مصطفى الفقي: هندسة المشهد السياسي ليست أمرًا سلبيًا وهذا ما فعله مبارك    انتخابات مجلس النواب 2025.. بدء فرز أصوات الناخبين بالفيوم.. صور    البترول تحقق في واقعة سقوط برج أحد أجهزة الحفر بالصحراء الغربية    ضياء السيد: توروب صنع منظومة دفاعية ذكية، والسوبر جاء في وقته للأهلي    الزراعة: السيطرة على حريق محدود ب"مخلفات تقليم الأشجار" في المتحف الزراعي دون خسائر    من هو أحمد تيمور عريس مى عز الدين؟.. صور    أخطاء تقع فيها الأمهات تُضعف العلاقة مع الأبناء دون وعي    الأهلي يفوز على سبورتنج في ذهاب نهائي دوري المرتبط للسيدات    مراسل إكسترا نيوز بالبحيرة ل كلمة أخيرة: المرأة تصدرت المشهد الانتخابي    «هيبقى كل حياتك وفجأة هيختفي ويسيبك».. رجل هذا البرج الأكثر تلاعبًا في العلاقات    بالصور.. مي عزالدين تحتفل بزواجها من رجل الأعمال أحمد تيمور    كريم عبدالعزيز يوجّه رسالة مؤثرة لوالده: «اتعلمنا منه الفن»    أمين بدار الإفتاء يعلق على رسالة انفصال كريم محمود عبد العزيز: الكلام المكتوب ليس طلاقا صريحا    فتح: فرنسا تلعب دورا مهما فى دفع جهود حل شامل للقضية الفلسطينية    هل يشارك الجيش التركي ب«عمليات نوعية» في السودان؟    تقرير لجنة التحقيق في أحداث 7 أكتوبر يؤكد فشل المخابرات العسكرية الإسرائيلية    كريم عبدالعزيز يوجه رسالة لوالده عن جائزة الهرم الذهبي: «علمني الحياة وإن الفن مش هزار»    رئيس العربية للتصنيع: شهادة الآيرس تفتح أبواب التصدير أمام مصنع سيماف    تهديد ترامب بإقامة دعوى قضائية ضد بي بي سي يلقي بالظلال على مستقبلها    هند الضاوي: أبو عمار ترك خيارين للشعب الفلسطيني.. غصن الزيتون أو البندقية    ضبط أخصائي تربيه رياضية ينتحل صفة طبيب لعلاج المرضى ببنى سويف    رئيس مجلس الشيوخ يستقبل رئيس نادي قضاه الأسكندرية    الوطنية للانتخابات": بدء غلق بعض اللجان الفرعية وانطلاق الفرز.. وإصابة موظف بالنيابة الإدارية بإعياء شديد    الجارديان: صلاح خطأ سلوت الأكبر في ليفربول هذا الموسم    استجابة من محافظ القليوبية لتمهيد شارع القسم استعدادًا لتطوير مستشفى النيل    ديشامب يوضح موقفه من الانتقال إلى الدوري السعودي    المخرج عمرو عابدين: الفنان محمد صبحي بخير.. والرئيس السيسي وجّه وزير الصحة لمتابعة حالته الصحية    الجامعات المصرية تشارك في البطولة العالمية العاشرة للجامعات ببرشلونة    هؤلاء يشاركون أحمد السقا فى فيلم هيروشيما والتصوير قريبا    الصين تحث الاتحاد الأوروبي على توفير بيئة أعمال نزيهة للشركات الصينية    الرئيس السيسي: مصر تؤكد رفضها القاطع للإضرار بمصالحها المائية    إبداعات مصرية تضىء روما    هل يجوز تنفيذ وصية أم بمنع أحد أبنائها من حضور جنازتها؟.. أمين الفتوى يجيب    انقطاع التيار الكهربائى عن 24 قرية وتوابعها فى 7 مراكز بكفر الشيخ غدا    نقل جثمان نجل مرشح مجلس النواب بدائرة حلايب وشلاتين ونجل شقيقته لمحافظة قنا    الزمالك يشكو زيزو رسميًا للجنة الانضباط بسبب تصرفه في نهائي السوبر    مأساة على الطريق الزراعي.. سيارة تدهس عابر طريق وتودي بحياته في لحظات    