرته يكون دافع ومحرك لأحد مازال عنده ذرة ضميرا ويتقي الله واليوم الآخر, ويتحرك لإنقاذ ألاف المرضى من اللامبالاة والاهمال والتجرد من عاطفة الرحمة التي أنتزعت من قلوب المسؤلين إلا ما رحم ربي وهم قلة وندرة جدا , فإذا دعتك قدرتك على ظلم الناس فتذكر قدرة الله عليك , وأذكر كل مسؤل يملك القرار ويتراخى في اتخاذه بقول الشاعر صالح بن عبدالقدوس : واحذر من المظلوم سهما صائبا ...واعلم بأن دعاءه لا يحجب وأخيرا لله الشكوى والمشتكى وله الأمر من قبل ومن بعد .