هناك إجماع على أن التيار السلفي كان مفاجأة الانتخابات المصرية حيث اكتسبت، وبسرعة غير متوقعة، خبرات انتخابية لم يسبق لها أن جربتها أو عرفتها، ونجحت فى تشكيل مجموعات وخلايا من أعضائها فائقة النشاط والحركة، نجحت بدورها فى اجتذاب ملايين الأصوات لمرشحى الأحزاب السلفية الذين فاق عدد الناجحين منهم مرشحى أحزاب قديمة عمر بعضها جاوز التسعين عاما. وبذلك نجح هذا التيار في حصد أكثر من ربع مقاعد البرلمان وبلغة الأرقام أننا أمام مشاركة شعبية تصل الي حوالي32 مليون مواطن مصري وحصول حزب النور علي 25% تقريبا من هذة الأصوات يعني أن القاعدة الشعبية التي انتخبت الحزب ما يقرب من ثمانية ملايين مواطن يؤمنون برسالة هذا الحزب وبخطابة السياسي والاقتصادي والاجتماعي والديني ومن منطلق هذا علي القوي السياسية التعامل بواقعية مع هذة الحقيقة العلمية بوجود حزب كبير ذو كيان سياسي يحترم لأنك لا تتعامل مع حركة هامشية أو حزب صغير أو من أحزاب "بير السلم" كما عهدنا فيما سبق، وإنما نتحدث عن حزب قوام أنصاره ثمانية ملايين مواطن. يُضاف إلى ما سبق أن الأشهر الأخيرة التي شهدت حراكًا سياسيًّا وإعلاميًّا كبيرًا، شارك في مساحة واسعة منه التيار السلفي، كشفت عن تطور وقابلية للتطور السياسي والفكري مدهشة جدًّا لدى السلفيين، وأي مقارنة بين الخطاب السلفي قبل ثمانية أشهر والخطاب السلفي الآن ستكشف عن نقلة نوعية كبيرة وإيجابية للغاية في إطار تطوير الخطاب السياسي والحراك السياسي المصري كله وتبدو أهمية هذا التواصل في خلق مساحة من الديمقراطية والحرية السياسية التي من شأنها البعد عن أنتاج ديكتاتور جديد شاهدنه في عهد سابق وترسيخ المشاركة السياسية وهو مبدأ ديمقراطي من أهم مبادئ الدولة الأسلامية الوطنية الحديثة؛ مبدأ يمكننا أن نميز في ضوئه الأنطمة الوطنية الاسلامية الديمقراطية التي تقوم على المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات، وهذا ما يدعونا جميعًا إلى العمل على فتح جسور التواصل بين القوى السياسية التقليدية وبين الأحزاب السلفية؛ لأن هذا الحوار المفتوح والجاد هو الذي يمكن عن طريقه إعطاء خريطة سياسية مصرية ناضجة، وتحقيق توازن قوى برلماني وسياسي يمثل حماية للتجربة الديمقراطية. وأنا على يقين، وعلى علم، بأن هناك جهودًا تبذل الآن لصناعة جسور من التواصل بين التيار السلفي وقوى سياسية أخرى، ليبرالية وإسلامية ويسارية.