هل الحج أم تزويج الأبناء أولًا؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف نتغلب على الضيق والهم؟.. أمين الفتوى يجيب    الفريق ربيع عن استحداث بدائل لقناة السويس: «غير واقعية ومشروعات محكوم عليها بالفشل قبل أن تبدأ»    حادث مأساوي في البحر الأحمر يودي بحياة نجل المرشح علي نور وابن شقيقته    توافد الناخبين على لجنة الشهيد إيهاب مرسى بحدائق أكتوبر للإدلاء بأصواتهم    عمرو دياب يطعن على حكم تغريمه 200 جنيه فى واقعة صفع الشاب سعد أسامة    غضب بعد إزالة 100 ألف شجرة من غابات الأمازون لتسهيل حركة ضيوف قمة المناخ    تأجيل محاكمة 8 متهمين بخلية مدينة نصر    الكاف يعلن مواعيد أول مباراتين لبيراميدز في دور المجموعات بدوري أبطال أفريقيا    مراسل "إكسترا نيوز" ينقل كواليس عملية التصويت في محافظة قنا    ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك».. ندوة علمية حول "خطورة الرشوة" بجامعة أسيوط التكنولوجية    بعد قليل.. مؤتمر صحفى لرئيس الوزراء بمقر الحكومة فى العاصمة الإدارية    طقس الخميس سيء جدًا.. أمطار وانخفاض الحرارة وصفر درجات ببعض المناطق    إقبال على اختبارات مسابقة الأزهر لحفظ القرآن فى كفر الشيخ    بعد غياب سنوات طويلة.. توروب يُعيد القوة الفنية للجبهة اليُمنى في الأهلي    وزير الصحة يؤكد على أهمية نقل تكنولوجيا تصنيع هذه الأدوية إلى مصر    بث مباشر | مشاهدة مباراة السعودية ومالي الحاسمة للتأهل في كأس العالم للناشئين 2025    محافظ قنا وفريق البنك الدولي يتفقدون الحرف اليدوية وتكتل الفركة بمدينة نقادة    بنسبة استجابة 100%.. الصحة تعلن استقبال 5064 مكالمة خلال أكتوبر عبر الخط الساخن    إيديتا للصناعات الغذائية تعلن نتائج الفترة المالية المنتهية فى 30 سبتمبر 2025    مجلس الشيوخ الأمريكي يقر تشريعًا لإنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ البلاد (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل فرضت دور النشر الجديدة أدبًا تجاريًّا بحتًا على الساحة الأدبية؟
نشر في شباب مصر يوم 12 - 12 - 2017

تنامت دور النشر بالآونة الأخيرة، وأصبحت (أكثر من الهم على القلب) وبرزت على الساحة الثقافية أسماء مئات من شباب الكتاب والكاتبات الموهوبين والموهوبات. ومما لاشك فيه، كل ذلك يعد بمثابة طفرة عظيمة في حد ذاتها للثقافة/ للأدب في مجتمعنا بشرط؛ إن هي نحت منحى يفيد في رقي أوطاننا وعقولنا وقلوبنا، ولا يكن إسفافًا من باب التسلية فحسب، ومضاهاة للغرب، ولا تكن دون المستوى الأدبي؛ لأن الأدب مرآة للمجتمع، والقلم أمانة؛ إن لم يطوع في تحرير الأوطان، ونشر الوعي، والدفاع عن الحقوق، وتعرية الفساد ومحاربته؛ فخليق بنا أن نتركه راقدًا دافئًا في درجه.
أعداد دور النشر بالأرقام
وبلغ عدد دور النشر في مصر حسب «اتحاد الناشرين المصريين» إلى ما يربو على (130) دارًا، وحسب (بي بي سي عربي) عدد (550) دار نشر؛ وهو العدد الذي شارك في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته (48)، وكان عدد الدور المشاركة بالمعرض (850) دارًا ما بين مصرية، وعربية، وأجنبية.
استثمار الأموال في الأدب
سيطر على كثير من دور النشر فيلق من جيل شباب مختلف إلى حد ما، يملك المال ويريد الاستثمار، وأصبحت هناك معايير أدبية جديدة، على خلاف معايير أخرى كالموهبة واللغة والفكرة والفائدة والمستوى الأدبي… إلخ، قد وضعها أولئك الشباب – رجال الأعمال- لقبول نشر الأعمال الأدبية في دورهم أو رفضها، وقد أدى هذا التحول بدوره إلى طغيان بعض الألوان الأدبية التي تتفرغ لطرح الخرافات والأساطير وقصص الرعب والسحر بطرق تحبب القراء في ممارستها، والمخدرات بأسلوب يشجع على تناولها، وناهيك عن الجنس، وقضايا كثيرة لا تمت بصلة لقضايا وهموم مجتمعاتنا، وبدون معالجة إيجابية بناءة، واختفاء بعض الألوان الأخرى – قسرًا- حسب أهواء مديري دور النشر، ونتيجة لميلهم لنشر الأدب الرائج الرابح فقط، أو نشرهم لأسماء لها ثقلها التجاري.
طوابير من الكتاب المحبطين
وتمخض عن تلك الدائرة الربحية؛ طوابير طويلة من كتاب وكاتبات موهوبين وموهوبات بانتظار الفرصة، ومن دار إلى دار أصابهم الإحباط وفقدوا الأمل في النشر الورقي إما – كما أوردت- بسبب تعنت دور النشر لنوعية أدب معينة، وكتاب معينين، وإما بسبب عدم مقدرة الشباب ماليًّا على نشر أعمالهم على حسابهم الخاص، ناهيك عن شيوع مخاوف فقدان مميزات كثيرة في حالة النشر الخاص، كالاهتمام بالتوزيع مثلًا، وخروج العمل مشوهًا… إلخ، وإما بسبب طاعون ارتفاع الأسعار الذي ابتلينا به في أوطاننا، وخاصة في أدوات الطباعة؛ مما وقف حاجزًا في وجه تحقيق أحلام الشباب أدباء المستقبل.
الهروب إلى النشر الإلكتروني
البعض من أولئك المنتظرين لم تعد لديه طاقة للصبر، فهرب إلى منصات النشر الإلكتروني التي انتشرت في الآونة الأخيرة لسبر أغوار الفشل في النشر الورقي، سواء أكان ذلك عن طريق طرح العمل مجانًا، أو طرحه نظير مقابل مادي زهيد، ولكن تظل الحقيقة الجلية حتى مع ذلك الهروب العظيم، أنه سيظل الكتاب الورقي له قيمته المقدسة في قلوب الجميع، وسيظل حلمًا لكل قلم حالم، وسيظل تاريخًا.
ملامح التخلف
يقال أحيانًا: أن تخلف الأدب من تخلف المجتمعات أو نتيجة لتخلف المجتمعات، والمجتمعات المتخلفة لا تنتج أدبًا راقيًا؛ لأن الأدب مرآة للمجتمعات.
بالدول المتقدمة هناك أنواع أدبية للترفيه والتسلية، ولكن يقابلها ويزيد عليها أنواع أدبية جادة وعلمية، أما نحن فلسنا دولًا متقدمة ورغم ذلك كثرت لدينا الأنواع الأدبية المسلية والترفيهية.
ولكن لم لا يكون الأدب منارة المجتمعات ومحررها من رسن الجهل -وهو دوره الحقيقي- ومبدلها إلى حال أفضل؟ أعتقد أن الإجابة عند أصحاب دور النشر والأدباء والنقاد والدولة.
الكتب الأكثر مبيعًا ورواجًا
تجولت بشبكة الإنترنت لأحصل على طبيعة الكتب الأكثر مبيعًا ورواجًا، فوجدت بأحد تقارير (بي بي سي عربي) عن معرض القاهرة للكتاب لهذا العام؛ أن كتب الروايات والشعر هما الأكثر مبيعًا، وخاصة أدب الرعب والفانتازيا. وربما كان رواج هذين الصنفين بالذات هو ما جعل دور النشر وكثيرًا من الكتاب الشباب؛ لا يكتب إلا فيهما، وهذا الميل كان من شأنه أن أخل بالموازين الأدبية كما أشرت في أول المقال، وهذا ما نريد تحرير أدبنا الشبابي منه، وتنويع روافد الأدب.
قضية دور النشر غير المرخصة و(النصابة)
في خضم ذلك الزخم الأدبي، انتشرت دور نشر غير مرخصة أو غير مندرجة تحت طائلة (اتحاد الناشرين)، وانتشرت أيضًا دور النصب، وانتشر النتاشون؛ ممن يتقاضون تكلفة مبالغ فيها من الكتاب نظير النشر ولا يتم النشر، أو لا يتم بالكميات المتفق عليها، أو تتم سرقة الأعمال، أو يتم خروج العمل مهلهلًا دون المستوى الأدبي، أو يعاني من سوء التوزيع، وكل ذلك له مردوده السلبي على الأدب. هذا هو الجانب السلبي، أما الجانب الإيجابي؛ فهو ظهور مدافعين عن حقوق الأدباء، وكاشفين عن ستر أولئك المخالفين.
حديث مع أديب ممن يدافعون عن حقوق الأدباء
القاص والروائي الشاب والمحامي أيضًا؛ الأستاذ: عادل السمري، وحري بالذكر هنا أنه قد سبق وأضاف للساحة الأدبية ما يربو عن (4) إصدارات ما بين مجموعة قصصية، ورواية، ومنها:(خدوش على وجه القمر، غضبة العرايا،الليلة دماء) والذي حمل على عاتقه؛ محاربة تلك الدور غير الشرعية والمخالفة، وقد طرحت عليه بعض الأسئلة والاستفسارات لما لمست من مجهوداته الجلية؛ حتى يوضح لنا ما قام به لخدمة الأدباء الشباب وفضح المخادعين.
1- أستاذ عادل، ما هي الأسباب التي دفعتك لتحمل تلك القضية على كاهلك؟ وهل هي مبادرتك أم معك شركاء؟
«منذ أن أصبح الأدب سلعة تباع وتشترى وأصبح هناك دار نشر تسعى للربح، ظهر على السطح الأدب التجاري البحت؛ فصارت دار النشر تطلب من الكاتب بعض الكتابات أمثال الكتابات الرومانسية، وكتابات الرعب، والكتابات التي تحتوى على المشاهد الجنسية في إطار يخلو من الحس الإبداعي والفلسفي والمنطقي. فأنا لا أمانع في تلك الأعمال لكن بشرط أن تكون في إطار أدبي متميز. كما سعت دار النشر إلى جعل الكاتب يدفع مالًا لقاء نشر عمله دون الاهتمام بمحتوى العمل، ودون تنقيحه، فظهرت كتابات ضعيفة لا ترقى للمستوى الأدبي المطلوب أدبيًّا وصارت سمة؛ مما أثر في المسيرة الإبداعية، وما دفعني إلى تحمل تلك القضايا على عاتفي هو ما لمسته من انهيار للعملية الإبداعية في مصر؛ نتيجة انحراف الكثير من الناشرين عن الوجهة الصحيحة. بعد ثورة 25 يناير، تغيرت أشياء كثيرة في السوق الأدبي في مصر، وحصل ما أسميه انفتاح فكري وثقافي، وأحس الجميع بنوع من التحرر من القيود؛ فلجأ الشباب إلى الكتابة للتعبير عما يدور بداخلهم، وسعى الجميع إلى نشر أعمالهم؛ مما دفع كثيرًا من الأشخاص إلى الاتجاه نحو إنشاء دور نشر لاستيعاب تلك الطاقات الشبابية. وكان نتاج ذلك أن ظهرت العديد والعديد من دور النشر غير المرخصة، والتي لا تخضع لرقابة ولا تدخل تحت مظلة اتحاد الناشرين… ولأن كل ما بني على خطأ لا ينتج إلا الخطأ بدأت تلك الدور في التلاعب بأحلام الراغبين في نشر أعمالهم الإبداعية، وتخطى الأمر ذلك أن ظهرت العديد من جرائم النصب والاحتيال على أموال الراغبين في طبع أعمالهم، وصار الأمر للأسوأ، ولأني محامٍ فقد وكلت في كثير من تلك النزاعات بين الكتّاب والناشرين؛ وقد وجدت أن هناك أموالًا مهدرة في اللا شيء يدفعها الكاتب للناشر ولا يلقى من ورائها شيئًا؛ لا كتاب يطبع، وإن طبع لا يوزع، وإن وزع يستولي الناشر على حق الكاتب المادي ولا يعطيه شيئًا، وإن أعطاه أبخسه حقه وهكذا… أذكر مرة أن كاتبة جاءتني تطلب الوقوف بجانبها في نزاعها مع دار نشر أوهمتها بدفع مبلغ كبير نظير نشر عمل لها، قالت لى الكاتبة (إنها باعت مصوغاتها الذهبية لتدبير المبلغ الكبير… وفي النهاية تعرضت للنصب). وأنا أعمل وحدي في هذا المجال، ولا يساندني أحد غير الله».
2- هل حققت نجاحًا حتى الآن في الكشف عن المزيد ممن يستغلون أحلام الشباب، ويتاجرون بالأدب وبأحلامهم؟
«اتخذت عهد على نفسي أن أساعد الأدباء دون أجر أو أتعاب، والحمد لله كلل الله مجهودي بالنجاح، واستعدت حقوقًا كثيرة».
3- ما رأيك في الإنتاج الأدبي هذه الأيام وخاصة للشباب، هل تعتقد أنه يسير على وتيرة واحدة أم هناك تنوع؟ وهل ترى أن هناك تأثيرًا لفكر وتوجهات أصحاب دور النشر على نوعية الأدب المطروح على الساحة الأدبية حاليًا؟
«مصر تعج بالمبدعين والشباب لديه طاقة إبداعية جبارة، وما زال الإنتاج الأدبي بخير كل ما ينقصنا هو توفير مناخ صحي لإبداعات الشباب؛ خالٍ من النصب والاحتيال والمحسوبية و(الشللية)».
4- وأخيرًا؛ ما هي نصيحتك لشباب الكتاب ممن نشر لهم وممن ينتظرون؟
«نصيحتي لكتاب الشباب: لا تستعجل النشر إلا بعد أن تتأكد أنك وصلت لمرحلة الإجادة؛ حتى لا تندم على العمل الأول… اقرأ كثيرًا واحضر ندوات أدبية، واستمع إلى نقد الأعمال حتى تستفيد».
وبانتهاء كلماته الرائعة لا يسعني إلا أن أقدم جزيل الشكر للأستاذ: عادل السمري؛ بالنيابة عن شباب الكتاب عن كل خدماته لهم، وحرصه ألا يتم خداعهم، ومساعدتهم بسخاء. وأعود لأكمل ما بدأته وأتساءل:
أين دعم الدولة لصناعة الكتب؟
وعبثًا رحت أطرح ذاك السؤال على نفسي! وأعرف أنه ليس هناك ثمة إجابة شافية! وأتساءل: إن كانت الدولة قد رفعت الدعم عن رغيف الخبز وعن الطاقة نتيجة ما يسمى (تردي الأحوال الاقتصادية) المفاجئ! فما الذي سيضطرها إذن أن تدعم ورقًا أبيض مضرجًا بدماء الأقلام الضجرة؟
مشروع «مهرجان القراءة للجميع» هل كان سببًا في الثورة؟
يقين غليظ لدي بأن مشروع مهرجان القراءة للجميع/ مكتبة الأسرة الذي دشنه النظام المخلوع عام (1990)، والذي كان في حد ذاته طفرة في القراءة، وتوفير لشتى الكتب في شتى المجالات كالعلوم والآداب والطب والفلك والفلسفة… إلخ، لأكثر من ستة عشر عامًا كان حسنة للنظام السابق، وكان أيضًا سببًا من أسباب ثورة (2011)، لقد كانت وفرة الكتب بتنوعها بمبالغ رمزية لا تربو على (4) جنيهات؛ عاملًا مسببًا لنشر العلم والثقافة والوعي بين شتى طبقات المجتمع، التي بدورها استيقظت من سباتها السرمدي وصرخت «ثورة»! فقد كان حقًّا مشروعًا عظيمًا، ولا أعتقد أنه سيتكرر ثانية، فلا أحد يحتاج لثورة هذه الأيام، بل نحتاج إلى المزيد من المداهنة، نحتاج إلى حجر نربط به على بطوننا، حتى يشهدوا لنا بالانتماء والوطنية! ولكن ربما كان هناك ثمة أمل!
هل يتجاهل الإعلام الأدب والأدباء عن عمد؟
حقيقة لا أملك أن أجيب عن سؤالي، إلا بطرح مزيد من التساؤلات، مثلًا:
1- لماذا لا يتم الاهتمام بظهور الأدباء بالتلفزيون الأرضي والفضائيات؟
2- ولماذا لا تخصص للأدب وللأدباء برامج؟
3- لماذا لا يحتفى بهم كاحتفاء الإعلام بالراقصين والراقصات والمغنيين والمغنيات والممثليين والممثلات الأحياء منهم والأموات – مع احترامي لهم جميعًا- والسياسين المتزلفين – المصلحجية- ذوي رابطات الأعناق الحريرية؟
4- لماذا وحتى متى ستظل لفظة «ثقافة» مقصورة في إعلامنا وبلادنا على الغناء والتمثيل والرقص؟
ربما حملت تلك التساؤلات ثمة إجابة، وكما يقال: «تخلف الإعلام من تخلف الشعب»، أو تخلف الإعلام المفتعل هو سبب التخلف المقصود للمجتمع، والله أعلم.
تجربتي مع دور النشر
كانت لدي مجموعة قصصية متواضعة، وكأي كاتب مبتدئ يريد النشر الورقي، ومن ثم ولوج عالم الأدب، وتقديم ما يستطيع تقديمه – وكل على قدر سعته- وبدأت بإرسالها إلى الدور، وكانت تأتي الإجابة دائمًا بالرفض (تعددت الصيغ والرفض واحد)، فتارة يقال لي: «العمل غير موافق لخريطة النشر». وتارة: «أغلقنا باب نشر المجموعات القصصية». وتارة يطلبون إرسال العمل، وأرى تلك العبارة البراقة منقوشة على صفحتهم: «إيمانًا منا بالشباب الموهوب» فأشعر بثمة أمل وأرسله، ومن ثم يخبو ذاك الأمل الواهي؛ عندما لا أجد ردًّا بل تجاهلًا، أو رفضًا. وتارة يقال لي – وقد بدا أني أستثير عطفهم- إنني «سأدفع نصف التكلفة فقط»، والحقيقة أنه ليس نصف بالضبط كما يدعون بل هو ثمن طبعة كاملة، ومن غير شك فأنا الذي أقوم بالرفض في هذه المرة؛ فلا طاقة لجيبي على قبول مسحة العطف هذه.
«لا بد للأغنية أن تتضمن عبرة».
ومثلي بالكتابة مثل شعبان عبد الرحيم بالغناء: «لا بد للقصة أن تتضمن عبرة» تناقش قضية، ولا أميل لتلك القصص التي تعرض مخزون الكاتب من كميات الاصطلاحات الجامدة والتراكيب؛ ظنًّا منهم بأنهم يحافظون بذلك على اللغة، ومهدرين بذلك دور الأدب الحقيقي في التوعية ومعالجة قضايا المجتمع بسلاسة وإيجابية ومسايرة للعصر، في نفس الوقت لا بد لنا من لغة صحيحة وبسيطة؛ ولتكن مثل لغة الجرائد، ولا بد من الاهتمام بوجود المدقق اللغوي بكل دار نشر.
إن اللغة وسيلة وليست غاية، كما قرر الأدباء العظام بعد الظفر بمعركة الخمسينيات لتبسيط اللغة وتطويعها؛ كطه حسين والعقاد، ولا ينبغي أن تقف اللغة عقبة في مسيرة التغيير.
ولا أميل أيضًا لتلك القصص التي تخوض في الإلحاد، وكأنه مستشرٍ في مجتمعنا؛ طمعًا في العالمية، ولا التي تخوض في لج من فلسفات نحن بغنى عنها حاليًا – ظنًّا من كتابها بأنها ستوصلهم للعالمية أيضًا- فإن مصر لم تصبح (أثينا) بعد ليتفرغ سادتها للتفلسف وطرح الأسئلة الوجودية، ويتفرغ عبيدها للشقاء والفقر، وما زال أكثرنا عبيدًا لو كانوا يعلمون، فهل فيهم من محرر؟!
أما الآن فأنا بانتظار رد دور نشر ما على قبول نشر مجموعة قصصية – إن شاء الله-، ولا أدري هل سأتعلق بتلابيب ذاك الأدب المظلوم؟ أم سألتحق بذاك الطابور الطويل المظلوم أيضًا؟ أم سأهرب إلى النشر الإلكتروني، وأفتقد حلم مس كتاب ورقي لي؟ الله أعلم، والله وحده الموفق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.